حالة وطنية استثنائية ينتظرها المشاهد في 2025
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية دوماً تبادر إلى التقاط نبض الشارع مع مختلف مبادراتها. فى الرياضة التى تحتل المساحة الأكبر من شغف الجمهور، قدّمت مشروعاً رياضياً متكاملاً فى برنامج «الكابيتانو» يهدف إلى تأهيل جيل جديد من المواهب الشابة فى كرة القدم.
مجال الفن الأقرب إلى قلب المشاهد -الدراما التليفزيونية- انطلق إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إلى آفاق إبداع جديدة ومبتكرة لتقتحم بجرأة فى أعمالها قضايا المرأة على اختلاف الشرائح المجتمعية والبيئية التى تنتمى إليها، إلى جانب ملفات مهمة، أبرزها التعليم، بالإضافة إلى قضايا حيوية لمست ملفات تحظى باهتمام المشاهد فى جميع أرجاء مصر.
يحل شهر رمضان الكريم بعد نحو شهر، حاملاً معه البركة والخير أحلى الطقوس عند اجتماع الأسرة بعد الإفطار ليتقاسموا السهر مع دفء أكواب الشاى ومتابعة الدراما التليفزيونية.
ومما لا شك فيه أن المشاهد افتقد كثيراً العام الماضى إحدى أبدع الحالات التى خلقتها الدراما التليفزيونية.. ثلاثية «الاختيار» رغم وجود أعمال قدّمت فى رمضان الماضى، مثل الكتيبة «101» و«حرب» ظلت ثلاثية «الاختيار» تحتل مكانة متفردة.
هذه الملحمة الشاملة تجاوزت أبعاد عمل فنى حقّق التكامل فى جميع العناصر الفنية، لينطلق إلى مساحات أرقى.. هو حالة وطنية تسللت إلى قلب وعقل المشاهد عن طريق عدة عناصر.
أولها كشفت بشفافية وصدق عن تفاصيل أحداث عاش المشاهد كل تداعياتها وآثارها مع كشف حقائق لم تكن معلومة عما كان يجرى ويُحاك ضد الوطن من جرائم حاولت جماعة إرهابية ارتكابها، وضع المشاهد أمام حالة وعى شامل بأهمية دوره المدعوم من الجيش فى 30 يوليو 2013.
ثانياً دعم الأحداث الدرامية بالوثائق المصورة واقعياً والكاشفة للوجه القبيح الإجرامى لهذه الجماعة، أضفى على العمل مصداقية أخرست كل محاولات التشكيك.
ثالثاً تحقّقت للثلاثية جميع العناصر الفنية، بدءاً من التأليف، والإخراج، والأداء، إلى دور أبسط مشارك فيه. إنتاج ضخم نجح فى إبهار المشاهد بكل مقوماته.
رابعاً ثلاثية «الاختيار» خلقت حالة وطنية إنسانية ارتبطت بأسماء يحمل المشاهد كل التقدير لأبطالها، سواء الشخصيات التى ظهرت بأسمائها، أو تلك التى لم يتم الكشف عن هوياتها الحقيقية.
خامساً الثلاثية عمل يسجل بصدق جميع الحقائق كما حدثت دون أى تغيير، وبالتالى هو وثيقة تاريخية ترصد ما حدث فى مرحلة دقيقة عاشتها مصر. المشاهد ما زال يفتقد كل شهر رمضان حالة ثلاثية «الاختيار»، وهذا النبض بالتأكيد يصل إلى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، خصوصاً أن ملف البطولات الوطنية الحافل بأدوار عظيمة لأبطال من الجيش والشرطة ما زال يتضمّن الكثير لم يُسرد عن تفاصيله بعد من تضحيات قُدّمت لدحض محاولات العصف بمقدّرات واستقرار الوطن.
حالة التواصل التى خلقتها ثلاثية «الاختيار» بين المشاهد وأبطال مثل الشهيدين أحمد المنسى ومحمد مبروك وغيرهما، بالتأكيد تحفّز على تقديم المزيد عن ملاحم تدور حول شخصيات أو عمليات قام بها الجيش والشرطة من أجل إعادة الاستقرار إلى الوطن. مخاطبة الوعى المجتمعى عبر حملات تقترب فى خطابها من المواطن أمر مطلوب بالتأكيد، والأهم استكمال المنظومة عبر تنمية الوعى الوطنى عن طريق إحدى أقرب وسائل التواصل إلى قلب المشاهد -الدراما التليفزيونية- بريق ثلاثية «الاختيار» يجب أن يبقى حاضراً فى الوعى العام، خصوصاً مع رفض الجماعة الإرهابية المنحلة التخلى عن اللغو والتزييف، حتى وهى تعانى الاحتضار بعدما لفظتها كل الأطراف التى منحتها فى الماضى مساحة للتحرّك وإنشاء «دكاكين» فضائية لنشر الإفك والأكاذيب.
حالة التفاعل الشعبى غير المسبوق التى حقّقتها ثلاثية «الاختيار» بالتأكيد تدعم وضع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية فى خططها المستقبلية مشروع استكمال هذه الملحمة الوطنية التى تتضمّن ملفاتها والجوانب المختلفة للخيوط الدرامية، التى يمكن التطرق إليها، سواء على الصعيد الأمنى أو الشعبى، بما يُحقّق لها الاستمرار لعشرات المواسم، خصوصاً أن التحديات ما زالت حاضرة والتحفّز الذى يحاول المساس بالثوابت الوطنية للموقف المصرى الراسخ ما زال يطل بوجهه القبيح مع التصريحات الساذجة التى تدور فى هذا الفلك، إلا أن الرد عبر آليات القوى الناعمة يجب أن يظل حاضراً ليكشف الثمن الذى دفعه الشعب والجيش والشرطة، سواء أمنياً أو اقتصادياً من أجل الحفاظ على سيادة وحضارة واستقرار الوطن. مشروع الاختيار أعمق وأعظم فى رسائله من التوقف عند ثلاثة أجزاء، مما يجعلنا نأمل وننتظر التحضير لهذه الملحمة الوطنية فى رمضان 2025، لاستكمال حالة الرّقى الإنسانى والوطنى الذى خلقته ثلاثية «الاختيار».
لينا مظلوم – الوطن نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الشرکة المتحدة للخدمات الإعلامیة الدراما التلیفزیونیة
إقرأ أيضاً:
إيران و«المشاهد المؤلمة» وساعة القرار
قالَ السياسيُّ المجرّب إنَّ الغارات الأمريكية الأخيرة على مواقع الحوثيين قد تكون آخر رسائل إدارة دونالد ترامب إلى إيران قبل حلول ساعة القرار والحسم في ملف برنامجها النووي. ورأى أنَّ المنطقة قد تكون في الطريق إلى أزمة كبرى ما لم يسارع المرشد الإيراني إلى اتخاذ قرار كبير مؤلم يقضي «بتفكيك البرنامج النووي والتنازل عن تحريك الأذرع في الإقليم خصوصاً بعد ما أصابها».
ذكَّرتني رسالة ترامب إلى القيادة الإيرانية بما حدث في السنوات الأولى من القرن الحالي بين أمريكا وليبيا. طلب معمر القذافي من وزير خارجيته عبد الرحمن شلقم إقناعَ صديقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالتدخل لدى الرئيس جورج بوش الابن لتحسين العلاقات بين واشنطن وطرابلس. وافق بوتفليقة وأثارَ الموضوع وقال لشلقم ما سمعه في المقابلة: «إما أن تنزعوا أسلحة الدمار الشامل أو سيدمرها هو بنفسه (بوش) ويدمر كل شيء من دون نقاش». نقل شلقم العبارة إلى القذافي، فرد عليه قائلاً: «أنت خائف وجبان».قلبَ القذافي الحسابات واختار في النهاية إنقاذ نظامه بدل الانزلاق إلى مواجهة مع أمريكا. وذات يوم اتصل سيف الإسلام القذافي بمقسم مقر الاستخبارات البريطانية وترك رسالة صوتية يقول فيها: «أنا سيف الإسلام ابن معمر القذافي، وأريد أن أتحدَّث معكم في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل». وعندما حدّد له موعد قال إنه يريد في المقابل تحسين العلاقات. وبعدها فكَّكت ليبيا أجهزة الطرد المركزي وسلَّمت بعضها إلى الأمريكيين. وقطعت ليبيا علاقاتها السابقة بمنظمات وأحزاب كانت بمثابة أذرع لها.
إيران لا تشبه ليبيا لا في نظامها ولا في آلية صنع القرار. إنَّها دولة كبرى في الإقليم ولديها إمكانات بشرية وعسكرية واقتصادية لكنَّها تقترب من ساعة الحقيقة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. تحاشت على مدى عقود الانزلاق إلى صدام مباشر مع الآلة العسكرية الأمريكية وفضّلت تقويض النفوذ الأمريكي في المنطقة عبر تحريك الأذرع. لكن ماذا لو وجدت نفسها في وضع يشبه الذي واجهته ليبيا، أي الخيار بين سلامة النظام ومواجهة تكاد تكون معروفة النتائج؟
يقول سياسيون ومحللون إنَّ إيران تواجه حالياً وضعاً هو الأصعب منذ انتصار الثورة الخمينية، أو على الأقل منذ انتهاء الحرب المديدة مع نظام صدام حسين. منذ عودته إلى المكتب البيضاوي يصنع ترامب البرنامج اليومي لسكان «القرية الكونية». يدير العالم بالتغريدات والجمل القصيرة. يكسر قواعد كان يعتقد أنَّها عصية على الكسر. من الحرب التجارية والرسوم والعقوبات إلى التلويح بتغيير الخرائط وموازين القوى.
تحدث السياسي عن مشاهد مؤلمة لا تستطيع إيران إلا التوقف عندها. أطلقت «حماس» عملية «طوفان الأقصى» وقدم أهالي غزة تضحيات غير عادية لكن القطاع مدمر حالياً وموضوع سلاح «حماس» مطروح على الطاولة. وإذا كان نزع سلاح «حماس» مستبعداً في الوقت الحاضر، فإنَّ الإرادة الدولية لن تقبل إلا بإخراجه من النزاع العسكري مع إسرائيل لسنوات طويلة إذا كانت إعادة الإعمار ستسلك طريق التحقق. وواضح أنَّ «حماس» سلَّمت بدور أقل في القطاع بعد انتهاء مرحلة الرهائن والتبادل.
ولاحظ السياسي أنَّ إيران لم تبخل على «حماس» بالدعم لكنَّها لم تستطع إنقاذها. قال أيضاً إنَّ «حزب الله» فتح «جبهة الإسناد» لكنَّه لم يستطع تغيير مسار الحرب في غزة وخسر أمينه العام حسن نصر الله، وهي خسارة لا يبدو قادراً على تعويضها. علاوة على أنَّ مصير سلاحه مطروح على الطاولة - ليس فقط برغبة دولية وإقليمية - بل أيضاً برغبة داخلية واسعة. لم تستطع إيران إنقاذ «حزب الله» ولم تستطع أيضاً إنقاذ وجودها العسكري في سوريا. ولم تتمكَّن من منع انهيار نظام حليفها بشار الأسد، ولم يتطوَّع الجانب الروسي للعب دور من هذا النوع.
أضاف السياسي إلى ما تقدَّم «مشهدين مؤلمين» لطهران. الأول عدم قدرتها على الاستمرار في تبادل الضربات المباشرة مع إسرائيل وما أظهرته الحرب في غزة ولبنان من تفوق عسكري وتكنولوجي للجيش الإسرائيلي، ما يمكنه من استباحة أجواء دول قريبة وبعيدة. الثاني تعهد الرجل الذي أمر بقتل قاسم سليماني استخدام كلَّ الوسائل لمنع إيران من الاتكاء على «بوليصة تأمين» لنظامها اسمها القنبلة النووية.
ولاحظ أنَّ توازناً جديداً نشأ في المنطقة، وأنَّ إيران لا تبدو قادرة على قلب مسار الأحداث، لا في سوريا ولا في لبنان أو غزة. ولفت إلى أنَّ انحسار النفوذ الإيراني في سوريا رافقه تقدم للنفوذ التركي فيها، وهو ما يزيد صعوبة المشهد بالنسبة إلى طهران.عاد ترامب إلى ممارسة «الضغط الأقصى» على إيران. حصيلة الحروب في الإقليم تصبّ في مصلحة ضغوطه. الغارات الأمريكية الأخيرة على مواقع الحوثيين تشبه مطالبة إيران بالإسراع في الخروج باستنتاجات واقعية من المشاهد المؤلمة لها والتي تلاحقت في الإقليم.
رسم قاسم سليماني ذات يوم خطَّ دفاع إقليمي عن بلاده. حقَّق اختراقات في لبنان وسوريا والعراق واليمن. انتزاع الحلقة السورية من «محور الممانعة» قطع طريق سليماني وصدع الخط الدفاعي الذي بناه.
تتدافع الأحداث في الإقليم. توازنات جديدة وأحجام جديدة وأدوار جديدة. أمريكا ترامب صاحبة دور حاسم في الإقليم. روسيا مهتمة بتكبير الهدية التي ستحصل عليها في أوكرانيا. أمام المرشد الإيراني قرار صعب للحصول على شهادة حسن سلوك في الملف النووي والامتناع عن محاولة ترميم «محور الممانعة» وسياسة تحريك الأذرع. وساعة القرار تقترب.