الموقف العربي من الأونروا: تراخٍ مع الجريمة
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
بعد أكثر من أسبوع على إعلان الولايات المتحدة ودول غربية تعليق مساعداتها للأونروا، ومنح إسرائيل جرعة إضافية من العنجهية والاستعلاء، بتوسيع الهجوم على الوكالة الدولية والمطالبة بشطبها واستبدال عملها، أصبحت حياة أكثر من مليوني إنسان في غزة تحت خطر مضاعف نتيجة لجريمة الإبادة التي يتعرضون لها، مع تعريض حياة أربعة ملايين لاجئ في مناطق عمليات الأونروا الأخرى؛ في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا لأوضاع مأساوية وخطيرة تهدد مستقبلهم وحقوقهم وحرمانهم من خدمات أساسية مما يجعل العبء مضاعفا عليهم؛ أولا بكونهم لاجئين من وطنهم، وفي داخله، وثانيا لكونهم يعتمدون على خدمات الصحة والتعليم وبناء البنية التحتية والاستفادة من الرعاية الاجتماعية.
فإنهاء عمل الأونروا مرتبط بإنهاء الصراع مع الاستعمار الصهيوني بعودة اللاجئين إلى ديارهم ومدنهم وقراهم حسب القوانين الدولية، وقرار وقف التمويل أو تعليقه، لا يضر فقط الأونروا ومن ترعاهم من اللاجئين، فهذا الضرر يشمل الدول التي تستضيفهم ويزيد من أعبائها، خصوصا أولئك الذين يعيشون ظروفا مأساوية في بلدان تعيش أوضاعا أمنية صعبة كسوريا التي دمر فيها النظام مخيمات اللاجئين، مع تعريض حياتهم للخطر، وتردي الأوضاع الاقتصادية لمستويات فقرٍ مذل يطال اللاجئين.. وفي لبنان يُحاصَر سكان المخيمات من اللاجئين بجملة قوانين وقرارات عنصرية جعلت من حياتهم مضنية، فكيف سيكون حالهم مع وقف التمويل والخدمات مع بقية أقرانهم في الضفة وغزة؟
من الصعب تصور مآل أوضاع اللاجئين على ضوء القرارات المتخذة، والكارثة المحدقة بهم، وتصاعد منسوب اليأس الذي يؤشر إليه ملف التعاطي الدولي مع قضيتهم، إضافة للتعاطي العربي مع هذه المخاطر من خلال الاكتفاء بمناشدات ومطالبات تحمل تثبيت العجز والإحباط على ملف الحقوق الفلسطينية. فإذا كانت بعض السياسات العربية أثناء العدوان الشامل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني لا تلبي الطموحات، ولم تستطيع التأثير في ملف إنقاذه لا من الجوع ولا من حمم القذائف ووقف المذابح، فكيف سيكون التعاطي مع ملف خطير يمس حق اللاجئين بالعودة وبالحفاظ على صحتهم وتعليمهم وتنميتهم التي تتعرض للتدمير الممنهج، خصوصا أن الهدف الاسرائيلي والأمريكي من الهجوم على وكالة الأونروا صريح في غاياته التي يكررها نتنياهو وقبله ترامب لتمرير صفقة القرن وتمتثل لها إدارة بادين؟
ملف اللاجئين وارتباطهم بالأونروا، يمثل عقبة أمام إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعقبة في وجه التطبيع العربي مع المؤسسة الصهيونية التي نجحت بتمرير جزء منها بصفقة مع بعض النظام العربي، لذلك حتى في هذا الموضوع تبدو التباينات في المواقف العربية غير بعيدة عن كل المواقف المرتبطة بالعدوان على غزة وعلى بقية الحقوق الفلسطينية، بالنظر للعنجهية والاستعلاء الصهيوني الممارس على مواقف عربية رسمية تتقزم شيئا فشيئا أمامها، إذ لم يعد هناك ما يحتاج لاختبار ما يثير الخوف أو الريبة إلا ما تُظهره صلابة المقاومة الفلسطينية في نفوس أعدائها في الطرف الإسرائيلي، وما يوازي ذلك في أنظمة العجز العربي المفضوح أمام كل ما يجري على الساحة الفلسطينية.
فهذه الرخاوة العربية الرسمية، أمام اشتداد الهجمة والعدوان الصهيوني هي عملية تصفية خطيرة وجدية، بحيث تستدعي ودون مواربة أو مناورة وتراخٍ أن تقف كل القوى والأحزاب والمؤسسات الفلسطينية والعربية المناهضة للمشروع الصهيوني وللسياسات الأمريكية والغربية؛ تجاه ذاتها وتبعثرها وتباطؤها لترتقي إلى مستوى دينامية النضال والتضحيات الفلسطينية ودفاعا عن حقها الثابت في العودة وتقرير المصير.
الموقف العربي من وقف تمويل الأونروا، ثم الموقف من حكومة نتنياهو الداعي لشطبها وشيطنتها، بحاجة لأن يغادر قاعدته "الذهبية" بعدم الاكتراث لما يجري والاكتفاء بعبارات الرخاوة والقلق؛ التي تحمل رضوخا للمواقف والسياسات الاسرائيلية الاستعمارية ولا تتماشى مع من نبش ذاكرتنا القريبة بعد أن جاء نبش قبور ضحايانا في غزة لينسينا فضيحة الإبادة فيها.
نتائج المواقف العربية من الأونروا ومن مسألة العدوان والمذابح المتواصلة فيها من العدم ستتمخض منها إجابة صحيحة، وفي الوقت المناسب سيتم دفع الثمن، وعندها لن ينجو من المسؤولية كل رخوٍ ومائعٍ منصهر بالتصهين ومشارك بجريمة الإبادة.
twitter.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الأونروا اللاجئين الفلسطينية فلسطين غزة اللاجئين الأونروا الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مساعد رئيس النواب الأردني: قمة الرئيس السيسي والملك عبد الله تؤكد الموقف الموحد إزاء القضايا العربية
أكد مساعد رئيس مجلس النواب الأردني النائب محمد المراعية، أن قمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، اليوم الاثنين، بالقاهرة تأتي تأكيدا للموقف المصري الأردني الموحد إزاء القضايا العربية وخصوصا ما يتعلق بالتطورات الأوضاع في سوريا، مشيرا إلى أن تطورات المنطقة وخصوصا الوضع في سوريا وقطاع غزة تمثل أولويات مصرية أردنية في الماضي والحاضر والمستقبل .
وقال المراعية، في تصريحات لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، إن لقاء القمة بين الزعيمين بالقاهرة يؤكد العمق العربي لمصر بالنسبة للأردن، مشيرا إلى أن الدور المحوري الذي تلعبه مصر والأردن إزاء القضايا العربية يعد دورا تاريخيا ورئيسيا في المنطقة والعالم العربي.
وأضاف أن التعاون والتنسيق المشترك بين القاهرة وعمان تاريخي إزاء القضايا العربية، مؤكدا أن صوت الاعتدال والحكمة الذي يخرج من مصر والأردن دائما إزاء القضايا العربية جعل التنسيق والتشاور مستمر دون انقطاع بين البلدين الشقيقتين.
وأشار المراعية إلى أن الوضع الحالي في سوريا وخصوصا عقب سقوط نظام الأسد يمثل أولوية لدى مصر والأردن بحكم العلاقات التاريخية بين الدول الثلاث، مؤكدا أن غموض الموقف حتى الأن والخوف على مستقبل سوريا محط اهتمام الدولة المصرية والأردنية على حد سواء.
ولفت مساعد رئيس مجلس النواب الأردني إلى أن تأكيدات الرئيس السيسي، وأخيه الملك عبدالله الثاني على أهمية دعم الدولة السورية، خاصة مع عضوية مصر والأردن في لجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا، وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها الشقيق، يعكس موقف البلدين قيادة وحكومة وشعبا إزاء الوضع الحالي في سوريا.
ونوه إلى أن قمة القاهرة اليوم تأتي استكمالا لنتائج اجتماع لجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا والتي أكدت أهمية بدء عملية سياسية شاملة لا تقصي طرفا، وتشمل كافة مكونات وأطياف الشعب السوري، موضحا أن الرئيس السيسي والعاهل الأردني لديهما رؤية مشتركة ومتوافقة إزاء الوضع في سوريا ويعملان من أجلها.
وتابع النائب محمد المراعية، أن تطورات الوضع في غزة وعدم وقف الحرب حتى اللحظة رغم المجهودات التي تقوم بها مصر في هذا الشأن مع الشركاء المعنيين كان محور اهتمام خلال مباحثات الزعيمين بالقاهرة، مشيدا بالدور المحوري الذي تقوم به مصر إزاء وقف الحرب على غزة وإيصال المساعدات بالتعاون والتنسيق مع الأردن أيضا.
وأوضح أن الموقف المصري الأردني الرافض لتهجير الفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة الغربية أنقذ القضية الفلسطينية من التصفية، مؤكدا أن القاهرة وعمان يشددان على ضرورة وقف الحرب وإدخال المساعدات مع ضرورة التوصل إلى حل سياسي يقوم على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأردف مساعد رئيس مجلس النواب الأردني أن مصر والأردن لديهما رؤية مستقبلية قائمة على وقف النزاعات والصراعات والحروب في المنطقة، مشددا على ضرورة أن يتعاطي المجتمع الدولي مع صوت الحكمة والرؤية المستقبلية للمنطقة إذا كان يريد فعلا تحقيق الأمن والسلم الدوليين واستقرار المنطقة والعالم.