سودانايل:
2024-12-22@10:04:08 GMT

وثائق حرب السودان (3): وثائق حرب ليبيا: ستة دروس

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

واشنطن، محمد علي صالح
كانت الحلقة الأولى فى هذه الوثائق البيانات المتناقضة التي أصدرها كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. خلال سبعة شهور، منذ بداية الحرب في شهر ابريل، حتى شهر نوفمبر. وستستمر هذه البيانات في حلقات قادمة.
وكانت الحلقة الثانية وثائق حرب الصومال، والدروس التي يمكن ان يستفيد منها السودانيون:
عشرون سنة حكومة عسكرية.

عشر سنوات فوضى، بدون حكومة. عشر سنوات حكومة مدنية ضعيفة. والعشرة سنوات الاخيرة حكومة مدنية قوية، بعد انتخابات حرة ونزيهة (رغم حركات إسلامية مسلحة).
بالنسبة لليبيا: أربعون سنة حكومة عسكرية (القذافى). ثلاث سنوات فوضى. والعشرة سنوات الاخيرة حكومتان بجيشين: في الشرق (بنغازى)، والغرب (طرابلس).
------------------
الدرس الاول: تسليح الناس:
بعد فشل الجيش السودانى في وقف زحف الدعم السريع، امر بتوزيع الاسلحة على الناس لحماية أنفسهم. وهكذا بدأت "المقاومة الشعبية".
رحب خبراء وصحفيون سودانيون بتسليح عامة الناس، لكن، حذر آخرون من خطورة ذلك، لأكثر من سبب:
1. لايوجد قانون يقنن طريقة توزيع الاسلحة.
2. لا يملك كثير من الناس خبرة استعمال الاسلحة.
3. لا توجد ضمانات لاعادة جمع الاسلحة.
هذه مقتطفات عن الموضوع فى ليبيا، من تقرير مؤسسة "راند" في كاليفورنيا: "ليبيا بعد القذافى" (2014):
"مع قتل القذافى، صار السلاح في كل مكان في ليبيا. طبعا، لم توزعه حكومة القذافى، لكن أكثره جاء من قطر ... يعتقد ان قطر أرسلت أكثر من 20,000 طنا من الاسلحة. منها بنادق اتوماتيكية، وصواريخ محمولة مضادة للدبابات، وقنابل عنقودية مضادة للجنود ...
"حسب ارقام الامم المتحدة، مع قتل القذافى، كان في ليبيا ما بين ربع مليون ومليون قطعة سلاح، كلها في أيدي أفراد وجماعات. وحسب أرقام "ام 16" (الاستخبارات البريطانية) كان العدد مليون طن، أكثر من كل ما عند الجيش البريطانى ...
"هذا بالاضافة الى اكثر من 20,000 صاروخ "مانباد" (صواريخ الكتف المضادة للطائرات) كان القذافى اشتراها من روسيا. ولا يعرف ما حدث لها ...
"لان حدود ليبيا طويلة ومفتوحة، صارت كل هذه الاسلحة، وما سيضاف اليها، تهدد ليس فقط شعب ليبيا، ولكن، ايضا، شعوب دول مجاورة. وذلك لأن حدود ليبيا الجنوبية (مع تشاد والسودان والنيجر) يبلغ طولها الفا كيلومتر...
"كثير من هذه الاسلحة في ايدي قبائل، سواء التى سلحها القذافى، او التى مولتها قطر. ويزيد هذا احتمالات خروجها خارج حدود ليبيا. الأن، بعد قتل القذافى بسنوات كثيرة، لا تقدر اى حكومة فى ليبيا على شيئين:
اولا، حماية الحدود.
ثانيا، جمع الاسلحة، والتى تظل تزيد ..."
--------------
الدرس الثانى: تدخل قطر:
هذه مقتطفات من تقرير معهد "بروكنغز" في واشنطن (29-8-2011):
"حصل المتمردون في ليبيا على تأييد كبير من دول حلف "الناتو". لكن، لا يتحدث كثير من الناس عن مساعدات قطر، شبه جزيرة صغيرة، أصغر من ولاية كونيتيكات، وغنية بالبترول والغاز ...
"أرسلت قطر طائرات "ميراج" عسكرية، ودربت متمردين ليبيين تدريبات عسكرية. وصرفت ملايين الدولارات ...
"من الناحية السياسية، كانت قطر من الدول التى ضغطت على جامعة الدول العربية لتبرير التدخل العسكري في ليبيا. وبرر هذا الاعلان تدخل دول حلف "الناتو" لضرب قوات القذافى، حتى أسقطته ...
"هكذا، حدث في حرب ليبيا ما لم يحدث في حرب العراق. أعطت جامعة الدول العربية الأذن للدول الغربية للتدخل عسكريا ..."
وهذه مقتطفات اخرى عن تدخل قطر من تقرير "اكسفورد اكاديميك" (4-4-2016):
"تدخلت قطر في ليبيا وفى سوريا، وأرسلت مساعدات مالية وعسكرية الى المتمردين في كل من الدولتين. وبينما نجحت قطر في اسقاط القذافى (الذى كان يشتم حكامها، وحكام دول الخليج الاخرى)، فشلت قطر في اسقاط الرئيس السورى بشار الأسد ...
"حدث عكس ذلك. استولى تنظيم "داعش" فى سوريا على كثير من اسلحة قطر. ولم يهدد حكومة سوريا فقط، بل، ايضا، حكومة قطر نفسها، وحكومات دول الخليج الاخرى ..."
وهذه مقتطفات عن تدخل قطر من تقرير معهد "كارنيغي" فى واشنطن: "قطر وربيع العرب" (24-9-2014):
"خلال سنوات ربيع العرب، ايدت قطر، التي كانت تربطها علاقة قوية مع تنظيم الإخوان المسلمين، المظاهرات ضد حكم العساكر في مصر، وسوريا، وليبيا. وذلك بسبب العداء التاريخي بين الإسلاميين والعساكر. ولعب تلفزيون "الجزيرة" دورا كبيرا في ذلك ...
"بعد تولي الأمير تميم بن حمد آل ثانى الحكم من أبيه الذي كان يعطف على الاخوان المسلمين (2013)، واجه ضغوطا من السعودية والامارات لتخفيف التحالف مع الاسلاميين. وايضا، من امريكا. والتى تقدر وساطات قطر في مواضيع مع دول، مثل افغانستان و ايران. لكنها قالت ان تحالف قطر مع الاسلاميين يشوه سمعة قطر ...
"خلال الحرب الاهلية الثانية فى ليبيا (بدأت سنة 2014، ومستمره)، قللت قطر تدخلها في ليبيا، وركزت على تأييد حكومة الوفاق (فى طرابلس)، التى تعترف بها الأمم المتحدة. لكن، لم تقطع قطر علاقتها مع الحركات الاسلامية ... "
----------------
الدرس الثالث : خلافات الخليجيين:
رغم ان قطر لعبت الدور الرئيسي في التدخل في ليبيا، تدخلت دول خليجية اخرى، مثل الإمارات والسعودية. وهكذا تأثرت دول كثيرة بخلافات الخليجيين.
تدخلت الخليجيون في ليبيا مرتين:
1. فى الحرب الأهلية الأولى (بدات سنة 2011): ايد الخليجيون الاسلاميين في ليبيا لإسقاط القذافي. (اذا توجد حسنة واحدة عند القذافى، كان شجاعا في الهجوم على حكم العائلات في الخليج. وفي شتمهم). وضغط الخليجيون على جامعة الدول العربية (وهم يصرفون عليها) لإعلان الحرب ضد القذافي. وشجعوا حلف "الناتو" لضرب حكومة القذافى حتى اسقطته، وقتلته.
2. في الحرب الاهلية الثانية (بدأت سنة 2014، ومستمرة): انقسم الخليجيون:
في جانب، وقفت قطر مع حكومة الوفاق (فى طرابلس)، والتي تؤيدها حركات اسلامية محسوبة على قطر.
وفى الجانب الآخر، وقفت السعودية والامارات مع حكومة برلمان ليبيا (فى بنغازي). وهى حكومة تعادى الاسلاميين، ويقود جيشها الجنرال الامريكي الليبى خليفة حفتر.
هذه مقتطفات من تقرير "كارنيغي" السابق الذكر:
"تؤيد قطر حكومة الوفاق (فى طرابلس) لان الامم المتحدة تعترف بها، ولان بها عدد من الاسلاميين، ولان الحركات الاسلامية في طرابلس تحميها. لكن، لا تريد قطر ان يهزم الاسلاميون الجيش الوطني (بقيادة حفتر) لانها تعرف انه قوى، وتقف وراءه مصر، والسعودية، والإمارات ...
"تريد قطر ان تستمر ليبيا مقسمة بين اسلاميين (في طرابلس)، وغير اسلاميين (في بنغازى)، بدلا عن هزيمة كاملة للاسلاميين. وهكذا، لا يبدو ان الحرب الاهلية الثانية فى ليبيا ستنتهى قريبا ..."
------------
الدرس الرابع: الاسلاميون:
عارض الإخوان المسلمون القذافى (كما عارضوا جمال عبد الناصر). واعتقل القذافى قادتهم، وأعدم بعضهم (كما فعل عبد الناصر).
وعندما بدأت مظاهرات "ربيع العرب" (2011)، شملت ليبيا. واستغلها الاسلاميون بمساعدة قطر التى كان يوجد فيها عدد من قادة الإخوان المسلمين. واشترك اسلاميون في تعقب القذافى، وفى قتله. ورفعوا علم قطر، الى جانب علم ليبيا، فوق قصر القذافى المهدم.
هذه أسماء بعض قادة الإسلاميين فى ذلك الوقت (من تقرير "كارنيغي" السابق الذكر):
1. نورى ابو سهمين، مؤسس "غرفة الثوار"، ومن الامازيغ البربر.
2. عبد الحكيم بلحاج، من اوائل الذين قادوا حركات مسلحة ضد القذافى، وكان حارب في أفغانستان مع "المجاهدين".
3. أحمد معيتيق، صار رئيس وزراء بعد انتخابات مزورة (2014).
4. محمد الزهاوى، مؤسس جماعة "أنصار الشريعة".
5. الإخوان على الصلابى (الجناح المتدين، ولقب بمفتى الحركات الاسلامية). واسماعيل الصلابي (الجناح الاقتصادى. وصاحب شركة "الصحارى" التي كانت تمول الحركات).
لكن، بعد سنوات قليلة، انقلبت موازين القوى. وذلك لان الاسلاميين استغلوا الفراغ بعد قتل القذافى. وحاولوا تأسيس دولة إسلامية في ليبيا. وظهر اسلاميون متطرفون يريدون إعلان قوانين الشريعة، وحظر حرية النساء. ولفترة سنتين، سيطرت منظمة "داعش" على مناطق على الساحل، وذبحت اعدائها، ونشرت الذبح في فيديوهات في الانترنت.
هذه مقتطفات من تقرير "راند" السابق الذكر:
"خلال الحرب الاهلية الثانية في ليبيا، تستمر قطر في تمويل وتسليح الحركات الاسلامية، رغم أنها تنكر ذلك ...
من بين الحركات الإسلامية التي تمولها وتسلحها قطر:
1. قوات "الزاوية" التى تحرس مطار طرابلس، وأنابيب البترول القريبة.
2 . قوات "فجر ليبيا"، وهي تحالف حركات اسلامية صغيرة.
3. قوات "بنغازى" التى حاربت جيش ليبيا الوطنى (بقيادة حفتر). وعندما انهزمت، لجأت الى طرابلس ..."
---------------
الدرس الخامس: حفتر
لابد ان الجنرال الاميركى الليبى خليفة حفتر، قائد جيش ليبيا (حكومة شرق ليبيا) يقلق البرهان وزملائه العسكريين. ها هو الجنرال ياسر العطا يصف دولة الامارات بانها مثل "عصابة المافيا"، ويحذر حفر من مساعدة حميدتى (30-11-2023)
لكن، قبل 13 سنة، بدأت العلاقة بين حفتر وحميدتي (مع بداية الحرب الاهلية الاولى في ليبيا)، عندما ارسل حميدتي جنودا وأسلحة الى حفتر عن طريق الكفرة.
وعندما بدأت الحرب بين حميدتى والبرهان، رد حفتر الجميل الى حميدتى، وأرسل (ويستمر يرسل) مساعدات كثيرة، عن طريق الكفرة، ايضا.
هذه عناوين تقارير صدرت مؤخرا عن دور حفتر في السودان:
1. مركز "سوفان": "حفتر يستغل الحرب في السودان للانتقام من تأييد البشير للإسلاميين في ليبيا" (23-4-2023).
2. مركز "الدراسات الاستراتيجية": "سيناريو ليبيا في السودان: حكومة في الغرب، وحكومة في الشرق" (14-11-2023).
3. مجموعة "كرايسيز": "الحرب في السودان مأساوية." (9-1-2024).
4. صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية: "حفتر يقدر على اغراق السودان في كابوس مسلح" (23-4-2023).
هذه مقتطفات من تقرير صحيفة "اوبزيرفر":
"يخشى كثير من الخبراء والمراقبين بان حفتر سيغرق السودان في كابوس عسكرى لا يعرف احد نهايته. لكن، لا يفعل حفتر اكثر من رد الجميل لحميدتي ...
"حفتر وحميدتى حليفان عسكريان، وصديقان، وتاجران. يتعاونان في تهريب الذهب والمخدرات، والاسلحة، والبضائع. وانتقل التعاون الى القادة ذوي الرتب المتوسطة في مليشيات كل واحد ...
"صارت علاقة حفتر وحميدتي عائلية. قبل الحرب، زار واحد من أبناء حفتر الخرطوم، وتبرع بمليوني دولار لنادي المريخ، أحد فريقي كرة القدم الكبيرين في السودان الذي يعاني مالياً. ويرتبط النادي بـ حميدتي الذي ساعد في إصلاح ملعبه ..."
-----------------
الدرس السادس: سيناريو ليبيا:
هذه مقتطفات من تقرير أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن، تحت عنوان "تحاشى سيناريو ليبيا في السودان" (14-11-2023). كتبه كاميرون هدسون، خبير فى المركز، وعمل مع مبعوثين امريكيين للسودان، وكان عميلا لوكالة الاستخبارات المركزية (هو يكرر ذلك):
"تزيد سيطرة الدعم السريع على ثلاث من عواصم الولايات الخمس في دارفور على قدرته ليسيطر على جزء كبير من السودان غرب نهر النيل (تقريبا ثلثا مساحة السودان) ... وسيقدر على اعتبارها امتدادا لدول مجاورة، مثل تشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان. وعلى زيادة المجندين من تلك الدول. وعلى زيادة امدادات الاسلحة ...
"في الجانب الآخر، جاءت هزائم جيش السودان في دارفور، والخرطوم. واجزاء من كردفان، واجزاء من الجزيرة، مع انتقال البرهان وحكومته الى بورتسودان، على البحر الأحمر. والتى صارت العاصمة الجديدة للسودان ...
"لهذا، يقول كثير من الناس ان هذا مثل "سيناريو ليبيا"، حيث تحكم حكومتان، شرقية في بنغازى، وغربية في طرابلس. لكن، لان حجم السودان عشرة أضعاف حجم ليبيا، سيكون انهيار السودان اكثر كارثية من انهيار ليبيا ...
"في نفس الوقت، بالاضافة الى تجنيد الدعم السريع جنودا من تشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، سينهمر على السودان طوفان من مكان اخر، من غرب افريقيا، من منطقة الساحل. توجد هناك جماعات اسلامية متطرفة، لابد ان يغريها الفراغ فى السودان بعد انهيار الجيش الوطنى ...
"يأتي الطوفان من اتجاه اخر، من الشمال البعيد، من روسيا التى تستمر ترسل المرتزقة الى دول فى غرب افريقيا، نكاية بتدخل أمريكا وفرنسا فى تلك المناطق. وتستمر روسيا تريد قاعدة عسكرية على البحر الأحمر. حاولت مع حكومات سابقة وفشلت. لكن، الحكومة الحالية ضعيفة ...
"اخيرا، ينشغل العالم بالحرب في اوكرانيا، والحرب فى غزة. لكن، يجب ان يهتم العالم بالنتائج الجيوسياسية الكارثية بسبب انهيار السودان."
=======

MohammadAliSalih@gmail.com
MohammadAliSalih.com
Mohammad Ali Salih/Facebook  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکات الاسلامیة سیناریو لیبیا الدعم السریع فی السودان الحرب فی فى لیبیا فی لیبیا کثیر من قطر فی

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن، والسودان

الناظر إلى العلاقات القائمة بين الدول في العصر الحديث يجد صوراً عديدة ومتنوعة وفقا لما يمليه الواقع العملي علي المستوي الدولي بكل تعقيداته، مما استدعي ذلك تأسيس هيئة عالمية تجتمع تحت مظلتها دول العالم ويتاح لجميع الدول الإنضمام الي عضويتها ، ففي البداية كانت عصبة الأمم وبعد فشلها جاءت الأمم المتحدة ، ثم توافقت الدول علي ميثاق عالمي ينظم العلاقات فيما بينها ويؤسس لعلاقات ودية هادئة ، ولكن ماذا لو حدثت نزاعات أو حروب ؟ كان لابد من تكوين آلية فاعلة لوقف الحرب وفض النزاعات.

بعد مؤتمر موسكو 1943م ومؤتمر طهران منتصف 1944م اجتمعت وفود روسيا والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة في مؤتمر دومبارتون أوكس في واشنطن للتفاوض حول هيكل الأمم المتحدة وبالفعل جاء النقاش حول تكوين مجلس الأمن ليكون آلية دولية تعمل علي منع النزاعات ووقف الحروب واتخاذ إجراءات قانونية تجاة المعتدي ، وعقدت أولى جلساته في 17 يناير 1946م ، وهو أحد الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، وخصص له الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة لبيان طريقة تكوينه وإجراءات العمل الخاصة به.

ويتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً، خمسة دائمين هما الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرة أعضاء آخرين ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس يتم تغييرهم كل سنتين ويراعي في ذلك التوزيع الجغرافي.

لكل عضو صوت واحد وتصدر القرارات في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من الأعضاء ، أما في المسائل الموضوعية فتصدر القرارات بموافقة تسعة من اعضائه علي ان يكون من بينهم أصوات الأعضاء الدائمين متفقة.
تكون رئاسته بالتناوب بين الدول الاعضاء كل شهر وفقاً للترتيب الابجدي لأسماء الدول الأعضاء باللغة الإنجليزية.

نطاق عمل مجلس الأمن واسع ، وقراراته ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، ويتميز مجلس الأمن دون أجهزة الأمم المتحدة بحق التدخل لتسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين الدول سواء طلب منه التدخل من الدول أو تدخل من تلقاء نفسه، حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين ، وله سلطة تحديد الطرف المعتدي .

جاءت تلك المهام نتيجة للمادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة التي أوضحت أن جميع الدول الأعضاء يعهدون إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسة في حفظ السلم والأمن الدوليين وهو يعمل بالإنابة عنهم في هذة التبعات.

هذة المادة هي جوهر عمل مجلس الأمن، لأنها منحته الصلاحيات الواسعة بموافقة كافة الدول الأعضاء، والموافقة علي أن يعمل نيابة عنهم بموجب هذة الصلاحيات وفقا لمبادئ الأمم المتحدة.

و لمجلس الأمن، كما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق، أن يدعو أطراف أي نزاع إلى التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو التوفيق أو التحكيم أو التسوية القضائية لحل النزاع، وله إيفاد بعثة أو تعيين مبعوثين أو توجيه الأمين العام للأمم المتحدة ببذل مساعيه الحميدة لإخماد النزاعات والتوفيق بين أطرافها.

و إذا لم تنجح تلك المساعي السلمية، يكون لمجلس الأمن الحق في إرسال قوات لحفظ السلم والأمن الدوليين لمكان النزاع ، أو وقف العلاقات الاقتصادية، وله قطع المواصلات بجميع أنواعها براً وبحراً وجواً جزئياً أو كلياً ، وله قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المعتدية و دول العالم .

لمجلس الأمن مهام كثيرة واختصاصات عديدة تمكنه من تطبيق أحكام القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة بما يحقق ضبط النزاعات بين الدول أو النزاعات التي تنشأ داخل إقليم الدولة لكنها تنعكس سلبا علي أمن وسلام المنطقة.

من جهة أخرى نجد أن ميثاق الأمم المتحدة لم يتضمن أي نص يجيز الطعن في قرارات مجلس الأمن ، وبذلك لا تستطيع أي جهة أن تحاسبه أو تطعن في قراراته مما يجعله المتحكم الفعلي في أعمال الأمم المتحدة.

بموجب حق الفيتو الممنوح للدول الخمس الدائمين في مجلس الأمن يتم التحكم في جميع القرارات الصادرة عنه أياً كان هدفها أو غايتها ، فإن كانت لاتخدم مصالح أي من الدول الخمس فالفيتو في انتظارها ، وهكذا يتعطل الدور الحقيقي والجوهري لمجلس الأمن في الحفاظ علي السلم والامن الدوليين بعدالة ويكون القرار مرتهنا بما تراه الدول الخمس محققا لمصالحها فقط.

*مجلس الأمن والحرب في السودان*
بين السودان ومجلس الأمن العديد من القرارات ، لكن في ملف الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023م وضع آخر ، حيث كان أول قرار لمجلس الأمن في 8 مارس 2023م وهو القرار رقم 2676 الذي يمدد نظام عقوبات علي السودان تتمثل في تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، وهو قرار فني لتجديد التدابير التي تم تجديدها سابقاً.

في يونيو 2023م ، طالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لإيقاف الحرب ، وركزت على الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء وهي الغابون وغانا و موزمبيق و على جهود الإتحاد الأفريقي لتأمين وقف الحرب ، والتأكيد علي حماية المدنيين كركيزة أساسية، وذلك أثناء مناقشة مجلس الأمن لتجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) .

في 11 أكتوبر 2023م صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 19 صوتاً مقابل 16ضد وامتناع 12عن التصويت، لصالح اعتماد قرار بإنشاء لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت في السودان منذ بداية الحرب،
وأخطر مجلس الأمن بذلك.

في 8 مارس 2024م أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو لوقف فوري للعنف في السودان وإزالة أي عراقيل لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق خلال شهر رمضان.

ثم ناقش مجلس الأمن مشروع قرار حول الحرب في السودان ووقف العدائيات، إلا أن الدول الأفريقية الثلاث رفضت مسودة مشروع قرار صاغته بريطانيا لمجلس الأمن منتصف أبريل 2024م .

و في 29 أبريل 2024م عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لبحث التصعيد للعمليات العسكرية مع التركيز على الأوضاع في مدينة الفاشر، وقلق المجلس بشأن الوضع الإنساني للمدنيين ، وطالبت بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة مجلس الأمن لوضع حد حاسم لدعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع وإصدار قرار بذلك .

في 30 مايو 2024م عقدت جلسة لمجلس الأمن لعرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في السودان وتداعيات الحرب .

في 13 يونيو 2024م ، طالب مجلس الأمن من المليشيا الإرهابية إنهاء حصارها لمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وأصدر القرار رقم 2736 ، حيث تحاصر المليشيا مئات الآلاف من المدنيين في أوضاع إنسانية متردية للغاية ، لكن المليشيا لم تستجب للقرار .

في منتصف أغسطس 2024م أعلن المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان (المضي قدما) في حل الأزمة السودانية بحضور أمريكا ومصر والسعودية والإمارات والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في اجتماع جنيف، رغم عدم وجود ممثل للحكومة السودانية، وبعد انتهاء الاجتماع وفشلهم ذكر المبعوث الأمريكي الخاص أن المحادثات قد تستأنف في تاريخ غير محدد مستقبلا.

القراران الصادران في مارس ويونيو 2024م أيدتهما 14دولة مع امتناع روسيا عن التصويت، لكنه سمح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن والابقاء علي معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحا لدخول المساعدات الإنسانية.

في11 سبتمبر 2024م قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن أوضاع الحرب في السودان والموقف الإنساني هناك ، وقدم ممثل بعثة السودان الدائمة كلمة السودان ، ثم جدد المجلس نظام العقوبات الخاص بالسودان (دارفور) حتى سبتمبر 2025م ، سعياً للحد من دخول الأسلحة لإقليم دارفور .

وفي أكتوبر 2024م ناقش مجلس الأمن إمكانية نشر بعثة مشتركة بقيادة الإتحاد الأفريقي للمساعدة في حماية المدنيين ، والاستماع لاحاطة مفتوحة من الأمين العام للأمم المتحدة .

18 نوفمبر 2024م ، ناقش مجلس الأمن مشروع قرار صاغته بريطانيا وسيراليون حيث كانت بريطانيا تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر 2024م ، ويدعو القرار إلى وقف الأعمال العدائية ووقف التصعيد العسكري، جاء مشروع القرار متخفياً وراء كلمات دبلوماسية يؤيد اتفاق جدة ويدعم دخول المساعدات الإنسانية، وهو في حد ذاته محاولة للسير بسرعة نحو تسوية مدنية تحافظ علي كيان المليشيا الهالكة، لذلك جاء مشروع القرار كأنه يستبق الزمن للوصول لحل سياسي دبلوماسي قبل أن تتورط المليشيا الإرهابية في المزيد من الجرائم ، مما يزيد سخط الشعب السوداني عليها وبالتالي يصعب للوصول إلى تسوية تنقذها من الهزيمة المحققة، غير أن مشروع القرار هذا حسم بفيتو روسي أعاد الامور إلى نصابها .

في نفس الوقت كانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) قد أصدرت نشرة زرقاء بأسماء قائدين بالمليشيا بناء على قرار مجلس الأمن الصادر للدول الأعضاء بهدف منع تحركاتهم عبر أراضيها وتجميد الأرصدة المالية التي تخصهم .

لكن إلى الآن لم يتطرق مجلس الأمن لتوجيه اتهام للمليشيا الإرهابية بأنها جماعة إرهابية، رغم كل جرائمها ، ولم يوجه اتهاماُ للإمارات لدعمها المليشيا للاستمرار في عملياتها الإرهابية تجاة المدنيين العزل الذين يخشى عليهم مجلس الامن ويقلق لاجلهم !!

رغم الانتهاكات الجسيمة والجرائم المروعة التي تصل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي وثقت من قبل المليشيا نفسها ونشرت علي المنصات الاعلامية المختلفة ، وذكرتها ووثقتها تقارير المنظمات الدولية والإقليمية وتقرير لجنة الخبراء الدولية، إلا أن المجلس الموقر لم يصدر إدانة واحدة ضد المليشيا المغتصبة للآن !!

منذ بداية الحرب خصص مجلس الأمن جلسات كثيرة للسودان ولمناقشة الحرب والاوضاع الإنسانية للمدنيين ، جلسات منها المغلقة ومنها المفتوح ، منها جلسات إحاطة ومنها جلسات أصدر فيها مجلس الامن قرارات مباشرة ، وهناك حوالي خمس جلسات خصصت للنقاش حول اليونسفا (UNISFA) ، وست جلسات لمناقشة وضع يونيتامس (UNITAMS).

عدد كبيرمن الجلسات لكن للاسف أغلبه لايصب في مصلحة السودان وشعبه ، أغلبها محاولات ضغط من بريطانيا لكي ينصاع السودان للضغوط الأميركية و الإماراتية لوقف الحرب مع انحياز كامل من بريطانيا تجاة المليشيا، والتي ترفض أي إدانة للمليشيا الإرهابية عبر جلسات مجلس الأمن ، وهي نفسها التي سعت لإبعاد تقرير لجنة الخبراء التي كونها مجلس الأمن وقدمت تقريراً مفصلاً يتضمن وقائع وأحداث تدين المليشيا وتثبت علي الإمارات تهمة تمويل المليشيا الارهابية في السودان ، ثم عملت بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة علي تعليق شكوي السودان ضد الإمارات ، وعدم تقديمها لمجلس الأمن حتي لا يتخذ قرار فيها رغم أن هذه الشكوي تستند إلى العديد من الأدلة والبراهين منها تقرير بعثة الخبراء الأممية سالفة الذكر ، ورغم اتهام اليونسيف للمليشيا المتمردة أنها تجند الأطفال وتدفع بهم لنيران الحرب بما يمثل انتهاكا دوليا يضاف إلى سجل المليشيا الاجرامي ، إلا أن بريطانيا لا تزال منحازة للمليشيا بصورة سافرة .

علي كل فإن مجلس الأمن يعقد جلسات إحاطة اليوم الخميس بشأن السودان ويترأس وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكين الاجتماع ، والذي من المقرر أن يقدم فيه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش أو وكيله المعين ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توماس فليتشر ، إحاطة حول مستجدات الأوضاع في السودان.

نأمل أن تكون هذة الجلسة مختلفة عن سابقاتها،وان يكون يوم *(19 من ديسمبر)* علامة فارقة في السجل الأممي تجاة السودان كما كان علامة فارقة في تاريخ السودان الحديث.

التهاني للشعب السوداني الأبي الحر بمناسبة ذكري اعلان الاستقلال المجيد من داخل البرلمان ، والتحية لقواتنا المسلحة الظافرة المنتصرة بإذن الله وحوله ، والتحية لقوات الشرطة والأمن والقوات المشتركة فرسان السودان ، والمستنفرين الأبطال ، سائلين الله عز وجل أن يتقبل شهداءنا برحمته الواسعة في الفردوس الأعلى.

د. إيناس محمد أحمد احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أفتيته” يبحث مع وزيرة الشباب والرياضة السودانية تعزيز التعاون الرياضي بين ليبيا والسودان
  • السودان وحرب الأمر الواقع
  • في الحاجة لاستلهام دروس المصالحة وبناء الاجتماع السياسي في التجارب الإنسانية
  • تقدم: ندعو أطراف الحرب لاتخاذ قرار شجاع بوقفها
  • قوات الدعم السريع تعتزم التعاون مع حكومة جديدة وتثير مخاوف بتقسيم السودان
  • مجلس الأمن، والسودان
  • مواقف دول الجوار من حرب السودان (1)
  • لجنة الإنقاذ الدولية تدعو لتلبية الاحتياجات للاجئي السودان في ليبيا
  • السيسي وأردوغان: أهمية حماية سيادة ليبيا و السودان والصومال وسوريا
  • WSJ: روسيا نقلت أنظمة سلاح متطورة ومعدات عسكرية من قواعدها في سوريا إلى ليبيا