لو قالت رشا عوض إن مصدر تمويل تقدم الأول هو اشتراكات أنصارها لغفر الله لها ما تقدم وتأخر
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
لم تأت رشا عوض بمصدر اشتراكات أنصار الحركتين من بين مصادر تمويل نشاطات قحت وتقدم. وهذه عاهة في شغل ناس الحركتين منقولة من عهد معارضتهم للإنقاذ وربما ما قبلها. فأذكر أن خصصت لهم جهة أمريكية، رسمية أعتقد، جعلاً مالية فرقوا عسيلته بين قادة المعارضة بالقاهرة. وكتبت كثيراً عن بخل أنصار معارضة الإنقاذ وأثنيت مع ذلك على سخائهم مع نداءات الثورة ومستلزماتها.
عاد بي حديث رشا إلى خبرتنا في الحزب الشيوعي في استنفار موارد عضويتنا حتى جعلنا دفع الاشتراك شرطاً من شروط العضوية الثلاثة. وهي الاقتناع ببرنامج الحزب، والانتماء إلى منظمة حزبية في السكن أو العمل، ودفع "المقوى" وهو الاشتراك كما سنبين. وكتبت الجمل أدناه عن عادتنا هذه في الرد على صديق الزيلعي الذي طاف به طائف يوماً اتهم الحزب فيه بالعمالة للسوفيات. وجئت في ردي عليه بأن جوهر استقلالنا عن السوفيات كان في حرصنا أن نستقل بموارد نشاطنا. ومن فوق هذا الاستقلال ناجزنا الرفاق الروس مثني وثلاث ورباع تجده في ورقتي "بلشفها يا رب: الحزب الشيوعي بين وطنيته وعالميته".
فإلى الكلمة:
من أهم مصادر استقلال الحزب هو ولايته على المال فيه. فقام على الاشتراك وجعله الضلع الثالث في صفة عضوية الحزب بجانب الاقتناع ببرنامج الحزب ولوائحه والانتظام في فرع من فروعه. واسم الشهرة للاشتراك في الحزب هو "المقوي". وبلغ الحزب من الضبط والربط المالي أن استمعت منذ أيام إلى شهادة المرحوم محمد محمد خير عضو الحزب في الأربعينات ورفيق الشفيع أحمد الشيخ وقاسم أمين في مدرسة الصنائع للسكة حديد بعطبرة. فقال إن المقوي كان على عهدهم الباكر ربع المرتب. ونبه للمفارقة لأن خصومهم كانوا يتهمونه بالرمرمة من السوفيات بينما هم في ضيق عظيم من أتاوة الحزب. وتلطف الحزب أخيراً وجعله 5 في المئة من المرتب. وقال محمد محمد خير إنه حصل بعد كادر ملز الذي جاء به الإنجليز بعد نضال نقابي معلوم في آخر الأربعينات على فروقات بلغت 120 جنيه. فجاءه إبراهيم زكريا، المسؤول التنظيمي الأول للحزب ودفعته بمدرسة الصنائع، ليطلب منه التبرع بها للحزب. ورضي إبراهيم زكريا بعد مساومة بثلاثين جنيهاً لا غير. ومع عون المعسكر الاشتراكي لنا في التعليم والعلاج والتدريب إلا أن يدنا لم تمتد لقرش منهم عزة باستقلالنا. ولم يظهر، وقد انكشف الأرشيف السوفيتي، أننا حصلنا منهم على قرش أحمر. وما رشح منا في الأرشيف سوى تزكيتنا لهم لعون حليف لنا ما في وقت ما. وكان بوسع السوفييت مدنا بمطبعة حين أردنا أن نستقل بمطبعتنا لجريدة الميدان بعد ثورة أكتوبر 1964. ولكنا فتحنا باب التبرعات لها من اعضاء الحزب وأصدقائه جهاراً في الصحيفة نفسها.
ومن طرائف كلفة المقوى حكى أحدهم أن عضوا جديداً التحق بالحزب. وفصلوا له في الاجتماع التزاماته المالية من مقوي واشتراك جريدة الميدان وغيرها. فاستكثر الرفيق ذلك الاستقطاع من أجره. ثم سأله مسؤول الفرع ان يختار اسماً حركياً له لدواعي السرية. فقال: "مرهج". وكان مرهج تاجراَ شبعاناً في الخرطوم.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تحدّيات تنتظر حزب الله بعد تشكيل الحكومة
تب ابراهيم بيرم في" النهار": عقد خصوم حزب الله رهانات كبرى على إقصائه تماماً عن التركيبة الحكومية، كانعكاس طبيعي للمعادلات المتحولة التي تجلت واضحة بعد سريان وقف النار.
الجهات المعنية في الثنائي الشيعي ترى أن القيمة المعنوية الوازنة لهذه المشاركة الشيعية بما فيها إشراك الحزب، ما كانت لتتحقق لو لم يجد المعنيون مباشرة بالتأليف، أن ثمة استحالة لاستيلاد أي حكومة طبيعية قادرة على الإقلاع وسط هذا البحر من المشكلات، تخلو من الثنائي الشيعي، لأن ذلك يعني إطالة أمد التأليف على غرار تجارب سابقة ما يشكل وصفة لإلحاق الأذى بصورة العهد الرئاسي الجديد.
سبب آخر ترى تلك الجهات أنه أدى إلى ضم الثنائي إلى الحكومة الجديدة وهو تماسك الثنائي وإصرار زعيمه الرئيس نبيه بري على الوقوف مع الحزب وعدم التخلي عنه في وضعه الصعب.
وثمة من يضيف عنصراً ثالثاً هو أن الرئيس نواف سلام يأتي إلى تجربته السياسية الجديدة مستندا إلى خلاصة معرفية فحواها أن المطلوب الآن استيعاب الشيعة المضرجين والمنكوبين، وليس الدخول في مواجهات معهم.
وترى تلك الجهات أن خريطة الطريق المخفية المتفق عليها بين جهات داخلية وخارجية للتعامل مع العقدة الشيعية، تعتمد أسلوب الاستيعاب أولاً تمهيداً لتطويعهم وصولاً إلى تدجينهم لاحقاً. وتستند الخريطة تلك إلى عنصرين
الأول إضعاف قوتهم العسكرية إلى أقصى الحدود.
إقناع تدريجي للبيئة الحاضنة بأنه لم يعد لما بقي من تلك الترسانة التي كانت تقدم على أنها قوة ردع، من فائدة ترجى بل إنها استحالت بعد التجربة إلى عبء ثقيل، أي إن المطلوب هو إخراج الشيعة من حال العسكرة التي أدخلها الحزب فيها قبل عقود ثلاثة إلى حال اندماجية.
واستتباعاً تعتمد تلك الخريطة خطة من بندين، الأول إنهاء تام لكل وجود عسكري للحزب في جنوبي الليطاني. وثمة معلومات تؤكد أن هذا المقصد تحقق أخيراً فقد سلم الحزب الجيش نحو 500 نقطة عسكرية فوق الأرض وتحتها بما فيها النفق المسمى عماد 4 وهو الذي أظهره الحزب على شاشات التلفزة وكان يعد استثنائياً في مجاله فيما نجح الحزب في نقل قسم من عتاده المهم إلى شمالي الليطاني، وهو ما دفعه إلى إبلاغ من يعنيهم الأمر أخيراً أن تلك البقعة صارت بعهدة الجيش تماماً.
أما البند الثاني فيعتمد على حصر ما بقي من ترسانة الحزب العسكرية في منطقة بين نهري الليطاني والعاصي. وهكذا يتضح أن الأساس في تلك الخريطة هو مبدئيا تقليم أظافر الحزب.
ومن البديهي أن الحزب يعي ذلك تماماً، ويعرف أيضاً أنه أعطي فرصة التمثل في حكومة تخلو من أي حليف (غير أمل) ليكون أمام أمرين لا ثالث لهما: إما البصم على كل ما يصدر عن هذه الحكومة بما فيها تلك التي لا تناسبه، أو إحراجه لإخراجه خصوصاً أن صدى تصريح الموفدة الأميركية من قصر بعبدا لم يزل يتردد.
وحيال ذلك فإن الحزب يعي أن لا فرصة أمامه لكي يخبئ رأسه من العاصفة، بل إن المواجهة الدائمة قد كتبت عليه، لذلك قرر أن ليس أمامه إلا المواجهة، وإثبات الذات والحضور، والمحطة الأبرز هي يوم تشييع الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصر الله في 23 الشهر الجاري وهو يعد العدة لذلك.