أول تعليق من الفائز بجائزة أحسن كتاب علمي في معرض الكتاب
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
عبّر الدكتور إيهاب عبد الحميد عن سعادته بالفوز بجائزة الكتاب العلمي من معرض الكتاب 2027 عن كتابه «الخوارزميات القاتلة: العلاقات الدولية في عصر الذكاء الاصطناعي»، كأحسن كتاب علمي في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024.
تأثير الذكاء الاصطناعي على شكل العلاقات الدولية والحروبويناقش هذا الكتاب واحدا من أهم الموضوعات المستقبلية، وهو تأثير الذكاء الاصطناعي على شكل العلاقات الدولية والحروب والصراعات والأسلحة، ويحاول أن يتنبأ بتأثيرات الذكاء الاصطناعي على شكل المفاوضات الدولية وإدارة النازعات الدولية، متسائلاً: هل يصبح الذكاء الاصطناعي فاعلاً في العلاقات الدولية مثل الدول والمنظمات الدولية؟
تساعد نظم الذكاء الاصطناعي في القيام بمهام العمل والتعليمويقول إيهاب خليفة إن نظم الذكاء الاصطناعي كما تساعد في القيام بمهام العمل والتعليم والترفيه عن الإنسان تقوم أيضا بإدارة الأنظمة العسكرية ونظم القيادة والتحكم، وكما تجري العمليات الجراحية الحرجة ومراعاة المرضى وكبار السن يمكن أن تحارب داخل صفوف الجيوش وتتسبب في قتل ملايين من البشر في ساحات المعارك.
وكما تراقب المحتوى الضار على الانترنت وتحجبه يمكن لها بنفس الكفاءة ابتكار المحتوى المُزيف الذي يصعب اكتشافه، ومثلما تستطيع تحليل المعلومات المالية والاقتصادية والتنبؤ باتجاهات الاقتصاد يمكن لها التنبؤ بسلوك الفاعلين الدوليين وإدارة المفاوضات الدولية، إذا كانت تستطيع أن تصبح زوجة وصديقة للإنسان في يوماً من الأيام يمكن لها أن تصبح كذلك فاعلاً في العلاقات الدولية، فيظهر نمط جديد من العلاقات الدولية تقوده نظم الذكاء الاصطناعي.
تأثيرات الذكاء الاصطناعي لا تتوقف عند أدوات ممارسة القوة في العلاقات الدوليةوأضاف خليفة، لـ«الوطن» أن تأثيرات الذكاء الاصطناعي لا تتوقف عند أدوات ممارسة القوة في العلاقات الدولية بشكليها الصلب والناعم، بل يشمل ذلك قضايا أخرى أكثر عمقاً وشمولية مثل عملية إدراك العلاقات الدولية وإدارتها، وتحديد المصلحة القومية للدولة خاصة في ظل تنامي حالة عدم اليقين وفشل التوقعات، وتحسين عملية اتخاذ القرار بعيداً عن التأثر بالسمات والميول الشخصية للقادة السياسيين والوقوع في خطأ التحيز أو الإدراك، وعملية إدارة المفاوضات التي يغلب عليها دائماً حالة الشك بين البشر وعدم الثقة في الطرف الآخر. وكذلك عملية تحليل ودراسة السياسة الخارجية للدولة وعلاقتها بالدول الأخرى واقتراح بدائل ممكنة للتعامل معها، وكذلك تحديد نقاط التقارب والتباعد والمصالح المشتركة والمتعارضة بين الدول، ووضع فروض محتملة لنظرية المباريات وسيناريوهات مستقبلية للتعامل معها.
إذا تحقق ذلك، وهو أمر ليس بالبعيد، فإنه يمهد الطريق للقول بأن الذكاء الاصطناعي بات فاعلاً جديداً في العلاقات الدولية.
قد يرى البعض أن هناك مبالغة في اعتبار الذكاء الاصطناعي في حد ذاته فاعلاً دولياً مستقلاً ومؤثراً في العلاقات الدولية، له شخصيته الحقيقية وأدواته التي يمكن أن يؤثر من خلالها في العلاقات الدولية، وهذا ليس حقيقي بل اشبه بأفلام الخيال العلمي، فالنظم الذكية لم تكتمل شبكتها النهائية بعد ولم تضح علاقاتها المتشابكة ومازالت عبارة عن مشاريع مستقلة بذاتها وتعاني من ثغرات أو مشكلات، لكن سرعة تطور هذه النظم تستدعي التخوف والانتباه، فقد تحولت بعض نظم الذكاء الاصطناعي من كونها أداة مساعدة للانسان في القيام ببعض المهام إلى كونها نُظم واعية ومستقلة بذاتها ومدركة لماهيتها.
جدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يفوز بها الدكتور إيهاب خليفة بجائزة أحسن كتاب من معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث فاز بها في وقت سابق عن كتابه "القوة الإلكترونية: كيف يمكن للدول أن تدير شؤونها في عصر الانترنت" الصادر عام 2017. وصدرت له عدة كتب أخرى منها كتاب "الحرب السيبرانية"، و"مجتمع ما بعد المعلومات"، و "المدن الذكية"، و"حروب مواقع التواصل الاجتماعي"، وغيرها من المؤلفات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العلاقات الدولية العمليات الجراحية المدن الذكية المصالح المشتركة المنظمات الدولية الخوارزميات نظم الذکاء الاصطناعی فی العلاقات الدولیة
إقرأ أيضاً:
العالم في عصر الذكاء الاصطناعي الفائق
أعلنت شركة أوبن إيه آي (OpenAI) منذ تأسيسها في سان فرانسيسكو عام 2015 أن هدفها الرئيسي يتمثل في تطوير ذكاء اصطناعي عام (AGI) وآمن يحاكي ذكاء الإنسان، ويفيد البشرية جمعاء، لكنها لم تتحدث عن موعد إنجاز ذلك حتى فترة قريبة.
في شهر يوليو/تموز 2024، تحدثت أوبن إيه آي عن تصنيف الذكاء الاصطناعي ضمن 5 مستويات، هي:
المستوى الأول: الذكاء الاصطناعي التحاوري (Conversational AI)يشير هذا المستوى إلى التقنيات التي تُمكّن الآلات من فهم ومعالجة لغة البشر والحوار معهم بطريقة طبيعية وسياقية، ومساعدتهم في إنشاء المحتوى الخاص بهم. يشمل ذلك روبوتات الدردشة، والمساعدات الافتراضية، وأدوات أخرى مصممة للتفاعل مع المستخدمين من خلال النص أو الصوت أو كلاهما معا.
تتوافر حاليا عدة برمجيات تقع ضمن هذا المستوى، ولكن بدرجات متفاوتة من حيث الهدف وطبيعة الاستخدام، منها شات جي بي تي من أوبن إيه آي، وأليكسا من أمازون، وكوبايلوت من مايكروسوفت، وسيري من آبل، وجيميناي من غوغل، وواتسون من آي بي إم، إلخ. المستوى الثاني: الذكاء الاصطناعي المنطقي (Reasoning AI)
يشير هذا المستوى إلى الأنظمة الذكية المصممة لمحاكاة التفكير المنطقي واتخاذ القرارات بشكل مشابه للبشر. يتضمن ذلك استخدام خوارزميات لحل المشكلات، واستخلاص الاستنتاجات، واتخاذ القرارات بناءً على البيانات والقواعد المعطاة. بدأت بعض الشركات حديثا بتجريب تقنيات تعتبر ضمن المراحل الأولى لهذا المستوى، مثل "o1" من أوبن ايه آي. المستوى الثالث: الذكاء الاصطناعي المستقل (Autonomous AI)
يشير هذا المستوى إلى الأنظمة القادرة على أداء المهام واتخاذ القرارات بشكل مستقل دون تدخل بشري. تستخدم هذه الأنظمة التعلم الآلي الذاتي، والاستدلال المنطقي، والإدراك للتكيف والاستجابة لبيئتها بشكل ديناميكي. يمكن لهذه الأنظمة العمل كوكيل (Agent) مستقل نيابة عن المستخدم، كممارسة عمله أثناء إجازته.
تعمل العديد من الشركات للوصول إلى هذا المستوى، لكنها لم تبلغه بعد بشكل كامل. أبسط الأمثلة على ذلك هو السيارات ذاتية القيادة عندما تصل إلى مستوى لا يتطلب مراقبة بشرية لعملها. المستوى الرابع: الذكاء الاصطناعي الابتكاري (Innovating AI)
يشير هذا المستوى إلى الأنظمة الذكية القادرة على استكشاف وابتكار وتطوير أفكار أو منتجات أو حلول جديدة بشكل مستقل. يستخدم التفكير الناقد في هذا المستوى لتطوير الأعمال وتحقيق الأهداف بكفاءة عالية. يمثل بلوغ هذا المستوى قفزة هائلة في قدرات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، تقربه من الذكاء الاصطناعي الفائق. المستوى الخامس: الذكاء الاصطناعي التنظيمي (Organizational AI)
يشير هذا المستوى الأخير إلى ذكاء اصطناعي فائق (Superintelligence) قادر على أداء عمل منظمة أو مؤسسة بأكملها أي يقوم بأعمال كل شخص لدى المنظمة أو المؤسسة، وكل وظيفة يتم تنفيذها، وذلك بواسطة وكلاء آليين يعملون معا، ويجرون التحسينات، ويديرون كل ما هو مطلوب دون الحاجة لوجود إنسان.
لا يكتفي الذكاء الاصطناعي التنظيمي بإدارة أعمال المنظمة أو المؤسسة بأكملها فقط، بل ويحسن ويعزز العمليات التجارية واتخاذ القرارات من خلال تحليل البيانات، والتوصل إلى رؤى تدعم التخطيط الإستراتيجي وتحسن كفاءة العمل.
في سبتمبر/أيلول 2024، صرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، أن تحقيق الذكاء الاصطناعي الفائق الذي يتفوق على البشر في جميع المجالات، قد يكون ممكنا في غضون "بضعة آلاف من الأيام"، أي بضع سنوات.
لا يكتفي الذكاء الاصطناعي التنظيمي بإدارة أعمال المنظمة أو المؤسسة بأكملها فقط بل يحسن ويعزز العمليات التجارية واتخاذ القرارات (غيتي إيميجز) الذكاء الاصطناعي العام في 2025في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أجرى جاري تان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لحضانة الشركات الناشئة واي كومبينيتور (Y Combinator)، مقابلة مع سام ألتمان، سأله فيها "ما الذي أنت متحمس له في عام 2025؟" "ماذا سيأتي؟"
أجاب ألتمان على الفور: "الذكاء الاصطناعي العام". "أنا متحمس لذلك".
هل هذا واقعي؟في مارس/آذار 2023 وبعد مدة وجيزة من إطلاق شات جي بي تي 4، تم إخضاعه للعديد من الامتحانات المطلوبة للقبول في الجامعات الأميركية أو لممارسة الأعمال، حيث أحرز فيها نتائج جيدة. ففي اختبار سات (SAT) الذي تعتمده الجامعات الأميركية للقبول، حصل في قسم القراءة والكتابة المستندة إلى الأدلة (Evidence-Based Reading & Writing) على درجة 710 من 800، أي حقق درجة أفضل من 93 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الاختبار.
وحصل في قسم الرياضيات (Math) على درجة 700 من 800، محققا بذلك درجة أفضل من 89 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الاختبار. وحصل بالمجمل على 1410 درجات من أصل 1600، مما يؤهله للقبول في جميع الجامعات الأميركية بما فيها جامعات النخبة (مثل هارفارد وستانفورد)، التي تتطلب عادة درجات أعلى من 1400.
وفي اختبار القبول في كلية الطب (MCAT) حصل على 511 درجة من أصل 528، وكان أداؤه أفضل من أداء 80 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الامتحان. وكانت درجته تؤهله للقبول في أرقى الكليات التي تتطلب 510 درجات على الأقل. وأحرز شات جي بي تي 4، درجة قدرها 297 في امتحان نقابة المحامين الأميركيين الموحد (UBE)، الذي يؤهل المحامين لممارسة المهنة، وهي نتيجة تتجاوز الحد الأدنى المطلوب للنجاح في كافة الولايات الأميركية، مع العلم أن الحد الأدنى للنجاح في ولاية أريزونا هو الأعلى بين كافة الولايات الأميركية ويبلغ 273 درجة من 400.
وجاء أداؤه أفضل من أداء 90 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الامتحان. هذه النتائج لا تعني أن مستوى ذكائه أصبح قريبا من ذكاء البشر، إذ لا يزال لديه العديد من نقاط الضعف وخاصة في مجال المنطق (reasoning)، وذلك ما حاولت أوبن إيه آي تحسينه في إصدارتها الحديثة "o1″، كما أنها تبذل جهودا كبيرة حاليا لتطوير القدرات المنطقية في إصدارات العام المقبل.
وفق المستويات الخمسة التي حددتها أوبن إيه آي، يمكن القول إن المستوى الذي يؤهل للذكاء الاصطناعي العام، هو المستوى الثاني، أي الذكاء الاصطناعي المنطقي. أما المستويات التي تتجاوز ذلك (الذكاء الاصطناعي المستقل والابتكاري والتنظيمي) فتمثل خطوات متقدمة نحو الذكاء الاصطناعي الفائق (ASI)، متجاوزة قدرات الذكاء الاصطناعي العام الأساسية.
إذا نجحت أوبن إيه آي في مسعاها لتطوير القدرات المنطقية للذكاء الاصطناعي لمنتجاتها خلال عام 2025، فيمكننا القول إننا بلغنا المستوى الأساسي للذكاء الاصطناعي العام، وفق اختبار آلان تورينغ (المتعارف عليه حاليا) الذي يقيس قدرة الآلة على محاكاة السلوك البشري في الحوار، بحيث لا يستطيع الشخص معرفة إن كان يتفاعل مع إنسان أو آلة.
التحذير من أخطار تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر ليست بالجديدة (غيتي) هل العالم جاهز للذكاء الاصطناعي العامفي أكتوبر/تشرين الأول 2023 وخلال مناقشة عامة تتناول مستقبل الذكاء الاصطناعي، قال سام ألتمان: "إذا لم نبنِ بنية أساسية كافية، فسيكون الذكاء الاصطناعي العام متاحا لعدد قليل من الناس، مما قد يشعل الحروب، ويصبح في الغالب أداة بيد الأثرياء".
التحذير من أخطار تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر ليست بالجديدة. ففي مقابلة مع بي بي سي عام 2014، قال عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ: "تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل يمكن أن يؤدي إلى نهاية الجنس البشري". أما إيلون ماسك فيعتقد أن هذا الاحتمال هو 20 بالمئة فقط، لكن يجب علينا أن نفعل ذلك على أي حال، حسب رأيه.
أما عالم الحاسوب الكندي الحائز جائزة تورنغ عام 2018 والذي يعتبر أحد آباء الذكاء الاصطناعي، يوشوا بينجيو فقال عن الذكاء الاصطناعي "نحن نخلق وحوشا أقوى منا".
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مرارا من خطورة استخدام الأسلحة الذكية التي تعمل تلقائيا قائلا "استهداف البشر بواسطة آلات مزودة بذكاء اصطناعي مستقل هو خط أخلاقي لا يجب تجاوزه".
وما يؤكد الشكوك في احتمال استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أسلحة ذاتية العمل هو ما أعلنته شركة ميتا أوائل هذا الشهر من أنها ستسمح لوكالات الأمن القومي الأميركية ومقاولي الدفاع باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر لاما (Llama) الذي طورته.
أخيرا، وفي أثناء مناقشة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي جرت عام 2017، قال فلاديمير بوتين: "من سيتربع على عرش الذكاء الاصطناعي سوف يحكم العالم".
الذكاء الاصطناعي العام والفائق على الأبواب، وسوف يجعل من يمتلكه قادرا على القيام بأشياء تبدو خيالية حتى الآن. وقد تقوم الحروب من أجله، وقد ينتهي في أيدي فئات قليلة من أصحاب النفوذ، ما لم يتغير النظام العالمي الراهن.