الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يناقش "ذاكرة الفنون"
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
استضاف الصالون الثقافي، في آخر أيام الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة "ذاكرة الفنون" بحضور الفنان التشكيلي الكبير د. أشرف رضا، والدكتور وليد قانوش.
وبدأت الإعلامية ريهام ابراهيم الندوة بتقديم نبذة عن الفن التشكيلي وتاريخه وكذلك نبذة عن كل ضيف.
وقال الدكتور وليد قانوش، إن الفنان التشكيلي لا ينفصل عن مجتمعه، وغير ذلك استثناء، لكن في كل الأحوال لن ينفصل عن ذاته، بل ستخرج موضوعات مهمة في لوحاته، فالفنان يتأثر بالأجواء من حوله.
وأكد أن الفنان التشكيلي الذي يترك علامة في تاريخ الفن هو الذي يبني علاقة بالمجتمع، فمثلا محمود مختار فعل ظاهرة تاريخية لم تتكرر، حيث جمع من كل مواطن قرش صاغ لنحت تمثال نهضة مصر والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن أن دور الفنان يخفت في بعض الأوقات؟.. الإجابة..نعم يمكن إذا لم يجد مشروع أو قضية وطنية أو موضوع مجتمعي يتفاعل معه، يزيد ويقل هذا التفاعل يما يحدث في المجتمع المصري، فالفن التشكيلي يمر بمراحل صعود وهبوط ومؤخرا كان متوهجا بشدة، ويري بشكل قطعي أنه الأبقي من كل الإنتاج البشري.
ويعتقد دكتور أشرف رضا أن صورة الفنان التشكيلي دائما ما تقدم بقالب كوميدي تترك أثرا علي الجمهور إنه ينظر نظرة أخرى للفنان الذي يجتهد كثيرا في مواجهة السطح الأبيض، فالفنان يبذل مجهودا كبيرا لتنفيذ أفكاره فمنهم من يرسم فكرته في اسكتش صغير قبل تنفيذه علي لوحة كبيرة ومنهم من يبدأ فورا علي اللوحة، وهناك الكثير من القصص في الفن المصري الحديث.
وتطرق "رضا" إلى خريجي فنون جميلة، قائلا إنه يتخرج من الكليات المصرية سنويا ٦ آلاف فنان، بالإضافة إلي طلبة الكليات الخاصة وهذا التواجد مهم جدا ولكن من يعمل يعد التخرج باحتراف هذا هو المهم ، ويأمل دكتور أشرف أن يعمل ١٠ بالمائة فقط بشكل احترافي والجميل إن هناك اعداد كبيرة من الهواة ايضا، فكلية فنون جميلة لديها قسم حر مدة الدراسة فيه ٣ شهور يذهب إليها سيدات منزل وشباب ممن لم تسمح لهم الظروف بالالتحاق بدراسة الفنون وكبار ممن داخلهم طاقة وموهبة يريد إخراجها بشكل احترافي، وهذا يؤثر علي حركة العرض وزيادة عدد صالات العرض سواء الخاصة أو الحكومية، و لابد من التعاون بين المؤسسات الرسمية والخاصة للحفاظ علي ريادة الفن التشكيلي المصري، فلدينا نجوم في الفن التشكيلي المصري اشتهروا عالميا مثل سعيد الجزار وحامد ندا وغيرهم.
ويؤكد أن الفن التشكيلي لا يعرف طبقية ولا يجذب فقط المهموم والفقير ، فمثلا محمود سعيد كان قاضي محكمة ومن عائلة قضائية ومع ذلك ترك كل ذلك ولوحاته تصل للبيع بآلاف الدولارات، ومحمد ناجي كان في السلك الدبلوماسي وتفرغ للفن، كما أن سيف وادهم وانلي لم يدرسا الفن التشكيلي مثلا .
في حين أشار الدكتور وليد قانوش إلى أن الظرف الاقتصادي يكون ضاغط جدا، فاي فنان يتمني أن يقدم إنتاجه الفني ودائما يحتاج لمصادر رزق جانبية، ويعتقد أن الدوله يجب أن تساند الفنان، خاصة إنه مازالت رعاية الفن التشكيلي تخضع لمؤسسات خاصة، وللاسف فان المؤسسات الرسمية تقتني من الفنان وغالبا بلا مقابل ، فالفنان إذا لم يستطيع أن يقدم فنه من خلال مساهمات المجتمع المدني وبيع لوحاته او إذا لم يوفق فينتهي به الحال مجرد موظف، مشيرا إلى أن الدولة تساهم بدورها في توفير اماكن للعرض مثل المعرض العام وقاعات الفن التشكيلي بالأوبرا وبعض الاماكن وصالون الشباب الذي يوفر ٨ جوائز بالإضافة لجوائز الدولة ونحاول توفير دخل من خلال بيع بعض المستنسخات الموجودة بالمتاحف.
وأكد أن سبب تميز ولمعان فنان عن آخر هو الإخلاص للفن وتخطي العقبات الذي يواجهونها، وأيضا إخلاصه للفكرة التي يختارها ويقول إن الآباء المؤسسون من الفن التشكيلي مثل محمود مختار الذي أعاد للفن المصري تاريخه واستطاع ببراعة شديدة أن يربط بين المثال المصري القديم والحديث وباقي هذا الجيل حتي الذين تبنوا أساليب غربية مثل أحمد صبري فهو مؤسس علي مستوي التعليم والجيل الذي يليه جماعة الفن المعاصر والفن الحديث والفن والحرية وكانوا مهتمين بشدة بالقضايا الوطنية وربط التراث الفني القديم بالمعاصر ثم يليهم شباب الستينات، مصطفى عبد المعطي وفاروق حسني وغيرهم ولدينا كثيرات من الفنانات التشكيليات مثل عفت ناجي وإنجي أفلاطون كانت من عائلة ارستقراطية ومع ذلك سجنت من أجل مواقفها السياسية وكانت مهمومة بالبسطاء وجاذبية سري ومارجريت نخلة وتحية حليم وزينب السجيني .
وحول كيف يتم تكريم الفنانين التشكيليين وهل أحيانا يتم تسليط الضوء على أسماء بعينها دون الأخرى .. يجيب د.اشرف أن هناك ندرة في عملية التكريم نظرا لقلة الدعم لكن آخر ٥ سنوات استطاعوا توفير جوائز للفن التشكيلي ويحاول قطاع الفنون التشكيلية تكريم الفنان بعرض مشواره مع دراسات فنية ومقالات حتى لو كان هذا الفنان متوفي وقريبا كان هناك تكريم للفنان الراحل جميل شفيق وتحاول الدولة قدر المستطاع أن يكون هناك تكريم دائم للفنانين المهمين في ظل الإمكانيات المتاحة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أشرف رضا الصالون الثقافي بمعرض الكتاب جوائز الدولة الفنان التشکیلی الفن التشکیلی
إقرأ أيضاً:
من هو الفنان؟ سؤال يُثير الجدل في عصر الـNFT والفن الرقمي
في العصر الحديث، أصبح مفهوم "الفنان" يتجاوز الحدود التقليدية، ليأخذ أشكالًا متعددة ويدخل في مجالات جديدة تمامًا لم تكن معروفة من قبل. منذ اختراع الفن الرقمي وصولًا إلى ظهور الـNFT (الرموز غير القابلة للاستبدال)، أصبح السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: "من هو الفنان؟" هذا السؤال لا يُثير الجدل فقط داخل الأوساط الفنية التقليدية، بل يعكس أيضًا التغيرات العميقة في عالم الفن، التي تتجسد في التقنيات الرقمية الجديدة التي أضافت بُعدًا آخر لفهمنا للفن وملكية الأعمال الفنية.
الفن، في معناه التقليدي، كان مرتبطًا بالفنانين الذين يتقنون تقنيات محددة، مثل الرسم، النحت، والتمثال، ويعبرون عن أفكارهم ومشاعرهم عبر الوسائط التقليدية. كان الفنان هو الشخص الذي يمتلك المهارة والحرفية في إبداع عمل فني يتم تنفيذه باستخدام أدوات ملموسة كالفرشاة، القلم، الطين، أو الحجر. لكن مع ظهور الفن الرقمي، تغير هذا التعريف التقليدي، حيث أصبح بإمكان أي شخص يستخدم الحاسوب أو البرمجيات المختلفة أن يصبح "فنانًا" وينشئ أعمالًا فنية ذات طابع مبتكر.
الفن الرقمي يُقدمه الفنان عبر وسائط غير مادية، قد تكون مجرد صور أو فيديوهات أو حتى تجارب تفاعلية عبر الإنترنت. وهنا، تطرح أسئلة جديدة حول من يملك الحق في أن يُسمى فنانًا، وهل يجب أن يكون لهذا الشخص خلفية تعليمية أو تاريخ فني طويل؟ أم أن القدرة على الابتكار باستخدام الأدوات الحديثة كافية لتحديد من هو الفنان؟
مع ظهور الـNFTs (الرموز غير القابلة للاستبدال)، أصبح السؤال عن "من هو الفنان؟" أكثر تعقيدًا. الـNFT هو نوع من الأصول الرقمية التي تُمكّن الفنان من بيع أعماله الفنية كرمز رقمي فريد لا يمكن نسخه أو استبداله. تعني هذه التقنية أن الفنان يمكنه تحويل عمله الرقمي إلى "ملكية" حصرية تمتلك قيمة مالية مرتبطة بالرمز الذي يحمل توقيعه الرقمي، مما يفتح المجال لتحول جذري في مفهوم الفن وجوهره.
على الرغم من أن الـNFTs قدمت فرصًا جديدة للفنانين الرقميين، فإن هذا المجال أثار أيضًا العديد من الأسئلة حول من يحق له أن يُدرج ضمن قائمة الفنانين الذين يُنتِجون أعمالًا قابلة للشراء أو التداول كـNFT. فهل يكفي أن يمتلك شخص ما القدرة على تصميم رمز رقمي فريد وبيعه ليصبح فنانًا؟ أم أن هذا المجال يعكس تحولًا جوهريًا في قيم الفن نفسها؟
في الوقت الذي بدأ فيه الفن الرقمي والـNFT في الحصول على القبول والشهرة، ظهرت بعض الأصوات المعارضة التي تتساءل عن قيمة هذا النوع من الفن. على الرغم من أن الفن الرقمي أصبح جزءًا من الحياة اليومية للملايين عبر الإنترنت، فإن الكثيرين لا يزالون يرون أن الفن الحقيقي لا يمكن أن يتجسد إلا في الأشكال التقليدية الملموسة. إذ يعتبر البعض أن الأعمال الفنية التي لا تمتلك وجودًا ماديًا، مثل اللوحات الرقمية أو الصور المنشأة عبر الكمبيوتر، تفتقر إلى الأصالة والتأثير العاطفي الذي تحققه الأعمال الفنية التقليدية.
إن الفكرة السائدة في الفن التقليدي ترتبط بالجمالية الملموسة والتفاعل الحسي مع العمل الفني، بينما في الفن الرقمي، يمكن أن يكون العمل الفني مجرد صورة أو كود معروض على الشاشة. هذا التحول يثير تساؤلات حول معنى "الجمال" و"الإبداع" في هذا العصر الرقمي، وهل الفن الرقمي قادر على أن يكون بنفس المستوى من القيمة الجمالية أو الثقافية كما كانت الفنون التقليدية؟
عندما تفتح السوشيال ميديا ومنصات مثل "إنستجرام" أو "تيك توك" أبوابًا للفنانين لعرض أعمالهم، تصبح المنافسة أكبر ولكن أيضًا تصبح الفرصة متاحة لكل شخص ليقدم نفسه كفنان. في السابق، كان الوصول إلى جمهور واسع يتطلب سنوات من التدريب أو التواجد في معارض فنية محترمة، لكن اليوم، مع أدوات مثل الفوتوشوب أو برامج تصميم أخرى، يمكن لأي شخص لديه فكرة مبتكرة أن يخلق عملًا فنيًا رقميًا يعرضه للجميع.
هذا التوسع في مفهوم "الفنان" قد يزعج أولئك الذين يرون أن الفنان يجب أن يكون شخصًا خضع لعملية تعليمية صارمة، ويمتلك مهارات تقنية عالية، بينما يراه آخرون أنه يجب أن يكون هذا التعريف أكثر شمولية، حيث يكمن الإبداع في القدرة على التعبير والتواصل مع الآخرين من خلال أي وسيلة فنية، حتى لو كانت هذه الوسيلة رقمية.
لا يمكن إنكار أن الـNFT قد منح الفن الرقمي قيمة سوقية هائلة، حيث بيع بعض الأعمال الفنية الرقمية بأرقام فلكية. في هذا السياق، يظهر سؤال جديد: هل الفن الرقمي والـNFT مجرد ظاهرة تجارية، أم أن له قيمة فنية حقيقية؟ هل البيع الضخم لعمل فني رقمي يعني أنه فني وجميل بقدر الأعمال التقليدية التي تُعرض في المعارض الشهيرة؟ وهل يمكن مقارنة القيمة المادية للعمل الفني الرقمي مع الفن التقليدي الذي يقتني المتاحف؟
في ظل هذه التحولات، بدأ بعض النقاد والفنانين أنفسهم في التشكيك في ما إذا كان الفن الرقمي في شكل الـNFT يمثّل إبداعًا حقيقيًا أو مجرد وسيلة لرفع الأسعار على حساب الأصالة الفنية. البعض يرى أن فكرة امتلاك رموز رقمية قد تكون نوعًا من البازار الرقمي الذي يفتقر إلى المعنى العميق، مقارنة بالأعمال الفنية التي تحمل تاريخًا طويلًا من الإبداع والتطور.
مع تسارع التطورات التكنولوجية وتوسع الفن الرقمي، يصبح من الصعب تحديد من هو الفنان في ظل هذه التحولات. هل يجب على الفنان أن يمتلك تاريخًا طويلًا من الأعمال الفنية الملموسة ليُعترف به؟ أم أن العالم الرقمي قد أتاح للجميع فرصة لتقديم أنفسهم كفنانين، وأن الإبداع الحقيقي يكمن في القدرة على خلق عمل مؤثر، بغض النظر عن الوسيلة؟
العديد من الفنانين الرقميين والـNFT يرون في هذه التقنيات وسيلة لتوسيع آفاق الفن وكسره لقيوده التقليدية. ربما يصبح "الفنان" في المستقبل هو الشخص القادر على تحويل الأفكار إلى أشكال جديدة، سواء عبر الشاشات أو الرموز الرقمية. ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي هو: هل هذه التطورات تعني تحولًا في قيمة الفن نفسه، أم أن هناك شيئًا جوهريًا في الفن التقليدي لا يمكن الاستغناء عنه مهما تغيرت الوسائل؟
في نهاية المطاف، يظل مفهوم "الفنان" في عصر الـNFT والفن الرقمي غامضًا ومثيرًا للجدل. يمكن القول إن الفن أصبح أكثر ديمقراطية وتنوعًا مما كان عليه في الماضي، حيث يمكن لأي شخص أن يخلق عملًا فنيًا في العصر الرقمي. ولكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيظل "الفنان" هو نفسه في المستقبل، أم أن مفهوم الفن سيكون أكثر مرونة وشمولية مع تطور الوسائط والابتكارات الرقمية؟