معرض الكتاب يناقش "إعادة التراث الشعبي"
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
شهدت قاعة حفلات التوقيع بمعرض القاهرة الدولي للكتاب حفل توقيع كتاب "إعادة إنتاج التراث الشعبي" للدكتور سعيد المصري أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، الصادر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، وذلك بحضور الشاعر والباحث مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، والكاتب الحسيني عمران مدير عام النشر بهيئة قصور الثقافة والشاعر مدحت العيسوي، وعدد من المثقفين والإعلاميين.
بدأ الحفل بكلمة تمهيدية لمدير عام النشر قدم خلالها موجز السيرة العلمية للمحتفى به والأعمال والجوائز التي نالها ومنها جائزة الأمم المتحدة للتميز في التنمية البشرية، والجائزة العربية الكبرى للتراث، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، كما استعرض مدير النشر أعمال "المصري" العلمية، ومنها "الطفرة الشبابية والتحولات الديموجرافية في العالم العربي"، و"أزمة المجال الديني في مصر"، و"ملحمة المواطنة بين صكوك الوطنية وعولمة الحقوق الإنسانية"، و"مأزق العدالة الثقافية في مصر"، وغيرها من الأعمال، "تراث الاستعلاء بين الفلكلور والمجال الديني"، مؤكدا القيمة الكبرى من إعادة طبع هيئة قصور الثقافة لكتاب "إعادة إنتاج التراث الشعبي" لأحد أهم رموز الوطن العلمية في مجال علم الاجتماع.
إعادة انتاج التراث بين النظرية والتطبيق
من جهته رحب الشاعر مسعود شومان بالدكتور سعيد المصري مثنيا على كتابه المهم، وقال: أعتبر الدكتور سعيد المصري أحد التلاميذ النجباء للعالم الجليل الدكتور سيد عويس رحمه الله، والتزم بفكرة الدرس النظري كعادة معظم علماء الاجتماع من حيث تطبيق الدراسة الميدانية في مكان محدود، وهو ما درجت عليه الدراسات الأنثروبولوجية على أيدى أقطابها الكبار.
وأضاف "شومان" أن الكتاب له قدرة على طرح الأسئلة بدءا من عنوانه؛ حيث يتبادر للذهن سؤال التراث والمأثور.. كيف يتحول التراث إلى مأثور، وما وجد في دراسة د. المصري هو مأثور بمعنى أنه أُثر عن الأقدمين ومازال فاعلا ومنتشرا بين أبناء الجماعة الشعبية، وتساءل: هل يمكن للتراث أن يكون مأثورا؟ بمعنى أن يخرج من جُب الماضي ليصبح فاعلا في الحياة، هل يجوز أن يتحول المأثور إلى تراث ويعود أدراجه ولا يتم التعامل به؟
واستطرد شومان: حقيقة أن الدراسة الميدانية بالكتاب تذكر أن هناك تبادلا بين التراث والمأثور، أي هناك حراك بين الاصطلاحين التراث والمأثور، ولكن عندما نتناول موضوع إعادة الإنتاج.. فالسؤال هنا من الذي ينتج؟ وسؤال آخر: هل يصلح المكان الذي تم تطبيق الدراسة به ليكون عينة للخروج منه بقواعد عامة تؤسس لنظرية أم أننا بحاجة إلى تطبيق محاور هذه الدراسة الثرية على عدد آخر من الأماكن؟، وهل فكرة الثبات والتغير بالدراسة لها علاقة بفكرة تغير المجتمع على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي؟ هل هذه الظروف تؤثر على الجماعة الشعبية، ومع هذه الظروف سوف تتغير مجموعة من عاداتنا وتقاليدنا... إلخ، وأن الجماعة الشعبية لها نظم وعادات وتقاليد خاصة بها -لها دولتها الخاصة- وتصنع عاداتها وتقاليدها.. تقريبا هي دولة في حد ذاتها.
واختتم حديثه مؤكدا أن قراءة هذا الكتاب تعكس ثراء فكريا وتمنحنا متعة كبيرة وقدرا واسعا من الجدل والاستنارة والتنقيب في أجزاء لم يُكتب فيها في مجال علم الاجتماع والأنثروبولوجيا من قبل وهو إضافة كبيرة لسلسلة الدراسات الشعبية ولهيئة قصور الثقافة،
التراث الشعبي بين الثابت والمتغير
كما أكد الدكتور سعيد المصري أن هيئة قصور الثقافة هي قلب وزارة الثقافة، وهي أساس العمل الثقافي والكيان الوحيد الذي يمتلك المقومات والقدرات للوصول لجميع الأفراد، مشيرا إلى أنه تولى مهمتين داخل وزارة الثقافة الأولى مساعد وزير الثقافة د. جابر عصفور، والثانية أمين عام المجلس الأعلى، استشعر خلالهما قوة تأثير الهيئة العامة لقصور الثقافة، بما تقدمه من برامج تستهدف التوعية التثقيفية بامتداد المحافظات المصرية.
وعن الكتاب أضاف: تقوم فكرة الكتاب على التراث الشعبي وأسباب استمراريته في الحياة، والتراث الشعبي هو الرصيد الثقافي من العادات والتقاليد والمأثورات والثقافة المادية والأدب الشعبي، وينتقل كل ذلك عبر الأجيال نتيجة التفاعل بين الأفراد.
وعن كيفية استثمار هذا التراث أشار إلى أن الفكرة الأساسية هي عملية إعادة إنتاج التراث، وهي هنا لا يقصد بها تغييرا كليا أو بقائه كليا؛ ولكن يقصد بها استمرار التراث عبر التغيرات لتلبية احتياجات الأفراد طوال الوقت، وهذه الفكرة اختلفت عن فكرة الدراسات الفولكلورية التي تناولت ثبات وتغير العناصر.
التراث يجدد نفسه
وأوضح أن هناك وظائف ثابتة وأخرى متغيرة على أساسها يمكن للتراث أن يتغير ويجدد نفسه طوال الوقت، وذلك من خلال أربع عمليات أساسية، أولها التكرار وهي عملية لها علاقة بالوجود الإنساني، نتيجة ارتباط التراث بمواقف الحياة اليومية، وذلك ما يجعله موجودا، والناس لهم دور فاعل في عمليات إعادة الإنتاج، وتم تطبيق ذلك على عادات الطعام لدى المصريين التي تتغير من مكان لمكان ومن فترة لفترة ومن فئة لفئة أخرى، مضيفا أن الدراسة المطروحة في الكتاب تم تطبيقها على الفقراء في حي بولاق، وكان السؤال المطروح هو كيف يتشبث الفقراء بالحياة في ظل الندرة؟
في ظل الندرة يظل التراث هو المصدر الوحيد الذي يعينهم على الحياة وتعويض الحرمان ويمدهم بحلول لحل مشكلاتهم، والعملية الثانية هي استعادة للتراث وفيها نجد أن التراث مرتبط بالذاكرة الجمعية؛ فأفراد المجتمع تربطهم علاقات وذاكرة مجتمعية مشتركة في فترة من الزمن مثل المناسبات، في شهر رمضان نستعيد تراث رمضان وفي الأعياد نستعيد تراث الأحزان، والذاكرة الجمعية تذكرنا بالتفاصيل كافة عند ممارسة التراث بشكل جمعي، وأثناء عملية التفكير قد يضيف الشخص أفكارا أو يحذف بعضها و بالتالي عمليات الاستعادة هي عملية إنتاج طوال الوقت.
وتابع : العملية الثالثة التي تطرق إليها الدكتور سعيد هي عملية الاستعارة، موضحا أن الأفراد يستعيرون من بعضهم البعض، والجماعات الإنسانية تستعير من بعضها البعض، وفكرة الاستعارة موجودة في الثقافة المادية بشكل كبير وأيضا في الأدب الشعبي بشكل واضح جدا، وكل فرد يتأثر بعادات الأخر أو طريقة حديثه، الزي، التسمية: لدينا كمصريين عقيدة أن الاسم يصنع عقيدة الإنسان ويعطي له مكانة مختلفة، الذوق أيضا ينتقل عبر الجماعات الطبقية بالاستعارة والاحتكاك بالآخرين، والطقوس في جوهرها موجودة، ولكنها شكلها يتغير طوال الوقت بفعل الاستعارة كطقوس الأفراح.
أما العملية الرابعة فأشار "المصري" أنها تتمثل في الإضافة بمقتضى الإبداع والقدرات البشرية، وأن الأمثال الشعبية عبارة عن إبداع بشري يقدمه شخص لديه مقدرة غير عادية على أن يختزل حكمة إنسانية في أقل قدر من الكلمات نصيحة أو سخرية من موقف حكمة، أو تعليق على شيء ومن ثم الجماعة تتبناها، وهي القدرة على ابتكار ما يعبر عن وجدان الناس قدرات فردية في الأصل، مثال مصمم الأزياء الشعبية حيث يظهر ذلك في أشكال الثقافة المادية.
واختتم الدكتور سعيد المصري حديثه مؤكدا أن الجزء الإبداعي كبير جدا في المأثورات الشعبية والثقافة المادية وقليل جدا في المعتقدات الشعبية، والكتاب يتناول أن التراث يعاد إنتاجه طول الوقت في الحياة، وهو محاولة لقراءة اجتماعية في التراث ومدرسة تتبنى المنهج الاجتماعي في دراسة التراث، والتراث جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي ويختلف باختلاف الجماعات الإنسانية، وهناك قوى اجتماعية تلعب دورا كبيرا في مقاومته أو إنتاجه أو تعزيزه أو حمايته وحفظه. وقد حاول الكتاب تقديم مشروع نظرية في فهم عملية إعادة الإنتاج الخاصة بالتراث الشعبي، ومحاولة توظيف المصطلح والتعامل معه في مجال جديد غير مصطلح إعادة إنتاج الثقافي الموجود في المؤسسات الثقافية.
كتاب "إعادة إنتاج التراث الشعبي" صدر عن سلسلة الدراسات الشعبية التي تعنى بنشر الدراسات المتعلقة بالفلكلور ونصوص وسير وحكايات وملاحم الأدب الشعبي، وتصدر برئاسة تحرير حسن سرور، ومدير التحرير محمد شومان، تصميم غلاف الكتاب نسرين محمود.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قصور الثقافة الهيئة العامة لقصور الثقافة التراث التراث الشعبي التراث الشعبی قصور الثقافة طوال الوقت هی عملیة
إقرأ أيضاً:
الإبل في التراث السعودي.. غذاء ودواء وموروث وطني
شكّلت الإبل منذ القدم مصدرًا حيويًا للغذاء والدواء، المتوارث عبر الأجيال، وتجسدت بصفتها عنصرًا أساسيًا في الثقافة والتراث العربي، وتمثل المملكة العربية السعودية موطنًا أصيلًا لهذه الثروة الحيوانية، بطبيعتها البيئية المتنوعة، وملاءمتها لهذه الثروة الحيوانية، لما تتميز به الإبل من قدرة فريدة على التكيف مع الظروف البيئية المختلفة.
ويعد حليب الإبل الغذاء الأساسي والرئيسي لسكان الصحراء منذ القدم، في حلهم وترحالهم، مما يعني أن للحليب قيمة غذائية عالية، لاحتوائه على المغذيات الطبيعية الكافية لبناء الجسم.
ويَشتهر حليب الإبل بقيمته الغذائية، حيث أكدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” أنّ حليب الإبل غذاء صحي ومناسب لكل العالم، موصيةً بتصنيع أنواع المنتجات من حليب الإبل؛ الغني بالبروتينات والفيتامينات والمعادن التي يحتاج إليها جسم الإنسان، وتفوق على حليب الماعز والأبقار.
وحليب الإبل مصدر غني بالمواد الغذائية الأساسية وبالأحماض الدهنية غير المشبّعة، فضلًا عن امتلاكه لخواص مضادة للالتهابات والأكسدة.
اقرأ أيضاًالمجتمعوزارة الثقافة تُطلق برنامج المنح الثقافية البحثية والأولويات البحثية للقطاع الثقافي
وتشير العديد من الدراسات العلمية والطبية أن لحليب الإبل فوائد طبية وصحية كثيرة خصوصًا عندما تتغذى الإبل على الأعشاب والنباتات الطبيعية بعد هطول الأمطار في المراعي البرية.
ولا يقتصر الاهتمام على حليب الإبل فقط، بل يمتد ليشمل لحومها، وجلودها، ووبرها، بما يعزز من مكانتها كمكوّن اقتصادي وثقافي وتراثي حيوي، والتوجهات المستقبلية تحافظ على هذه الثروة وتوسّع من نطاق الاستفادة منها باستخدام التقنيات الحديثة.
يذكر أنه من ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، تعزيز الصناعات المحلية والكوادر البشرية الوطنية خاصة، وما يتعلق بالثروة الحيوانية، وتحديدًا الإبل التي تُعد موروثًا وطنيًا.