ليس لأصحاب القلوب الضعيفة..هذا أخطر ممر مائي في العالم
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هذا المسطح المائي يغرس الخوف في قلوب البحّارة ويُلهمهم بالقدر ذاته.
يبلغ عرض نهر دريك حوالي 600 ميل ويصل عمقه إلى 6000 متر (ما يقرب من أربعة أميال)، وهو عبارة عن جسم ضخم من الماء.
وكتب ألفريد لانسينغ عن رحلة المستكشف إرنست شاكلتون في عام 1916 عبر المحيط في قارب نجاة صغير: "إنه الجزء الأكثر رعبًا من المحيطات في العالم".
ويربط ممر دريك الطرف الجنوبي لقارة أمريكا الجنوبية بأقصى نقطة في شمال شبه الجزيرة القطبية الجنوبية.
يوجد في كيب هورن نصب تذكاري يشير إلى 10 آلاف بحار يُعتقد أنهم لقوا حتفهم أثناء الإبحار عبر ممر دريك.Credit: DreamPictures/Photodisc/Getty Imagesوقد أصبح ممر دريك، الذي كان سابقا حكراً على المستكشفين وكلاب البحر، يشكل اليوم تحدياً هائلاً لعدد متزايد من المسافرين إلى القارة القطبية الجنوبية - وليس فقط لأن عبوره يستغرق ما يصل إلى 48 ساعة.
وبالنسبة للكثيرين، فإن القدرة على التباهي بالنجاة من "اهتزاز دريك" يُعد جزءا لا يتجزأ من جاذبية الذهاب إلى "القارة البيضاء".
ولكن ما الذي يسبب تلك "الهزّات" التي يمكن أن تؤدي إلى أمواج يصل ارتفاعها إلى حوالي 50 قدمًا تضرب السفن؟ وكيف يُبحر البحارة في الممر الأقسى على الكوكب؟
وبالنسبة لعلماء المحيطات، يبدو أن ممر دريك يُعد مثيرا بسبب ما يحدث تحت سطح تلك المياه المتدفقة. أما بالنسبة لقباطنة السفن، فهو بمثابة تحدٍ يجب التعامل معه بجرعة صحيّة من الخوف.
أقوى العواصف في العالم Credit: Mike Hill/Stone RF/Getty Imagesويبلغ عرض ممر دريك حوالي 600 ميل ويصل عمقه إلى 6 آلاف متر، وهو عبارة عن جسم ضخم من الماء.
أما شبه الجزيرة القطبية الجنوبية التي يزورها السياح، فهي مجرد جزيرة رقيقة تدور شمالًا من القارة القطبية الجنوبية الشاسعة، وتصل إلى الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية - وتشير المنطقتان نحو بعضهما البعض.
وهذا يخلق تأثير النقطة الضيقة، حيث يتم ضغط المياه بين الكتلتين الأرضيتين، ويتدفق المحيط عبر الفجوة بين القارات.
ويشرح عالم المحيطات ألكسندر بريرلي، وهو رئيس قسم المحيطات المفتوحة لدى هيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا، قائلا: "إنه المكان الوحيد في العالم الذي يمكن أن تتحرك فيه تلك الرياح بجميع أنحاء العالم من دون أن تضرب الأرض - وتميل الأرض إلى إخماد العواصف".
ويُوضح بريرلي أن الرياح تميل إلى الهبوب من الغرب إلى الشرق.لكنها تتباطأ بسبب مساحة اليابسة - ولهذا السبب تميل العواصف الأطلسية إلى ضرب أيرلندا، والمملكة المتحدة، ثم تضعف مع استمرارها شرقا نحو القارة الأوروبية.
ومع عدم وجود أرض لإبطائها عند خط عرض ممر دريك في أي مكان على الكوكب، يمكن للرياح أن تهب، وتتسارع، وتصطدم بالسفن.
ولا يقتصر الأمر على الرياح التي تجعل المياه قاسية، إذ أن ممر دريك هو في الأساس عبارة عن موجة كبيرة من المياه.
ويضيف بريرلي: "المحيط الجنوبي عاصف جدًا بشكل عام، لكن في ممر دريك، تضغط المياه في المساحة بين القطب الجنوبي ونصف الكرة الجنوبي. وهذا يزيد من حدة العواصف عند مرورها".
ثم هناك السرعة التي تتدفق بها المياه، ويُعد ممر دريك جزءًا من التيار المحيطي الأكبر حجمًا في العالم، حيث يتدفق ما يصل إلى 5،300 مليون قدم مكعب من المياه في الثانية. تزيد قوة التيار، محصورًا في الممر الضيق، ويتحرك من الغرب إلى الشرق.
وبالنسبة لعلماء المحيطات، يُعتبر ممر دريك "موقعا مثيرا"، إذ أنه موطن لما يسميه بريرلي بـ"الجبال تحت الماء" الموجودة تحت السطح - ويتسبب التيار الهائل الذي يضغط عبر الممر الضيق (نسبيًا) في تكسّر الأمواج تحت الماء. وهذه "الموجات الداخلية" تخلق دوامات تجلب المياه الباردة من أعماق المحيط إلى أعلى - وهو أمر مهم لمناخ الكوكب.
يمتلك تصميم سفينة Greg Mortimer القدرة على عبور ممر دريك بطريقة أكثر استقراراCredit: Tyson Mayr/Aurora Expeditions الخوف يولد الخوفولعل أحد العناصر الرئيسية الأخرى التي تجعل ممر دريك مخيفًا للغاية، يتجلى بالخوف من الممر ذاته.
ويشير بريرلي إلى أنه حتى افتتاح قناة بنما في عام 1914، كان على السفن المتجهة من أوروبا إلى الساحل الغربي للأمريكتين أن تبحر حول كيب هورن - الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية - ثم تتجه نحو ساحل المحيط الهادئ.
ويوجد أيضًا نصب تذكاري على طرف كيب هورن، تخليدًا لذكرى أكثر من 10 آلاف بحار يُعتقد أنهم لقوا حتفهم أثناء الإبحار عبره.
ويقول بريرلي إن "المسارات بين جنوب إفريقيا وأستراليا، أو أستراليا أو نيوزيلندا إلى القارة القطبية الجنوبية، لا تقع على أي طرق شحن رئيسية".
ويتابع أن "السبب وراء الخوف الشديد على مرّ القرون، يتمثل بأن ممر دريك هو المكان الذي يجب أن تذهب إليه السفن".
يقوم القبطان ستانيسلاس ديفورسين بعبور ممر دريك بانتظامCredit: Sue Flood/Ponant Photo Ambassadorمن جانبه، أشار القبطان ستانيسلاس ديفورسين، وهو أحد ثلاثة قباطنة على متن سفينة "Le Commandant Charcot"، وهي سفينة قطبية تابعة لشركة "Ponant" للرحلات البحرية، إلى أن الإبحار في ممر دريك يُعد مهمة معقدة للغاية، وتتطلب الحذر.
ويقول ديفورسين: "يجب أن يكون لديك خوف صحي، حتى تبقى متيقظًا للسفينة وأحوال الطقس. عليك أن تدرك أن الأمر قد يكون خطيرًا، وليس أمرًا روتينيًا على الإطلاق".
وعبر ديفورسين ممر دريك لأول مرة كقبطان منذ أكثر من 20 عامًا، حيث أبحر بكاسحة جليد مليئة بالعلماء إلى القارة القطبية الجنوبية للقيام بمهمة بحثية.
ويتذكر قائلا: "كانت لدينا أمواج شديدة الاضطراب، حيث بلغ ارتفاعها أكثر من 20 مترًا. كان الجو عاصفًا وقاسيًا للغاية".
يقوم القبطان بفحص أحوال الطقس 6 مرات يوميًا قبل المغادرة لضمان العبور الآمن.Credit: Jamie Laffertyمع ذلك، لفت ديفورسين إلى أن مستويات الراحة على متن سفينة الأبحاث - والظروف التي تبحر فيها - تختلف تمامًا عن تلك الخاصة برحلة بحرية، مؤكدًا: "نحن نتحلى بحذر كبير، فالمحيط أقوى منا. وليست لدينا القدرة على الإبحار خلال حالة الطقس السيئ، إذ نواجه أمواجًا هائجة ولكن دائمًا بهامش أمان كبير. نحن لا نقامر على حياتنا"
حتى مع هامش الأمان الإضافي هذا، يعترف ديفورسين بأن عبور ممر دريك يمكن أن يكون تجربة مرهقة، إذ أكدّ: "يمكن أن يكون الأمر صعبًا وخطيرًا للغاية، لذا فإننا نولي الأمر الكثير من الاهتمام".
وقال: "علينا أن نختار أفضل وقت لعبور ممر دريك. وفي بعض الأحيان لا نذهب في اتجاهنا النهائي، بل نغير المسار للحصول على زاوية أفضل مع الأمواج. قد نبطئ من سرعتنا لترك مسار الضغط المنخفض أمامنا، أو نسرع لتخطّيه".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: القارة القطبية القارة القطبیة الجنوبیة فی العالم یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«بلدية دبي» تُفعل نظام إخلاء الطوارئ لأصحاب الهمم في شواطئ الممزر
أعلنت بلدية دبي عن تفعّيل نظام إخلاء الطوارئ لأصحاب الهمم في شواطئ الممزر كأول نظام من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، والذي يُعد نقلة نوعية تعكس مدى اهتمام إمارة دبي بضمان أفضل مستويات السلامة والأمان لمختلف شرائح المجتمع وفي مقدمتها فئة أصحاب الهمم، بما يرسّخ ريادة وجاذبية دبي كأفضل مدينة للحياة في العالم.
ويضم نظام إخلاء الطوارئ لأصحاب الهمم بشكلٍ أساسي؛ جهاز يغطي مساحة الشاطئ بالكامل مركب عند أبراج الإنقاذ، ويشمل إضاءة تحذيرية واضحة، ورسالة إخلاء لجميع مرتادي الشاطئ، وسماعات ذات مدى واضح لموقع الإخلاء لأصحاب الإعاقة البصرية، كما تعمل على إرسال ذبذبات لسماعات ذوي الإعاقة السمعية لإخطارهم بوجود حالة طوارئ معينة مع التحذير لإجراء الإخلاء.
وتعقيباً على ذلك، قال بدر أنوهي، المدير التنفيذي لمؤسسة المرافق العامة في بلدية دبي: "لطالما حرصت القيادة الرشيدة في إمارة دبي على توفير مجتمع متكامل يتمتع بأفضل مستويات جَودة الحياة الكريمة التي تضمن أن يعيش جميع أفراده بمعايير متقدمة من الصحة والسلامة والأمان، ومن ضمنها فئة أصحاب الهمم.
وتعمل بلدية دبي على تحقيق رؤية حكومة دبي وتطلعاتها الرامية إلى جعل دبي مدينة صديقة لأصحاب الهمم، وذلك من خلال سلسلة مبادراتها ومشاريعها الإستراتيجية وخاصةً في مجال تأهيل المباني والمرافق التابعة لها لتكون ملائمة لأصحاب الهمم واحتياجاتهم، تدعم جهود تمكينهم ودمجهم في مجتمعهم، وتضمن توفير أعلى مستويات السعادة والرفاهية وجودة الحياة لهم".
وأضاف بدر أنوهي: "نظام إخلاء الطوارئ لأصحاب الهمم في شواطئ الممزر، إنجاز جديد يؤكد جهود بلدية دبي وحرصها على العناية بمستويات الصحة والسلامة العامة لأصحاب الهمم، وبتوفير كافة الخدمات التي تلبي متطلباتهم واحتياجاتهم، تحقيقاً لهدفها في جعل دبي المديـنة الأكثر جـاذبيةً واستدامةً وجَودةً للحياة".
جهاز إرشادي متقدم
إلى جانب ذلك، نجحت البلدية في استحداث جهاز إرشادي في مركز التدريب لأصحاب الهمم من أصحاب الإعاقة السمعية والبصرية، والذي يُعد دليلاً شاملاً وجهاز تعقب في حالات الطوارئ يرافقهم في مختلف الأماكن. ويتكون الجهاز من حساسات مركبة في مختلف مناطق المركز وموزعة على مساحات معينة مربوطة في الجهاز، حيث تقوم بإخطار الشخص باسم المنطقة أو المكان المتواجد فيه حالياً داخل المركز. كما يشمل جهاز تعقب مربوط في أماكن الاستقبال بالمركز لمعرفة موقع أصحاب الهمم في المبنى في حال حدوث حالات طوارئ.
وتولي بلدية دبي أصحاب الهمم اهتماماً ورعايةً كبيرة ضمن مبادراتها الإستراتيجية ومسؤوليتها المجتمعية، وتعمل عبر مشاريعها وخدماتها وجهودها المتكاملة المخصصة لأصحاب الهمم إلى الارتقاء بمستوى جَودة حياتهم ورفاهيتهم وسعادتهم، إضافةً إلى توفير التسهيلات والخدمات والمتطلبات التي تمكّنهم من ممارسة حياتهم، وترفع مساهمتهم الفعّالة في بناء المجتمع.