بعد عام على زلزل تركيا المدمر.. عائلات حزينة بانتظار معرفة مصير أبنائها
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
رغم مرور عام على فاجعة الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء كبيرة من تركيا، ما زالت الكثير من العائلات بانتظار العثور على جثث الأحباء الذين قضوا تحت الأنقاض، وذلك ليتنسى دفنهم في قبور يمكن زيارتها وسكب عبرات الحزن عليها.
وفي 6 فبراير، ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 7,8 درجات مناطق شاسعة جنوبي تركيا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص.
وضرب الزلزال المدمر 11 محافظة تركية، وتسبب في تضرر حوالي 14 مليون شخص، أي سدس سكان البلاد، وأدى إلى انهيار 214 ألف مبنى، عدد كبير منها في محافظات كهرمان مرعش وهاتاي.
حقيقة صورة الرجل الناجي من زلزال تركيا وسوريا تنتشر منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يدعي ناشروها أنها لناج أخرج من تحت الأنقاض بعد ثلاثة أشهر من الزلزال الذي ضرب في 6 فبراير الماضي جنوب تركيا وشمال سوريا. إلا أن هذه الصورة ملتقطة قبل نحو ثماني سنوات وتعود لرجل سوري مصاب بمرض الصدفيّة الجلدي.وأجبر الزلزال 3,3 مليون شخص على مغادرة مناطقهم، حيث أقام أكثر من 1,4 مليون شخص في خيام وحوالي 46 ألفا في حاويات، فيما استقر الباقون في مهاجع ودور ضيافة، وفقا للأرقام الرسمية.
وفي حديثها لصحيفة "إنبدندنت" البريطانية، تقول سونا أوزتورك (56 عاما)، إنها ما زالت بانتظار العثور على جثة ابنتها توغبا، وحفيديها، محمد عاكف الذي قضى عن عمر 8 أشهر، ومصطفى كمال الذي كان يبلغ من العمر 3 أعوام عندما قتل بالزلزال.
وقالت سونا المقيمة في بلدة أكساراي بوسط الأناضول: "كانت توغبا شخصاً متسامحاً للغاية، وكانت سعيدة للغاية لكونها أماً.. الآن لم يتبق منها سوى الذكريات وبعض الصور".
وتوغبا، التي رحلت عن عمر ناهز 36 عامًا، وطفلاها، هم من بين ما لا يقل عن 145 تركياً تم تحديد هوياتهم وإعلانهم مفقودين جراء تلك الزلازل المدمرة التي وقعت قبل عام.
ويقول نشطاء إن العدد الإجمالي للمفقودين قد يكون أعلى بكثير من الأرقام المسجلة، ويشمل اللاجئين السوريين وغيرهم من الأجانب، إلى جانب المفقودين من الأتراك.
وتقول أوزتورك: "أقضي الكثير من الوقت في البكاء. أفتقد ابنتي وأحفادي كثيراً، إذ لم يعد هناك أي معنى لحياتي بعد الآن".
وكان الكثير من الضحايا قد فقدوا خلال ساعات الفوضى التي أعقبت الزلازل مباشرة، حيث تم نقل الكثير من الناجين إلى المستشفيات البعيدة، والضحايا إلى مواقع دفن نائية دون علم عائلاتهم، وذلك بحسب عضوة البرلمان، نرمين يلدريم كارا، التي تقود حملة لدعم عائلات المفقودين.
وتوضح يلدريم كارا: "أولئك الذين بحثوا بين الأنقاض عن أفراد عائلاتهم لم يتمكنوا من معرفة المستشفى الذي تم نقل أقاربهم إليه.. وفي هذه الحالة، اختفى العديد من المواطنين ولا يمكن العثور عليهم".
"تجاوزات جسيمة" خلال حالة الطوارئ في تركيا بعد الزلزال قالت منظمتا العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، في تقرير، الأربعاء، إن مسؤولي إنفاذ القانون في تركيا من الذين أرسلوا إلى المنطقة التي هزها زلزال 6 فبراير 2023 "ضربوا وعذّبوا وأساءوا معاملة الأشخاص الذين يشتبه في ارتكابهم أعمال سرقة ونهب". "لعنة المجمع الفاخر"وكانت توغبا قد تركت عائلتها وانتقلت إلى أنطاكيا قبل 5 سنوات، حيث عملت كمعلمة للأطفال المعاقين، قبل أن تتزوج من رجل نجا من الزلزال، لكنه لا يزال حزينًا جدًا لدرجة أنه لا يستطيع أن يروي مأساته، وفق الصحيفة البريطانية.
وعاشت أسرة تلك المدرّسة في المبنى رقم A2 بمجمع "رينيسانس ريزيدنس" الفاخر، الذي أصبح انهياره رمزا لفشل البناء المرتبط بالزلزال والخسائر الفادحة في الأرواح الناجمة عن معايير البناء الحالية.
ويقول ياسين، شقيق توغبا: "عندما تم الانتهاء من تشييد ذلك المبنى السكني، قيل إنه هبة من السماء.. وكان كان هناك حفل افتتاح كبير، حيث جاء المسؤولون الحكوميون لقص الشريط.. الجميع أخبرنا أن الوضع آمن هناك".
وكانت النيران قد اشتعلت في المبنى أثناء انهياره، حيث يعتقد ياسين أن أخته وأبناءها حوصروا في الحريق.
وعلى الرغم من أن موقع الإقامة جرى تطهيره بالكامل من الأنقاض، فإنه لم يتم العثور على جثث توغبا وأطفالها.
وفي مأساة أخرى، فقدت سيما وزوجها، إركان جوليك، ابنهما باتوهان (25 عامًا)، عندما انهارت شقته السكنية الواقعة على مشارف مدينة إسكندرون الساحلية في محافظة هاتاي، حيث تم تطهير المنطقة بأكملها من الأنقاض دون أن يتمكن رجال الإنقاذ من انتشال جثته.
وبحسب شاهد عيان اتصل بالعائلة بعد رؤية صورة باتوهان على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الابن كان قد خرج من الحطام في حالة صدمة، لكنه بعد ذلك استقل سيارة مدنية بيضاء واختفت أخباره بعدها.
أما آيتن تونجر، التي فُقدت شقيقتها نسرين (40 عاماً)، بعد انهيار منزلها في وسط مدينة أنطاكيا، فتقول: "لم نتلق الدعم اللازم حتى الآن.. وكأنهم يرون أن المصيبة لم تقع".
ورفض البرلمان التركي، الشهر الماضي، محاولة تشكيل لجنة للتحقيق في مصير المفقودين، في حين تقول العائلات إن ذلك كان سيشكل "خطوة مهمة" في زيادة الضغط على مكاتب الادعاء في جميع أنحاء منطقة الكارثة، لتسريع وتيرة استخراج الجثث المدفونة التي لم يجر التعرف عليها، ومن ثم جمع عينات الحمض النووي لمطابقتها المحتملة مع الأقارب.
وفي هذا الصدد، توضح سيما: "لقد فقدت الثقة في السلطات.. أنا غاضبة وحزينة. فحتى لو لم يتمكنوا من العثور على ابني، على الأقل أريد أن أشعر أنهم يدعموننا، لكنهم لم يظهروا أي دعم أو تعاطف".
كما تطالب يلدريم كارا، التي تمثل أكبر حزب معارض في ولاية هاتاي، بمزيد من العمل من قبل مكاتب المدعين العامين في مناطق الكارثة.
وتقول: "في هذه المرحلة، يجب زيادة مطابقة الحمض النووي واستخراج الجثث من القبور.. المطلب الأكبر للعائلات هو أن تبذل السلطات المزيد من الجهود لضمان المطابقة".
ولم يستجب مكتب المدعي العام في مقاطعة هاتاي ووزارة العدل التركية لطلبات التعليق على عدد الأشخاص المفقودين الذين تم التعرف عليهم بنجاح، من خلال مطابقة الحمض النووي.
وقال مسؤول كبير من هاتاي لوسائل الإعلام التركية الأسبوع الماضي، إن الحمض النووي المأخوذ من 193 جثة مستخرجة لم يتطابق مع الأفراد الأحياء، وحث العائلات على تقديم عينات من حمضهم.
ومن بين أولئك الذين عثروا على أقاربهم المفقودين، سيما يلماز، التي لقيت شقيقتها خيرية ديلي (43 عاماً)، حتفها في الزلزال مع زوجها وأطفالهما الثلاثة في مدينة كهرمان ماراس.
وتمكنت تلك السيدة من العثور على جثة أختها في أواخر أبريل، أي بعد مرور نحو 3 أشهر على وقوع الكارثة. وتعليقا على ذلك قالت: "عندما تطابق الحمض النووي لأختي، بكيت وضحكت في نفس الوقت لأنه أصبح يوجد قبر لها" (لتزوره العائلة).
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحمض النووی العثور على الکثیر من
إقرأ أيضاً:
ما الذي تراهن عليه تركيا في سوريا بعد فوز ترامب؟
رغم تعدد الملفات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية كان لافتا خلال الأيام الماضية أن توقعات أنقرة بشأن العلاقة المقبلة مع إدارة دونالد ترامب ارتبطت على نحو محدد وخاص بسوريا ومستقبل الهيكل العسكري الذي تدعمه واشنطن في مناطقها الشمالية والشرقية، المتمثل منذ سنوات بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
صدرت التوقعات على 3 مستويات، من أعلى هرم السلطة المتمثل بالرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وصولا إلى وزير خارجيته، حقان فيدان ووزير دفاعه، يشار غولر. ورسمت في غالبيتها صورة "رهان" على احتمالية الانسحاب الأميركي من سوريا، بناء على ما حصل جزئيا في 2018.
وتعتبر تركيا "قسد" امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب لديها، وهو ما تنفيه الأولى التي تشكل "وحدات حماية الشعب" عمودها الفقري.
وكان ترامب قرر خلال ولايته الأولى في 2018 الانسحاب من سوريا، لكن تراجع عن القرار بعد اعتراض وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وبعد عام من ذلك (2019) نفذ الجيش التركي عملية عسكرية مع فصائل سورية معارضة، وتمكن من خلالها من السيطرة على مدينتي رأس العين وتل أبيض ضمن عملية أسماها حينها بـ"نبع السلام".
وفقا لمراقبين وخبراء تحدث إليهم موقع "الحرة" يبدو من تصريحات المسؤولين الأتراك بعد فوز ترامب أنهم يتوقعون أن يكرر الرئيس الأميركي المنتخب ترامب ما فعله قبل 6 سنوات.
وفي حين لا تلوح في الأفق أية بوادر ترجح حصول ذلك يوضحون أن التركيز من جانب أنقرة على الملف السوري دون غيره يرتبط أيضا بسلسلة اعتبارات ومتغيرات حاصلة في الإقليم.
ما الذي تعوّل عليه أنقرة؟بيان التهنئة الذي وجهه إردوغان لترامب حال فوزه (8 من نوفمبر) كان أولى محطات التركيز على الملف السوري دون غيره، إذ أشار الرئيس التركي لمرتين إلى احتمال شن عملية عسكرية جديدة عبر الحدود، مجددا التأكيد على هدف إنشاء "حزام أمني" على طول الحدود الجنوبية بعمق من 30 إلى 40 كيلومترا.
كما أوضح إردوغان أنه سيواصل محادثاته "عبر دبلوماسية الهاتف" مع ترامب، وسيناقش معه موضوع الانسحاب الأميركي من سوريا، وهي جزئية تطرق إليها وزير الخارجية، حقان فيدانوأعاد التذكير بها في مناسبة منفصلة.
وقال فيدان قبل يومين لصحيفة "ملييت": "نذكّر محاورينا الأمريكيين باستمرار بضرورة إنهاء تعاونهم مع المنظمة الإرهابية في سوريا. وقد زادت اتصالاتنا بشأن هذه المسألة"، مضيفا: "نرى أن الجانب الأمريكي يؤيد أيضا إجراء المزيد من المحادثات والمشاورات".
وانضم إليه وزير الدفاع، يشار غولر، معتبرا، مساء الثلاثاء، في مقابلة مع الصحفية كوبرا بار أن "ترامب سيركز على موضوع سحب القوات الأميركية في سوريا"، وزاد: "في فترة رئاسته الأولى أصدر أوامره ثلاث مرات لسحب القوات من سوريا، ومع ذلك لم يتم تنفيذ ذلك".
ويوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كوجالي، سمير صالحة أن نقاشات الملف السوري الحالية بين واشنطن وأنقرة تختلف عن تلك التي حصلت في عام 2019. أي في فترة ولاية ترامب الأولى.
ويشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى وجود أكثر من متغير على الأرض في الوقت الحالي. وهذه المتغيرات مرتبطة بمسائل محلية وإقليمية، وتؤثر جميعها على القرارات الاستراتيجية التركية الأميركية المرتبطة بسوريا.
وبناء على ما سبق يجب الأخذ بالاعتبار هذه المتغيرات عند تقييم وبحث مآلات ومستقبل العلاقة ما بين تركيا والولايات المتحدة حال تسلم ترامب ولايته الثانية رسميا، بحسب صالحة.
"ما وراء طروحات إردوغان الملفتة"يعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن طروحات الرئيس التركي بشأن سوريا بعد فوز ترامب كانت "ملفتة"، خاصة عندما أعاد التأكيد على ضرورة ربط حلقات "المنطقة الآمنة" التي تتمسك أنقرة بإنشائها على طول الحدود مع سوريا والعراق.
ويشرح في المقابل حيثيات عدة نقاط ترتبط بالتركيز التركي على الملف السوري الآن وستكون في صلب نقاشات أنقرة مع الإدارة الأميركية الجديدة.
تتعلق هذه النقاط أولا بمسألة النفوذ الإيراني في سوريا وما تعمل عليه إسرائيل ضد طهران وميليشياتها في سوريا وسيناريوهات "الإضعاف" الحاصل على الأخيرة بوجهة نظر تركية.
وتذهب أخرى باتجاه روسيا، ومن منطلق أن "التفاهمات التركية الأميركية لا يمكن أن تكتمل دون الأخذ بعين الاعتبار ما تريده موسكو"، وفق أستاذ العلاقات الدولية.
ما تفعله إسرائيل أيضا في سوريا سيكون لها تأثير على فحوى نقاشات أنقرة وواشنطن.
ويعتقد صالحة أن طبيعة الحد الذي ستصل إليها إسرائيل ضد إيران سيكون مسألة مقعدة وعقدة أساسية في النقاشات المحتملة بين تركيا والولايات المتحدة، وخاصة في حال قالت إسرائيل: "يجب أن أحصل على تواجد على طاولة رسم الخرائط الجديدة في سوريا".
ومن جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي، عمر كوش أن التركيز التركي على سوريا الآن يخفي ورائه "مراهنة على أن ترامب قد ينسحب من البلاد كما فعل في ولايته الأولى.وتراجع بعد ذلك إثر ضغوط البنتاغون".
ويعتقد كوش في حديثه لموقع "الحرة" أن "ترامب بولايته الجديدة ربما يكون أكثر تحررا من الضغوط التي واجهها في 2018، وبالتالي يمكنه أن ينفذ ما يراه مناسبا بما في ذلك الانسحاب من سوريا واستكمال الانسحاب النهائي من العراق".
ما المتوقع أميركيا؟لم ينقطع الدعم الأميركي عن "قسد" في شمال وشرق سوريا منذ عام 2015 وما يزال ساريا حتى الآن.
وفي غضون ذلك لا يبدو شكل السياسة التي ستكون عليها إدارة ترامب واضحا، سواء في المنطقة أو في سوريا بالتحديد.
ولكن بالنظر إلى ما حصل عام 2019، هناك تساؤل مفتوح حول ما إذا كان مثل هذا الانسحاب سيكون تدريجيا أو مفاجئا أو حتى ضمن قائمة الأمور التي يجب تنفيذها في عام 2025، كما يقول الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، ريان بوهل.
وبما أن إدارة ترامب ستركز على العديد من القضايا الداخلية، بما في ذلك الهجرة، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت ستبدي اهتماما بالانسحاب المفاجئ من سوريا في العام المقبل، وفقا لحديث بوهل لموقع "الحرة".
ولكن سيكون لدى إدارة ترامب خيار بين انسحاب تدريجي يتضمن التفاوض مع تركيا وسوريا و"قوات سوريا الديمقراطية" (SDF) لمحاولة إيجاد حل حكومي قابل للتطبيق لا يؤدي فورا إلى غزو سوري أو تركي لشمال شرق سوريا.
ومع ذلك يعتبر الباحث الأميركي أن "إدارة ترامب انفعالية.. ولا يزال من الممكن أن يأمر الرئيس المنتخب فجأة بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، خصوصا كرد فعل على حدث سياسي داخلي أو انتقاد من قاعدته، أو نتيجة هجمات تُعتبر جرّا للولايات المتحدة إلى حرب شرق أوسطية أخرى غير مرغوب فيها".
وتوجد عدة عوامل تساعد ترامب على اتخاذ قرار انسحاب جديد من سوريا، كما يرى المحلل السياسي، كوش، ومن بينها الأغلبية التي حصل عليها حزبه في مجلسي النواب والشيوخ.
كما سيكون هناك تغيرات كبيرة في المؤسسات، ولذا يمكن أن يساعده الطاقم الجديد الذي سيختاره على تحقيق رغبته في الانسحاب، وفقا لكوش.
ويتابع: "القيادة التركية تراهن على ذلك، وتعوّل أيضا على العلاقة الشخصية التي تجمع إردوغان بترامب، والتي سمحت لأنقرة تنفيذ عمليتين في عفرين ومدينتين في شمال سوريا (رأس العين، تل أبيض)".
ارتياح أم قلق؟في ورقة بحثية نشرتها الثلاثاء رأت مديرة مؤسسة لـ "مركز الدراسات التركية" في "معهد الشرق الأوسط"، غونول تول أن "فترة ولاية ترامب السابقة في منصبه يجب أن تمنح أنقرة الكثير مما يجعلها تشعر بالقلق في ولايته الثانية".
ورغم أن إردوغان أعرب عن حماسه لنتائج الخامس من نوفمبر لكنه قد يندم على ذلك، على حد تعبير تول.
وتضيف: "من سوريا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، قوضت تصرفات ترامب في ولايته الأولى المصالح التركية. وقد تشكل رئاسة ترامب الثانية تحديات أخرى لأنقرة"، مستندة بذلك إلى عدة اعتبارات.
وبين تلك الاعتبارات أن مايك والتز الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب هو "مؤيد قوي للميليشيات الكردية السورية وكان وراء قرار فرض عقوبات على تركيا في عام 2019".
من ناحية أخرى يشير أستاذ العلاقات الدولية صالحة إلى عامل قلق آخر بالنسبة لأنقرة، ويرتبط بما إذا كان الرئيس المنتخب ترامب قد يعتمد على سياسة جديدة منفتحة أكثر على روسيا.
وقد تنعكس تلك السياسة بالإيجاب على إسرائيل، وتعمل على تقويتها أكثر فأكثر في الملف السوري.
ودائما ما كان الطرح التركي هو الجلوس على طاولة ثلاثية مع روسيا والولايات المتحدة، بحسب صالحة، ويقول متسائلا: "هل تنجح أنقرة بإقناع ترامب وبوتين الآن في ترتيب هذه الطاولة وحسم الكثير من المسائل؟".
وتبرز تساؤلات أخرى تتعلق بشمال شرق سوريا بالتحديد ووضع "قسد"، بينها وفق ما استعرضها صالحة: هل ستقبل تركيا بسحب السلاح وانسحاب "قسد" من شرق الفرات والبقعة الجغرافية التي تتحدث عنها وتكتفي بذلك؟
ويستبعد صالحة أن تقبل أنقرة بذلك، ويوضح أن تركيا عندما تناقش موضوع "قسد" مع واشنطن لن تكتفي بطلب سحب السلاح وتراجعها عن الحدود لمسافة تزيد عن 30 كيلومترا، بل ستثير موضوعا آخرا بشأن طبيعة ما تفكر به واشنطن بخصوص سوريا ككل، سياسيا ودستوريا.
الخاسر والمستفيديعتقد المحلل السياسي كوش أن الخاسر الأكبر في حال اتخذ ترامب مجددا قرار الانسحاب من سوريا سيكون "حزب الاتحاد الديمقراطي" ومخرجاته العسكرية (قسد ومسد)".
ويقول: "في حال حصل أي انسحاب ستكون هذه المخرجات العسكرية في مواجهة تركيا وفصائل المعارضة المنتشرة في غرب الفرات على نحو أكبر".
لكن المحلل السياسي يعيد التأكيد أن "القضية مرهونة بطاقم الإدارة وبما سيقرره ترامب، الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته أيضا".
وباعتقاده أيضا سيشهد الملف السوري تغيرات كبيرة قد يفرضها حصول اتفاق جديد ما بين ترامب ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
ويعتبر الأكاديمي السوري المقيم في القامشلي، فريد سعدون أن "ترامب يعرف بقراراته الارتجالية. هو رجل يعتمد على سياسة براغماتية منفعية، وقراراته مرتبطة بالمكاسب".
لكنه يقول لموقع "الحرة" إنه "توجد الكثير من المواضيع الاستراتيجية ولا يمكن تجاوزها من قبل الإدارة الأميركية الجديدة".
في حال فكّر الرئيس الأميركي المنتخب بترك مناطق شرق الفرات في سوريا "يكون أعطى فرصة ذهبية لبقية اللاعبين (تركيا وإيران، وروسيا)، وبالتالي سيخسر ورقة مهمة في المنطقة"، على حد تعبير الأكاديمي السوري.
كما يضيف: "إذا فكر بالانسحاب وكأنه يساعد من هم في صراع معه على أن ينتصروا ويتغلبوا عليه.. وأن يؤمنوا موارد لتمويل عملياتهم العسكرية وتطبيق سياساتهم في المنطقة".
ومع ذلك، تذهب التوقعات في شمال شرق سوريا إلى أن ترامب لن يكرر ما فعله في 2019، بانسحابه من بعض المناطق، بحسب ما يشير الأكاديمي السوري.
ويعتقد سعدون أنه "ربما تحصل تفاهمات بين الولايات المتحدة وتركيا حول المنطقة الآمنة. أي أن يعمل ترامب على الضغط على قسد لتبتعد عن الحدود دون أن يسمح للأتراك أن ينفذوا اجتياحا بريا".