قالت صحيفة الأحداث السودانية نقلا عن مصادر في الجيش السوداني إن الصليب الأحمر الدولي بدأ مفاوضات مع قوات الدعم السريع، التي تحتل مبنى الإذاعة والتلفزيون في أم درمان منذ بداية الحرب يوم 15 أبريل/نيسان الماضي، بهدف الاستسلام عبر عملية تفاوضية بسبب الحصار المفروض عليها منذ أكثر من شهر.

وأكد مصدر في الجيش للصحيفة أنهم وافقوا على دعوة الصليب الأحمر للتفاوض بسبب وجود أسرى في الإذاعة والتلفزيون، وأضاف أنهم بناء على طلب الصليب الأحمر أجّلوا الاقتحام الذي كان مخططا له الأسبوع الماضي.

وأكد المصدر للصحيفة أنهم رفضوا خروج مقاتلي الدعم السريع بأسلحتهم.

وكانت وحدات من القوات المسلحة وفرق من قوات العمل الخاص التي تتمركز على بعد 500 متر من التلفزيون من الناحية الجنوبية، قد أحكمت حصارها على مباني الإذاعة والتلفزيون، مما قطع الإمداد عن قوات الدعم السريع داخل المبنى.

وكان شهود عيان قدا أكدوا أن قوات الدعم السريع أطلقت بعض الأسرى لديها من داخل الإذاعة والتلفزيون. كما ذكرت الصحيفة أن مجموعة أخرى تحتل منزل زعيم حزب الأمة الراحل الصادق المهدي القريب من مباني الإذاعة والتلفزيون، أبدت هي الأخرى رغبتها في الاستسلام، لكن الصليب الأحمر لم يتوصل معها لاتفاق حتى الآن. وقالت الصحيفة إنها تواصلت مع الصليب الأحمر بشأن هذا الموضوع، إلا أنها لم تتلق ردا منه.

الخارجية تدين قطع الاتصالات

على صعيد آخر، قالت وزارة الخارجية السودانية إن ما سمتها مليشيا الدعم السريع قطعت في الأيام القليلة الماضية الاتصالات الهاتفية وشبكة الإنترنت في أجزاء واسعة من البلاد.

وأضاف البيان الصادر أمس الاثنين أن "هذه الجريمة لها آثار كارثية على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وستفاقم معاناة المدنيين المستمرة".

وأشار البيان إلى أن قطع خدمات الاتصالات والإنترنت يعني توقف التحويلات المصرفية والخدمات المالية الرقمية التي أصبحت شريان الحياة بالنسبة لقطاع كبير من المواطنين في ظل توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية ووسائل كسب العيش، وأضاف أنه يعيق انسياب الخدمات الإنسانية من علاج ومساعدات وجهود إنقاذ العالقين، فضلاً عن تعذر التواصل بين السودانيين في الداخل والخارج وبين الولايات المختلفة.

واعتبر البيان أن ما أسماه "السلوك الإجرامي للمليشيا" يقدم "دليلاً جديدا على أنها تنفذ مخططا كاملا بإشراف رعاتها الخارجيين لتدمير البنيات الأساسية ومقومات الدولة في السودان، والذي تستعين في تنفيذه بمرتزقة أجانب"، بحسب وصفه.

وأشار البيان إلى أن قوات الدعم السريع وضعت يدها من قبل على المراكز الرئيسية لشركات الاتصال، واتهمها بأنها "نهبت وخربت عددا كبيرا من فروع ومعدات شركات الاتصالات خاصة في ولايات دارفور، مما ألحق أضرارا بعيدة المدى بالشبكات هناك".

ودعت وزارة الخارجية المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية والإنسانية وحكومات الدول التي يهمها تحقيق السلام في السودان إلى إدانة "هذه الجريمة البربرية"، حسبما ورد في البيان.

انقطاع عن العالم

وكان خبير ومسؤول سابق في هيئة الاتصالات السودانية قد قال للجزيرة إن قوات الدعم السريع أمرت بالفعل شركتي "سوداني" و"إم تي إن" للاتصالات بقطع خدمات الاتصال والإنترنت عن 36 مليون مشترك في البلاد، لعدم تمكن شركة "سوداتل" من صيانة كيبل شبكة الألياف الضوئية لدارفور بسبب الحرب، مما أدى إلى خروج عدد من ولايات دارفور من خدمة الاتصالات والإنترنت.

وأكد المسؤول السابق في هيئة الاتصالات -الذي فضل حجب اسمه- أن قوات الدعم السريع تسيطر على المناطق التي توجد فيها الخوادم الرئيسية للشركتين، وحذر من أن الإشكال يتعدى انقطاع الاتصالات والإنترنت للتأثير على التطبيقات البنكية، كما أن إغلاق الخوادم الرئيسية بصورة عشوائية أو تخريبها يصعب عملية إعادة التشغيل وربما يتسبب في انقطاع السودان عن العالم تماما لمدة طويلة.

وقال عاملون في شركات الاتصالات بالسودان للجزيرة إن خدمات الاتصالات والإنترنت تواجه مشكلات أمنية ولوجيستية تسببت في توقف شركتين من شركات الاتصالات الرئيسية بالبلاد، فضلا عن خروج ولايات بالكامل من التغطية.

وتوقع المسؤول السابق أن تلحق شركة "زين" الكويتية (المشغل الأكبر في السودان) بشركتي "سوداني" و"إم تي إن" الجنوب أفريقية، مما يمثل تطورا خطيرا في مسار الحرب وانتهاكا واضحا لحقوق الإنسان، على حد قوله.

وعبّرت جهات حقوقية وناشطون سودانيون عن قلقهم من أن يؤثر الانقطاع المستمر للإنترنت، لليوم الثالث على التوالي، على الأوضاع الإنسانية في البلاد، وتهيئة الظروف لارتكاب جرائم جديدة.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) -الذي كان نائبا لرئيس مجلس السيادة قبل اندلاع الصراع- حربا خلفت أكثر من 13 ألف قتيل وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاتصالات والإنترنت الإذاعة والتلفزیون قوات الدعم السریع الصلیب الأحمر

إقرأ أيضاً:

أوضاع مأسوية في الفاشر بسبب حصار الدعم السريع.. شبه مجاعة (شاهد)

تعيش مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي شنت قوات الدعم السريع هجوما عنيفا عليها قبل أيام وتمكنت من حصارها، أوضاعا مأسوية.

وأظهرت فيديوهات أن النازحين في مخيمات الفاشر، وأبرزها زمزم، وأبوشك، وأبوجا، يعانون شحا شديدا في الغذاء والدواء.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن المصابين داخل الفاشر يضطرون لمعالجة أنفسهم بطرق بدائية، ويضمدون جراحهم بقطع قماش بسبب عدم وجود مستلزمات إسعافات أولية.

يقول عيسى سعيد (27 عاما) والد محمد لوكالة فرانس برس، في اتصال عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل: "بمساعدة جارتنا التي كانت سابقا تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف لكن اليد فيها تورّم ولا ينام (محمد) ليلا من الألم".

وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصرة من قوات الدعم السريع منذ أيار/ مايو 2024، فإنّ عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى.

وقد أدّت الهجمات المتكرّرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفا بالمخاطر.

فضلا عن ذلك، تعرّضت جميع المرافق الصحية فيها لقصف أو لهجوم.

ويقول محمد وهو منسّق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر هذا الأسبوع، إنّ مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصرين حاليا في المدينة.

هذا الفيدو يوثق معاناة النازحين الفارين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم للنازحين للحصول علي المياه الصالحة للشرب ١٩ ابريل ٢٠٢٥م، تناشد منظمتي مناصرة ضحايا دارفور و الملاذ الآمن جميع المنظمات للتدخل العاجل لتوفير مياه الشرب، علما بأن هناك عدد من النازحين ماتوا في الطريق… pic.twitter.com/czshVxS1TQ — Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025
"العلاج بما هو موجود"
وكان هو نفسه قد أُصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفذته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي الفاشر.

وبحسب مصادر إنسانية، فإنّ مئات آلاف الأشخاص فرّوا من مخيّم زمزم الذي أعلنت الأمم المتحدة أنّه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.

ويضيف محمد الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنّ "الناس فاتحة بيوتها وكلّ الناس يتلقّون العلاج بشكل خصوصي في البيوت".

في الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.

ويروي محمد أبكر (29 عاما) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله.

ويقول: "حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة وهو نوع من العلاج الشعبي... باستخدام أخشاب وقطع قماش".

ويضيف: "المشكلة أنّه حتى لو تعالج الكسر، فما زالت الرصاصة في رجلي".

وفيما أصبح وجود المعدّات الصحية محدودا للغاية في المدينة، يشير محمد إلى أنّه لو كان هناك مال لكان من "الممكن إرسال من يشتري شاشا أو مسكّنا، هذا إن كان موجودا ولكن بشكل عام لا توجد مستلزمات، يتم العلاج بما هو موجود".


الملح كمطهّر
أسفرت الهجمات الأخيرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيّمات النازحين المحيطة بها، عن مقتل أكثر من 400 شخص، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة الاثنين.

ويمكن لأي هجوم واسع النطاق قد تشنّه قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة، أن يترك آثارا تدميرية عليها.

وفي السياق، تتزايد التحذيرات من مخاطر مثل هذه العملية في منطقة الفاشر حيث يجد 825 ألف طفل على الأقل أنفسهم محاصرين في "جحيم"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

وبعد 11 شهرا من الحصار وعامين من الحرب، بنى الكثير  من سكان الفاشر ملاجئ مرتجلة وكثيرا ما حفروا على عجل حفرا غطوها بأكياس رمل لحماية أنفسهم من القصف.

ولكن لا يتمكّن الجميع من الوصول إلى الأمان في الوقت المناسب.

الأربعاء، سقطت قذيفة على منزل هناء حماد، ما أدى إلى إصابة زوجها في بطنه.

وتقول المرأة البالغة 34 عاما لـ"فرانس برس": "حاولنا بمساعدة جارنا إيقاف النزيف ومعالجة الجرح باستخدام ملح الطعام كمطهّر".. لكنّه "في الصباح التالي، توفي".

من جانبه، يناشد محمد الذي يجد نفسه طريح الفراش "التدخّل العاجل من كل من يستطيع إنقاذ الناس".

والجمعة، دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى إرسال مساعدات إنسانية.

وقال رئيس البعثة راسماني كابوري: "رغم إغلاق الطرق المؤدية إلى الفاشر، فإنه يجب إطلاق عمليات جوية لإيصال الغذاء والدواء إلى مليون شخص محاصرين هناك ويعانون الجوع".

هذا الفيدو يوثق توافد النازحين من الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك بأعداد كبيرة إلى منطقة الطويلة حيث الأمان، لكن التحدي الأكبر يتمثل في نقص الخدمات الأساسية.

Displaced people from El Fasher and the Zamzam and Abu Shouk camps are flocking to the Tawila area en masse, where there is… pic.twitter.com/CrL5qiW1Gw

— Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025

تتواصل عمليات توافد المدنين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم إلي وحدة ادارية كورما معسكر سلك للنازحين ولاية شمال دارفور الفاشر ١٨ ابريل ٢٠٢٥م، تطلق منظمة مناصرة ضحايا دارفور نداء إنساني عاجل لكل المنظمات وصول ٧٠٠ أسرة معظمهم من النساء والاطفال وكبار السن حوالي ٦٠ ألف شخص… pic.twitter.com/eaiVOjfGLs

— Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025

مقالات مشابهة

  • لجان مقاومة صالحة تكشف عن عمليات قتل وتعذيب واعتقالات واسعة بواسطة الدعم السريع 
  • الدعم السريع يستهدف ود الزاكي بالمدفعية الثقيلة
  • هجوم جديد للدعم السريع على الفاشر وتقارير أممية عن انتهاكات مروعة
  • “كمين المندرابة”.. الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بقوات الدعم السريع وضباطه وجميع قواته
  • 30 قتيلا جراء قصف قوات الدعم السريع مدينة الفاشر
  • الدعم السريع يجدد محاولاته غرب أم درمان ويتعرض لخسائر كبيرة
  • نحو 290 ألف نازح في الفاشر والجيش يتهم الدعم السريع بمواصلة قصف المدنيين
  • السودان.. «الدعم السريع» يصعّد الهجوم على الفاشر وسط أزمة إنسانية حادة
  • أوضاع مأسوية في الفاشر بسبب حصار الدعم السريع.. شبه مجاعة (شاهد)
  • هديسون: الإجراء الأكثر جدية هو فرض عقوبات من جانب الأمم المتحدة على قيادة قوات الدعم السريع.