مئات المساجد التاريخية تضمها شوارع مصر، ما بين قاهرة المعز ومحافظات الصعيد ومحافظات الوجه البحري، تضم العديد منها بين جدرانها أضرحة بعضها لأولياء الله الصالحين، وأخرى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن القاسم المشترك بين العديد من تلك المساجد والأضرحة أن هناك العديد من الروايات المتعلقة بصاحب أو صاحبة المقام، بل وتاريخ الإنشاء.

الإنشاد الديني يطوف مساجد آل البيت الأوقاف تفتتح 4 مساجد بعد إعادة الإحلال والتجديد بالفيوم

 ويعد ضريح ومسجد أم الغلام بحي الحسين بالقاهرة واحد من أهم الأضرحة المختلف عليها ليس فقط من حيث تاريخ الإنشاء ولكن أيضًا حول شخصية السيدة الذي يحمل اسمها الضريح والممر الموجود به. خلف مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي أحد الممرات الضيقة التى لا يعرفها إلا دائمي التردد على المشهد الحسيني، تجد لافتة خضراء كبيرة الحجم مكتوب عليها "مقام السيدة فاطمة أم الغلام والسيدة فاطمة بنت الإمام الحسن" إلا أن اللافتة لا تحمل تاريخ محدد لإنشاء الضريح، وما إن تنزل درجات الضريح حتى تجد غرفتين إحداهما للسيدة فاطمة بنت الإمام الحسن بن على، وزوجة الإمام علي زين العابدين، أما السيدة الثانية وهي فاطمة أم الغلام، والتي يسمى الممر والضريح باسمها

 فقد اختلفت الروايات حول تعريف شخصيتها، بالإضافة إلى لوح معلق داخل الضريح حول قصة قدوم رأس الحسين إلى القاهرة، يوجد بذات الضريح لوح أخر يذكر أن السيدة فاطمة أم الغلام، هي زوجة الإمام الحسين الفارسية، شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد"، وهي إحدى بنات كسرى ملك الفرس، وقد زوجها الإمام على رضى الله عنه، لابنه الحسين فى حضور عمر بن الخطاب، وكانت قد أسرت خلال فتح المسلمين لبلاد فارس، وطلب علي بن أبي طالب من عمر بن الخطاب إعتاقها وأخريات وقعن في الأسر، لتغيير اسمها عقب دخول الإسلام إلى فاطمة وأنجبت الأمام على زين العابدين الملقب بـ"علي الأصغر".

 وأما سر وجود لافتة بالضريح تروي قصة دخول رأس الإمام الحسين بن علي للقاهرة، فوفقَا للروايات الصوفية فإن رأس الإمام الحسين قد دخلت لمرقده الحالي، من خلال ممر بضريح أم الغلام ويصل ذلك الممر إلى مسجد الحسين. ورغم أن تلك الرواية تبدو الأقرب للتصديق، إلا أن التاريخ المكتوب على جدران المقام، ينفيها، فقد كُتب على الضريح أنها دفنت عام 702 من الميلاد، بينما زواج الحسين من شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد"، لم يتم إلا عقب معركة نهاوند سنة 642 ميلاديًا أي بفارق 60عامًا، فمن غير المعقول أن تكون هي صاحبة المقام. 

أما الرواية الثانية والمتداولة أيضًا أنه في القرن الخامس عشر، أقام السلطان الأشرف إينال السيفي مدرسة تحمل اسمه في ذات المكان، ورفض القائمون عليها الرواية المنتشرة في ذلك الوقت بإن سيدة قبطية كانت تمر مصادفة خلال أحداث معركة كربلاء بين الحسين وأصحابه وجيش يزيد بن معاوية، ورأت رأس الإمام الحسين فأخذتها وضحت برأس رضيعها ووضعتها في ذات المكان وغطتها حتى تستطيع الهروب برأس الحسين، ودفنت الرأس بالقاهرة، ورفض القائمين على مدرسة السيفي تلك الرواية لأن القاهرة التي أسست على يد جوهر الصقلي قائد جيوش الدولة الفاطمية، لم تكن قد أسست في ذلك الوقت وهناك فارق زمني 4 قرون بين موقعة كربلاء وتأسيس القاهرة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المساجد التاريخية الإمام الحسین

إقرأ أيضاً:

حكاية المدرسة الدستورية بالقدس

في تاريخنا الفلسطيني النهضوي قبل النكبة ثمة ظواهر ثقافية تربوية حدثت، ولم ينتبه لها أحد بما يكفي، وبقيت للأسف في متحف الذاكرة يعاد لها فقط للاستشهاد السريع من قبل باحثين صغار متسرعين يبحثون عن التخرج، يقعون في التحليل الديكوري القشري لا التاريخي العلمي الوطني العميق.

من هذه القصص الملهمة قصة تأسيس المدرسة الدستورية في القدس، والتي تأسست عام 1909 وسمّيت بالدستورية تيمنا بالدستور العثماني الذي صدر عام 1908، وفتح المجال واسعًا لتأسيس المدارس والأحزاب والصحف، الواقع هو أن الحديث عن المدرسة الدستورية لن يكتمل، ولن يكون منه فائدة دون أن نربط هذا الحديث مع صاحب فكرة المدرسة ومؤسسها المربي والمثقف الكبير خليل السكاكيني، هذا العظيم الذي ألهمت نظرياته التربوية والفكرية المئات من المثقفين والمعلمين الفلسطينيين والعرب.

ولد في مدينة القدس في الثالث والعشرين من شهر يناير في عام 1878، وتلقّى تعليمه في مدارسها ثم التحق أولا بمدرسة الروم الأرثوذكس، ومن بعدها انضمّ إلى مدرسة (C.M.S)، وبعد تخرجه منها التحق بمدرسة صهيون الإنجليزية، وتعلّم الأدب على يديّ المربّي نخلة زريق. وفي عام 1907، وبعد وفاة والده سافر إلى بريطانيا وثم إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة لدراسة التربية، لكنه ولأسباب مالية لم يتمكن من إتمام تعليمه وقرّر العودة إلى مسقط رأسه سنة 1908. وخلال وجوده في أمريكا عمل السكاكيني مترجمًا ومدرِّسًا للّغة العربيّة، كما كتب عدة مقالات في المجلات العربيّة الأدبيّة الصادرة هناك، عاد خليل الى القدس عام 2008 انتهازًا لفرصة صدور دستور الحريات، وقرر تطبيق نظرياته وخبراته التربوية في تأسيس مدرسة خاصة لها دستورها الخاص ومنهجها المفارق لكل مناهج المدارس الأخرى، واتصل المؤسس بثلاث شخصيات مهمة ليشاركوه تأسيس هذه المدرسة: علي جار الله وافتيم مشبك وجميل الخالدي، خليل كان مدير المدرسة التي كانت تعنى بموضوعات لم تكن مألوفة في المشهد التعليمي الفلسطيني كالتمارين العسكرية والصراع ( الملاكمة)، تنشئ المدرسة الأولاد حسبما جاء في دستورها على الاخلاق والقوة الجسدية وعاطفة الإخاء والشجاعة والوطنية، ولعلّ أهم صفة امتازت بها المدرسة هو عدم إيمانها بالعقاب البدني وغير البدني ورفضها أسلوب التقييم بالعلامة، والامتناع عن زجر الطالب، وتعنيفه حتى بالكلام، شعار المدرسة كان (إعزاز الطالب لا إذلاله). أما دروس المدرسة فهي: التصوير والموسيقى اللغة العربية والتركية، الإنجليزية، الفرنسية وأيضًا كانت تدرس الرياضيات والجغرافيا وتاريخ، الطبيعيات، والأصول التجارية و المدنية، والمبادئ الدينية، الصحية، والحركات العسكرية.

كانت المدرسة ليلية التوقيت، ومن سياستها عدم التمييز بين الناس، فاستقبلت الطلاب من كل الطوائف، وكان فيها يهودي واحد، وهي المدرسة الوحيدة التي استحدثت فرعًا للأطفال من سن 4 إلى 7 وسمي (ببستان الأطفال) ولربط الطلاب بمجتمعهم تم تأسيس فرق للنظافة والصحة والقراءة، ومهمة الطلاب نقل هذه الخبرات الى مدنهم وقراهم. كان خليل السكاكيني يرغب في إحداث انقلاب في روح التعليم، وقد كان بشهادة الكثيرين أحد أهم من أحدثوا تغييرًا عميقًا في بنية التعليم العلماني البعيد عن المحددات الطائفية والدينية والعشائرية، والذي يتكئ على التفكير الحر، والاعتزاز بالذات، والنقاش والتحليل والربط، ورفض اسلوب الحفظ والتلقين. يقول الباحث الفلسطيني ماهر الشريف: (طمح خليل السكاكيني إلى أن يزرع في مجتمعه الفلسطيني، عبر اشتغاله في حقلي التربية والتعليم، بذور حداثة جوّانية حقيقية، لا يجمعها جامع بالتحديث البرّاني، وذلك بعد أن أدرك أن هذه الحداثة التي ولدت في الغرب، تحوّلت، مع الوقت، بفضل مساهمات شعوب وأمم غير غربية، إلى مكتسب إنساني وإلى سيرورة تغتني باستمرار؛ فعظّم شأن النزعات العلمية والعقلانية والإنسانية، وروّج قيم الحرية والمواطنة والوطنية والعلمانية، معتقدًا، اعتقادًا راسخًا، بأن تمثّل العرب والفلسطينيين هذه النزعات والقيم لا ينال من هويتهم الثقافية ويضعفها بل يعمقها ويعززها.).

عام 48 اقتحم أعداء الحياة (حي القطمون) القريب من القدس ونكّلوا بسكانه قتلًا وطردًا، فاضطر السكان الى الرحيل عن أكثر أحياء القدس جمالًا وثراء، كان آخر من رحل هو خليل السكاكيني وعائلته، تاركًا مكتبته الضخمة التي عشقها واعتنى بها كطفل، وقد تم نهب المكتبة من قبل لصوص التاريخ والحياة ونقلها إلى الجامعة العبرية. في مصر عاش خليل ثلاث سنوات فقط، مات بالسكتة القلبية، ودفن هناك.

رحم الله مؤسس المشهد التعليمي الحداثي في فلسطين، المثقف الكبير الذي لم يكن ابن زمانه، كما وصفه الكاتب مالك ريماوي، كان آتيًا من زمن مستقبلي، لهذا كان الاغتراب عنوان حياته وكتبه وحتى سعاله الصباحي.

مقالات مشابهة

  • رئيس الكونغو يضع إكليلا من الزهور على ضريح الجندي المجهول في موسكو (فيديو)
  • أبرز المساجد التاريخية لآل البيت
  • حكاية المدرسة الدستورية بالقدس
  • حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
  • إمام مسجد الحسين: ابعدوا عن أصحاب الطاقة السلبية (فيديو)
  • إمام مسجد الحسين يحذر من التشاؤم في الحياة: النبي حذرنا منه (فيديو)
  • حرّاس الكتب
  • بنعش وهمي .. 3 محتالين يخدعون إمام مسجد ويفرون بأموال المصلين
  • رسميا: ستاد الحسن يستقبل نهائي كأس الأردن
  • ستاد الحسن يحتضن نهائي كأس الأردن وتحكيم اجنبي للقاء