صفعة للعدلية...خطوة غير مجدية ومخالِفة للمساعدين القضائيين
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
"العيش الكريم" هو كل ما يطلبه المساعدون القضائيون الذين انضموّا الى موظفي القطاع العام وصعدوا الى قطار الإضراب مجدداً. هؤلاء وكسائر موظفي القطاعات العامة لا يزالون يتقاضون أساس راتبهم على دولار الـ1500.. أجور بزمن الغلاء لا تتعدى سقف الـ250 دولاراً، عليهم "تمشية الحال" بها بانتظار حوافز جديدة "عادلة" تقيهم العوز والموت لعدم القدرة على الاستشفاء.
ولأن الوضع لم يعد مقبولاً وبات يتطلّب "هزةّ" تحرّك قضيّتهم "المنيّمة"، بدأ المساعدون القضائيون إضرابهم يوم الخميس الماضي، موجهين صفعة جديدة للقضاء أربكت محاكمه وشلّت العمل بأروقة دوائره. فمنذ بدء الاعتكاف، امتنعت النيابات العامة عن تسجيل الدعاوى والمراجعات وعن إعطاء أذونات لمواجهة الموقوفين والسجناء. كما توقفت جلسات المحاكمة لدى "التمييز" الجزائية والمدنية و"الجنايات" و"الاستئناف" و"البداية". وتعطلت أيضاً دوائر التحقيق التي استثنت المراجعات الملحة فقط.
"زودة" وإضافات غير مشروطة وإلًا!
توضح رئيسة قلم، وهي من الذين رفضوا المشاركة بالإضراب رغم الإجحاف الذي يعاني منه المساعدون القضائيون، في حديثها لـ"لبنان 24" أنها تفضل مزاولة عملها بدل تعطيل المسار القضائي واستمرار توقيف الأفراد"، مؤكدة أحقيتها وزملائها بالحصول على مطالب اعتبرتها أساسية وضرورية في ظلّ الغلاء المعيشي الحاصل.
وتقول: "نطالب ككل موظفي القطاع العام بزيادة رواتبنا، فنحن نتلقاها عالـ1500 ويجب أن تعدّل بما يؤمّن العيش الكريم. وان يضاف الى الأجور، عن كل يوم حضور ما لا يقلّ عن مليون ليرة لبنانية كحوافز عدا بدل النقل الذي يجب ان يكون 900 ألف ليرة لبنانية"، مضيفة: "أيضاً نطالب برفع الرواتب لتصل الى الـ10 أضعاف. إضافة الى الطبابة والاستشفاء وهذه في أولوية سلم المطالب".
كما ترفض رئيس القلم سياسة الإرغام والترغيب التي قد تعتمد، قائلة: "يجب ألّا يشترطوا عدد أيام الحضور للحصول على بدل النقل والحوافز، أي ان يحصل الموظف على راتبه وفق الأيام التي حضر بها الى مركز عمله". وتكمل: "الحوافز والإضافات التي نحصل عليها الآن نطالب أن تدخل في صلب الراتب وان تقرّ سلسلة رتب ورواتب جديدة لكلّ القطاع العام".
صفعة "مُشلّة".. ما هو دور المساعد القضائي؟
خطوة المساعدين القضائيين شكّلت "صفعة" للقضاء، لتأثيرها المباشر في سير عمل المحاكم. وللاطلاع أكثر على تداعيات هذا التحرّك التحذيري، كان لـ"لبنان 24" حديث مع المحامي جوزيف كرم، الذي فنّد مهام هؤلاء.
ويوضح كرم أن "المساعدين القضائيين يتألفون من رؤساء أقلام، رؤساء كتبة، كتبة، مباشرين ومستكتبين بدوائر الدولة ويتمّ اختيارهم نتيجة مباراة يحدد شروطها وزير العدل، بالإضافة الى استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية وهم يخضعون للشروط العامة للتوظيف".
وعن الوظائف التي يقومون بها، يقول كرم: "يتولى هؤلاء الأعمال القلمية المنصوص عنها بالقانون، إضافة الى سائر الاعمال التي يتطلبها سير العمل في الدوائر القضائية والادارة المركزية ووزارة العدل".
ويكمل مفسراً دور المساعدين القضائيين، بالتفصيل، كلّ بحسب وظيفته: "يتقبّل رئيس القلم او من ينوب عنه من الكتاب كل الاستحضارات والاستدعاءات واللوائح والمستندات ويعطي ايصالا بها ويقيدها بعد استيفاء الرسوم القانونية. ويرتب لكل قضية ملفّاً لما نصت عليه المادة 448/ المادة 389.
يتابع: "يجب أن يساعد المحكمة في جلسات المحاكمة والتحقيق والمعاينة، تحت طائلة البطلان، كاتب يتولّى تحرير المحضر والتوقيع عليه"، مضيفاً: "يتولى كتاب المحاكم عموماً ترتيب وحفظ ملفات القضايا وتنظيم جدول الجلسات ومحاضر المحاكمة والسجلات المخصصة لقيد الدعاوى وتسجيل الأحكام والقرارات سواء أكانت قضائية او رجائية، ويعطي رئيس القلم أو من ينتدبه من الكتاب صورة طبق الأصل صالحة للتنفيذ عن الحكم".
أما المباشرون فيتوّلون القيام بالتبليغات والمناداة على الخصوم أثناء الجلسات وسوى ذلك من الأعمال المادية التي تكلفهم بها المحكمة. والمستكتبون يتولّون استنتساخ الأحكام والقرارات القضائية.
لذا، يؤكّد كرم أن "الاستمرار بالإضراب يؤدي حكماً الى شلل في المرفق القضائي لجهّة عدم التمكّن من تقديم الدعاوى، عدم التمكّن من متابعة الدعاوى المقدّمة، عدم تمكّن القضاة من إصدار الاحكام حتى في حال جهوزيتها، تراكم ملفّات في العدلية، خسارة بعض أصحاب الحقوق لحقوقهم وخصوصاً من يريد وضع إشارات حجز لمنع المدين من تهريب أمواله". ويضيف: "كما ان هذا الاعتكاف يضرّ بالموقوفين، لأنه يؤدي الى استمرار توقيف الأشخاص بالرغم من انتهاء مدّة التوقيف".
خطوة ناقصة ومخالفة للقانون
"الاضراب لا يجدي"، هذا ما يؤّكده المحامي جوزيف كرم، معتبراً أن "إيقاف عمل المحامين لا ينفع وحقوق الافراد في المحاكم مقدس"، مشدداً على ان "للموظفين حقوق والدولة مسؤولة عن تأمين معيشة محترمة لهم والمسؤولية بكيفية ترشيد الانفاق وإعطاء كل صاحب حقّ حقّه على عاتق الدولة اللبنانية".
ويوضح كرم أن "المساعدين القضائيين هم موظفون عامون والاضراب لا يجوز لهم ومخالف للقانون"، مشيراً الى أنه "يمكن للدولة اتخاذ اجراءات قانونية بحق كل موظف يشارك بالإضراب. كما يمكنها اتخاذ قرار بفتح باب التوظيف مجددا من خلال مجلس الخدمة المدنية ومجلس العدل ضمن الشروط التي تتناسب وإمكانيتها".
ويضيف: "بمطلق الأحوال الدولة عاجزة في هذه المرحلة عن تأمين "زودة" للمعاشات أو حتى عن تأمين مخصصات للمساعدين القضائيين". ويكمل: "الإضراب اليوم هو أكثر ضرراً من أي وقت آخر وأعتقد ان هناك سبلا آخرى لنيل الحقوق ومن أهمها العمل على إيصال سلطة نزيهة تهتمّ بالمواطن ومصلحة الموظفين".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
محامون: خطوة كبيرة نحو تحديث النظام القانوني
دبي: محمد ياسين
أكد محامون أن قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات، يعد خطوة كبيرة نحو تحديث النظام القانوني ويزيد حماية حقوق الأفراد في قضايا الأسرة، موضحين أن التغييرات الجديدة تتناول جوانب عدة، من بينها تنظيم قضايا الطلاق والحضانة والنفقة، وتوفير ضمانات إضافية للمرأة والأطفال، ورغم أن التعديلات تحمل العديد من الفوائد، كما أكدوا ضرورة انتظار اللائحة التنفيذية التي ستوضح آليات تطبيق القانون.
قال المحامي بدر عبدالله خميس، إن المرسوم بقانون اتحادي الجديد بشأن الأحوال الشخصية، يعكس تطوراً قانونياً كبيراً في دولة الإمارات، لكنه في بعض النقاط يحتاج للمزيد من النقاش المجتمعي لضمان تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، مشيراً إلى أن رفع سن انتهاء الحضانة إلى 18 عاماً للذكور والإناث خطوة إيجابية في مصلحة المحضون.
وأضاف أن العقوبات المستحدثة في القانون، مثل الحبس أو الغرامة التي تصل إلى 100 ألف درهم على من يسيء أو يهمل والديه، تعكس التزام المشرع بحماية القيم الأسرية، لكنها بحاجة لتوعية مجتمعية لضمان تطبيقها بوعي دون استغلالها في نزاعات أسرية. وأوضح أن هذه العقوبات تظهر حرص الدولة على تعزيز العلاقات الأسرية والاهتمام بكبار السن، الذين يحتاجون إلى حماية قانونية قوية.
يقوي حقوق المرأة
قالت المحامية ميثاء طالب خميس، إن المرسوم يعكس حرص المشرع الإماراتي على حماية الأسرة بوصفها نواة المجتمع، مؤكدة أن القانون يدعم حقوق المرأة بشكل خاص، من خلال منحها الحق في الزواج بكفئها دون الحاجة لموافقة الولي في بعض الحالات، وهو ما يعكس احترام الدولة لاستقلالية المرأة وحقها في اتخاذ قراراتها المصيرية.
وأضافت أن الأحكام المتعلقة بتنظيم الطلاق تعد خطوة هامة في حماية حقوق الزوجة، حيث يلزم القانون الزوج بتوثيق الطلاق خلال مدة أقصاها 15 يوماً من وقوعه، ويمنح الزوجة حق المطالبة بتعويض يعادل النفقة إذا أخلّ الزوج بهذا الالتزام. مشيرةً إلى أن هذه التعديلات تعكس اهتمام القانون بتوفير ضمانات قانونية قوية للمرأة في حالات الانفصال، بما يحفظ كرامتها وحقوقها.
يقوي حقوق الطفل
أوضح المحامي علي مصبح، أن رفع سن الحضانة إلى 18 عاماً للذكور والإناث وتوحيدها يمثل نقلة نوعية في تحقيق مصلحة الطفل، حيث يأخذ القانون بعين الاعتبار احتياجات المحضون وحقه في الرعاية حتى سن الرشد. وأن هذا التعديل ينسجم مع المعايير العالمية يقوي حقوق الأطفال في بيئة أسرية مستقرة.
وأضاف أن منح المحضون الحق في اختيار الإقامة عند بلوغه 15 عاماً يمثل خطوة إيجابية تدعم استقلالية الطفل واحترام رغباته، مما يعظم من ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة، وأكد أن هذه الأحكام الجديدة تراعي التغيرات التي طرأت على المجتمع الإماراتي وتوفر حلولاً عملية تلبي احتياجات جميع الأطراف المعنية.
وأوضح أن تمكين المرأة من الزواج بكفئها دون الحاجة لموافقة ولي الأمر في بعض الحالات يعد خطوة كبيرة نحو تحقيق المساواة، ويؤكد أهمية احترام رغبات المرأة وتقوي من استقلاليتها ضمن الإطار القانوني والاجتماعي.
قفزة نوعية
قال المحامي سعيد الطاهر، إن القانون الجديد يحقق قفزة نوعية في تنظيم العلاقات الأسرية، خاصة من خلال وضع ضوابط دقيقة لعقد الزواج، مثل اشتراط اكتمال الأهلية ببلوغ سن 18 عاماً للذكور والإناث، مع إعطاء القاضي صلاحية الموافقة على الزواج لمن هم دون هذا السنّ وفق ضوابط محددة.
وأضاف أن اشتراط الكفاءة عند انعقاد الزواج، ومنح المرأة الحق في فسخ العقد إذا ثبت أن الزوج قد ادعى الكفاءة زوراً، يمثلان ضمانات مهمة لحماية حقوق المرأة واستقرار العلاقة الزوجية.
وأوضح أن النصوص الجديدة بشأن الطلاق تعكس رؤية متوازنة تراعي حقوق الطرفين، حيث أوجب القانون توثيق الطلاق خلال 15 يوماً من وقوعه، ومنح المرأة تعويضاً يعادل النفقة إذا تأخر التوثيق، كما لفت إلى أن الحالات التي لا يقع فيها الطلاق، مثل طلاق المُكرَه أو الغاضب بشدة، تهدف لتقليل النزاعات غير المبررة وتجنّب انفصال الأسرة دون أسباب منطقية.
تقدير النفقة
قال المحامي عبدالله الصحوة الحبسي، إن التشريعات الجديدة بشأن النفقة تعد خطوة هامة في حماية حقوق الزوجة والأبناء، حيث حدد القانون أسّس تقدير النفقة بناء على الضروريات والوضع الاقتصادي، مع إمكانية زيادتها أو تخفيضها حسب تغير الظروف، وأشار إلى أن إلزام الزوج بالنفقة وتشمل الغذاء، والكسوة، والعلاج، والتعليم يعكس التزام القانون بضمان حياة كريمة للمرأة والأسرة.
وأضاف أن القانون الجديد عزز من حقوق المرأة بمنحها الحق في اللجوء للمحكمة إذا اعترض وليها على زواجها، وحرص على ضمان استقلال ذمتها المالية، وأوضح أن النصوص التي تمنع الزوج من التصرف في أموال زوجته دون رضاها تمثل نقلة نوعية في تعزيز استقلالية المرأة وحمايتها من أي استغلال مالي.
تفسير المواد
قال المحامي الدكتور سالم المعمري، إن هذه التعديلات أثارت العديد من الأسئلة من قبل الناس، إلا أن الإجابة في الوقت الحالي قد تكون غير دقيقة، وأوضح أن القانون لن يعمل به إلا بعد ستة أشهر من نشره في الجريدة الرسمية، مؤكداً أنه في مثل هذه الحالات، ننتظر اللائحة التنفيذية التي تشرح وتفسر المواد القانونية.
وأضاف أن القانون الجديد يتناول عدة قضايا هامة، وهو يعتقد أنه سيعزز بشكل كبير من تنظيم الحياة الأسرية ويحل العديد من الإشكاليات التي يواجهها الأطراف في النزاعات الأسرية، خصوصاً فيما يتعلق بالطلاق والحضانة، وأشار إلى أنهم لا يزالون في انتظار اللائحة التنفيذية.
وأوضح أنه على سبيل المثال، القانون يتيح للأطفال عند سن 15 عاماً اختيار العيش مع أحد الوالدين، إلا أن آلية تنفيذ هذا الحق غير واضحة حتى الآن، هل سيكون ذلك عبر المحكمة أم لجان خاصة تلتقي بالأطفال وتعد تقارير عن رغباتهم؟ وأكد أن هذه مجرد مسألة واحدة من العديد من الأمور التي ينتظر أن توضحها اللائحة التنفيذية، وقد يتغير بعض المفاهيم بناء على ما سيتم تحديده فيها.
وفيما يتعلق برضا الأطراف، أشار إلى أنه من الصعب دائماً إرضاء جميع الأطراف، ولكن من وجهة نظره القانونية، يعتبر أن هناك جوانب إيجابية في القانون الجديد التي قد تساعد في حل بعض المشاكل الحالية. مؤكداً أن المشرع قد تعامل مع معظم القضايا الشائكة التي كانت موجودة في القانون القديم، وعمل على معالجتها بشكل إيجابي.