من مدير ملهى ليلي إلى رئيس لفترة ثانية في السلفادور!
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
كما كان مُتوقعًا، وفي سابقة تاريخيّة لم تشهدها السلفادور من قبلُ، حسم رئيسُها الحالي، ذو الأصول الفلسطينيّة نجيب بوكيلة، نتيجة السباق الانتخابي الرئاسي والتشريعي في بلاده بفوز ساحق تجاوز 85%، وسجّل حزبه الفتيّ "أفكار جديدة"، نتيجةً مدوية، حيث تجاوز 90% من مقاعد البرلمان.
ورغم أن هذه النسب تُذكرنا بنتائج الانتخابات الفاقدة للنزاهة، فإن المراقبين الدوليين لم يسجلوا أيَّ إخلالات تُذكر في عملية الاقتراع، وهو ما جعل الرئيس بوكيلة ينتشي بوصفها: "سابقة في تاريخ ديمقراطيات العالم"!
أكّدت النتيجة – بما لا يدَعُ مجالًا للشك – أن رهان الرئيس بوكيلة، المتمثل في تحقيق الأمن للسلفادوريين، مهما كان الأسلوب، كان الورقة الرابحة التي ضمنت فوزه بفترة رئاسية ثانية، وتحوّل بها إلى "مدرسة حُكم" في عيون السواد الأعظم من باقي الشعوب اللاتينية التي استبدت بها وبحكوماتها، بلطجة عصابات المخدِّرات والجريمة المنظمة.
لكنّه "ظاهرة" تختلط فيها الشعبوية بالدكتاتورية، في نظر منتقديه من النخب والحقوقيين داخل السلفادور وخارجها. وهو "الدكتاتور الأروع" كما قدّم نفسه، في بداية حربه على العصابات، و"دكتاتور الأجيال الصاعدة"، كما وصفته الصحافة الإسبانية.
في الحقيقة، يعتبر الرئيس بوكيلة على المستوى الشخصي والسياسي، حالة مثيرة للمتابعة، أقلّ ما يقال عنها أنها أسست لفكرة "النجومية السياسية"، من خارج القطبية الحزبية التي حكمت السلفادور لمدة 30 سنة متواصلة قبل تولّيه الرئاسة في 2019، وبعيدًا عن الوصاية الأميركية الظاهرة، على بلدان القارّة.
وهو تحدٍّ، حقّقه خلال مسيرة سياسية فائقة السرعة، ومثّل صفعة تاريخية لحزب الجبهة الوطنية للتحرير الوطني، الذي بدأ معه مشواره السياسي في 2012، ورفض تزكيته للترشح باسمه لانتخابات 2018 الرئاسية؛ استهانة بقدراته، ما دفعه وقتها لتأسيس حزبه الحالي "أفكار جديدة".
ولم يغفر الرئيس بوكيلة بعدها، تلك الاستهانة من حزب الجبهة، وحافظ على معارضته للخَصم اليميني "أرينا"، ليردّ الصفعة ثانية من خلال حصول حزبه على 56% من مقاعد برلمان 2021، وها هو اليوم يقترب من التهام جميع المقاعد في انتخابات الأحد الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن فترة الرئاسة في السلفادور تمتد على خمس سنوات، أما الفترة البرلمانية، فتمتد على أربع سنوات. زيادة على ذلك، قام الرئيس بوكيلة بتقليص تركيبة البرلمان من 84 مقعدًا إلى 60 هذه المرة.
من جهة أخرى، تتوقّع استطلاعات الرأي، فوزًا كاسحًا لحزب الرئيس بوكيلة في الانتخابات البلدية التي ستُجرى بعد أربعة أسابيع من الآن، والتي قام الرئيس أيضًا بتعديلات جذرية في تركيبتها، وهو ما وصفته المعارضة بأنها تعديلات خبيثة، تنطلق من إعادة توزيع جغرافي، مدروس بعناية يضمن فوز حزب "أفكار جديدة" بأغلبية البلديات.
أزمات اقتصاديةيعتبر منتقدو الرئيس بوكيلة أنّ حربَه على عصابات المخدِّرات والجريمة المنظمة، واحتجازَ أكثر من 70 ألفًا من عناصرها، وبناءَه أكبر سجن في القارَّة الأميركية بإمكانات مراقبة تقنية عالية الجودة، ويتسع لأربعين ألف سجين، هي مجرد "إستراتيجية شعبوية" اتّبعها الرئيس بوكيلة بعد إمساكه بزمام منصب الرئاسة واطمئنانه على مقاعد حزبه في البرلمان في أواخر 2021.
غير أن أهدافه البعيدة لم تكن تقتصر على القضاء على العصابات، بشكل أساسي، وإنما وعيه بأن ذلك هو الطريق الأضمن للترشح لولاية ثانية.
يقول موقع "إل فارو" المعارض: إن مدّة الشعور بالفرحة لدى 7 ملايين سلفادوري، ارتاحوا من شبح القتل العشوائي والابتزاز والترويع الذي كانت تمارسه عليهم العصابات، يمكن أن تمتد سنتين على أقصى تقدير، وهو ما خطط له الرئيس بوكيلة.
بعدها ستحضر بشكل مُلحّ المسألة الاقتصادية، ومشاكل البطالة والصحة والتعليم، لكن الرئيس بوكيلة سيكون حينها في ولايته الثانية، ولن يأبه بمدى نجاحه في حلّها، لأنه لم يُظهر أيّ مؤشرات بشأنها في فترته الأولى.
زيادة على أن مغامرة البيتكوين التي اعتمدها، كعملة موازية للسلفادور بمجرد توليه الرئاسة في 2019، تسبّبت في خَسارة فادحة للبلاد، مع انهيار قيمة العملة الرقْمية عالميًا في 2022.
حملة مصطنعةعلى صعيد آخر، يشكك بعض المنتقدين أيضًا في أن الحرب على العصابات، كانت عبارة على حملة بوليسية تمّ تضخيمُها، لإشباع تعطّش السواد الأعظم من الشعب إلى الانتقام من العصابات.
فقد بثّت القناة الحكومية الإسبانية تقريرًا منذ ستة أشهر، حصلت من خلاله على شهادة لشرطي سلفادوري، اعترف بأنّ الحكومة تُجبر كل فريق على اعتقال عشرة عناصر من العصابات، يوميًا، وإن لم ينفذوا المهمة فإنهم مطالبون بالقبض على أي مشتبه، فقط بهدف تحقيق المعدل.
وهذا ما يعزّز رواية منظمات حقوقية عديدة وعائلات كثيرة في السلفادور، اتهمت الحكومة بالقبض على أبنائهم – بالباطل – رغم أنهم لم ينتموا يومًا إلى العصابات.
وترى المنظمات الحقوقية والمعارضة، أن الرئيس بوكيلة ينتهج هذا الأسلوب للتغطية على تجاوزاته على الديمقراطية في البلاد، وسعيه للاستئثار بجميع السلطات، وخنق المعارضة.
ويرى كل منتقديه أن إقالته للمدعي العام منذ أربع سنوات وتدخله في تعيين أغلبية جديدة حليفة من قضاة المحكمة الدستورية، ثم إحداث ثغرة في الدستور مكّنته من الترشح لولاية ثانية، هي أوضح الدلائل على نهجه الدكتاتوري، وما زال البعض يعتبر أن فوزه الأخير باطلًا؛ لأن القانون السلفادوري لا يسمح بفترتين رئاسيتين على التوالي، وأن الثغرة مفتعلة.
لا عصابات ولا ديمقراطيةفي الحقيقة، تتميز شخصية الرئيس بوكيلة بخاصيات، خوّلت لها هذا الإشعاع، برغم الانتقادات. فالشاب ذو الأصول الفلسطينية هو خامس أبناء رجل الأعمال والمهندس الراحل أرماندو بوكيلة، الذي كان يفتخر في حياته بأن معدل ذكائه العلمي يفوق ذكاء أنشتاين، وتتداول الصحافة السلفادورية أن "الكاريزما" والذكاء هما صفتان متوفرتان لدى جميع أفراد عائلة بوكيلة.
ويبدو أن هذا ما ساعد الرئيس بوكيلة في تسلّق سُلّم النجاح والشهرة بسرعة فائقة. حيث عُرف عنه أن أول منصب تنفيذي تقلده، كان إدارة ملهى ليلي، أسس بعدها شركة دعاية ضخمة، ثم انطلق في مشواره السياسي في 2012 بعمادة بلدية قريبة من العاصمة، بعدها فاز بعمادة العاصمة، ثم أفصح عن نيته في الترشح للرئاسة، ونالها. وقد كان طوال المسيرة واثقًا من طموحاته، بشهادة حلفائه وخصومه.
في الوقت الذي تلخّص فيه المعارضة مرحلة الرئيس بوكيلة بعنوان: "لا عصابات ولا ديمقراطية"، وتعتبر أن الرئيس لا ينوي إنهاء قانون الطوارئ الذي فرضه منذ مارس/ آذار 2022.
أثبت أغلب المجتمع السلفادوري أنه محتاج للأمان قبل الشغل والديمقراطية، حتى وإن طال سوط الحكومة أبرياء بالخطأ.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إخفاق توقعات ليلي عبد اللطيف عن الفائز بالانتخابات الأمريكية.. ماذا قالت؟
تابع العالم ماراثون الانتخابات الأمريكية 2024، التي شهدت منافسة شرسة بين المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وفاز بها «ترامب» ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، وذلك بعد ساعات من توقعات ليلى عبداللطيف بشأن الفائز في الانتخابات الأمريكية
توقعات ليلى عبداللطيف عن الانتخابات الأمريكيةوفي عشية الانتخابات الأمريكية، خرجت سيدة التوقعات الشهيرة في الوطن العربي ليلى عبداللطيف لتتوقع الفائز بالانتخابات الرئاسية التي يتنافس عليها دونالد ترامب، وكامالا هاريس، إذ أشارت في تصريحات تليفزيونية إلى فوز المرشحة الديموقراطية كاملا هاريس، في هذا الماراثون الانتخابي الحالي على المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وفي تصريحات سابقة للعرافة اللبنانية، توقعت ليلى عبد اللطيف منذ شهور فوز كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية كأول امرأة في مقعد رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وقالت: «هذا مجرد إلهام، قد أخطأ وقد أصيب».
وأضافت ليلى عبداللطيف في توقعاتها: «أرى أنّ من سيحكم ويتحكم بالرئاسة الأمريكية وتحمل لقب السيدة الأولى وهي ستكون الرئيس البديل وستكون رئيس أمريكا امرأة لأول مرة، كما أرى الإعلام يتوجه إلى زوجة الرئيس السابق أوباما وكاميلا هاريس».
إخفاق توقعات ليلى عبداللطيفهذه التوقعات التي أصدرتها ليلى عبداللطيف عن الانتخابات الأمريكية، وضعت العرافة اللبنانية في مأزق، بعد إعلان فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية بعدما حصد أكثر من 280 صوتا، مقابل كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، التي حققت نحو 230 صوتا؛ ليصبح الرئيس الـ47 لأمريكا، وفقًا لما نقلته شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية.
وفي أول تعليق من دونالد ترامب بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، وقف أمام أنصاره في مؤتمر صحفي أعلن فيه فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقال إنّ اليوم يشهد صناعة تاريخ جديد في أمريكا، يمكن من خلاله التغلب على الصعاب.