أمرت المحكمة العليا الباكستانية في 6 فبراير عام 2006 برفع الإقامة عن العالم عبد القدير خان، المتهم ببيع أسرار نووية لعدة دول، إضافة إلى وصفه بأنه أفلت ولم يتمكن أحد من مساءلته.
إقرأ المزيدالمحكمة العليا الباكستانية قالت في تلك المناسبة أن عبد القدير خان، لم يكن متورطا في أي انتشار نووي أو نشاط إجرامي، فلا توجد قضية ضده، وبالتالي فهو مواطن حر، فيما صرّح هو بأنه يستطيع الآن أن يعيش حياة طبيعية.
عبد القادر خان كان ولد في بوبال بالهند في عام 1936، وانتقلت عائلته بعد تقسيم الهند عام 1947، إلى باكستان، حيث درس في جامعة كراتشي وتخصص في الفيزياء والرياضيات وهندسة المعادن، ولاحقا حصل في عام 1961 على منحة دراسية في الخارج في مجال هندسة التعدين، وواصل تعليمه العالي في ثلاث جامعات أوروبية بدأت من ألمانيا ثم هولندا ولاحقا في بلجيكا.
تزوج من امرأة مولودة في هولندا، وهناك عمل في كونسورتيوم يورينكو، وهي مؤسسة رائدة في تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة طرد مركزي تعمل بالغاز، وكانت حينها تقنية فريدة لا توجد إلا لديها ولدى الاتحاد السوفيتي.
يقال بهذا الشأن أن مخططات ورسومات أجهزة الطرد المركزي انتهى بها المطاف إلى أيدي العلماء الباكستانيين في عام 1970 بفضل عبد القدير خان، علاوة على حصوله على قائمة بموردي الشركة الرئيسيين، ما أسهم علاوة على شبكة معتقدة لتوريد التكنولوجيا النووية، لإسلام آباد بإجراء تجربتها النووية الأولى في عام 1998.
أجهزة الأمن الهولندية انتبهت إلى نشاطاته السرية في وقت مبكر، ووضعته تحت المراقبة مطلع عام 1970، وجرى التحقيق معه إلا أنه انسل بسهولة وغادر البلاد عائدا إلى باكستان، فيما واصلت التقنيات النووية الأساسية في الخروج من أوروبا نحو باكستان.
وسائل الإعلام الغربية دأبت على القول إن عبد القدير خان سرق تقنيات فائقة السرية، وصنع أول قنبلة نووية إسلامية، وأبرم صفقات بمليارات الدولارات، وتمكن من خداع أجهزة الاستخبارات في العالم.
محكمة في أمستردام أدانت غيابيا في عام 1983 عبد القدير خان بتهمة التجسس الصناعي، إلا أن جميع الأدلة الأساسية فقدت لاحقا، بل وتمكن هذا العالم الشهير من الدخول إلى هولندا ومغادرتها من دون أن عائق، حتى أن تقريرا صحفيا صدر في عام 2007، تساءل ساخرا عما إذا طور "قبعة إخفاء" على جانب صنعه القنبلة النووية!
رئيس الوزراء الهولندي الأسبق رود لوبرز، كان صرّح جهارا بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية هي التي "طلبت" من الحكومة الهولندية عدم محاكمة خان، على الرغم من وجود أدلة ثقيلة ضده، وبما أن لوبرز كان في ذلك الحين يتولى منصب وزير الصناعة، فقد كان يعلم أن أجهزة الأمن الهولندية كانت اوصت الحكومة باعتقال عبد القدير خان، إلا أن الـ"سي أي إي" تدخلت بثقلها واعترضت الهولنديين في منتصف الطريق!
قضية شبكة عبد القدير خان السرية التي يقال إنه بعد أن انتهي من تزويد بلاده بما يلزم من تكنولوجيا نووية فائقة، استغلها لتحقيق أرباح لنفسه بتهريب هذه التقنيات إلى عدة دول، ظهرت إلى العلن بقوة في عام 2003، ومارست الولايات المتحدة ضغوطا على باكستان وأرادت التحقيق مع العالم الباكستاني، إلا أن إسلام آباد رفضت ذلك بشدة، معلنة أنها ستتولى الأمر بنفسها.
قامت السلطات الباكستانية أواخر نفس العام باعتقال عدد من زملاء وأصدقاء عبد القدير خان، وبعد أن التقى الرئيس الباكستاني في ذلك الوقت برويز مشرف بعبد القدير خان أوائل عام 2004، ظهر خلن على شاشة التلفزيون المحلي، وأدلى بتصريح اقر فيه بأنه قام بنقل الاسرار النووية الباكستانية إلى عدة دول، من دون تصاريح مناسبة، وفي اليوم الثاني عفا مشرف على من يوصف بأبي القنبلة النووية الباكستانية، وتنفس رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حينها جورج تينيت، الصعداء وصرّح قائلا: "لقد هزم خان وعملاؤه"، وأسدلت الستارة.
لاحقا تنصل عبد القدير خان مما صرّح به على شاشة تلفزيون بلاده، وأكد في مقابلة مع صحيفة "ليسبريسو" الإيطالية بأنهم نصحوا من لجأ إليهم طالبا المساعدة في تخصيب اليورانيوم بالاتصال بنفس الموردين الذين تعاملت معهم باكستان، وأنهم فعلوا ذلك بتعليمات من القيادة الباكستانية العليا في ذلك الوقت.
رئيسة وزراء باكستان السابقة بينظير بوتو علقت في ذلك الوقت على المسألة، ورات أن عبد القدير خان "طُلب منه أن يلقي بنفسه على السيف"، من أجل إنقاذ أشخاص أكثر قوة، مضيفة أن خان "حصل على العفو، وسُمح له بالاحتفاظ بمبلغ 400 مليون دولار".
برويز مشرف بدوره أدلى بتصريح لافت قال فيه أن "عبد القدير خان في الحقيقة كان مجرد مهندس تعدين مسؤول عن حلقة معينة في سلسلة الأبحاث النووية الأكثر تعقيدا، لكنه ظن نفسه أينشتاين وروبرت أوبنهايمر في شخص واحد".
تقارير في هذا السياق ترى أن عبد القدير خان الذي كان المسؤول عن برنامج بلاده النووي منذ عام 1976، لم يكن في واقع الأمر، الأب الحقيقي للقنبلة النووية الباكستانية، وأن العالم الذي سبقه بأشواط وقام بالدور الرئيس هو منير خان.
منير خان، كان بدأ العمل في مجال الفيزياء النووية في بلاده منذ الخمسينيات، وينسب إليه الفضل في إرساء أسس برنامج باكستان النووي، واختيار علماء الفيزياء الأكثر ذكاء، وإرسالهم إلى الخارج لاستكمال دراستهم، ومحاولة اجتذاب خبراء أجانب لتدريب الكوادر محليا، لكنه أبعد بعد انقلاب الجنرال ضياء الحق ووضع مكانه عبد القدير خان.
أما عبد القدير خان الذي كان توفى في 10 أكتوبر عام 2021 بمضاعفات الفيروس التاجي، فقد كان أعلن قبل وقت قصير من رفع الإقامة الجبرية عنه قائلا: "لا يهمني ما يفكر فيه الغرب عني. أنا باكستاني ذو وطنية حديدية، وأنا فخور بأني ساعدت بلدي في الحصول على طاقة نووية تضمن سيادته ووجوده وسلامته".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الاسلحة النووية فی ذلک فی عام إلا أن
إقرأ أيضاً:
عراقجي: أي اتفاق نووي بين طهران وواشنطن سيختلف عن 2015
أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الاثنين، أنّ أي اتفاق نووي محتمل بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية، سيكون مختلفا عن اتفاق عام 2015، والذي تخلت عنه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى.
وقال عراقجي بعد يومين من الجولة الثالثة من المحادثات النووية: "من حسن الحظ أن حلفاء نتنياهو في فريق بايدن الفاشل، والذين فشلوا في التوصل إلى اتفاق مع إيران، يصورون زورا مفاوضاتنا غير المباشرة مع إدارة ترامب، على أنها خطة عمل شاملة مشتركة أخرى"، في إشارة إلى اتفاق 2015.
وكتب الوزير الإيراني عبر موقع التواصل الاجتماعي قائلا: "لم يعد الكثير من الإيرانيين يعتقدون أن خطة العمل الشاملة المشتركة كافية. إنهم يسعون إلى مكاسب ملموسة. لن يغير أي شيء يقوله أو يفعله حلفاء نتنياهو في فريق بايدن الفاشل فهذا الواقع".
وكان ترامب قد صرّح بأن الاتفاق الذي يعتزم التوصل إليه مع إيران، سيكون أقوى من خطة العمل الشاملة المشتركة التي جرى توقيعها في عهد إدارة أوباما.
وفي وقت سابق، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض في عهد بايدن، إنه يعتقد أن ترامب قادر على التوسط في اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، يُشبه الاتفاق الذي أُبرم في عهد أوباما.
وفي حديثه لشبكة ABC News، قال: "أعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق. أعتقد أن هذا الاتفاق، في عناصره، لن يختلف كثيرًا عن الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس أوباما ووزير الخارجية كيري في عهد إدارة أوباما والذي مزقه دونالد ترامب".
وفي تصريحات سابقة، أوضح عراقجي موقفه من مسألة العودة لاتفاق 2015، قائلا: "على الرغم من أن الاتفاق النووي يُعد إنجازًا كبيرًا، إلا أنني أود أن أوضح أن الكثيرين في إيران يعتقدون أن الاتفاق النووي لم يعد كافيًا لنا. إنهم يطالبون باتفاق جديد يضمن مصالح إيران ويعالج مخاوف جميع الأطراف".
وتابع قائلا: "أميل إلى الموافقة على هذا المطلب. الآن، لا يمكنني التحدث نيابة عن الرئيس ترامب، ولكن بالنظر إلى أفعاله السابقة، يمكن الافتراض بثقة أنه لا يريد اتفاقًا آخر أيضًا".