مؤشر علاقة “بالمسيّرات القتالية”.. ما الذي تغيّر بين مصر وتركيا؟
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
قبل الزيارة المقررة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى القاهرة، وهي الأولى منذ 2012 وفي عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كشف وزير خارجيته حقان فيدان عن قضية لم يسبق أن تطرق إليها البلدان من قبل، معلنا موافقة بلاده على توريد مسيّرات قتالية إلى مصر.
وتعطي هاتان الخطوتان مؤشرا على أن العلاقة بين تركيا ومصر وصلت إلى مستويات “أكثر إيجابية” خلافا للمرحلة التي فرضها تولي السيسي الحكم بعد إطاحته في 2013 الرئيس الإسلامي محمد مرسي، فما الذي تغيّر وما المتوقع على صعيد المستوى الثنائي والإقليمي؟
فيدان قال إن “عملية التطبيع اكتملت بشكل كبير”، وإن “العلاقات بين البلدين مهمة للأمن والتجارة في المنطقة”، مضيفا بعد إثارته قضية الطائرات من دون طيار: “يجب أن تربطنا علاقات جدية بمصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط”.
ولم يصدر أي تعليق رسمي مصري بشأن قضية الطائرات “القتالية”، وطلب توريدها، ومن ثم الاتفاق التركي، ويوضح مدير تحرير صحيفة “الأهرام”، أشرف العشري لموقع “الحرة” أن الأوساط الإعلامية تنتظر ردا رسميا بشأن ما أعلنه وزير الخارجية التركية.
ومع ذلك يشير إلى أن العلاقات المصرية-التركية أخذت أكثر من بعد إيجابي خلال الفترة الأخيرة، و”جاري العمل لحل القضية الخلافية المتعلقة بعناصر جماعة الإخوان المسلمين، وتسليمهم للقاهرة”.
ويتم العمل أيضا “على تنقية العلاقات على مستوى الخلافات المتعلقة بليبيا وغاز شرق المتوسط والتطورات الخاصة بتنافس الدور المصري والتركي في الإقليم”، وفق العشري.
هل تم تصفير المشكلات؟
لأعوام، مثلت ملفات جماعة الإخوان المسلمين، وشرق المتوسط، وليبيا، القضايا الخلافية الأبرز بين القاهرة وأنقرة.
ومنذ فتح الباب الأول لعملية التطبيع التدريجي، شكّل البلدان لجان استكشافية استمر عملها بين العاصمة المصرية والتركية لأكثر من عام، من أجل حل النقاط العالقة بالملفات المذكورة.
وبعد أخذ ورد وتصريحات بالإيجاب والسلب انتهى عقد من القطيعة رسميا بمصافحة بين إردوغان والسيسي في قطر، في نوفمبر 2022، واتجاههما بعد ذلك إلى اتخاذ قرار تعيين السفراء بشكل متبادل، في يوليو 2023.
ويعتقد الباحث السياسي المختص بالشأن التركي، محمود علوش، أن زيارة إردوغان للقاهرة “ستُتوج الوضع الجديد في العلاقات منذ إصلاحها وإعادة تبادل السفراء”، لكن ذلك لا يعني أن جميع الخلافات التي كانت قائمة انتهت.
ويضيف لموقع “الحرة” أن “القضية الوحيدة التي يُمكن القول إنها لم تعد مؤثرة بقوة في العلاقات كما السابق هي ملف الإخوان المسلمين، خصوصا بعد أن ابتعدت أنقرة عن الجماعة”.
وسيبقى أيضا الملف الليبي إحدى القضايا المعقدة في العلاقات الجديدة، كما يرى الباحث وكذلك الوضع في شرق البحر المتوسط.
ويشير الصحفي أشرف العشري إلى “وجود تفاهمات بعدما سعت تركيا إلى علاقات إيجابية مع مصر طيلة الفترة الأخيرة”.
ويعتقد أن زيارة إردوغان المقررة في 14 فبراير الحالي “سيتم خلالها تسوية القضايا وكل ما يتعلق بالخلافات بما فيها جماعة الإخوان وترتيبات العلاقات على المستوى الثنائي أو الإقليمي، وخاصة ليبيا”.
وقد يكون هناك تعاون وبحث ضم تركيا إلى “منتدى غاز المتوسط”، حسب الصحفي المصري.
ويجب النظر إلى “المشتركات” بين تركيا ومصر وعند تقييم العلاقة الحالية بينهما، كما يوضح المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو.
ويعتبر في حديثه لموقع “الحرة” أن “المشكلات التي تتعرض لها مصر بحاجة إلى تغيير ونوع من أنواع الاستراتيجية والتكتيك الجديد”.
وفيما يتعلق بتركيا، يضيف رضوان أوغلو أنها “بحاجة للعلاقات على المستوى الكبير مع مصر، كون الأخيرة تحظى بواقع عربي وأفريقي كبير”.
وهناك حاجة تركية أيضا للقاهرة، كون مصر تعد سوقا تجاريا ضخما، فضلا عن أنها جزء من المحور العربي، الذي كانت أنقرة قد فتحت الأبواب معه بشكل كامل مؤخرا، وكما حصل مع السعودية ودولة الإمارات.
“دائرة نار كاملة”
المحلل رضوان أوغلو يشير إلى أن مصر تعاني من مشكلات الحرب الداخلية في السودان وحالة من عدم الاستقرار في ليبيا، إضافة إلى مشكلة المياه مع إثيوبيا.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي تحوّلت “الحرب” إلى أراضيها، في إشارة من المحلل لما يجري في قطاع غزة ومنطقة رفح الحدودية.
ويضيف: “الواضح أن مصر في دائرة نار كاملة ولابد من التخلص من هذه المشكلة بتوسيع العلاقات والصداقات والاستراتيجيات، وهو ما يحصل الآن مع تركيا”.
ولدى مصر علاقة أكثر من ممتازة مع دول الاتحاد الأوروبي واليونان، و”هي بحاجة الآن لدولة قوية مثل تركيا”، كما يعتقد رضوان أوغلو.
ويوضح الصحفي العشري أن الرغبة في نقل العلاقات إلى مرحلة كبيرة ليست مصرية فحسب، بل من جانب تركيا أيضا.
ويقول إن “زيارة إردوغان ستفتح أفقا كبيرا على المستوى الثنائي وقضايا الإقليم التي مازالت وكانت محل خلافات”.
الباحث السياسي التركي علوش يوضح من جانبه أن “إصلاح العلاقات وبناء دبلوماسية القادة بين إردوغان والسيسي يخلقان بيئة أكثر مناسبة لمساعدة البلدين في إدارة مشتركة للقضايا الخلافية، والتركيز على المصالح المشتركة بقدر أكبر من الخلافات”.
ويضيف أن “الأزمة بين البلدين كان لها عواقب كبيرة على علاقاتهما ومصالحهما الإقليمية”.
ويعتقد الآن أن “إردوغان والسيسي يسعيان للاستفادة من تجربة العقد الماضي وتعويض الفرص الضائعة التي تسببت بها الأزمة”.
“مؤشّر علاقة بالمسيّرات”
ووفقا لبيانات رسمية تركية وقّعت شركة “بايكار” المنتجة للطائرات القتالية من دون طيار في عام 2022 عقود تصدير مع 27 دولة، بإجمالي عائدات بلغت 1.18 مليار دولار.
ومن أبرز المُشترين أوكرانيا وبولندا وأذربيجان والمغرب والكويت وإثيوبيا وتركمانستان وقرغيزستان ورومانيا وألبانيا.
وكان لافتا منذ 2022 انضمام الإمارات والسعودية إلى قائمة المشترين أو “التوطين”، وحتى الكشف عن الاتفاق الجديد مع مصر.
ويرى الباحث السياسي علوش أن “مبيعات الأسلحة، خصوصا الطائرات المسيرة، أصبحت إحدى أدوات السياسة الخارجية التركية لبناء النفوذ وتوثيق العلاقات مع دول المنطقة”.
وبالطريقة التي تعمل بها هذه المبيعات على توطيد علاقات تركيا الجديدة مع دول الخليج، وفي أفريقيا “فإنها مُصممة أيضا لنفس الغرض مع مصر”، حسب الباحث.
وسبق لتركيا أن باعت إثيوبيا هذا النوع من الطائرات، ويُمكن النظر إلى تزويد مصر أيضا بها، كما يضيف علوش “على أنه مُصمم تركيا لموازنة العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا”.
وتواجه مصر تحديات أمنية كبيرة خصوصا في مجال مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.
وقد يساعد حصولها على طائرات مسيرة تركية “على أن تكون أكثر فعالية في مواجهة هذه التحديات”، حسبما يعتقد الباحث السياسي التركي.
ويضيف رضوان أوغلو أن “المسيرات أصبحت عنصرا فعالا في تركيا”، وأن الأخيرة طوّرت بعض العلاقات بدول أفريقية عن طريق إعطائها هذا النوع من السلاح القتالي.
المحلل يوضح أن “المسيرات سياسة خارجية ناجحة وموازية لسياسة تركيا الجديدة، وهي زيادة الأصدقاء وتقليل الأكبر من الأعداد”.
ويرى أن “حرب غزة لا يمكن فصل تداعياتها كسبب للتقارب الحاصل على نحو كبير الآن”، لاسيما أن أنقرة أصبح لها مشكلات مع إسرائيل في ظل حكم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو القائم، وكذلك الأمر بالنسبة للقاهرة.
ضياء عودة – الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الباحث السیاسی أکثر من مع مصر
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية (14)
المرحلة الثالثة - الفلسفة الوضعية
الشيخ: بيت آبائي وأجدادي مذ أقامه القطب الأول..
- أقيم بأموال المريدين كسائر العمارات الشاهقة في وسط المدينة.
- قاتل الله الحقد والحسد.
- انهما وقود الحق إذا اختل الميزان.
- وقودنا الحب وحده.
- ذلك يا سيدي أنك لم تذق عض الجوع ولا ضراوة الكدح ولا رهبة القوة الغشوم.
- اذن فهذه هي المسألة!
- المسألة؟!
- انكم تريدون نقوداً؟!
- بمعنى ما، ولكننا لا نريد رشوة.
- ماذا تريدون؟ صارحوني كما وعدتم.
- ليس في عقولنا مطالب أوضح مما نطقت به شكاوانا...
يريحنا أحياناً أن نطالب بنقيض ما هو قائم!
- لا يخلو كلامكم من خدر هو التمويه نفسه. حسن، إني أشم رائحة فوضوية!
- لا تهمنا الأسماء، وفي الوقت نفسه فهي لن تخيفنا.
- لعلكم تحلمون بالقتل؟
- القتل؟!
- بدأتم بالسخرية وستنتهون بالدم.
- أحلامنا تحوم حول هدف واحد هو التقدم...
الأسس الوجودية والمعرفية
تعتبر الواقعية بمثابة الأساس الأنطولوجي للفلسفة الوضعية. والواقعية تنظر إلى الواقع أو الي الوجود على أنه مستقل بذاته وخارجي عنا أو عننا هناك أي أنه موضوعي وجودياً. واستخدام مبادئ العلوم الطبيعية في دراسة الواقع الاجتماعي يعني، ضمنياً، الايمان بأن الحقيقة أيضاً قابلة للقياس. وتأثير هذا الجانب من الحقيقة على دور الباحث هو تأثير المراقب والمشاهد.
الباحث والوجود الذي يسعى الباحث إلى دراسته، كلاهما مستقلان عن بعضهما البعض. والحقيقة دائماً "موجودة"، ولكنها منفصلة عنه أي عن الباحث، ولذلك نقول عنها موضوعية، بعيدة عن ذات الباحث عنها أو الدارس لها، ويمكن لهذا الباحث اكتشافها باستخدام المنهج العلمي دون ربط كيانه بكيانها أو ذاته بذاتها أو يتوحدان في بعضهما البعض أي لا يكون هناك حلوليه في بعضهما البعض.
وقد وجد كروتي Crotty (1998) وفي الوقت المناسب تماماً، هذه الرابطة التي تربط الباحث بالواقع أو بالوجود في هذه الحروف التاليات:
"الشجرة في الغابة هي شجرة، بغض النظر عما إذا كان أي كائن آخر مدرك لها أو مدرك لوجودها أو على علم بوجودها أم لا. ككائن من هذا النوع، فإنه يحمل المعنى الجوهري للشجرة، تلك النبات في نوعها. وعندما يتعرف عليها البشر على أنها شجرة، فإنهم ببساطة يكتشفون معنىً كان موجوداً، وكان في انتظارهم طوال الوقت."
لذا، فإن الواقع أو الحقيقة موجودة بالفعل هناك، هناك في الخارج، ويتطلب من الباحثين اكتشافها "هذه الحقيقة" كما تبدو، وكما تعرض هي نفسها، وأيضاً لابد أن نعرف بأن الباحثين ليسوا مُنشئين للمعني أو لمعناها كشيء أو ككائن موجود، ولكنهم فقط مكتشفون لمعنى موجود بالفعل.
تم تطبيق كلمة الموضوعانية أو الموضوعية لشرح وتفسير هذه العلاقة المحايدة الموضوعية والمنفصلة وذاك الجوهر المستقل والخارجي للواقع أو للحقيقة أو للوجود. وتشكل هذه الموضوعية أيضاً الأساس المعرفي لهذه الفلسفة الوضعية.
الوضعية من حيث المكونات الأساسية الأربعة للنموذج
وهكذا، من حيث المكونات الأساسية الأربعة للنموذج، لنموذج الفلسفة الوضعية،
• يقال إن نظريتها المعرفية موضوعية،
• ويقال بأن واقعها الأنطولوجي "بسيط"،
• وعن منهجيتها بأنها تجريبية،
• وبديهياتها خيرية أو منفعية.
مرة أخرى، يجب أن يساعد تفريغ كل عنصر من هذه العناصر الباحث أو الدارس على فهم هذا النموذج بشكل أفضل وبشكل أمثل وبشكل أكثر من رائع.
وتؤمن نظرية المعرفة الموضوعية أن الفهم البشري يمكن الوصول إليه من خلال تطبيق واستعمال المنطق والعقل. ويظهر جلياً بأنه من خلال الدرس والدراسة، يمكننا الحصول على المعرفة، والتي تقترب تدريجياً من الطبيعة الحقيقية لما نفحصه ولما ندرسه. بمعنى آخر، يمكن أن يساعد البحث في اكتساب الفهم وفي زيادته كذلك، ويجعلنا أكثر موضوعية وحيادية في فهم العالم الذي نعيش فيه ونلهو ونلعب بين ذراعيه وفي أحضانه.
يفترض علم الوجود الملاحي الواقعي بقبول المعتقدات الخمسة التالية:
• وجود عالم مادي.
• يمكن معرفة بعض العبارات والتفسيرات المتعلقة بهذه الأشياء بأنها حقيقية من خلال التجربة الحسية.
• هذه الأشياء موجودة، سواء تم إدراكها أم لم يتم إدراكها. ويُفترض أن تكون كائنات الإدراك أو الكائنات المدركة مستقلة في الغالب عن الإدراك نفسه.
• يمكن أن تحتفظ هذه الكائنات بخصائص الأنواع التي نراها تتمتع بها، حتى عندما لا يتم ملاحظتها أو مشاهدتها. بمعني أن ميزاتها مستقلة عن الإدراك.
• من خلال الحواس، نفهم العالم بشكل مباشر، وكما هو بالضبط إلى حد كبير جداً. وفي الأساس، رغباتنا في الحصول على المعرفة مبررة ولها ما يبررها.
يعني مكون المنهجية التجريبية أن البحث سيشمل استخدام متغير واحد لتحديد ما إذا كانت التغييرات في هذا المتغير تؤدي إلى تغييرات في متغير آخر. المتغير السابق يسمى المتغير التوضيحي أو المتنبئ، والمتغير الأخير يسمى المتغير الموضح أو المتغير التابع.
ولا يمكن تطبيق هذه المنهجية إلا إذا استطعنا التحكم فيما سيحدث للمتغيرات أو المشكلات التي نتحرى عنها أو تلك التي ندرسها. ويتسلح الدارسين بهذا الضبط او بهذا التحكم ويساعدهم في عملية اختبار الفرضيات ومن ثم قبولها أو رفضها. تنسب المنفعة البديهية (The beneficence axiology) إلى الشرط الأساسي الذي يجب أن تهدف جميع الدراسات إلى تحقيقه من نتائج غنية وجيدة له:
• مشروع البحث،
• الإنسانية بشكل عام،
• المشاركون في البحث
كما يتضمن أيضاً حرص البحث على تجنب أو على الأقل تقليل أي خطر أو ضرر أو خطأ قد يحدث أثناء البحث وخلال الدراسة.
كيف يمكن تعريف الفلسفة الوضعية؟
تعتبر الفلسفة الوضعية بمثابة مفهوم يشكل اتجاهاً فلسفياً موجهاً نحو العلوم الطبيعية. وهي تحاول الحصول على نظرة مشتركة للكون أو للوجود (الأحداث المادية والبشرية)، من خلال استخدامات التقنيات وتوسيع النتائج التي اكتسبت من خلالها العلوم الطبيعية مكانتها المثالية في دنيانا المعاصرة.
منهجياً، يُفهم المفهوم الإيجابي أو الوضعي كمفهوم معارض جدلياً للتجريدات الميتافيزيقية للفلسفة التقليدية التي سبقته في المراحل.
فالوضعية هي فلسفة العلم أو فلسفة العلوم. إنها طريقة فلسفية أكثر منها مجرد نظرية. إنها تلك الفلسفة التي تؤمن بأن تناول تفسير الكون يعتمد على التجربة الإنسانية المحضة. وتؤكد على استخدام المنهج العلمي للعلوم الطبيعية في دراسة العالم الاجتماعي.
وتهتم الفلسفة الوضعية باستخدام المنهج العلمي المستخدم من قبل علماء الطبيعة وعلماء الاجتماع في معرفة السلوك البشري. ويمكن أن تعود فكرة الفلسفة الوضعية إلى بيكون (Bacon) وبيركلي (Berkeley) ولوك (Locke) وهيوم (Hume).
قبل "كونت"، أوصى القديس سيمون (Simon) أيضاً بهذه الفلسفة الوضعية. واقترح إعادة الهيكلة العلمية للمجتمع وتعزيز العلم، حيث كان يعتقد أن النمو او التنمية مبنية عليها. إن فكرة الوضعية المقدمة في شكل جنيني في ذهن القديس سيمون ومن بعده كونت وسعت هذه الفكرة وأغنتها.
لقد جلبت لنا الفلسفة الوضعية ثورة عظيمة أو نهضة مشهودة في مجال العلوم الاجتماعية. لقد وحدت الإيمان بالتقدم، والشغف بمساعدة ولمساعدة الإنسانية. إنها تعتمد على فكرة أن البحث العلمي للتاريخ من شأنه أن يُظهر طريقة علاج أمراض المجتمع وتمضيض وتطبيب جراحه المثخنة. لقد حدد أو عرف العديد من الأفراد ومن الأشخاص الفلسفة الوضعية على مر السنين وعلى مر الدهور، فعلى سبيل المثال، هم يشيرون إلى أن الوضعية تتضمن عقيدة أو مذهب من أربع قواعد:
1. قاعدة الظواهر التي تؤكد وجود التجربة الوحيدة؛ ويجب رفض كل التجريدات سواء كانت "جوهرية" أو كانت "روحية".
2. قانون الاسمية - الذي يؤكد أن الكلمات والتعميمات والأفكار هي ظواهر لغوية ولا تمنح مقاربة جديدة للعالم؛
3. فصل الحقائق عن القيم.
4. وحدة التقنية العلمية.
ويُعرّفها كل من بوريل ومورجان (Burrell and Morgan) (1979) على أنها نظرية المعرفة "التي تسعى إلى توضيح وتخمين ما يحدث في العالم الاجتماعي من خلال البحث عن الانتظام (تكرار حدوث الظاهرة) وعن العلاقات السببية بين العناصر المكونة له أي لهذا العالم الاجتماعي."
وتسمح لنا الأنماط المتباينة للدراسة بإدراك ظواهر متعددة ولأسباب متنوعة. وتعتمد المنهجية المختارة على ما يحاول ويجتهد المرء في القيام به، بدلاً من الالتزام بنموذج صارم محدد لا حياد عنه. لذلك، يجب أن تتماشى المنهجية المستخدمة مع الظاهرة الصارمة قيد الدراسة. قد تنطوي الظواهر المختلفة على استخدام منهجيات فريدة مميزة. ومن خلال التركيز على ظاهرة الاهتمام، بدلاً من المنهجية، والباحثين يمكنهم اختيار المنهجيات المناسبة لاستفساراتهم بأنفسهم.
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
bakoor501@yahoo.com