قصة صراع وإرادة تُسمّى فلسطين
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
مسقط-أثير
إعداد: سعيد البوسعيدي
في قلب الشرق الأوسط تنبت حكاية فلسطين، أرض الأمل والصمود، تتأرجح مشاعرها بين أضواء الفرح وظلال الحزن، حيث يروي كل شبر من ترابها قصة عريقة من المقاومة والإرادة، في سمائها ترتسم لوحات غروب تروي عن أمل لا ينضب رغم الظروف الصعبة والتحديات، يتجلى في عيون أطفالها البراءة المحاطة بالحلم، حيث يصارعون من أجل غدٍ ينطلق من قلب هذه الأرض المقدسة؛ إنها أرض المعجزات بلا منازع ، وهي لوحة فنية عريقة ضاربة في جذور التاريخ، فبين أشجار الزيتون وأصوات الأذان وعادات شعبها المميز تعزف فلسطين سيمفونية من الحياة تجسد رغبة شعب يسعى إلى الحرية والعدالة، وفي ظل تحديات الاحتلال والصراعات، يظل شعبها يصارع من أجل البقاء، محافظا على هويته وأرضه، إنها دروس في الصمود والتضحية تخلّد في ذاكرة الزمن، وتجسّد قوة إرادة لا تنحني أمام الظروف الصعبة.
خرجت الحشود تهتف: أنقذوا فلسطين أنقذوا فلسطين هلمّوا يا مسلمين تعالوا وانظروا في الفظائع التي يرتكبها العدو الغاشم، وهنا انطلق الناس سراعا إلى النجدة ولكن دون سلاح! وكل ما يحملونه بأيديهم قصاصة ورقة مكتوب عليها: “كل يغني على ليلاه” ، أما أنا فقد هممت للرجوع خائبا ولكن أثناء عودتي لفتت انتباهي ورقة خضراء وهي تسقط من غصن شجرة، وكان تمايلها وحركتها يخال إليّ أنها تعاني من ألم السقوط ولكن لا منقذ لها، وكذلك في صراعها مع الأجل المحتوم، هي محاولة لإيصال رسالة ولكن لا سامع لها، وقبل أن ترتطم بالأرض هبت ريح شديدة أخذتها بعيدا عن وطنها ، فأسرعت مهرولا وراءها لأشهد النهاية.
وفجأةً وقعت الورقة في جدول ماء، وللأسف قبل أن تستقر جرفتها المياه بعيدا إلى وجهة مجهولة، لكنها لم تستسلم وظلت تعارك تيارات المياه. وكلما غطست في الماء أو طوقتها التيارات أحبس أنفاسي خوفًا أن أراها تغرق وتختفي للأبد وتطوى قضيتها لكنها صارعت وتماسكت بقوة ، وكل تلك الأحداث كانت تمر بصمت، فلم تكن هناك آذان تسمع أو أفواه تتكلم أو على الأقل من يهتف لها أو يكترث لمعاناتها. ظل الأمر كذلك لبضع ساعات وأنا أتابع معركتها إلى أن شاءت الأقدار أن تتعلق بغصن شجرة جرفته المياه والذي نقلها إلى جذع شجرة معمرة واستقرت هناك، نظرت إلى أعلى فوجدت أنها الشجرة نفسها التي وقعت منها الورقة فابتسمت ثم رفعت يديّ إلى السماء وحمدت الله وقلت: سبحان الله يا لها من عبرة! إذا كانت هذه الورقة استطاعت أن تواجه كل ما حدث لها وتنجح للعودة إلى وطنها فكيف للبشر وخاصة ممن يمتلكون الإرادة؟!
بعدها التقطت صورة للورقة ثم نهضت قائلا: “اللهم انصر إخواننا في فلسطين” ، ثم مضيت. وبعد عام (تحررت فلسطين)، وفي يوم أشرقت فيه الشمس ذهبت لأزور الشجرة المعمرة فوجدت شجيرات كثيرة قد نبتت حولها زهور جميلة قد تفتحت، أطفال يلعبون، أناس فرحون ويتجولون بحرية، وكانت المفاجأة أنني رأيت الورقة في مكانها وقد أنهكتها أحداث الزمن، جلست متأملا لبرهة قبل أن ألتقطها وأكتب عليها: “لقد صدق الله وعده” ثم وضعتها في منديل أبيض وذهبت بها أبحث عن الحشود في الجهة الأخرى فوجدتهم في الجهة المظلمة وأوراقهم بأيديهم حيث إنهم لم يتحركوا شبرًا، ذهبت إلى زعيم الحشد وأعطيته المنديل وقلت له: “هذا شهيد فلسطين، وسأترك التاريخ يروي لكم قصة صراع وإرادة”.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً: