غزة – رغم نجاته من الاعتقال عبر حاجز أقامه جيش الاحتلال الإسرائيلي غربي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، بقي حسين شاهين قرب المكان 5 أيام، يبيت في العراء وسط البرد الشديد، على أمل أن يفرج الجنود عن شقيقه الذي تم احتجازه عبر البوابة التي يتم إجبار كافة النازحين على المرور من خلالها.

وبعد أن علِم أن الإفراج عن المعتقلين يتم من خلال معبر كرم أبو سالم، فقد الأمل، وقرر السير باتجاه مدينة رفح التي تعد الملاذ الوحيد المتبقي للنازحين الفارين من جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وشفقة منه على أسرة مكوّنة من أب و3 من بناته الشابات، يبيتون أيضا في العراء منذ يومين، دعا شاهين الوالد إلى المغادرة معه لعدم وجود جدوى من البقاء.

لكن الأب الذي كان ينتظر الإفراج عن ابنه، قال لشاهين إنه يعلم أن البقاء غير مفيد، لكنه يحتاج إلى من يقنع بناته الثلاث بذلك. وأضاف بعد أن أشار إليهن "إنه شقيقهن الوحيد".

ماجد قديح: يوم عبوري من حاجز خان يونس كان يوما مرعبا وكأنه من أهوال يوم القيامة (الجزيرة) مشاهد مؤلمة

وبحسب شاهين الذي تحدث إلى الجزيرة نت، فإن المشاهد المؤلمة التي عاينها خلال وجوده قرب الحاجز، أكثر من أن تحصى، حيث شتتت قوات الاحتلال شمل العائلات عبر اعتقال بعض أفرادها، وتركتهم في حالة من "عدم اليقين" حول مصيرهم.

وكانت قوات الاحتلال قد أجبرت نهاية الشهر الماضي، سكان غربي محافظة خان يونس على النزوح إلى مدينة رفح، والمرور عبر بوابات أقامتها، يتم خلالها التدقيق في هوياتهم واعتقال العديد منهم.

وذكر شهود عيان مروا عبر الحاجز للجزيرة نت أن جنود الجيش يأمرون الشباب بالسير في صفوف مكونة من 5 أشخاص رافعين بطاقات هوياتهم، ويجبرون بعضهم عبر مكبر صوت على التنحي جانبا تمهيدا للتحقيق معهم أو اعتقالهم، في حين يأمر النساء والأطفال بالسير في صفوف منفصلة دون فحصهم.

ويُجبر الجيش الشخص الذي يقرر اعتقاله على خلع جميع ملابسه، بما فيها الداخلية، ويتم تكبيله بالقيود وعصب عينيه، ويتعرض للضرب بشكل وحشي.

وبالعودة إلى تجربة عبوره خلال الحاجز، يقول شاهين إنه نزح نهاية الشهر الماضي بعد تهديد جيش الاحتلال للسكان المقيمين في غربي مدينة خان يونس.

ويضيف "الوضع صعب ومزر جدا، بقينا واقفين 4 ساعات بين الدبابات والمطر يهطل علينا والناس في وضع يرثى له". ويصف فرحة عبوره من الحاجز دون اعتقاله بالقول "شعوري كان كمن يرى النور بعد ظلام دامس".

ويوضح شاهين أن الاعتقالات تتم بشكل تعسفي، ودون أي مبرر، مدللا على ذلك بالإفراج عن شقيقه بعد حوالي أسبوع من الاحتجاز، والتعرض للتعذيب الشديد. ويضيف "لو كان له علاقة بالمقاومة لَما أطلقوا سراحه، فلماذا إذن يتم اعتقاله من الأصل؟ لا يوجد أي سبب".

مشاهد مُلفقة

ويكشف الشاب بسام فليونة أن جيش الاحتلال كان يصوّر مشاهد مُلفقة مكذوبة تُظهر توزيعه للماء أو أطعمة للإيهام بأنه يُحسن معاملة المارين عبر الحاجز. ويضيف فليونة الذي نزح الأسبوع الماضي عبر الحاجز "بعد انتهاء التصوير كانوا يُنكّلون بالناس".

وحول شهادته عمّا رآه عبر الحاجز، أوضح فليونة للجزيرة نت أن الجنود أجبروهم على المشي لمدة 3 ساعات بين الدبابات، وكانوا يتعمدون إهانتهم عبر شتمهم وإساءة معاملتهم.

ويضيف "كانت مشاهد قاسية خاصة حينما يعتقلون شابا أمام أمه، وتبدأ بالصراخ والبكاء (..) اعتقلوا الكثير من الشباب وحتى اعتقلوا أطفالا لأسباب لا نعرفها". ويتابع "لا يمكن تخيّل كمية الرعب في عيون الأطفال".

ويشير إلى أن العديد من الأشخاص كانوا يرمون حقائبهم الممتلئة بالطعام والأغراض المهمة، لعدم قدرتهم على حملها خلال الطريق الطويلة التي يجبرون على سلكها.

ولم تكن المشاهد التي رآها بسام فليونة عقب مروره من الحاجز، أقل سوءا من تلك التي عاينها خلاله. فبعد اجتيازه للحاجز، فوجئ بنساء وأطفال يبكون ويسألون المارين عن أقاربهم الذين تم احتجازهم.

ويضيف الشاهد نفسه "سألتني امرأة عمّا إذا كنت قد رأيتُ زوجها الذي كان يرتدي كذا وكذا، فأخبرتها أنه تم اعتقاله، فانهارت المرأة بالبكاء وبقيتْ في الشارع تبكي وتنتظر على أمل أن يسمحوا له بالعبور".

بسام فليونة: الاحتلال كان يصوّر مشاهد مُلفقة تُظهر أنه يُحسن معاملة المارين وعقب التصوير يُنكّل بهم (الجزيرة) يوم مرعب

ويصف ماجد قديح للجزيرة نت تجربة عبور الحاجز بأنه "كان يوما مرعبا، وكنّا أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا وكانت الأمطار شديدة جدا وكان الوضع صعبا للغاية".

وأشار إلى أن قوات الاحتلال أجبرت بعض النازحين على رمي أغراضهم وفرشهم، والدخول عبر البوابات "بلا أي شيء".

وتبدو تجربة عبد الكريم فياض مختلفة عن سابقيه، حيث تعرض للاحتجاز عبر الحاجز لعدة ساعات قبل أن يتم إطلاق سراحه. وخلال وجوده في الحاجز، شاهد فياض كيف يعامل جنود الاحتلال الشبان الذين يوقفونهم.

ويضيف للجزيرة نت ساردا واقعة اعتقال أحد الشبان "نادى الجنود على شاب، وأجبروه على نزع كل ملابسه حتى الداخلية منها، ثم قيدوه وغطوا عينيه". ويتابع "ثم هجم عليه ضابط وضربه بشكل عنيف وخاصة في خاصرتيه ومنطقة الأعضاء التناسلية".

وذكر أنه شهد اعتقال الجيش لنحو 25 شابا خلال الفترة القليلة التي قضاها في الحاجز. وحول كيفية احتجازه، ذكر فياض أنه كان يسير عبر الحاجز، بعد انتظار استمر نحو 4 ساعات، فنادى عليه أحد الجنود أن يتجه نحوهم في حين أمر زوجته وأطفاله بأن يستمروا في طريقهم دون توقف.

وبعد انتظار آخر، وفحص هويته قرر الجنود إطلاق سراحه. وبعد الإفراج عنه، التحق بأسرته التي كانت في انتظاره قرب الحاجز في حال قلق شديد.

ويقدر رامي عبدو رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عدد الذين اعتقلهم جيش الاحتلال عبر البوابات غربي خان يونس بنحو 400 شخص.

وقال عبدو للجزيرة نت إن مرصده وثّق معاناة شديدة لآلاف السكان خلال نزوحهم القسري من خان يونس، وسط أجواء ماطرة وباردة وإجراءات تنكيل، ودون توفر أي مأوى آمن يفي بالحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جیش الاحتلال للجزیرة نت خان یونس مشاهد م

إقرأ أيضاً:

مع قرب المهلة التي منحها السيد القائد.. حماس: العدو يواصل إغلاق معابر غزة بشكل كامل

أكدت حركة حماس، اليوم الثلاثاء، أن كيان العدو الصهيوني يواصل إغلاق معابر قطاع غزة بشكل كامل مانعا دخول المساعدات والمواد الأساسية لليوم العاشر على التوالي، محذرة من أن استمرار إغلاق معابر غزة يُنذر بمجاعة في القطاع.

وقالت “حماس” في بيان: إن الاحتلال الإسرائيلي يزيد من معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، جراء إغلاقه المعابر بشكل كامل، ومنعه دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية.

وأكدت الحركة أن إغلاق المعابر يشكّل خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينص على تسهيل دخول المساعدات دون قيود، مضيفة أن هذا الإغلاق يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، ويُعتبر جريمة حرب وعقابًا جماعيًا يهدد حياة المدنيين الأبرياء.

وأشارت إلى أن منع دخول الغذاء والدواء والوقود والمواد الإغاثية الأساسية أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونقص حاد في المستلزمات الطبية، ما فاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.

وأضافت، أن إغلاق المعابر ومنع دخول الآليات الثقيلة يعرقل جهود انتشال الجثامين، وأعمال الترميم والإعمار، ويزيد من معاناة السكان الذين يعيشون في ظروف قاسية.

وأدانت “حماس” استخدام “إسرائيل” المساعدات كـ”ورقة ابتزاز سياسي”، مؤكدةً أن هذه السياسات العدوانية لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني، ولن تفلح في تحقيق أهداف الاحتلال.

وطالبت حركة “حماس” الوسطاء بالضغط على الاحتلال للالتزام بتعهداته وفتح المعابر بشكل فوري؛ لضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإنهاء سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد قطاع غزة.

وفي تصريح سابق، قال الناطق باسم حركة “حماس” حازم قاسم، إن أهالي قطاع غزة يعيشون بوادر مجاعة حقيقية، مع استمرار إغلاق الاحتلال معابر قطاع غزة لليوم العاشر على التوالي.

وأوضح “قاسم” في تصريحات صحفية أن أهالي القطاع يعانون شُح الغذاء منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، مضيفاً “والاحتلال يمنع إدخال المواد الغذائية بإغلاقه المعابر”.

ودعا “قاسم” في تصريحاته الجامعة العربية لتفعيل قرارات القمة العربية الأخيرة بكسر الحصار عن قطاع غزة، ومنع الاحتلال من تجويع الفلسطينيين.

ويواصل كيان العدو الصهيوني منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة لليوم العاشر توالياً، مشدداً الحصار على جميع الإمدادات، بما في ذلك الغذاء والوقود.

ويأتي ذلك بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وعرقلة سلطات العدو الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.

وجاء هذا الإغلاق في وقت يعاني فيه سكان قطاع غزة، من أوضاع إنسانية كارثية، بسبب نقص الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية مع حلول شهر رمضان.

ويأتي إصرار العدو على مواصلة إغلاق معابر غزة وفرض الحصار الكامل عليها، مع قرب انتهاء مدة 4 أيام التي منحها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي لكيان العدو الصهيوني لرفع الحصار عن غزة.

ولم يتبقى إلا ساعات على انتهاء المهلة، حيث توعد السيد القائد كيان العدو باستئناف العمليات البحرية اليمنية ومنع دخول السفن إلى الموانئ الصهيونية، ومنع مرور السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر، فارضا معادلة الحصار بالحصار.

مقالات مشابهة

  • جديد الجراحة.. غضروف الأنف بديل لغضروف الركبة
  • شريف إكرامي: اتعملي سحر و مينفعش حد ينكره لإنه مذكور في القرآن
  • عن الأسير الخامس الذي لم يتسلمه لبنان.. هذا ما أعلنته رئاسة الجمهورية
  • عايزين نحقق مشاهدات.. اعترافات المتهمين بنشر فيديو مضلل عن سرقة أكفان من مسجد
  • غارات جوية وتوغل عل الأرض.. ما الذي يريده الاحتلال من سوريا؟
  • مع قرب المهلة التي منحها السيد القائد.. حماس: العدو يواصل إغلاق معابر غزة بشكل كامل
  • العريس الذي كان يتجهز لزفافه لكنه زُفّ إلى الجنة
  • مستقبل وطن يطلق مبادرة "إفطار مسافر" بمحطة قطار المنيا
  • اعتقال 6 اشخاص حاولوا اختراق الحاجز الأمني للسفارة السورية في المنصور
  • الجزيرة نت ترصد الدمار الذي خلفه الاحتلال بمستشفيات الجنوب اللبناني