عربي21:
2025-02-03@06:48:07 GMT

لا تتركوهم يفترسوا «الأونروا»

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

هناك تكالب يصعب استيعابه على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المعروفة بالأونروا. حملة مسعورة على أكثر المنظمات الإغاثية إنسانيةً وأهمية في العالم، فقط على ضوء اتهامات من دولة مارقة وجيش يرتكب إبادة وفظاعات. يكفي هذا الجيش أنه قتل 11 ألف طفل ومثلهم تقريبا من النساء. من المفروض أن هذا يكفي ويزيد لجعل أي اتهامات تصدر عنه لا تساوي الحبر الذي تُكتب به.

لكن بما أننا في عالم أعوج بغيض لا بأس من توقّع أيّ شيء.

تعمل الوكالة بتنسيق كامل مع إسرائيل في ما يتعلق بحركة المساعدات. وتزودها حتى بقوائم الموظفين والمتبرعين لديها. لهذا من المستبعد أن الاستخبارات الإسرائيلية فاتها أن بعض موظفي الوكالة على صلة بحماس أو الجهاد الإسلامي كما زعمت في حملتها التي، لصدفة ما، انطلقت فور صدور حكم محكمة العدل الدولية (جزء كبير من دفوع وفد جنوب إفريقيا في المحكمة اعتمد على شهادات الوكالة وبياناتها).

يُعرف عن موظفي الأونروا الأجانب إخلاصهم لمسؤولياتهم وللوكالة. ويُعرف عنهم أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين أصبحت جزءا منهم لكثرة ما رأوا وعايشوا من تفاصيلها في يومياتهم. فلا غرابة أن شوهد كبار مسؤولي الوكالة ينهارون في مقابلات تلفزيونية حزنا وبكاء على حال سكان غزة. ولا لوم عليهم إن أمروا بفصل بعض المنتسبين للوكالة بداعي مشاركتهم في هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، فالضغوط الإسرائيلية والغربية عليهم حتما كانت رهيبة.

الآن وقد انساق قادة أكثر من 15 دولة بسرعة كالقطيع لتصديق الاتهامات الإسرائيلية للأونروا وعلّقوا تبرعات حكوماتهم لها، وجب على غيرهم التحرك وملء الفراغ.

هناك حاجة للنظر إلى حالة الأونروا نظرتين: الشكل والمضمون. الشكل يشمل ما تمثله الوكالة من رمزية وتذكير بالجريمة الأصلية التي أفضت إلى المأساة الفلسطينية المفتوحة منذ ثمانية عقود. الأونروا هي وصمة العار على جبين العالم التي يكره الإسرائيليون رؤيتها ورؤية كل ما يرمز إليها وترمز إليه. رمزية الوكالة لا تقل أهمية عن عملها المادي. هي باختصار شوكة في ذاكرة إسرائيل وتاريخها.

المضمون يعني شيئا واحدا هو التمويل. منذ نشأتها في بداية عام 1949، تعتمد الوكالة بالأساس على التمويل الغربي. قبول الغرب بتمويل المنظمة بسخاء يحمل في طياته نوعا من الشعور بالذنب والرغبة في الاعتذار عن كونه هو المتسبب في الكارثة الإنسانية التي تطلبت وجود الوكالة. لكنه رد فعل إنساني لا يرقى إلى درجة الجرم الأساسي. كأن تطرد عائلة من بيتها وأرضها ثم تلهي أطفالها ببعض المأكل والملبس علّهم يغفروا لك.

غداة نكبة 1948 وفي العقود اللاحقة كان التمويل الغربي مفهوما وحتى مطلوبا لأن الغرب كان سيّد العالم والباقي مستعمرات أو مجرد دول هشّة.

لكن بعد ذلك على مر السنوات وُجدت دول ومنظمات جديدة، العديد منها قريبة من الحالة الفلسطينية وجدانيا حتى لو كانت بعيدة عنها جغرافيا. أطراف أفضل حالا ماديا تستطيع أن تساهم في تمويل الأونروا مثل الغرب.

هناك قائمة لا بأس بها من الجهات التي تستطيع أن تفعل الكثير لو توفرت الإرادات ونُسِّقت الجهود.

على رأس القائمة الدول العربية. تستطيع هذه الأخيرة منفردة أن تضع جانبا قليلا مما تنفق على الحفلات الصاخبة والمهرجانات والتبرع بها للأونروا. في إمكان العرب العمل جماعيا أيضا. جامعة الدول العربية (رغم أنها كسيحة بلا فائدة) يمكن إنعاشها لتلعب دورا في الرعاية المعنوية والتنسيق بين الدول العربية.

هل تذكرون جهة اسمها منظمة المؤتمر الإسلامي؟ نعم، لا تزال موجودة وتضم في عضويتها 57 دولة، فيها الفقيرة والغنية والنفطية والغازية الكبيرة والصغيرة القريبة والبعيدة. يحلو للمنظمة أن تسمي نفسها «الصوت الجماعي للعالم الإسلامي» رغم أنها لا تضم في عضويتها كل الدول الإسلامية.

تأسست المنظمة أساسا على التضامن الروحي والمعنوي بين أعضاء قاسمهم المشترك الدين الإسلامي أكثر من أيّ مصلحة مادية أو استراتيجية أخرى. هذا العامل كفيل بتسهيل العمل تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين في شقها الإنساني من دون حرج أو خوف من التبعات التي تترتب عادة عن المواقف السياسية والاستراتيجية.

بعيدا عن التضامن العربي والإسلامي مع فلسطين، يوجد في الجزء الجنوبي من هذا العالم العديد من المنظمات والدول التي لن تتردد في الاصطفاف إلى جانب الفلسطينيين في مأساتهم. جنوب إفريقيا أسست لسابقة ورسخت نموذجا يحتذى. المطلوب فقط البناء على التحوّل الكبير الذي أحدثته الحرب الحالية على غزة في الرأي العام العالمي، في الغرب وغيره، للوصول إلى نتائج تخدم الأونروا وعملها الإنساني الكبير.

لو اجتمعت كل التكتلات المذكورة آنفا والمنظمات، ومعها الدول الأوروبية التي رفضت الانصياع للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، سيتوفر للأونروا تمويلا يحميها من الإفلاس الذي تحلم به إسرائيل.
يجب حماية الأونروا مما يحاك لها وتعزيز دورها. ويجب توفير الحماية القانونية والسياسية للقائمين عليها لأن إسرائيل تتربص بهم مدفوعة بحقد أعمى ولن ترحمهم إذا ما استطاعت.

الأونروا أكثر من مجرد منظمة خيرية تتوسل التبرعات لتعيد توزيعها على المحتاجين. إنها ذاكرة مأساة وشاهد أساسي على إبادة سابقة وأخرى تجري الآن.

بقاء الأونروا ضرورة تاريخية وأولوية قصوى، أما موضوع التمويل فيأتي لاحقا. وحتى لو انتهى بها المطاف بلا تبرعات وبلا تمويل، يجب أن تبقى الوكالة على قيد الحياة لما تحمل من رمزية تؤرق عتاة المتطرفين والعنصريين في إسرائيل وكل المتواطئين معهم.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين الأونروا فلسطين الاحتلال أونروا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بريطانيا وألمانيا وفرنسا يصدرون بيانا بشأن حظر إسرائيل وكالة الأونروا

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN-- أصدر وزراء خارجية فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، الجمعة، بيانا مشتركا، بشأن قرار إسرائيل بمنع أي اتصالات بين كيانات ومسؤولي الدولة الإسرائيلية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيين (الأونروا)، وحظر أي تواجد للوكالة داخل إسرائيل والقدس الشرقية.

وقال وزراء خارجية الدول الثلاث في بيانهم: "نحن، وزراء خارجية المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، نكرر الإعراب عن قلقنا البالغ بشأن تطبيق حكومة إسرائيل لقانون يمنع أي اتصالات بين كيانات ومسؤولي الدولة الإسرائيلية ووكالة الأونروا، ويحظر أي تواجد للأونروا داخل إسرائيل والقدس الشرقية".

وأضاف البيان: "نطلب من حكومة إسرائيل بأن تمتثل لالتزاماتها الدولية، وأن تتحمل مسؤوليتها لضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون معوقات، وتوفير الخدمات الأساسية للسكان المدنيين. ونهيب بالحكومة الإسرائيلية العمل مع الشركاء الدوليين، بمن فيهم الأمم المتحدة، لضمان استمرار العمليات. حيث ليس لدى أي جهة أو وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة الإمكانات أو البنية التحتية اللازمة لتحل محل مهام وخبرات الأونروا".

وشدد الوزراء على أنهم "يؤكدون مجددا دعمهم لمهام الأونروا لتقديم الخدمات الضرورية والمساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالأونروا هي الجهة الأساسية لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وتعتبر جزءا لا يتجزأ من الاستجابة للأزمة الإنسانية في قطاع غزة".

وأردف البيان قائلا: "ونحن ندين وبأقوى العبارات الهجمات الإرهابية الوحشية وغير المبررة التي شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما ندعو الأونروا لمواصلة مسارها في الإصلاح، وأن تُظهر التزامها بمبدأ الحيادية بما يتماشى مع المراجعة المستقلة بقيادة كاثرين كولونا في أبريل/نيسان 2024. ويجب إجراء تحقيق دقيق بجميع المزاعم بشأن ضلوع موظفين في الأونروا بأفعال مشينة دعما لأحداث 7 أكتوبر وما تلاها"، بحسب البيان.

وأكد وزراء خارجية الدول الثلاث في بيانهم "دعمنا الكامل وتأييدنا لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وأهمية أن يتم إطلاق سراح كافة الرهائن المتبقين، ونرحب بالزيادة الملحوظة في المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة منذ وقف إطلاق النار، وندعو جميع الأطراف لضمان استمرارها".

مقالات مشابهة

  • إيناس حمدان: قرار إسرائيل بمنع الأونروا من العمل في غزة غير مسبوق وخطير
  • ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة للفلسطينيين؟
  • بيت التمويل الكويتى فى مصر ويستهدف زيادة حصة المصرفة الإسلامية
  • بلجيكا تنضم إلى الدول الرافضة لحظر أونروا وتحذر من تداعياته
  • وسط أزمة إنسانية عميقة.. «الأونروا» تخلى مقراتها فى القدس.. بعد سريان قرار إسرائيل بوقف التعامل مع الوكالة
  • قلق أوروبي من حظر إسرائيل لـ«الأونروا»
  • بريطانيا وألمانيا وفرنسا يصدرون بيانا بشأن حظر إسرائيل وكالة الأونروا
  • الأونروا: استلمنا ثلثي المساعدات من الشاحنات التي دخلت القطاع منذ اتفاق غزة
  • بيان أوروبي يدعو إسرائيل إلى عدم حظر الأونروا
  • الأونروا: حظر إسرائيل أنشطتنا يعرض مستقبل وقف إطلاق النار بغزة للخطر