عربي21:
2025-04-27@18:45:49 GMT

التورط العسكري الأمريكي في المنطقة

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

رغم حرصها على منع تدحرج العدوان الإسرائيلى الحالى على الفلسطينيين نحو حرب إقليمية واسعة النطاق. وبينما يتصاعد الجدل الاستراتيجى بشأن اضطرارها إلى سحب قواتها من سوريا والعراق. تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة، لوجيستيا، استخباراتيا وعسكريا، فى مواجهات ضد أذرع وفصائل ولائية عسكرية موالية لإيران، كمثل حزب الله اللبنانى، حركة حماس الفلسطينية، الحوثيين فى اليمن، علاوة على كيانات مسلحة شيعية فى العراق وسوريا.

وهى التى تشكل جميعها تحالفا إقليميا، تسميه طهران «محور المقاومة»، يتبنى شعار «وحدة الجبهات والساحات»، ويمثل تحديا مباشرا لقوة الردع الأمريكية بالمنطقة، كما للنظام الإقليمى الشرق أوسطى، الذى هندسه الغرب، وحرص على استبقائه عقودا ممتدة من الزمن.

ففى غزة، التى لا تتورع إدارة، بايدن، عن تقديم الدعم السياسى، العسكرى واللوجيستى، للعدوان الإسرائيلى الحالى عليها؛ لا تتوانى، وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، عن جمع المعلومات عن كبار قادة حماس، فضلا عن اقتفاء أثر الرهائن والأسرى الإسرائيليين. ففى أعقاب عملية «طوفان الأقصى» مباشرة، وجه مستشار الأمن القومى، جيك سوليفان، البنتاجون ووكالات الاستخبارات، لتشكيل فرق عمل تتولى تكثيف طلعات مسيرات التجسس والاستطلاع فوق غزة، واعتراض الاتصالات بين عناصر وقيادات الحركة. وتجدر الإشارة، ههنا، إلى أن حماس قبل السابع من أكتوبر الماضى، كانت تحظى بأولوية من المستوى الرابع، ما يعنى تخصيص اعتمادات مالية ولوجيستية متواضعة لجمع المعلومات الاستخبارية عنها. لكن بعد «طوفان الأقصى»، تم ترفيع الحركة، التى تدرجها واشنطن ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية، لتغدو أولوية من المستوى الثانى. ما من شأنه توفير تمويل إضافى، لتطوير الموارد البشرية بوكالة الاستخبارات المركزية، وزيادة كم ونوعية المعلومات الاستخبارية، التى تتوخى الحصول عليها، بما يتيح الإجهاز على القيادات والكوادر الحمساوية.

بحلول الثانى عشر من يناير المنقضى، وعلى إثر تجاهل الحوثيين تحذيرات متكررة، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا، بدعم من حلفائهما، تنفيذ ضربات جوية وصاروخية ضد مئات الأهداف الحوثية بالعاصمة صنعاء، ومحافظات صعدة، حجة، الحديدة وتعز. بغية إيصال رسالة تحذيرية، مفادها أن واشنطن وشركاءها لن يتساهلوا مع الهجمات على مواطنيهم، كما لن يسمحوا للجهات المعادية بتعريض حرية التجارة، بأحد أهم الممرات الملاحية العالمية، للخطر. وبذلك، تجاوزت الولايات المتحدة استراتيجية «القيادة من الخلف»، لتعرج إلى سياسة الانخراط العسكرى المباشر فى الأزمات، عبر إطلاق عمليات هجومية متجددة فى جنوب البحر الأحمر، أرفقتها بقرار إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.

مع إصرار حكومة، نتنياهو، على مواصلة عدوانها الغاشم، المدعوم أمريكيا، ضد الفلسطينيين، بما يستتبع ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، تتزايد وتيرة وإيقاع الهجمات ضد المصالح الأمريكية فى مختلف أنحاء الإقليم. فمنذ 17 أكتوبر الماضى، أحصى المسئولون العسكريون الأمريكيون زهاء 170 هجوما على قواتهم بالمنطقة، من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، منها 70 فى العراق، مائة فى سوريا وواحد على الحدود بين سوريا والأردن. كما تم استهداف السفارة الأمريكية فى بغداد، بالصواريخ، غير مرة. من جانبها، وفى مسعى منها لاستعادة قوة الردع الأمريكية، انبرت واشنطن فى استهداف مواقع تلك الفصائل بضربات صاروخية عنيفة ومتتالية.

متذرعا بدعم إسرائيل، ردع إيران، وتوصيل رسائل استراتيجية لروسيا والصين بشأن فعالية التموضع العسكرى الأمريكى فى المنطقة؛ هرع البنتاجون، فور بدء العدوان الإسرائيلى على غزة، إلى إرسال حاملات الطائرات، الغواصات النووية، والبوارج الحربية، سفن برمائية تحمل مشاة البحرية وطائرات مقاتلة ودفاعات جوية ومئات من القوات إلى شرق البحر المتوسط، بقصد منع أى فاعلين عسكريين آخرين من الانخراط فى المواجهات العسكرية المحتدمة. ولقد بلغت فاتورة تلك التعزيزات العسكرية الأمريكية فى الشرق الأوسط، منذ بدء الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة فى الثامن من أكتوبر الماضى، ولمدة أربعة أشهر فقط 1.6 مليار دولار. لكنها لا تتضمن كلفة الصواريخ التى استخدمها الجيش الأمريكى لضرب مواقع ومنشآت عسكرية تابعة للحوثيين فى اليمن، أو إسقاط المئات من المسيرات والصواريخ، التى يطلقونها صوب أهداف أمريكية وإسرائيلية فى البحر الأحمر. وبحسب تقديرات المسئولين الأمريكيين، قد تتخطى تلك الفاتورة ثلاثة مليارات دولار، إثر الرد الأمريكى على الهجوم على قاعدة «البرج 22»، واستمرار العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين، بكل ما يتمخض عنه من تداعيات إقليمية ودولية سلبية، عاما كاملا. ووفقا لمصادر أمريكية، لن يتسنى للبنتاجون، سداد تلك الفاتورة، مع تعثر إقرار الموازنة، التى تم تقديمها للكونجرس، بالتزامن مع وصول المفاوضات بشأن مطالبة، بايدن، الحصول على اعتمادات مالية تتجاوز 100 مليار دولار، لدعم إسرائيل، أوكرانيا وتايوان، إلى مرحلة حرجة داخل مجلس الشيوخ.

شاءت أم أبت، انزلقت واشنطن إلى المآل، الذى دأبت على الادعاء بتحرى السبل الكفيلة بتجنبه. ويبدو أن الأولويتين الاستراتيجيتين الرئيستين لإدارة، بايدن، فى التعاطى مع أزمة غزة الحالية كانتا غير متوافقتين منذ البداية. ففى الوقت الذى تتشبث بدعمها، غير المشروط، للعدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين، زعمت الحرص على حماية المدنيين، إمدادهم بالمساعدات الإنسانية، والحيلولة دون انزلاق المواجهات إلى حرب إقليمية أوسع. فإبان الأيام الأولى من الصراع، حقق، بايدن، هدفه المتمثل فى دعم مخططات إسرائيل لمحاولة تصفية حماس فى غزة، بأسرع وقت؛ من خلال تزويد حكومة، نتنياهو، بمعدات عسكرية تقدر بمئات الملايين من الدولارات، بغير تنسيق مع الكونجرس. وبهدف منع أى حلفاء لحماس من الانضمام إلى المعركة، أرسل مجموعتين من حاملات الطائرات إلى شرق البحر المتوسط. بيد أن رفض الإدارة الأمريكية استخدام نفوذها لحمل إسرائيل على وقف عدوانها، كان سببا فى تأجيج التوترات المسلحة بالإقليم. 

تأبى إدارة، بايدن، إلا إنكار تورطها فى حرب إقليمية شرق أوسطية متعددة الجبهات والخصوم. ففى مؤتمر صحفى، قالت نائبة السكرتيرة الصحفية للبنتاجون، سابرينا سينج: «نحن لا نسعى إلى الحرب، ولا نعتقد أننا فى حالة حرب. لا نريد أن نرى حربا إقليمية». ورغم أنها تتجنب الإعلان عن عملياتها العسكرية الحالية فى الشرق الأوسط، عبر طقوس رسمية صاخبة، مثلما جرت العادة إبان مغامرات أمريكية سابقة مشابهة؛ لم تستطع إدارة، بايدن، الفكاك من الانجرار إلى حرب إقليمية ضد «محور المقاومة» الإيرانى، دونما اعتراف رسمى، وبغير إشراف يذكر من لدن الكونجرس.

ما بين رغبتها فى الانتقام، واستعادة قوة الردع من جهة، وحرصها على منع توسيع مواجهات الشرق الأوسط، وتحولها إلى حرب إقليمية من جهة أخرى، تتجنب إدارة، بايدن، الاعتراف بحساسية موقفها العسكرى الراهن فى الشرق الأوسط. فمن شأن إقرار، بايدن، بتورط بلاده فى هكذا حرب، أن يشكل اعترافا سافرا بفشله السياسى وتآكل صدقية استراتيجيته الردعية فى مواجهة إيران وأذرعها العسكرية. وهى المنحة، التى لا يجدر منحها لخصومه الجمهوريين المتربصين به على مشارف السباق الانتخابى المرتقب. فلا يزال، بايدن، يراهن على إمكانية طى صفحات تلك المغامرات العسكرية، عبر بلورة آلية لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة. ربما يكون انخراط الولايات المتحدة فى عمليات عسكرية على جبهات شرق أوسطية شتى، بالتزامن مع استفحال أصداء أزمة الهجرة غير النظامية على الحدود مع المكسيك، وفى صدارتها الجدل بشأن انفصال تكساس عن الولايات المتحدة، كفيلا بتقليص فرص، بايدن، فى انتزاع ولاية رئاسية ثانية. لاسيما وأن الرئيس الديمقراطى، الذى ناهز 81 ربيعا، قد لا يقوى على مجابهة خصمه الجمهورى المحتمل، الرئيس السابق، دونالد ترمب. ذلك الذى يخطط لانتهاز فرصة تورط الإدارة الحالية فى نزاعات مسلحة بالشرق الأوسط، تستنزف الولايات المتحدة اقتصاديا، استراتيجيا وبشريا؛ بغية الإطاحة بالرئيس، بايدن، «الضعيف»، والعودة مجددا إلى المكتب البيضاوى.

(الشروق المصرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حرب الشرق الأوسط الشرق الأوسط امريكا حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان الإسرائیلى الولایات المتحدة الإسرائیلى على الشرق الأوسط حرب إقلیمیة

إقرأ أيضاً:

خلافا لسلفه بايدن.. ترامب يمتنع عن مصطلح خاص بمأساة الأرمن

امتنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس عن وصف المجازر التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى بأنها "إبادة جماعية" خلافا لموقف سلفه الديمقراطي جو بايدن.

وتنفي تركيا التي أقام رئيسها رجب طيب أردوغان علاقات وثيقة مع ترامب، منذ وقت طويل وجود إبادة جماعية، وسعت إلى منع أي استخدام دولي للمصطلح.

وفي رسالة سنوية يصدرها رؤساء الولايات المتحدة في مناسبة هذه الذكرى، تحدث ترامب عن "ذكرى تلك الأرواح الثمينة التي أزهقت في واحدة من أسوأ الكوارث في القرن العشرين".

لكن في العام 2021، أصبح بايدن أول رئيس يعترف بالإبادة الجماعية، وقدّم في رسالته وقتها تحية لـ"جميع الأرمن الذين لقوا حتفهم في الإبادة الجماعية التي وقعت قبل 106 أعوام".

وقال آرام هامباريان، المدير التنفيذي للجنة الوطنية الأرمنية في أميركا في بيان "إن تراجع الرئيس ترامب عن الاعتراف الأميركي بالإبادة الجماعية للأرمن يمثل استسلاما مخزيا للتهديدات التركية".

وبحسب يريفان، لقي ما يصل إلى 1.5 مليون شخص بين عامي 1915 و1916 حتفهم عندما شنّت السلطات العثمانية حملة على الأقلية الأرمنية التي اعتبرتها خونة موالية لروسيا.

ولا تعترف تركيا بتلك الأحداث، وتقدر عدد القتلى الأرمن بما يتراوح بين 300 ألف و500 ألف، وتؤكّد أن عددا مماثلا من الأتراك لقوا حتفهم في الاضطرابات بعدما اختار العديد من الأرمن الوقوف بجانب القوات الروسية.

وتسعى أرمينيا للحصول على اعتراف دولي بالإبادة الجماعية، وحتى الآن اعترفت 34 دولة، بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والبرازيل وروسيا، رسميا بالإبادة الجماعية.

مقالات مشابهة

  • قبلان: لبنان بلا جيش ومقاومة ليس أكثر من فريسة دولية إقليمية
  • عاجل ـ مستشار الأمن القومي الأمريكي: الولايات المتحدة ليس عليها أن تدفع رسوما لمرور سفنها في قناة تدافع عنها
  • اللواء رضا فرحات لـ «الأسبوع»: زيارة ترامب للشرق الأوسط نقطة فارقة في العلاقات الأمريكية بدول المنطقة
  • الانهيار العسكري الأمريكي أمام اليمن: ضربة استراتيجية تهز صورة واشنطن في المنطقة
  • عائلات المحتجزين: الضغط العسكرى الإسرائيلى على غزة يقتل أبناءنا
  • الرئيس الأمريكي السابق بايدن وزوجته يصلان ساحة القديس بطرس لحضور جنازة بابا الفاتيكان
  • موقع أمريكي: تكلفة العمليات الهجومية على اليمن تثقل كاهل الولايات المتحدة الأمريكية
  • ما اكده الرئيس المشاط .. حاملة الطائرات الأمريكية تغادر المنطقة
  • خلافا لسلفه بايدن.. ترامب يمتنع عن مصطلح خاص بمأساة الأرمن
  • اليمن في قلب معركة التحرر: قرار الرد العسكري في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني