الخليج الجديد:
2024-09-16@17:27:09 GMT

غزة الأسطورة تقهر الغزاة

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

غزة الأسطورة تقهر الغزاة

أسطورة غزة ستقهر الغزاة

في غزة صمد الفلسطينيون رغم الجوع والعطش والبرد ونزيف الدم المستمر والمجازر الوحشية التي لا يستوعبها العقل ولا المنطق، وأفشلوا مشروع العدو.

لا يُمكن أن يقبل الفلسطينيون بأن يتم الإملاء عليهم من الخارج، ولن يقبلوا بعملية تهجير جديدة ولا بأي تغيير في غزة يلبي مطالب الاحتلال ويحقق له طموحاته.

لم تكن دوائر صنع القرار بإسرائيل وحلفائها تتوقع هذا الصمود والجَلَد الذي أفشل الكثير من أهداف إسرائيل، وأولها التهجير الذي كان يريد الاحتلال تنفيذه في القطاع.

أصبح الموقف الأمريكي ضد سيناريو الحرب الطويلة، وباتت واشنطن تضغط لتطويق التدهور ومنع نشوب حرب إقليمية شاملة تحدث تغييرات استراتيجية ليست في مصلحة الأمريكيين ولا الإسرائيليين ولا حلفائهم.

* * *

لا شك في أن الأهالي والسكان المدنيين في غزة يسجلون صموداً أسطورياً بعد أربعة أشهر من أعنف حرب يشنها الإسرائيليون في تاريخهم، ولا شك في أن حسابات دوائر صنع القرار في إسرائيل والدول الحليفة لتل أبيب، لم تكن تتوقع مثل هذا الصمود والجَلَد، الذي أفشل بكل تأكيد الكثير من الأهداف الإسرائيلية، وفي مقدمتها التهجير الذي كان يريد الاحتلال تنفيذه في القطاع.

الأهداف المعلنة التي وضعتها إسرائيل لهذه الحرب قبل أربعة شهور، لم يتحقق منها شيء، ولم ينجح الاحتلال في الوصول إلى أي مما يريد في غزة، ولا يبدو أن الإسرائيليين يستطيعون المضي طويلاً في هذه الحرب، خاصة مع التحول الكبير في الموقف الأمريكي، الذي أصبح واضحاً بأنه ضد سيناريو الحرب الطويلة، وباتت واشنطن تضغط من أجل تطويق التدهور في المنطقة ومنع نشوب حرب إقليمية شاملة قد تؤدي الى تغييرات استراتيجية ليست في مصلحة الأمريكيين، ولا الإسرائيليين ولا حلفائهم.

وبعد أربعة شهور من الحرب على غزة، اتضحت صورة السياسة التي استخدمها الإسرائيليون خلال الحرب بشكل ليس فيه أي شك، وهذه السياسة قامت على تعمد استهداف المدنيين والنساء والأطفال والمدارس والمستشفيات، واستخدموا التجويع كسياسة ممنهجة وسلاح في هذه الحرب.

بل إن هذه الحرب سجلت رقماً قياسياً تاريخياً في أعداد ضحاياها من النساء والأطفال، إذ لم يسبق أن شهد البشرُ من قبل حرباً أكثر من ثلثي ضحاياها هم من النساء والأطفال، بينما الثلث الثالث أغلبهم من المدنيين غير المقاتلين، الذين لا علاقة لهم بالصراع!

هذا الاستهداف الإسرائيلي لكل ما هو مدني وآمن، بما في ذلك المخيمات والمدارس والمستشفيات والمساجد وسيارات الإسعاف، ليس له إلا تفسير واحد، وهو أن الإسرائيليين لجأوا إلى سياسة «العقاب الجماعي».

وأرادوا تحويل قطاع غزة إلى جحيم، على أمل أن ينفجر القطاع في وجه حركة حماس، ولذلك حاول الاحتلال ويحاول منذ اليوم الأول للحرب نشر فكرة واحدة وهي، أن ما يجري في غزة هو نتيجة لما فعلته حركة حماس وليس نتيجة لعدوان الاحتلال.

وبين الحين والآخر كانوا يلقون المنشورات التي توهم السكان بأن خلاصهم من هذا الجحيم، يمكن أن يتم بإفشاء مكان يحيى السنوار (قائد حماس في غزة) وتسليمه، ومن ثم ينتهي كل شيء.

وفي مرحلة من مراحل الحرب عمد الإسرائيليون إلى جمع أعداد من الرجال والشباب المدنيين، وتعريتهم وإيهام الناس بأن هؤلاء هم مقاتلو حركة حماس، وأنهم استسلموا ورفعوا راياتهم البيضاء، ليتبين سريعاً بأن تلك المشاهد لم تكن سوى تمثيلية، وأن من ظهروا فيها هم «الغلابة» من المدنيين، الذين كانوا في المدارس والمخيمات ومراكز الإيواء.

واختفى الحديثُ عنهم مع فشل المحاولة الإسرائيلية للعمل على تفتيت صفوف المقاتلين من الداخل، أو تأليب الناس ضدهم أو دفع الغزيين للانتفاض عليهم.

والحقيقة أن كل ما كان يرمي له الإسرائيليون من هذه الحرب فشل فشلاً ذريعاً، كما أنَّ أربعة شهور من نزيف الدم المتواصل والمجازر اليومية البشعة لم تدفع رجلاً واحداً في غزة إلى تقديم أية معلومات عن حماس، أو قادتها لإسرائيل، فضلاً عن أن جيش الاحتلال لم ينجح في شق صفوف المقاتلين، بل ما نراه يؤكد أنهم ازدادوا إصراراً على الصمود والقتال، كما لم ينجح الإسرائيليون في استرداد ولو رهينة واحدة من الذين ذهبوا لاستعادتهم.

ما يفعله الإسرائيليون في غزة فعلوه في لبنان سنة 1982، وآنذاك مسحوا بيروت بأكملها وارتكبوا فيها من المجازر ما لم يرتكبه آخرون في أي مكان آخر، ورغم أنهم نجحوا حينها في إبعاد منظمة التحرير والمقاتلين الفلسطينيين من لبنان، لكنهم لم ينجحوا مطلقاً في القضاء على المنظمة، ولا في القضاء على المقاومة، بدليل أن الانتفاضة الفلسطينية الأولى اندلعت في عام 1987.

وبعدها بسنوات قليلة اضطر الإسرائيليون للاعتراف بمنظمة التحرير، التي فشلوا في تصفيتها والقضاء عليها. في غزة صمد الفلسطينيون رغم الجوع والعطش والبرد ونزيف الدم المستمر والمجازر الوحشية التي لا يستوعبها العقل ولا المنطق، وأفشلوا بالفعل المشروع الإسرائيلي، وهذا دليل على أنه من المؤكد أن الفلسطينيين لا يُمكن أن يقبلوا بأن يتم الإملاء عليهم من الخارج، ولا يُمكن أن يقبلوا بتهجير جديد، ولا بأي تغيير في غزة يلبي مطالب الاحتلال ويحقق له طموحاته.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين غزة تهجير المقاتلون أسطورة غزة جيش الاحتلال هذه الحرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا لا تنسحب مصر وقطر من الوساطة بين إسرائيل وحماس

بدأ هذا السؤال يتردد في دوائر عربية عديدة، وزادت أهميته مع تسريب معلومات بأن مصر وقطر قد تصدران بياناً مشتركاً تعلنان فيه عدم الرضاء عن النتيجة التي وصلت إليها وساطتهما، والولايات المتحدة، بين إسرائيل وحركة حماس، ومن ثم الاتجاه نحو عدم مواصلتها. لكن لم يصدر شيء حتى الآن، ولا يزال الحديث مستمراً عن مفاوضات ومحادثات واتصالات تتم من أجل إنجاز صفقة الأسرى بين الجانبين، والتي من المتوقع أن تفضي إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
بعد تشاؤم ساد الفترة الماضية بسبب تصلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في مواقفه، عُقد لقاء في الدوحة جمع بين رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وقيادات في حركة حماس، بما أعاد الأمل في المفاوضات مرة أخرى، وأن دفنها لن يتم قريباً، كما توقعت بعض الجهات التي رأت أنها لم تعد مجدية، ومن المهم أن تواصل مصر وقطر دوريهما بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة.
غاية ما يتمناه نتانياهو أن يصل الوسطاء إلى نقطة الصفر التي يعلنون فيها عدم القدرة على الاستمرار ليتحلل من بعض الالتزامات الخارجية، ويتنصل من المسؤولية السياسية والأمنية والأخلاقية التي ألقاها عليه أهالي الأسرى والمحتجزين.
يصعب أن تنسحب مصر وقطر من الوساطة، لأن هذا معناه إقرار بالأمر الواقع الذي يريد نتانياهو فرضه، وحدوث فراغ سياسي يستفيد منه الرجل عسكرياً في تنفيذ ما تبقى من مخططاته في غزة والضفة الغربية، ومنحه صكاً يخول له المضي قدما في ترتيب أوضاع الفلسطينيين بالطريقة التي يطمح إليها.

ربما لن تتمكن الوساطة من ردع قوات الاحتلال أو إحداث تحول ملموس في توجهاتها، غير أن وجودها يشير إلى أن هناك عملية سياسية قد تفضي إلى ضغط من قبل المجتمع الدولي على نتانياهو، فغياب الوساطة وعدم وجود مفاوضات لا يعني أن هناك إمكانية لتغيير الأوضاع وأن بديلا سياسيا آخر يمكن أن يمارس دورا أفضل.
ولم تعد الآلة العسكرية لدى المقاومة قادرة على تغيير المعادلة التي وصلت إليها إسرائيل بعد ما يقرب من عام من الحرب، شهد فيه قطاع غزة دماراً كبيراً، وأجهد الجناح المسلح لحماس، كتائب عزالدين القسام، وأيّ اعتراف بفشل الوساطة لن يستفيد منه الفلسطينيون، بل على العكس سيمنح قوات الاحتلال حرية أكبر في العمل العسكري، لأن الأصوات الداخلية من جانب المعارضة والمؤسسة العسكرية واحتجاجات أهالي الأسرى لا تمثل ضغطاً حقيقياً على نتانياهو، وأثبتت بعض استطلاعات الرأي التي أعلن عن نتائجها أخيرا تفوّقه على كل منافسيه، وزيادة فرص حزب الليكود في الحصول على عدد أكبر من المقاعد في الكنسيت إذا جرت الانتخابات في الوقت الراهن.
ينزع انسحاب مصر وقطر، أو كليهما، أي غطاء سياسي لحركة حماس، فالوساطة التي تقوم بها الدولتان لا يغيب عنها الدفاع عن حقوق أهالي غزة وتخفيف معاناتهم، ومحاولة تصويب مسار القضية الفلسطينية، استفادة من الزخم الدولي الذي حصلت عليه، فقد يكون وقف إطلاق النار الهدف المعلن للوساطة، غير أن غايتها أكبر من ذلك، لأن الملفات التي يتم التباحث حولها متشعبة وتتجاوز مسألة وقف الحرب الحالية، ما يجعل نتنياهو يُمعن في مراوغاته ومناوراته، وتفشيل أيّ منجز يمكن أن تحرزه الوساطة السياسية لاحقا.
كما أن القاهرة والدوحة تعلمان النوايا السيئة التي تضمرها الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه القضية الفلسطينية، وأيّ انسحاب من الوساطة لن يضف جديداً، ربما يخصم منهما سياسيا، فقد قبلتا المهمة وتعرفان حجم الصعوبات التي تكتنفها، ودخلتا في خضمها ولدى كليهما من الخبرة في معرفة إسرائيل وحماس ما يدفعهما لتوقع الوصول إلى النقطة القاتمة، التي تكاد تكون الأمور فيها دخلت مربع الانسداد، والتفكير في الانسحاب يقود إلى عدم الاعتداد بأي دور يمكن أن يقوما به مستقبلاً، لأن انتهاء الوساطة لن يمنع الحرب من الاستمرار أو يوقف الدمار الحاصل في غزة.
قد تستطيع مصر وقطر الضغط على حماس أو التفاهم معها لتقديم تنازلات معينة، وهو ما كشفه اجتماع الدوحة الأخير، لكن المشكلة في الوسيط الثالث وهو الولايات المتحدة التي لم تمارس ضغطاً كبيراً على إسرائيل أو تتفاهم معها للحصول على نتيجة مماثلة، وعلى الرغم من المناوشات بين الإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل، إلا أن الأولى غير مستعدة لإجبار الثانية على تليين موقفها، ما يمثل أزمة حقيقية في المفاوضات، حيث يستغل نتانياهو أجواء الانتخابات الأمريكية للتملّص من الضغوط السياسية، ويستفيد من المساحة الرمادية السائدة في الولايات المتحدة قبل أسابيع قليلة من إجراء انتخابات، يتمنى أن يفوز فيها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.

نجحت حيل نتانياهو في وضع الوسطاء الثلاثة في موقف حرج، لا هم قادرون على الضغط، أو الانسحاب، وأصبح الموقف معلقا، وهي حالة مريحة جدا لرئيس الحكومة الإسرائيلية، إذ يستطيع من خلالها الإيحاء بأنه مستمر في المفاوضات، ويستكمل في الوقت نفسه ما تبقى من أهداف عسكرية في غزة، وإن ذهب إلى الشمال واشتبك على نطاق واسع مع حزب الله اللبناني ستكون الجبهة الجنوبية شبه مؤمّنة عسكرياً وسياسياً، حيث فقدت المقاومة جزءاً كبيراً من قوتها المسلحة، وما تبقى من قوات محدودة في غزة يستطيع التأمين، ولا تستطيع دول الوساطة ممارسة ضغوط عليه أو تمثل إزعاجاً يحرجه للتفكير في ألاعيب تنقذه من اقتراب المفاوضات لإحراز تقدم.
هناك فارق سرعات في الطريقة التي يدير بها نتانياهو الحرب مع حماس، وفي الطريقة التي يديرها بها المفاوضات مع الوسطاء، لأنه قبض مبكراً على زمام المبادرة، وترك الآخرين يقومون بردود فعل على تصرّفاته ومحاولة ملاحقته، حتى أن الجميع لم يستطع مجاراته في السباق، وهي سياسة يعتمد عليها الرجل في إدارة المشهد الداخلي المعقد، وتمكّن بموجبها من الحفاظ على تأييد اليمين المتطرف، وأربك حسابات القوى المعارضة له للدرجة التي لم يعد إحجامها عنه أو إقبالها عليه يؤثر في تصوراته السياسية والعسكرية.
أدت التوجهات المختلطة، الكوكتيل، التي يتبناها نتناياهو داخلياً وخارجياً إلى إرباك خصومه وأصدقائه معاً، ونزع عنهما كل ما يمكن أن يمثل ضغطا أو إقناعا، وجعل الوسطاء الثلاثاء يقفون في منتصف الطريق، حرمهم من شرف تحقيق إنجاز يفضي إلى وقف الحرب والتفكير في الترتيبات التالية عليها، ومن شرف الانسحاب من الوساطة بما يقود إلى وضع الكرة في ملعبه وتحميله مسؤولية الإخفاقات المستمرة للمفاوضات، وما سينجم عنها من اتهامات وانتقادات داخل إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • رئيس كازاخستان: روسيا لا تقهر عسكريا
  • حماس: السنوار سيوجه رسالة مباشرة قريباً
  • إعلام عبري: حماس تستعد للمرحلة المقبلة من الحرب
  • حماس: إذا وسّع الاحتلال الحرب في جبهات جديدة سيتعرض لآلاف الصواريخ
  • حماس: تجنيد جيش الاحتلال طالبي اللجوء الأفارقة للقتال بغزة تأكيدٌ على عمق الأزمة الأخلاقية التي يعيشها
  • حماس: آلاف الصواريخ ستعترض إسرائيل لو توسعت الحرب في جبهات جديدة
  • لماذا لا تنسحب مصر وقطر من الوساطة بين إسرائيل وحماس
  • مظاهرات حاشدة في دولة الاحتلال تطالب بصفقة تبادل مع حماس (شاهد)
  • قائد سابق في جيش الاحتلال: علينا الخروج من القطاع سريعًا
  • لو كان الإسرائيليون فلسطينيين