الخليج الجديد:
2024-09-19@00:19:01 GMT

عن عقيدة القتل بلا هوادة والتخريب بلا توقّف

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

عن عقيدة القتل بلا هوادة والتخريب بلا توقّف

عن عقيدة القتل بلا هوادة والتخريب بلا توقّف

هل كان يمكن لأيّ ذهن بشري قبل العدوان المستمرّ أن يتخيّل الصورة التي آل إليها قطاع غزّة جرّاء هذا العدوان؟

صدمة 7 أكتوبر أدّت إلى ولادة جديدة، غريبة وصادمة، أُقفلت معها صفحة أفكار كثيرة دار الوعي الصهيوني في فلكها سبعة عقود.

يريد الكيان الصهيوني محو تاريخ ضاغط على وعيه، وحاضراً خطراً على وجودهم، وسؤالاً أخلاقياً ملحّاً: هل وصل الوحش أخيراً إلى لحظة انطفائه الأكيدة؟

يتّكئ الاحتلال على عقائد مشوَّهة، تَفترض أنّ القتل هبة إلهية والتدمير بتنويعاته المختلفة خدمةٌ لمن يحملون في جيناتهم المريضة خيالاتا تفوّق مدفوعة بادّعاء الحقّ الإلهي.

استيقظ الكيان بعد طوفان الأقصى على خطاب ووعي جديد إزاء الصدمة، كان ضروريا بمكان أن يذهب في الدم، وقد وقف خلفه قادة الغرب الذي أسّس لثقافة التفوّق في أدبيّاته.

* * *

هل كان يمكن لأيّ ذهن بشري قبل العدوان المستمرّ أن يتخيّل الصورة التي آل إليها قطاع غزّة جرّاء هذا العدوان؟ كان يمكن مقاربة ذهن الاحتلال وميله الفطري إلى البطش والتخريب والقتل، باعتباره يتّكئ، ومنذ لحظة اختلاقه الأُولى إلى عقائد مسيانية مشوَّهة، تَفترض أنّ القتل هبة إلهية، وأنّ التدمير، بتنويعاته المختلفة، خدمةٌ لمن يحملون في جيناتهم المريضة فانتازيا التفوّق المدفوعة بادّعاءات الحقّ الإلهي وامتلاك مفاصل التاريخ البعيد.

لعلّ اللافت في ما حدث، وما زال يحدث حتى اللحظة، أنّ سلسلة الخطابات والتصريحات الممنهَجة التي قادت إلى لحظة الحرب العليا، كانت كلُّها تحاول أن تنزع صفة الآدمية عن الفلسطينيّين؛ نزعٌ رافقه استدعاء لمقولات مؤسِّسة في الذهن الصهيوني حول الخطر الوجودي وطعنة ذكرى التأسيس والوحوش البشرية باعتبارها آخر ما تفتّق عنه وعي الصدمة في مجتمع الحاخامات الجديد القديم، نظراً إلى أنّ هذه التصريحات الآن. وقد انقضى أكثر من 120 يوماً على خروجها إلى الهواء، بات من اليسير الجزم إلى ماذا مهّدت: القتل بلا هوادة، والتخريب بلا توقّف.

ثمّة ولادات كثيرة عصفت بمجتمع الاحتلال منذ اختلاقه في العام 1948، وما حملته هذه الولادات من صدمة البدايات المؤسِّسة لما يلي، وترسّخت من جملة ما ترسّخ أيديولوجيا التفوّق على المحيط.

فلطالما بنى هذا المجتمع نفسه ووعيه على فكرة غابة العداء، وبحر الوحوش الذين ينتظرون لحظة الانقضاض، لكن صدمة 7 أكتوبر أدّت إلى ولادة جديدة، غريبة وصادمة، أُقفلت معها صفحة أفكار كثيرة دار الوعي الصهيوني في فلكها لسبعة عقود كاملة؛ ومنها احتكار المبادرة بالهجوم، والقدرة على الحسم دائماً، والانسجام مع العالم في كلّ الأوقات.

وإذا كانت ولادة عام 1948 بالنسبة إلى الذهن اليهودي قد ارتبطت بالجلوس، عقيدة ودولة، فقد كانت ولادة عام 1967 ولادة النصر السريع الساحق، لكن عام 1973 دوّن ارتداداته اللاحقة، من قلب وحل المفاوضات والسياسة، كان محض ولادة صغيرة لاستفاقة من الحلم، ولمّا كان عام 1978 باعتباره عاماً لصعود اليمين الذي حاول القضاء على المقولة المركزية المرتبطة بهوية الدولة والإجهاز على من أداروا الكيان الصهيوني منذ لحظة تأسيسه، كان عام 2023 عاماً للوصول الكاسح لتمظهرات اليمين المتطرّف الذي فرط أحشاءه أمام العالم على فكرة اللون الخالص والحسم التام مع قدوم الحكومة الأكثر يمينية والأكثر تطرّفاً والأكثر وضوحاً بالضرورة.

هكذا بدا الجدول الزمني للكيان قبل 7 أكتوبر تواريخ رتيبة، وبدايات تؤسّس للآتي المعروف، ولا خطر وجودياً يدقّ الجدران حتى تلك اللحظة، في خطاباتها المعلنة بالحد الأدنى. وإذ استيقظ الكيان بعد عملية طوفان الأقصى على خطاب جديد، ووعي جديد إزاء الصدمة الجديدة، كان من الضرورة بمكان أن تذهب في الدم، وقد وقف خلفها كلّ قادة الغرب الذي أسّس لثقافة التفوّق في أدبيّاته القديمة وما زال يحميها في ثقافته الجديدة.

تذهب في الدم أبعد ممّا يمكن تصوّره في مجتمعات ما بعد الحداثة وحقوق الإنسان وتلويناته المختلفة، لكن الذهن الذي قاد المذبحة/ الإبادة وروّج لها ودافع عنها ممسوساً برسائل متخيّلة عن الوحوش الآدميّين أو الآدميّين الوحوش، لم يكن ليذهب إلى كلّ ذلك لولا تلك النصوص التي كان، حتى وقت قصير، يجري تداولها في جلسات أشبه بالطقوس السرّية.

فتقتبس سفر القضاة من العهد القديم، بكلّ قصصه وتوجيهاته عن جدعون وأبيمالك ويائير ويفتاح، وشمشون الذي "انتقم عندما هدم البيت الذي كان مسجوناً فيه وقد حوى على ثلاثة آلاف رجل فرحين باعتقاله، فماتوا جميعاً مع شمشون"، لكنّ استدعاءها اليوم أصبح في وضح النهار، وتنفيذها يُعلَن للعالم وكأنّها محض قواعد لمنظومة العلاقات في عالمنا الجديد.

لم يكن الكيان الصهيوني وهو يفتح صفحة جديدة من صفحات التوحّش البشري الأعمى، أو يرفع واحدة من أفدح ذروات الشرّ فيه إلى الأعلى، مدفوعاً فقط بمنطق انتقام أعمى يريد أن يجبّ كابوس هزيمة اللحظة جانباً، ولا كان محض ترميم لصورة تشوّهت على مدار 75 عاماً بإعادة ترتيب اصطفافات الخوف والبطش في العالم، ولا باباً دوّاراً للجحيم على الفلسطينيين "الأغيار"، الذين لطالما وجدوا أنفسهم في قلب عاصفة التحريض والشيطنة، بل كان، وإلى جانب ذلك كلّه، يريد أن يمحو تاريخاً ضاغطاً على وعيهم، وحاضراً خطراً على وجودهم، وسؤالاً أخلاقياً ملحّاً يعيد اللحظة إلى سؤالها الأوّل: هل وصل الوحش أخيراً إلى لحظة انطفائه الأكيدة؟

*أمير داود كاتب من فلسطين

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين تخريب توحش 7 أكتوبر عقيدة القتل الكيان الصهيوني العهد القديم

إقرأ أيضاً:

«حزب الله» يشيد بالهجوم الصاروخي النوعي لأنصار الله الذي كشف «وهن الكيان وضعفه»

عواصم «د.ب.أ»: أشاد حزب الله، اليوم بالهجوم الصاروخي النوعي الذي شنته جماعة أنصار الله اليمنية على وسط إسرائيل.

وقال حزب الله في بيان صحفي اليوم أوردته الوكالة الوطنية للإعلام: «نشيد إشادة عالية بالهجوم الصاروخي النوعي على الكيان الصهيوني الذي نفذته القوة الصاروخية في القوات المسلحة اليمنية وحقق أهدافه بدقة بالغة في ظروف عسكرية معقدة وكشف وهن هذا الكيان وضعفه على كافة المستويات».

وأضاف البيان: «إن القرار الشجاع الذي أخذته القيادة في اليمن العزيز بالرد على العدوان هو تعبير حقيقي عن الموقف العام والموحد لمحور المقاومة على كافة الجبهات بمواصلة الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني المظلوم ومقاومته الشريفة والباسلة ورفع الظلم والمعاناة عنه وإيقاف حرب الإبادة العنصرية والإجرامية».

وكانت جماعة أنصار الله في اليمن أعلنت الأحد تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت هدفًا عسكريًا في إسرائيل، وذلك بصاروخ باليستي جديد فرط صوتي.

قتيل ومصابون

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم مقتل شخص وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان.

وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان صحفي اليوم: إن «غارة العدو الإسرائيلي على بلدة حولا أدت إلى استشهاد شخص وإصابة شخصين آخرين بجروح».

وأشارت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن «طيرانًا حربيًا إسرائيليًا أغار على بلدة حولا»، لافتة إلى أن «أطراف وادي حسن وشيحين تعرضت لقصف مدفعي معاد».

وأعلن حزب الله، في بيانين منفصلين، أنه استهدف جنودًا إسرائيليين في محيط موقع المطلة الإسرائيلي بالأسلحة الصاروخية، كما قصف موقع بركة ريشا الإسرائيلي بقذائف المدفعية.

45 صاروخا من لبنان

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإطلاق نحو 45 صاروخا صباح اليوم من لبنان باتجاه كريات شمونة، وإصبع الجليل، وشمال هضبة الجولان.

وذكرت قناة 14 الإسرائيلية أنه «تم اعتراض بعض الصواريخ وسقط بعضها في مناطق مفتوحة وأدى ذلك إلى اندلاع حرائق»، مشيرة إلى اختراق أربع طائرات بدون طيار الأراضي الإسرائيلية، ووقع عدد من الإصابات الطفيفة نتيجة لذلك.

وطبقا للوكالة، «جرى إبلاغ الأهالي في مجدل شمس أنه لن تكون هناك دراسة بسبب الأوضاع الأمنية».

التصعيد شمالا

على وقع حرب واسعة النطاق تلوح في الأفق على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وفي وقت تقترب فيه الحرب في قطاع غزة من دخول عامها الثاني، ووسط اعتراف من قبل الجيش الإسرائيلي بنقص في عدد قواته وعتاده، كشفت صحيفة بيلد الألمانية عن تعليق الحكومة الألمانية الموافقة على طلب إسرائيل لشراء آلاف القذائف وأسلحة. ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تسمها، أن برلين تفرض «حظرًا هادئًا» على بيع الأسلحة لتل أبيب، في ظل تزايد الانتقادات الدولية لاستمرار الحرب على غزة. وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن عملية بيع السلاح من قبل ألمانيا لإسرائيل تأخرت منذ بداية الحرب، ولم تتم الموافقة إلا على عدد قليل من الطلبات. وتنضم ألمانيا بهذا الموقف، الذي لم يعلن رسميًا من قبل الحكومة، إلى عدد من الدول الأوروبية التي فرضت قيودًا على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل على خلفية مخاوف بشأن حماية المدنيين في غزة. ويرى محللون أن هذه الخطوة ربما تمثل ضربة قوية لإسرائيل، إذا ما وضع في الاعتبار أن ألمانيا تأتي في المرتبة الثانية خلف الولايات المتحدة كأكبر مصدري الأسلحة لإسرائيل.

فبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، صدرت ألمانيا في الفترة ما بين عامي 2019 و2023 نحو 30% من إجمالي الأسلحة التقليدية الرئيسية التي استوردتها إسرائيل، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بنسبة 69%.

وتأتي هذه التطورات غداة تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن اتخاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قرارا بتوسيع المعركة على الجبهة الشمالية، في إشارة للتصعيد مع حزب الله اللبناني.

وتحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن انقسام بين أعضاء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) بشأن قرار توسيع العمليات شمالا والذي ربطه نتانياهو بقدرات الجيش. ونقلت الهيئة عن نتانياهو قوله لأعضاء الكابينت: إن «معركة واسعة في الشمال لن تؤثر على الضغط العسكري في غزة ولا على احتمالات إبرام صفقة».

وركزت هيئة البث الإسرائيلية على انعكاس هذه القضية على الخلاف القائم بالأساس بين نتانياهو الذي يدفع لإطلاق عملية عسكرية واسعة ضد حزب الله، وبين وزير الدفاع يوآف جالانت الذي يدعو إلى التريث وإعطاء فرصة إضافية للوساطة قبل شن هجوم «قد يتحول إلى حرب شاملة».

ونقلت هيئة البث عن مقربين من نتانياهو قوله: «إذا حاول جالانت أن يحبط عملية عسكرية في الشمال سيقال من منصبه». وربما تبرهن هذه التصريحات على تفاقم الخلافات وزيادة الهوة بين المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • دلالات الضربة اليمنية على الكيان الصهيوني وتداعياتها
  • مجلس الشورى يدين العدوان السيبراني الذي نفذه الكيان الصهيوني على لبنان
  • إيران تطالب بضرورة محاسبة الكيان الصهيوني على جريمته الشنيعة في لبنان
  • كنعاني: ما يرتكبه الكيان الصهيوني في غزة دليل على انعدام الأمن المنظم في العالم
  • مجلس الشورى يدين عدوان الكيان الصهيوني على لبنان
  • 50 % من شركات تكنولوجيا الكيان الصهيوني تعاني من إلغاء الاستثمارات
  • تبعات ضربة “تل أبيب” تطال المشهد السياسي داخل الكيان الصهيوني
  • بعد طائرة “يافا”.. ما الذي حمله الصاروخ اليمني إلى قلب الكيان؟
  • «حزب الله» يشيد بالهجوم الصاروخي النوعي لأنصار الله الذي كشف «وهن الكيان وضعفه»
  • السنوار في رسالة للحوثي: أبارك وصول صواريخكم لعمق الكيان الصهيوني