عربي21:
2025-02-08@16:52:02 GMT

بطولات الجرّافة D9 (قصة قصيرة من وحي المعركة)

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

اعتلى جرّافته العملاقة (D9)، هذه الجارفة أو الجرّافة أو قل أم الجوارف.. لا يقف أمامها شيء، تنخلع الأرض من تحتها بما حوت من صخور وشوارع مسفلتة وجدران ومنازل، إذا أتت قرية تبّرت ما فيها وقلبت سافلها على عاليها.. هذا الفريق الهيدرولوجي الميكانيكي المدمّر يأتمر بأمر هذا السائق الذي "تفولذت" روحه ومشاعره إلا بقية باقية تلوح في قلبه بين الحين والآخر.

قصير مفلطح الوجه، ذو أنف مدبّب ووجنتين صغيرتين، كل شيء فيه صغير لا يكاد يُرى في غرفة القيادة، مولع بغروره الذي يجعله عظيما في نفسه على أنه يحرّك هذا الكائن الحديديّ العملاق.

كانت مهمّة اليوم التي أُوكلت له صباحا أن يزيل مخيمّا من "أكواخ بُنيت من ألواح الزينكو"، أشد الناس فقرا في قطاع غزّة هو هذا الجيب السكّاني، مدقع الفقر والبؤس وشظف الحياة، رجاله يعملون في الحقول القريبة فيوفّرون لقمة العيش بشقّ الأنفس، ينزفون عرقا وتعبا وشقاء طيلة النهار ثم يأوون إلى هذه التي تسمّى بيوتا لهم ليكملوا فيها دورة الليل، كثيرو الأطفال والعيال، لا يتطّلعون إلا إلى مستقبل أفضل لأبنائهم مختلف عما مرّو به من حياة على حافّة الموت والفناء، هم لاجئون منذ سنة 1948؛ جّرتهم من قراهم الأصليّة عصاباتٌ صهيونية لتبني دولتها العتيدة على أنقاض تلك القرى الفلسطينية.

"أنت أيها القائد السائق اليوم بيدك مصائر هذه الحيوانات البشرية، أبناء هؤلاء هم من ارتكبوا الإرهاب في دولتك العظيمة، أبناء هؤلاء هم الذين تجرأوا علينا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وقاموا بالمذبحة".. هكذا قالوا لنا زعامتنا وهذا ما عهدناهم عليه منذ نشأتنا، "جيناتهم الوراثية جينات مزروع فيها كل أوساخ البهائم المقيتة، ليسوا بشرا في أيّ حال من الأحوال، فلو كذبت علينا زعامتنا، فهذا هو دأب الزعامة السياسية، عادة ما يكذبون، ولكنّ أصول هؤلاء الفلسطينيين مدفون في أعماقها الشرّ كلّه والخبث كلّه.. لذلك أرح ضميرك ولا تجعل له صوتا يزعجك، حتى لو سمعت صوتا فلا تنزعج، أنت تقوم بمهمّة إنسانيّة لا مثيل لها في البشريّة كافّة، أنت تريح البشرية من هذه الحشرات السامّة والافاعي الضارّة، ساوي هذه البيوت الآيلة للسقوط بالأرض، تصالح مع ضميرك ولا تمعن النظر كثيرا فهؤلاء لا يستحقّون منك النظر".

انقضّ على المخيم الصفيحيّ المتهاوي انقضاض الضبع على فريسته دون أيّ سابق إنذار، كان الصباح مبكّرا فهبّ الناس فزعين من نومهم على وقع هذا الصوت المداهم المزمجر، فرّ من فرّ وداهمه السّحق تحت الركام وجنزير الجرافة من لم يستطع النفاذ بريشه، وضع السائق الهمام سماعة في أذنه وفتح على اليوتيوب ليعيد مشاهدة مؤتمر إعادة الاستيطان في غزة بقيادة زعامة حزب ما يسمّى "عظمة إسرائيل"، انتشى عاليا وهو يرى ويسمع صوت الرقص الصاخب والهتافات العظيمة التي تنذر العرب بالموت، وشعارات من خطبوا في ذاك المهرجان: ألقوهم في البحر، أعيدوا الاستيطان إلى غزّة، أقيموا المنتزهات على رمال غزة الصفراء..

أشعل سيجارته، نفث دخانها من فوق أنفه عاليا، تخيّل البيوت التي تتهاوى أمامه جيشا ينتصر عليه ويلحق به شرّ هزيمة ويحقّق بذلك أعظم الانتصارات، هو الآن ينتصر، يعلو عاليا، شعر بأن الجارفة تتحوّل الى طائرة إف 16، يحلّق بها عاليا فيلقي صواريخه المدمِّرة، ويتساءل: لم يُتعبون أنفسهم بمثل هذه الجارفات؟ الطائرات تدمّر بشكل أسرع وتنهي المهمّة بشكل أفضل..

وصل نهاية الخط الذي داسه بنشوة ساديّة عارمة، ويمنّي نفسه بإرسال قصّة "بطولته الباسلة" وهو ينتقم من هذا المخيم المصفّح بالبلاستيك والكرتون، إلى محبوبته ثم هي تقوم بتوزيعها على مجموعات الواتساب والتك توك والانستغرام وبقيّة أخواتها الفاضحات والناشرات لأعظم "البطولات"، وكان لا بدّ من صورة "سيلفي" وهو يعتلي مدمّرته العظيمة وخلفه الدمار الهائل الذي صنعه بيديه "الصغيرتين الجميلتين". لدى محبوبته الآن ألبوم من صور السيلفي التي قام حبيبها بتصويرها، وكان ختام كل عملية تدميريّة يتفنّن فيها في الخراب وسحق المنازل الجميلة والأحياء البديعة فيرسل صورتين؛ صورة قبل ما تفعل جرافته فعلها وصورة بعد أن تظهر تجلياتها الفظيعة، فتذر المكان قاعا صفصفا، يشارك محبوبته في متعته الساديّة ويشربون معا نخب إنجازاته العظيمة.

لم يكن بحسبانه أن مقاوما فلسطينيّا ينتظره براجمة الياسين 105 المدمّرة نهاية الطريق وقبل أن يستدير ليفتح طريقا ثانية على ركام البيوت الصفيحية المحطّمة، وقبل أن يلتقط الصورة التي يمنّي بها نفسه، سبقه فريق التصوير للمقاومة الفلسطينية، ضرب المقاوم لتصيب القذيفة غرفة القيادة فتحيلها من حديد إلى لهب، وكانت الصورة التي وصلت الإعلام وكلّ الآفاق وبكل تأكيد، وصلت الحبيبة ولكنها دون محبوبها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

محمد عباس: الفجيرة ترسم خريطة الطريق لشباب الكاراتيه

 
علي معالي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة منتخب السلة يضم 15 لاعباً في معسكر صربيا حلبة ياس تستقبل 3 بطولات


يشهد اتحاد الكاراتيه اجتماعات مكثّفة للوقوف على التفاصيل كافة، قبل انطلاق الدوري العالمي لشباب الكاراتيه بالفجيرة من 20 إلى 23 فبراير الجاري، في مجمع زايد الرياضي، مشاركة قياسية من اللاعبين واللاعبات والدول.
ويرى الخبير محمد عباس، المدير التنفيذي لاتحاد الكاراتيه، عضو اللجنة الفنية بالاتحاد الدولي، المدير الفني لبطولة الفجيرة، أن المنافسات ستكون «نسخة استثنائية» كما عودتنا الفجيرة، من خلال الدعم الكبير والرعاية الكريمة التي تلقاها البطولة من سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، والمتابعة الدقيقة حتى تخرج بالمستوى الجيد، في ظل نجاح النسختين السابقتين.
قال محمد عباس: «إنها واحدة من أقوى بطولات الشباب، وتسهم في رسم خريطة الطريق لمستقبل هذه الفئة السنية، وتزرع في نفوس اللاعبين الصغار المزيد من الثقة وتكوين الشخصية، ومؤشر كبير لما يكون عليه اللاعب، وهي ضمن خطة الاتحاد الدولي».
وأضاف: «بصفتي الفنية سواء المحلية أو الدولية، أرى أنها أكثر أهمية من «البريميرليج»، لأنها البداية الأساسية لبناء الأجيال، واستضافة الدولة لهذه النسخة لتكون الوحيدة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤشر على ثقة الاتحاد الدولي، في قدراتنا التنظيمية، على اعتبار أنه تتم استضافة 5 جولات كل عام».
وقال: «عندما يتم التنظيم في أوروبا مثلاً، تكون حركة التنقل بين البلدان القارة سهلة وسريعة، وبمقارنة عدد المشاركين في نسخة الفجيرة وأوروبا سيكون عدد المشاركين هنا أكثر، وهذا دليل على رغبة اللاعبين في التواجد في ملاعبنا، نظراً للاستقبال وتنظيمنا المثالي للأحداث الكبيرة».
وأضاف: «الوعي يتزايد فترة بعد الأخرى في المجتمع بأهمية اللعبة، وانتشارها وهذه البطولات الكبرى يشارك فيها عدد كبير من الموجودين على أرض الدولة، ويلعبون باسم بلدانهم، وبعيداً عن أجواء المنافسة بين شباب المستقبل، فإن البطولة فرصة لنشر ثقافتنا وتراثنا الإماراتي، وعاداتنا العربية الأصيلة».

مقالات مشابهة

  • توصية من بلديات قرى القطاعين الغربي والاوسط.. هذا ما جاء فيها
  • ميرة منصور.. وجه جديد في «دولية» فزاع لأصحاب الهمم
  • بطولات فزاع لـ"أصحاب الهمم": أكثر من 25 مؤسسة تدعمنا في عام المجتمع
  • نائب أمريكي لـCNN: يجب وضع بلدنا ضمن الأماكن التي سيتم إعادة توطين الفلسطينيين فيها
  • تحويل القبلة في النصف من شعبان .. حكمته ومقاصده العظيمة
  • الحرب في ولاية الخرطوم محسومة تماماً، قبل ما تبدا المعركة الفاصلة
  • محمد عباس: الفجيرة ترسم خريطة الطريق لشباب الكاراتيه
  • حلبة ياس تستقبل 3 بطولات
  • بطولة دبي للتنس.. الدورة 33 تنطلق بعد 10 أيام
  • خطابات أبي عبيدة وكسب المعركة الإعلامية