عربي21:
2025-03-17@01:46:10 GMT

بطولات الجرّافة D9 (قصة قصيرة من وحي المعركة)

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

اعتلى جرّافته العملاقة (D9)، هذه الجارفة أو الجرّافة أو قل أم الجوارف.. لا يقف أمامها شيء، تنخلع الأرض من تحتها بما حوت من صخور وشوارع مسفلتة وجدران ومنازل، إذا أتت قرية تبّرت ما فيها وقلبت سافلها على عاليها.. هذا الفريق الهيدرولوجي الميكانيكي المدمّر يأتمر بأمر هذا السائق الذي "تفولذت" روحه ومشاعره إلا بقية باقية تلوح في قلبه بين الحين والآخر.

قصير مفلطح الوجه، ذو أنف مدبّب ووجنتين صغيرتين، كل شيء فيه صغير لا يكاد يُرى في غرفة القيادة، مولع بغروره الذي يجعله عظيما في نفسه على أنه يحرّك هذا الكائن الحديديّ العملاق.

كانت مهمّة اليوم التي أُوكلت له صباحا أن يزيل مخيمّا من "أكواخ بُنيت من ألواح الزينكو"، أشد الناس فقرا في قطاع غزّة هو هذا الجيب السكّاني، مدقع الفقر والبؤس وشظف الحياة، رجاله يعملون في الحقول القريبة فيوفّرون لقمة العيش بشقّ الأنفس، ينزفون عرقا وتعبا وشقاء طيلة النهار ثم يأوون إلى هذه التي تسمّى بيوتا لهم ليكملوا فيها دورة الليل، كثيرو الأطفال والعيال، لا يتطّلعون إلا إلى مستقبل أفضل لأبنائهم مختلف عما مرّو به من حياة على حافّة الموت والفناء، هم لاجئون منذ سنة 1948؛ جّرتهم من قراهم الأصليّة عصاباتٌ صهيونية لتبني دولتها العتيدة على أنقاض تلك القرى الفلسطينية.

"أنت أيها القائد السائق اليوم بيدك مصائر هذه الحيوانات البشرية، أبناء هؤلاء هم من ارتكبوا الإرهاب في دولتك العظيمة، أبناء هؤلاء هم الذين تجرأوا علينا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وقاموا بالمذبحة".. هكذا قالوا لنا زعامتنا وهذا ما عهدناهم عليه منذ نشأتنا، "جيناتهم الوراثية جينات مزروع فيها كل أوساخ البهائم المقيتة، ليسوا بشرا في أيّ حال من الأحوال، فلو كذبت علينا زعامتنا، فهذا هو دأب الزعامة السياسية، عادة ما يكذبون، ولكنّ أصول هؤلاء الفلسطينيين مدفون في أعماقها الشرّ كلّه والخبث كلّه.. لذلك أرح ضميرك ولا تجعل له صوتا يزعجك، حتى لو سمعت صوتا فلا تنزعج، أنت تقوم بمهمّة إنسانيّة لا مثيل لها في البشريّة كافّة، أنت تريح البشرية من هذه الحشرات السامّة والافاعي الضارّة، ساوي هذه البيوت الآيلة للسقوط بالأرض، تصالح مع ضميرك ولا تمعن النظر كثيرا فهؤلاء لا يستحقّون منك النظر".

انقضّ على المخيم الصفيحيّ المتهاوي انقضاض الضبع على فريسته دون أيّ سابق إنذار، كان الصباح مبكّرا فهبّ الناس فزعين من نومهم على وقع هذا الصوت المداهم المزمجر، فرّ من فرّ وداهمه السّحق تحت الركام وجنزير الجرافة من لم يستطع النفاذ بريشه، وضع السائق الهمام سماعة في أذنه وفتح على اليوتيوب ليعيد مشاهدة مؤتمر إعادة الاستيطان في غزة بقيادة زعامة حزب ما يسمّى "عظمة إسرائيل"، انتشى عاليا وهو يرى ويسمع صوت الرقص الصاخب والهتافات العظيمة التي تنذر العرب بالموت، وشعارات من خطبوا في ذاك المهرجان: ألقوهم في البحر، أعيدوا الاستيطان إلى غزّة، أقيموا المنتزهات على رمال غزة الصفراء..

أشعل سيجارته، نفث دخانها من فوق أنفه عاليا، تخيّل البيوت التي تتهاوى أمامه جيشا ينتصر عليه ويلحق به شرّ هزيمة ويحقّق بذلك أعظم الانتصارات، هو الآن ينتصر، يعلو عاليا، شعر بأن الجارفة تتحوّل الى طائرة إف 16، يحلّق بها عاليا فيلقي صواريخه المدمِّرة، ويتساءل: لم يُتعبون أنفسهم بمثل هذه الجارفات؟ الطائرات تدمّر بشكل أسرع وتنهي المهمّة بشكل أفضل..

وصل نهاية الخط الذي داسه بنشوة ساديّة عارمة، ويمنّي نفسه بإرسال قصّة "بطولته الباسلة" وهو ينتقم من هذا المخيم المصفّح بالبلاستيك والكرتون، إلى محبوبته ثم هي تقوم بتوزيعها على مجموعات الواتساب والتك توك والانستغرام وبقيّة أخواتها الفاضحات والناشرات لأعظم "البطولات"، وكان لا بدّ من صورة "سيلفي" وهو يعتلي مدمّرته العظيمة وخلفه الدمار الهائل الذي صنعه بيديه "الصغيرتين الجميلتين". لدى محبوبته الآن ألبوم من صور السيلفي التي قام حبيبها بتصويرها، وكان ختام كل عملية تدميريّة يتفنّن فيها في الخراب وسحق المنازل الجميلة والأحياء البديعة فيرسل صورتين؛ صورة قبل ما تفعل جرافته فعلها وصورة بعد أن تظهر تجلياتها الفظيعة، فتذر المكان قاعا صفصفا، يشارك محبوبته في متعته الساديّة ويشربون معا نخب إنجازاته العظيمة.

لم يكن بحسبانه أن مقاوما فلسطينيّا ينتظره براجمة الياسين 105 المدمّرة نهاية الطريق وقبل أن يستدير ليفتح طريقا ثانية على ركام البيوت الصفيحية المحطّمة، وقبل أن يلتقط الصورة التي يمنّي بها نفسه، سبقه فريق التصوير للمقاومة الفلسطينية، ضرب المقاوم لتصيب القذيفة غرفة القيادة فتحيلها من حديد إلى لهب، وكانت الصورة التي وصلت الإعلام وكلّ الآفاق وبكل تأكيد، وصلت الحبيبة ولكنها دون محبوبها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

تامر حسني برفقة بناته: شكرا على المفاجأة العظيمة

شارك الفنان تامر حسني مقطع فيديو برفقة بناته تاليا وامايا عبر حسابه الشخصي علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك

أحلى قطايف.. تامر حسني يهنئ سامح حسين على نجاح برنامجهتامر حسني ولا محمد رمضان.. محمد سامي يرشح الفنان الأنسب لبطولة فيلمانتظروا الجديد.. تامر حسني من أحدث جلسة تصوير

وكتب تامر حسني:"تعالوا بالحضن تعالوا النهاردة كان يوم مميز أوي أوي أوي بيكم شكراً على المفاجأة العظيمة الي عملتوها ".

تامر حسني يصدر بيانا يحذر فيه جمهوره من استغلال اسمه

وأصدر الفنان تامر حسني بيانًا يحذر فيه جمهوره من عمليات احتيال إلكتروني يقوم بها بعض الأشخاص التى تستغل اسمه وعلامته التجارية للإعلان عن حفلات وهمية.

وجاء البيان كالأتي: “أكد البيان أن جميع حفلات تامر حسني يتم الإعلان عنها فقط عبر الصفحات الرسمية للفنان والشركة، وأن أي إعلانات غير معتمدة هي محض احتيال”. 

وأكدت إدارة الشركة المسؤلة عن أعمال تامر حسني على ضرورة توخي الحذر وعدم الانسياق وراء الإعلانات المزيفة التي تستهدف خداع الجمهور.

وأشار البيان إلى أن الشركة تتابع قانونيًا هذه الصفحات الوهمية والأشخاص القائمين عليها، وتتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لحفظ حقوق الفنان والشركة، وضمان عدم تعرض الجمهور لأي نصب أو احتيال.

واختتمت الشركة البيان بتأكيد احترامها لجمهور تامر حسني، مطالبة الجميع بالتأكد من مصدر أي إعلان رسمي قبل التعامل معه.

 

أحدث أغاني تامر حسني

يذكر أن تامر حسني ورامي صبري طرحا أغنيتهما "فعلا مبيتنسيش" على طريقة الفيديو كليب عبر موقع “يوتيوب”، وهي من كلمات عمرو تيّام، وألحان شادي حسن، وتوزيع طارق توكل، وإخراج تامر حسني.

مقالات مشابهة

  • تامر حسني برفقة بناته: شكرا على المفاجأة العظيمة
  • السباحة الإماراتية.. محطات تاريخية ونقلة نوعية
  • السوداني يستذكر جريمة حلبجة: نعيش اليوم بفضل التضحيات العظيمة
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • العراق ساحة المعركة القادمة .. بعد بيروت ودمشق إيران قد تفقد بغداد
  • محمد بن راشد: مستقبلنا مرهون باهتمامنا بالإمكانيات العظيمة التي يحملها كل طفل في بلادنا
  • القبض على شاب ضرب فتاة ترتدي ملابس قصيرة في نهار رمضان.. صور
  • منافسات قوية في بطولات أبلان والاتحاد والشعب في إب
  • أمير طعيمة: أضع ضوابط خاصة لاختيار الأعمال التي أشارك فيها .. فيديو
  • «فهود زعبيل» و«الهلال» يُحلقان عالياً في «طائرة ند الشبا»