بين التاريخ وأمنيات الـ22 مليار دولار.. ما قصة رأس الحكمة في مصر؟
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
شغل اسم "رأس الحكمة" الرأي العام المصري، خلال الأيام الأخيرة، وبات الحديث الأول لوسائل الإعلام وتعليقات المراقبين والمستخدمين على وسائل الإعلام، مع أحاديث ارتفاع الأسعار، وذلك بعد الحديث عن تدفق أموال إماراتية للاستثمار في هذه المنطقة الساحلية في شمال غرب مصر.
وبين حديث عن "بيع" أو "استثمار"، لم يصدر، حتى نشر هذا التقرير، أي تصريح رسمي من القاهرة بشأن الأنباء التي أشارت إلى أن مستثمرين إماراتيين سوف يضخون نحو 22 مليار دولار في مشروع لتنمية رأس الحكمة.
وجاء في تقرير لصحيفة "اليوم السابع" أن قيمة المشروع تبلغ 22 مليار دولار تقريبا، وسيتم تنفيذه بالتنسيق مع وزارة الإسكان.
ولم يتضح إذا كان هذا المبلغ هو كلفة الأرض، أم إجمالي قيمة الاستثمار المستهدف.
ووسط غياب أي تصريح رسمي، تداولت صحف مصرية ما نشرته قناة "القاهرة الإخبارية" نقلا عن "مصدر مسؤول" إن مصر تعكف حاليا على إنهاء مخطط تنمية منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي.
وقال المصدر إنه "يجري بالفعل التفاوض مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى للوصول إلى اتفاق يتم إعلانه قريبا عن بدء تنمية المنطقة، البالغ مساحتها أكثر من 180 كيلومترا مربعا، بما يمكن الدولة المصرية من وضعها على خريطة السياحة العالمية خلال 5 سنوات على الأكثر".
وجاء في صحيفة اليوم السابع: "اقترب الاتفاق بين الحكومة المصرية وعدد من الشركات والجهات الإماراتية على تنمية مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي".
وعلمت "صحيفة المال" أن المشروع المرتقب "يتضمن إتمام اتفاقيات بين وزارة الإسكان المصرية وعدة جهات سيادية إماراتية أبرزها وزارة المالية، لتنفيذ عقود شراكات بنظام الحصة العينية والنقدية، مع سداد الطرف الإماراتي نحو 22 مليار دولار نظير شراء أراض بتلك المنطقة".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ردد البعض أن الحكومة المصرية لجأت إلى "بيع أرض رأس الحكمة" من أجل الحصول على مليارات الدولارات.
وسبق أن أعلنت مصر عن بيع أصول للدولة للمساعدة في تمويل أقساط الديون الخارجية الثقيلة المستحقة هذا العام وإفساح المجال للقطاع الخاص، في إطار حزمة دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار وقعتها مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022.
مين ادى الحق للمدعو عبد الفتاح السيسي انه يبيع رأس الحكمة؟ يعني كانت من ميراث امه ولا ابوه؟ ولا الشعب هو اللي ورث امه؟
— Amr Waked (@amrwaked) February 2, 2024من جانبه، أكد الإعلامي ومقدم البرامج المصري الشهير، أحمد موسى، وجود مشروع استثماري في منطقة رأس الحكمة، وقال في برنامجه "على مسئوليتي" المذاع على قناة "صدى البلد": "مشروع رأس الحكمة أحد مشروعات مخطط التنمية المصرية 2052”.
لكنه أكد أن "ما يحدث هو استثمار، وليس بيعا مطلقا"، وأوضح أن: "مشروع رأس الحكمة سيكون أكبر من مدينة العلمين الجديدة"، وهي مدينة قريبة بالساحل الشمالي ضخت فيها الحكومة الأموال.
ما هي رأس الحكمة؟هي قرية تابعة لمدينة مرسى مطروح، على الساحل الشمالي لمصر، شرق مدينة مرسى مطروح. وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم.
ويوضح الخبير الاقتصادي المصري، عادل عامر، في تصريحات لموقع الحرة، أن القرية أنشأها الملك فاروق، آخر ملوك مصر، عام 1948، لتكون منتجعا للأسرة المالكة والوزراء.
ويشير إلى أن نظام الحكم في ذلك الوقت أدرك الأهمية الكبيرة لهذه المنطقة بسبب موقعها الاستراتيجي وشواطئها الخلابة.
لكن القيادات السياسية لم تتخذ أي خطوات نحو تنمية القرية على مر العقود الماضية لأسباب اقتصادية، إلى أن جاءت القيادة السياسية الجديدة لتعيد إحياء المشروع من أجل خلق قيمة مضافة للاقتصاد المصري، وفق عامر.
وتشير صحيفة "الأخبار" المصرية إلى أن تنمية رأس الحكمة "جزء من مخطط الدولة المصرية 2052 لتنمية الساحل الشمالي، وجعل المدينة على خريطة السياحة العالمية، خلال 5 سنوات، كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط والعالم".
وفي 2019، عقد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعا، لمتابعة "مشروع تخطيط ووضع الأسس والمبادئ التصميمية لمدينة رأس الحكمة الجديدة"، وأوضحت الوزارة حينها أن الرؤية المقترحة لمدينة رأس الحكمة الجديدة، أكدت أن المدينة ستكون مقصدا سياحيا عالميا".
وحددت أهدافا من بينها خلق مساحة مستدامة ﻋﻠﻰ البحر المتوسط تنافس مثيلاتها عالميا وتجمع بين اﻟﺣﯾﺎة الشاطئية والحيوانية والنباتية واﻟﺻﺣراء، وتحقيق مجتمع حضري مستدام.
وعددت صحيفة "اليوم السابع"، في تقرير سابق، الأسباب التي تجعل منطقة رأس الحكمة مستقبل الاستثمار السياحي في مصر، مشيرة إلى إنشاء طريق "فوكا" الذي يربط بين العاصمة القاهرة والساحل الشمالي ليختصر المسافة الحالية بينهما.
وتشير إلى أن الشريط الساحلي للمدينة، بطول 50 كيلو مترا، يتمتع بشواطئ خلابة من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية.
كما يعد إنشاء مدينة مليونية في منطقة العلمين، وما يتبعها من أنشطة صناعية وتجارية وسكنية، تجربة ستتيح لمنطقة "رأس الحكمة" الواعدة نشاطا سياحيا كبيرا خلال الـ20 عاما المقبلة.
وتشير كذلك إلى أن المنطقة تزخر بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات.
وتوضح قناة القاهرة الإخبارية، في أخر تحديثاتها عن المشروع، أنه تم الانتهاء من أعمال الرفع المساحي لها خلال الفترة الماضية، وبدأت أعمال التنفيذ الرسمية ودخول المعدات لمواقع العمل.
تقارير متضاربةوالاثنين، أوردت وكالة رويترز أن أسهم شركتي التنمية العقارية في مصر، "إعمار مصر للتنمية" المملوكة لرجل اعمال إماراتي، وشركة طلعت مصطفى، ارتفعت بعد تقارير عن تفاوضهما للحصول على مساحات كبيرة من الأراضي لإقامة مشروعات سياحية على ساحل البحر المتوسط في مصر.
وارتفع سهم "إعمار مصر" 8.37 في المئة إلى 5.31 جنيه مصري، بعد أن قفز 19.8 في المئة الأحد.
وقال أسامة مراد محلل سوق الأوراق المالية والرئيس التنفيذي لشركة "أم باور" للاستثمارات إن أسهم "إعمار مصر" ارتفعت بسبب تقارير تفيد بأنها ستقوم بتطوير منطقة رأس الحكمة.
وأورد موقع "أخبار البورصة" أن سهم الشركة الإماراتية ارتفع منذ بداية جلسة الخميس الماضي وحتى الآن بنسبة تصل إلى 38 في المئة، لكن الشركة نفت في إفصاح موجه للبورصة المصرية، خلال جلسة الأحد، وجود أي أخبار جوهرية غير معلنة.
وقالت مجموعة "طلعت مصطفى القابضة" في إفصاح للبورصة المصرية إنها تقوم بتقييم مشروع لتطوير 5540 فدانا (23.3 كيلومتر مربع) من الأراضي، على ساحل البحر المتوسط أيضا.
وارتفعت أسهمها 10.3 في المئة، الاثنين، إلى 37.50 جنيها.
وتوقع عادل عامر، في تصريحاته لموقع الحرة، ضخ 36 مليار دولار في مشروع رأس الحكمة، إلا أن البعض شكك في صحة الأرقام الواردة بالفعل عن ضخ 22 مليار دولار.
وكتب حازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهوري،: "عندما يكون إجمالي حجم أصول الشركة الإماراتية حول العالم أجمع مقدرا بـ38 مليار دولار، فمن المستحيل أن تستطيع ضخ سيولة نقدية فورية قدرها 22 مليار دولار".
يعني مستحيل شركة اعمار تدفع مقدما ٢٢ مليار دولار ،،، ده كلام غير دقيق وغير وارد عمليا
— حازم عمر - Hazem omar (@hazempresidency) February 3, 2024وركزت التقارير الواردة في الصحف المصرية على المردود الاقتصادي الناتج عن ضخ 22 مليار دولار في البنك المركزي المصري.
وكتبت صحيفة اليوم السابع: "معروض دولاري كبير في الأسواق خلال أيام.. تنمية رأس الحكمة يوفر سيولة دولارية تصل لـ22 مليار دولار.. تأثيرات مباشرة على أسعار الدولار في السوق السوداء ليتراجع من 70 إلى 56 جنيها حاليا".
ويقول عامر لموقع الحرة إن الأموال المستهدفة ستدخل خزينة البنك المركزي المصري، وهو ما سيحقق التوازن الدولاري في السوق، الذي يساعد جزئيا في القضاء على أسعار السوق السوداء، كما سيتيح ذلك فتح الاعتمادات لاستيراد المواد الخام وتشغيل المصانع المتوقفة عن العمل.
وكان خبير مصرفي، تحدث مع موقع الحرة، قد عزا تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مؤخرا، إلى ما يتداوله الإعلام المصري عن اقتراب الاتفاق مع صندوق النقد على قرض جديد، فضلا عن الحديث عن مشروع "رأس الحكمة".
ويتوقع عامر أن تضيف رأس الحكمة إلى الدخل القومي المصري من خلال السياحة والاستثمار العقاري والمشروعات التجارية.
ويرى أن من أهم أهداف المشروع اجتذاب الكثافة السكانية في القاهرة والمحافظات، وبالتالي استغلال الرقعة غير المستغلة في هذه المنطقة. ويقول عامر إن "الخطط التنموية المصرية بعيدة المدى تستهدف استغلال الاماكن الخالية وتنميتها".
ويشير إلى أن العلمين الجديدة، وهي مدينة أخرى في المنطقة تم ضخم استثمارات هائلة فيها، استطاعت أن تحقق مردودا اقتصاديا من خلال المشروعات السياحية وتنظيم المهرجانات والأحداث الثقافية.
وكتبت إلهام أبو الفتح في "صدى البلد" أن تنمية رأس الحكمة يأتي في إطار مخطط للتنمية العمرانية لمصر 2052 "لتنمية منطقة الساحل الشمالي لاستيعاب الزيادة السكانية، وخلق أنشطة اقتصادية وفرص عمل لآلاف الشباب للعمل في السياحة والخدمات الترفيهية والصناعات التكنولوجية، والمراكز التجارية والإدارية للشركات العالمية مع توفير الخدمات التعليمية والصحية المتميزة.
وقالت إن الحكومة تريد تحويل رأس الحكمة "من قرية صغيرة إلى مدينة استثمارية من أحدث مدن العالم الساحلية" لضخ استثمارات بالعملة الأجنبية لتقليص نسبة التضخم والسيطرة على سعر الدولار.
وقالت إن مدينة العلمين الجديدة التي أصبحت واحدة من المدن العالمية تعمل طوال العام، وليس في الصيف فقط، وتجذب عدة أنواع من السياحة ومنها السياحة التعليمية بجامعاتها التي بدأت العمل بالفعل.
لكن آخرين، على مواقع التواصل، كانت لهم وجهات نظر أخرى.
وأكدت هذه المعلقة أهمية "مشروع رأس الحكمة وقرض من الصندوق" في حل الأزمة الحالية" لكنها اعتبرت أن "هذه حلول مؤقتة استطعنا أن نشتري بها بعض الوقت للتوصل لحلول مستدامة وإلا الأزمة ستتكرر":
كويس اننا قدرنا نحل الأزمة الحالية من خلال مشروع راس الحكمة وقرض من الصندوق
لكن هذه حلول موقتة استطعنا ان نشتري بها بعض الوقت للتوصل لحلول مستدامة
والا الأزمة ستتكرر
في حين أشار آخرون إلى توجه الدولة نحو "المزيد من الانهيار والمزيد من الإفلاس":
لا العسكر يملون من تكرار الهلاوس وقنابل الدخان لخداع الناس وشراء الوقت ، ولا الناس تتوقف عن تصديق هذه الهلاوس وتعليق الآمال على حبالها المتهالكة، وفي كل مرة يفيق الوطن على المزيد من الانهيار والمزيد من الإفلاس !!#رأس_الحكمة pic.twitter.com/qRiFIX74Sd
— جمال سلطان (@GamalSultan1) February 2, 2024المصدر: الحرة
كلمات دلالية: تنمیة رأس الحکمة منطقة رأس الحکمة مشروع رأس الحکمة الساحل الشمالی البحر المتوسط الیوم السابع ملیار دولار فی المئة دولار فی إلى أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
خلال فعاليات «أديبك 2024».. أدنوك ترسي عقداً بقيمة 1.79 مليار درهم على شركة «بي جي بي» لتوسعة أكبر مشروع مسح جيوفيزيائي ثلاثي الأبعاد في العالم لمناطق في أبوظبي
أرست «أدنوك» عقداً بقيمة 1.79 مليار درهم (490 مليون دولار) على شركة «بي جي بي»، التابعة لمؤسَّسة البترول الوطنية الصينية «سي إن بي سي»، لتوسيع نطاق أكبر مشروع مسح جيوفيزيائي ثلاثي الأبعاد في العالم لمناطق برية وبحرية تنفِّذه الشركة في إمارة أبوظبي. ويركِّز العقد على تحديد موارد إضافية من النفط والغاز ضمن حقول «أدنوك» البرية المُنتجة حالياً.
وستوظِّف «أدنوك» وشركة «بي جي بي» تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته في تسريع عميلة تحليل البيانات الجيوفيزيائية، وتعزيز استخلاص موارد النفط والغاز، واستخدام البنية التحتية الحالية في الحقول المُنتجة لرفع كفاءة العمليات.
وسيُعاد توجيه أكثر من 70% من قيمة العقد إلى الاقتصاد المحلي عبر برنامج «أدنوك» لتعزيز المحتوى الوطني، ما يعكس التزام الشركة المستمر بالإسهام في دعم النمو الاقتصادي والصناعي المحلي، في إطار مكانتها كمزوِّد عالمي موثوق ومسؤول للطاقة.
وقال عبد المنعم سيف الكندي، الرئيس التنفيذي لدائرة الاستكشاف والتطوير والإنتاج في «أدنوك»: «تستمر (أدنوك) في الاستفادة من التقنيات الرائدة في قطاع الطاقة، لتعزيز القيمة وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة بشكلٍ مسؤول. ويؤكِّد استثمارنا في أكبر مشروع مسح جيوفيزيائي ثلاثي الأبعاد في العالم الدور المهم الذي تؤدِّيه التكنولوجيا المتقدِّمة في عملياتنا، حيث نستمر في تحقيق أقصى استفادة مُمكنة من موارد النفط والغاز، للمحافظة على مكانة دولة الإمارات مزوِّداً موثوقاً لإمدادات مستقرة وآمنة من الطاقة على المدى الطويل».
وكانت «أدنوك» قد أطلقت مشروع المسح الجيوفيزيائي ثلاثي الأبعاد في أواخر عام 2018، وهو يمثِّل أكبر مشروع من نوعه في العالم، حيث يغطّي مساحة 85,000 كيلومتر مربع من المناطق البرية والبحرية في إمارة أبوظبي. وصُمِّم المشروع لتوفير بيانات جيوفيزيائية ثلاثية الأبعاد بدقة عالية، ما يسهم في بناء فهم شامل للتراكيب الجيولوجية المعقَّدة في المنطقة.