الانهيار العقاري في الصين يهدد إمدادات السلع والموردين
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن تأثير أزمة العقارات في الصين على إمدادات وموردي المواد الخام، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار العقارات في الصين قد يؤدي إلى تدهور الوضع المالي للشركات المطورة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن أمر التصفية الأخير الذي أصدرته محكمة في هونغ كونغ لشركة العقارات الصينية العملاقة المثقلة بالديون "إيفرغراند" أثار تساؤلات مخيفة حول ما إذا كان الاقتصاد الصيني عبارة عن قنبلة موقوتة.
ومنذ وقت ليس ببعيد، كانت شركتان متنافستان لبناء العقارات، "إيفرغراند" و"كانتري غاردن"، بمثابة النموذج المثالي لسوق العقارات المزدهر في الصين. وتظهر نظرة خاطفة على دفاتر الأرقام القياسية أنه منذ سنة 2021، أعلنت أكثر من 50 شركة عقارية صينية مثقلة بالديون عن عجزها عن السداد، بما في ذلك شركتي "إيفرغراند" و"كانتري غاردن".
وذكر الموقع أنه مع انهيار المبيعات وتوقف الناس عن شراء المنازل، شاهد أولئك الذين اشتروا العقارات بالفعل المشاريع التي اعتمدوا عليها تعاني من تأخير مواعيد التسليم والإغلاق. وأخيرا، بعد سنوات من الوعود الفاشلة فيما يتعلق بإعادة هيكلة الديون وضخ الأموال الحكومية من حين لآخر، أمر قاضي محكمة هونغ كونغ بحلّ شركة "إيفرغراند".
المسمار الأخير في نعش "إيفرغراند"؟
وفقا لأحد التقديرات، تصل ديون "إيفرغراند" إلى 300 مليار دولار. وقد بدأت مشاكل شركة البناء في سنة 2020 عندما قدّمت الحكومة مجموعة جديدة من القواعد للحد من المبلغ المستحق على مطوري العقارات. وقد أجبر هذا شركات مثل "إيفرغراند" على بيع أسهمها بخصومات كبيرة وهنا تكمن المشكلة. فمن خلال الاقتراض مقابل العروض المستقبلية، كافحت شركة "إيفرغراد" للوفاء بجداول دفع الفائدة على ديونها.
وذكر الموقع أن الوضع أضحى محفوفًا بالمخاطر إلى درجة أن أسهم الشركة فقدت 99 بالمائة من قيمتها على مدى السنوات الثلاث الماضية. وفي السنة الماضية، أعلنت الشركة إفلاسها في نيويورك قبل الإعلان عن خطط لصفقة إعادة هيكلة بملايين الدولارات مع دائنيها. وبالنسبة للعالم الغربي، تعيد الأزمة حتماً الذكريات المروعة لأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة لسنة 2008. بالنسبة للآخرين، يمكن أن يكون لانهيار "إيفرغراند" تأثير متسلسل على الإمدادات والموردين، حيث كانت العقارات أحد محركات النمو الرئيسية في الصين.
وسارعت مصادر أخبار شركات البناء إلى الإشارة إلى أن أي انقطاع يمثل ضربة لاستيعاب السلع اللازمة لبناء العقارات، بما في ذلك الفولاذ والألمنيوم وخام الحديد. وقد تتأثر عمليات التعدين وسلاسل التوريد في مناطق بعيدة مثل البرازيل وأستراليا بالتداعيات الناجمة عن انهيار سوق العقارات الصينية.
خلفية الشركة والتداعيات المحتملة
تأسست شركة "إيفرغراند" في سنة 1996 على يد رجل الأعمال هوي كا يان، الذي أطلق عليها في الأصل اسم مجموعة "هنغدا". تشير السجلات إلى أن الشركة تمتلك حاليًا أكثر من 1300 مشروع في 280 مدينة في جميع أنحاء الصين.
تمثل العقارات مجرد جزء من مجموعة "إيفرغراند" الأكبر، مع شركات فرعية تتراوح من إدارة الثروات والأغذية والمشروبات إلى تصنيع السيارات الكهربائية. وكان هوي كا يان أغنى شخص في آسيا، بثروة تقدر بحوالي 42.5 مليار دولار (34.8 مليار جنيه إسترليني).
ونقل الموقع عن الخبراء أن الكثير من العواقب المتوقعة الناجمة عن انهيار اقتصادي صيني محتمل تنبع من عاملين. فمن ناحية، إذا اختارت الحكومة الصينية عدم التدخل وسمحت للقطاع العقاري بالتباطؤ، فإن ذلك سيؤدي إلى أزمة إقراض، مما يؤثر بشكل كبير على الأسواق المالية. ومن ناحية أخرى، سيعاني الآلاف من الموردين، وكثير منهم دوليون، من تأثير التباطؤ في واردات المعادن. وحتى شركات مثل "آبل" و"فولكس فاغن" قد تبدأ في خسارة إيراداتها من السوق الصينية بسبب تضرر إنفاق الأسر. وإذا انهار سوق العقارات، فلن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع.
والجدير بالذكر أن الصين تستأثر حاليا بأكثر من ثلث النمو العالمي. وحتى وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية "فيتش" قالت مؤخرًا إن التباطؤ في الصين "يلقي بظلاله على آفاق النمو العالمي"، في حين خفّضت توقعاتها لسنة 2024 للعالم بأسره.
مصادر أخبار البناء تنتظر رؤية النتائج
أضاف الموقع أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن مكانة الصين كقوة للنمو العالمي مبالغ فيها. ومع ذلك، ستؤثر التداعيات السلبية لحكم المحكمة على المصدرين من أستراليا والبرازيل وحتى بعض الدول الأفريقية.
وليس من قبيل المصادفة أن يطلق الاقتصاديون على الصين وصف "مصنع العالم". ففي نهاية المطاف، يأتي ما يصل إلى 30 بالمائة من الناتج الصناعي العالمي من هذا البلد وحده. وفي سنة 2022، أنتجت الصين 40 مليون طن من الألمنيوم الأولي، أي أكثر من نصف إجمالي الإنتاج العالمي البالغ 68 مليون طن. وأفادت مصادر أخبار البناء بأن البلاد تستهلك حوالي 55 بالمائة من الألمنيوم العالمي.
لماذا يعتقد الخبراء أن أزمة العقارات المحليّة لن تهز الأسواق العالمية؟
أشار الموقع إلى أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن الاقتصاد الصيني قوي بما يكفي لتحمل مثل هذه الضربات حتى في ظل أزمة العقارات. ومع أن أخبار البناء الرهيبة قد تؤدي إلى تباطؤ الاستهلاك، فمن وجهة نظرهم يعتمد اقتصاد الصين على التصدير. لذلك لن تؤثر أي مشكلة في السوق المحلية على الاقتصاد العالمي.
ما بين 1997 و2022، ارتفع الاستهلاك العالمي للصلب من 700 مليون طن إلى 1.8 مليار طن سنويا، حيث يمثل الطلب الصيني قسما كبيرا من هذا الاستهلاك المتزايد البالغ 1.1 مليار طن سنويا. وكان النمو في البلاد مكثفا إلى الحد الذي جعل البنك الدولي يصف الصين ذات يوم بأنها "أسرع نمو مستدام يحققه اقتصاد كبير في التاريخ". وأيا كان ما يخبئه المستقبل، تتجه أعين الجميع في الوقت الراهن نحو حكومة الصين وما إذا كانت ستتدخل مرة أخرى لوقف تفكك القطاع العقاري، كما يتوقع الكثيرون.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العقارات الصين الاقتصاد اقتصاد الصين عقارات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الصین إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد العالمي في عهد ترامب..تجفيف نفط إيران وإغضاب الصين ومصالحة روسيا
اعتبر محللون أن عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض تعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية الأمريكية على إيران، ما يقلص الإمدادات العالمية، ويهدد بمخاطر جيوسياسية، بينها إثارة غضب الصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني.
وقد تدعم إجراءات صارمة ضد إيران، أسعار النفط العالمية. لكن هذا الموقف يخففه أيضاً سياسات ترامب الأخرى، من تدابير للتنقيب عن النفط محلياً، وفرض رسوم جمركية على الصين قد تضعف النشاط الاقتصادي، إلى تلطيف العلاقات مع روسيا ما قد يفسح الطريق أمام شحناتها من النفط الخام الخاضعة للعقوبات.
بعد فوز #ترامب.. ما هو مستقبل الحروب في الشرق الأوسط؟ https://t.co/G3ZUHvGgDO
— 24.ae (@20fourMedia) November 6, 2024 طريقانوقال كلاي سيغل، عضو مجلس إدارة لجنة العلاقات الخارجية ورئيس لجنة المالية في هيوستن: "ترامب يشق طريقين في بأسعار النفط". وأضاف أن اتخاذ إجراءات صارمة ضد إيران يدعم أسعار النفط. لكن التأثير سيكون ضعيفاً خاصة إذا نفذ ترامب وعوده الانتخابية بفرض رسوم جمركية شاملة على الواردات لحماية الصناعة الأمريكية المحلية، تتضمن رسوماً بـ 60% على كل الوارادت من الصين.
ومضى سيغل يقول: "الحرب التجارية التي تؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي تقلص الطلب على النفط وتخفض الأسعار".
وارتفعت صادرات النفط الخام الإيرانية إلى أعلى مستوى منذ سنوات في 2024، لأن طهران وجدت طرقاً للالتفاف على عقوبات تستهدف عائداتها. وأعاد ترامب في رئاسته الأولى فرض عقوبات بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الغربي مع طهران في 2018.
وقال ترامب في حملته الرئاسية إن سياسة الرئيس جو بايدن المتمثلة في تجنب عقوبات صارمة على صادرات النفط أضعفت واشنطن، وزادت جرأة طهران، ما سمح لها ببيع النفط وجمع الأموال والتوسع في مساعيها النووية ودعم نفوذها عبر جماعات مسلحة.
وقال جيسي جونز، من شركة إنيرجي أسبكتس، إن عودة إدارة ترامب إلى حملة الضغط القصوى على إيران قد تؤدي إلى انخفاض صادرات النفط الخام الإيرانية مليون برميل يومياً. وأضاف "يمكن تنفيذ هذا بسرعة نسبية دون حاجة إلى تشريعات إضافية، وذلك بتنفيذ العقوبات الموجودة بالفعل".
وقالت مجموعة كلير فيو إنيرجي بارتنرز البحثية إن ما بين 500 ألف إلى 900 ألف برميل يومياً ربما تخرج من السوق.
وول ستريت جورنال: عودة #ترامب ستبقى في ذاكرة الأجيال#الانتخابات_الامريكيه https://t.co/DZmJfM1poo pic.twitter.com/ApwaLsbcsK
— 24.ae (@20fourMedia) November 6, 2024 المسألة الأهملكن اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إيران يعني أيضاً إجراءات صارمة ضد الصين التي لا تعترف بالعقوبات الأمريكية وهي أكبر مشتر للنفط الإيراني. وقال ريتشارد نيفيو، أستاذ بجامعة كولومبيا والمبعوث الخاص الأمريكي السابق لإيران: "المسألة الأهم هي الضغط المالي الكبير الذي أنت على استعداد لوضعه على المؤسسات المالية الصينية".
وأضاف نيفيو أن الصين سترد بتعزيز العمل في مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة المؤلفة من البرازيل، وروسيا، والهند، والصينن وجنوب إفريقيا، ودول أخرى. وتعزيز العمل يتضمن تقليص الاعتماد على الدولار في صفقات النفط والسلع الأخرى.
وتحدث ترامب في نادي نيويورك الاقتصادي في سبتمبر(أيلول) الماضي عن المخاطر التي تحملها العقوبات على هيمنة الدولار.
وقال ترامب: "استخدمت العقوبات، لكني أفرضها وأزيلها في أسرع وقت ممكن، لأنها في نهاية المطاف تقتل الدولار، وتقتل كل ما يمثله الدولار". وأضاف "أستخدم العقوبات بقوة كبيرة ضد الدول التي تستحقها، ثم أزيلها، لأنك، وانتبه لذلك، ستخسر إيران، وستخسر روسيا".
وأقامت الصين وإيران نظاماً تجارياً يستخدم في الغالب اليوان الصيني وشبكة وسطاء تحاشياً لاستخدام الدولار ورغبة في الابتعاد عن الجهات التنظيمية الأمريكية ما يجعل إنفاذ العقوبات أمراً صعباً.
أمريكا أولاً وترامب آخراً..العالم يستعد إلى تقلبات عاصفة من أوكرانيا إلى غزة وإيران - موقع 24مع عودته إلى البيت الأبيض، سيشهد العالم تقلّبات جديدة، لأن الرئيس المنتخب دونالد ترامب المعروف بنزعته الحمائية وأطواره المتقلّبة، ينوي طيّ صفحة جو بايدن الذي عكف في السنوات الأربع الأخيرة على ترميم صورة الولايات المتحدة. تسوياتوقال إيد هيرس، الباحث في الطاقة بجامعة هيوستن، إن ترامب ربما يقلص أيضاً عقوبات على الطاقة الروسية فرضتها الدول الغربية رداً على غزو أوكرانيا. ووعد ترامب في حملته الانتخابية "بتسوية" الحرب في أوكرانيا حتى قبل توليه المنصب في يناير (كانون الثاني).
وقال هيرس: "أتوقع أن يرفع ترامب جميع العقوبات على النفط الروسي". ولا تستهدف العقوبات الغربية على النفط الروسي وقف التدفقات، بل فقط تقليص عائدات روسيا من المبيعات التي تستخدم خدمات بحرية غربية إلى 60 دولاراً للبرميل.
وأدت العقوبات إلى تحويل سوق النفط الروسي من أوروبا إلى الصين، والهند، ما كبد روسيا تكاليف إضافية.