نهيان بن مبارك: بناء مجتمع عالمي بالأخوة الإنسانية والتعايش السلمي
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أمس الأول، أعمال مؤتمر «الإسلام والأخوة الإنسانية» الذي ينظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالتعاون والشراكة مع وزارة التسامح والتعايش، والمنصة الجامعية لدراسة الإسلام «PLURIEL» في مقره في أبوظبي.
يهدف المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام، إلى تسليط الضوء على أثر وثيقة الأخوة الإنسانية للعيش المشترك، وذلك تزامناً مع اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، ومرور 5 سنوات على توقيعها، بحضور جمع من كبار الشخصيات الدينية والثقافية والأكاديمية من مختلف أنحاء العالم.
وأضاف: «أشكر مركز تريندز للبحوث والاستشارات، على تنظيم هذا المؤتمر المهم الذي يجمع هذه المجموعة المتميزة من المتحدثين والمشاركين، كما أشكركم جميعاً على هذه الفرصة للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة للتوقيع على وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية». وقال معاليه: «في هذه المناسبة المهمة ونحن نحتفل باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، نتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على توقيع هذه الوثيقة المهمة للغاية أثناء زيارتهما التاريخية إلى دولة الإمارات في عام 2019».
وتابع: «فبعد خمس سنوات مثمرة، ما زالت وثيقة الأخوة الإنسانية، تجسد القوة الأخلاقية التي علينا جميعاً أن نبذلها لمواجهة التحديات العالمية الكبيرة في القرن الحادي والعشرين، كما نعبر عن عظيم فخرنا بالقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إذ يمثل دعم سموه ورعايته لهذه الوثيقة، دليلاً على قناعته القوية بأن الأخوة الإنسانية والتعايش السلمي من العناصر المهمة في بناء مجتمع عالمي، يتسم بالخير والأخلاق الحميدة، ونفخر بأن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، أظهرت للعالم كله حرص سموه على تعزيز التعددية الثقافية، وضمان الكرامة الإنسانية والسلام والرخاء للجميع».
وقال معاليه: «لا بد أن محاور هذا المؤتمر والموضوعات التي يناقشها ويحللها، كانت ضمن ما فكر فيه قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، عندما وقعا على وثيقة الأخوة الإنسانية قبل خمس سنوات، وأقتبس هنا من تلك الوثيقة التاريخية ما يلي: (إنَّنا وإنْ كُنَّا نُقدِّرُ الجوانبَ الإيجابيَّةَ التي حقَّقَتْها حَضارَتُنا الحَدِيثةُ في مَجالِ العِلْمِ والتِّقنيةِ والطبِّ والصِّناعةِ والرَّفاهِيةِ، خاصَّة في الدُّوَلِ المُتقدِّمةِ، فإنَّا - مع ذلك - نُسجِّلُ أنَّ هذه القَفزات التاريخيَّةَ الكُبرى والمَحمُودةَ تَراجَعَتْ معها الأخلاقُ الضَّابِطةُ للتصرُّفاتِ الدوليَّةِ وتَراجَعَتِ القِيَمُ الرُّوحِيَّةُ والشُّعُورُ بالمَسؤُوليَّةِ)».
وأوضح أن هذه العبارة تبين التحدي الرئيسي الذي تواجهه المجتمعات الإنسانية، مؤكداً أنها ترسم الإطار العام لأهداف المؤتمر، حيث إن التحدي يكمن في كيفية مواصلة الإنسانية تحقيق ذلك التقدم مع المحافظة على شخصيتنا الأخلاقية، وتعزيزها وترسيخ القيم الأخلاقية، والشعور بالمسؤولية لدى جميع البشر. وشدد معاليه على أنه «لا يمكن لأي أمة أو مجتمع تحويل جميع الناس بشكل سلمي إلى عقيدة واحدة، ولا يجوز محاولة ذلك، وأفضل ما يمكننا فعله هو استباق الخيرات أي التنافس في الفضيلة والأعمال الصالحة، وهذا هو جوهر الأخوة الإنسانية كما نعرفها، وأيضاً في القرآن الكريم يخاطب الله تعالى جميع البشر قائلاً: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)». وأكد أن الإسلام دين السلام والتسامح، ونحن المسلمين نقول بكل ثقة وفخر، إن التسامح هو السمة المميزة لتراثنا الإسلامي، ونحن نؤمن بقوة بأن الانسجام والأخوة الإنسانية يوحداننا مع المسيحيين ومع أتباع الديانات الأخرى، ونشترك معهم في احترام الحياة البشرية وفي الرغبة في السلام والأمان وضرورة احترام بعضنا البعض كبشر. وأضاف: «الإسلام يأمر المسلمين بأن يتصرفوا دائماً كبشر صالحين، البشر الصالحون يعملون من أجل السلام والتعاون والرخاء ورفاهية المجتمع، ويحترمون بعضهم، ويسعى كل منهم لفهم دوافع الآخر، البشر الصالحون يتصرفون انطلاقاً من قناعة مفادها أن للتسامح والأخوة الإنسانية تأثيراً إيجابياً على جميع جوانب المجتمع».
تعليم الوثيقة
من جانبه، أثنى قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في كلمة ألقاها نيابة عنه الكاردينال. أيوسو، على المؤتمر، وتمنى أن يتم تعليم الوثيقة في المدارس كلها في العالم، وأن تطبق مبادئها في شتى أنحاء العالم، وأن يتم القضاء على كل ما يمنع تحقيق ذلك، مشدداً على أن معرفة الآخر وبناء ثقة متبادلة بين الأنا والآخر هي من أدوات تحقق السلام. وقال إن الحوار ومعرفة الآخر هما الطريق مع التعليم لتحقيق الأخوة الإنسانية، كما أنه بالذكاء الإنساني يمكن أن نتخطى التحديات التي يطرحها على الإنسانية الذكاء الاصطناعي. وشدد على أن الحكمة تقتضي الانفتاح والتحاور لأن الانغلاق لا يؤدي إلا إلى الكراهية، لافتاً إلى أن عدم معرفة الآخر هي مشكلة الأمس ومشكلة اليوم وتستمر، إن لم نتعلم كيف نتعرف على الآخر ونعرفه. وأضاف: «من المحتم أن نخصص الوقت اللازم للاستماع للنفس وللآخر المختلف معنا، لكي نستطيع أن نحيا معاً على الأرض نفسها، وغير ذلك لن يؤدي إلا إلى الفناء، مؤكداً ضرورة أن نبني معاً جسراً نتحاور عليه، ويستطيع أن يستوعب الآراء المختلفة، وهذا ليس مضيعة للوقت، لكنه مكسب للإنسانية». من جانبه، قال الدكتور محمد عبدالسلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إن اعتماد اليوم العالمي للأخوة الإنسانية في 4 فبراير من كل عام، جاء إحياء لذكرى مولد الوثيقة الأهم في التاريخ الإنساني الحديث «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي تم توقيعها في اليوم نفسه من عام 2019، من قبل اثنين من أهم الرموز الدينية في العالم، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي عاصمة الأخوة الإنسانية. وأضاف أن هذه الوثيقة التاريخية مثَّلت نداءً لأفراد العائلة الإنسانية كافة، من أجل تعزيز السلام والاحترام المتبادل والوئام الاجتماعي القائم على احترام الفئات كافة وصيانة حقوقها.
من جهته، أعرب الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمة ترحيبية عن تقديره وشكره الجزيل إلى معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، على حضوره وكلمته الجامعة، إضافة إلى شراكة وزارة التسامح والتعايش في المؤتمر، كما تقدم بالشكر إلى قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية على كلمته الموجهة للمؤتمر دعماً لرسالته.
ورحب بمئات المتخصصين من مختلف المؤسسات الأكاديمية المرموقة والقادمين من أكثر من 40 جامعة ومؤسسة بحثية من 4 قارات و17 دولة مختلفة للمشاركة في 12 ندوة بحثية و5 محاضرات، الأمر الذي يجعل من المؤتمر أكبر وأهم فعالية أكاديمية نُظمّت حول موضوع الأخوّة الإنسانية، وهو موضوع يجب أن يلقى ما يستحقه من اهتمام في عالم اليوم الذي هو أحوج ما يكون إلى قيم الأخوّة والتعايش. وقال إن المؤتمر يجسد حرص مركز تريندز على العمل مع الأكاديميات ومؤسسات الفكر العالمية المختلفة، على تعزيز قيم الأخوة الإنسانية والحوار بين مختلف المجتمعات والثقافات، وهو هدف أصيل من الأهداف التي يعمل عليها «تريندز» منذ تأسيسه عبر مختلف برامجه البحثية وفعالياته العلمية. وأضاف أن المؤتمر يكتسب أهمية أكبر بالنظر إلى أنه يواكب الذكرى الخامسة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، التي احتضنت توقيعها دولة الإمارات، وعملت على نشر مبادئها عالمياً من خلال تحويل يوم توقيعها إلى «يوم دولي للإخوة الإنسانية»، انطلاقاً من إيمان قوي بأن هذه القيم هي طريق البشرية للسلام والازدهار العالميين.
صوت صارخ ضد التطرف
وثمن الدكتور ميشيل يونس، عميد كلية الدراسات الدينية بالجامعة الكاثوليكية بمدينة ليون، المنسق العام للمنصة الجامعية لدراسة الإسلام، جهود مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالشراكة مع وزارة التسامح والتعايش في تنظيم ودعم المؤتمر وتسهيل تنظيمه، مؤكداً أهمية المؤتمر في ظل التحديات التي تواجه العالم اليوم، وأهمها التطرف والإقصاء.
وقال إن اختيار موضوع الأخوة الإنسانية كعنوان للمؤتمر ينبثق مباشرة من الحدث الذي تميزت به وثيقة الأخوة الإنسانية، مشيراً إلى أن الوثيقة بمنزلة صوت صارخ ضد التطرف باسم الدين، ودعوة إلى عدم الإقصاء والرفض تحت أي عنوان. وبيَّن أن المنصة الجامعية للدراسات العلمية حول الإسلام التي تضم في السنة العاشرة لانطلاقتها مئة وثمانين باحثاً في أكثر من خمسة وعشرين بلداً، تشكل حلقة وصل بين جامعيين من ثقافات وحضارات وخلفيات مختلفة. وأكد أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية، من خلال الحوار العلمي بين مختلف التخصصات، وتحليل وثيقة الأخوة الإنسانية وتأثيرها على العلاقات بين الأديان والثقافات، وتقديم توصيات عملية لتعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية في مختلف المجالات. وقال إن المؤتمر يسعى إلى تعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية كقيمة إنسانية أساسية ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار في العالم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نهيان بن مبارك الأخوة الإنسانية الإمارات تريندز مركز تريندز للبحوث والاستشارات محمد العلي مرکز تریندز للبحوث والاستشارات وثیقة الأخوة الإنسانیة قداسة البابا فرنسیس والأخوة الإنسانیة التسامح والتعایش للأخوة الإنسانیة نهیان بن مبارک ة الإنسانیة وقال إن
إقرأ أيضاً:
ماهي مقومات نجاح المجتمع؟
26 يناير، 2025
بغداد/المسلة: كتب رياض الفرطوسي
النجاح ليس حدثاً معزولاً، بل سلسلة من المحاولات التي قد تحمل في طياتها إخفاقات عابرة. الفشل ليس النهاية ‘ بل قد يكون البداية التي تقود إلى الإنجاز الحقيقي. فكما قال توماس إديسون: “لم أفشل، بل وجدت 99 طريقة لا تعمل”. تلك المحاولات الفاشلة التي مر بها العلماء والمبدعون، ليست إلا خطوات تمهيدية للوصول إلى القمة . النجاح يحتاج إلى رؤية واضحة وأهداف نبيلة ندافع عنها بكل ما أوتينا من عزم وإصرار. لكنه أيضاً يحتاج إلى التواضع وإعادة تقييم الأمور من زوايا مختلفة. فقد يكون الفشل الذي نمر به إنقاذاً من كارثة أكبر، مثلما قال أحدهم: “لو نجحت في ذلك الوقت، لكانت النتائج مدمرة”. الفشل ليس عدواً للنجاح؛ بل وجهه الآخر المخفي الذي يتطلب منا شجاعة متحررة من الخوف.
كيف نحقق النجاح ؟ الإيمان بالهدف: لا يمكن لأي شخص أن يحقق النجاح دون أن يؤمن بجدوى ما يسعى إليه. الهدف الواضح هو النور الذي يهدي خطواتنا وسط الظلام . التعلم من الأخطاء: كل فشل يحتوي على درس ثمين. علينا أن نبحث عن النجاح المخفي داخله، وأن نتجنب تكرار الأخطاء نفسها . الاستعداد للمستقبل: كما في رواية “الشيخ والبحر” لهمنغواي، فإن تجهيز الشباك لليوم التالي بعد الفشل هو دليل على قوة الإرادة والأمل . للانتقال بمجتمعنا إلى حال أفضل، نحتاج إلى تفكيك المفاهيم الخاطئة التي قيدتنا لعقود.
الخطوة الأولى تبدأ من إعادة بناء الإنسان من الداخل . التعليم النافع: ليس النجاح المدرسي وحده هو النجاح الحقيقي، بل التعليم الذي يغرس القيم، والإبداع، والمسؤولية . تعزيز قيم الشجاعة والإصرار: الشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل التحرر منه. نحتاج إلى مجتمع يواجه العقبات بجرأة. التخطيط الطويل الأمد: لا يمكن بناء مجتمع قوي دون استراتيجيات واضحة تعالج أزمات الحاضر وتؤسس لمستقبل مزدهر . إصلاح المنظومة الاجتماعية والسياسية : الديمقراطية والعدالة لا تتحققان في اي مجتمع من دون ثقافة توعية رصينة تربي على التحدي والاكتشاف والمراجعة وهذه الامور تبدأ من الأسرة والمدرسة وتمتد إلى كل مؤسسات الدولة.
النجاح الحقيقي ليس تحقيق أهداف صغيرة مؤقتة، بل بناء مجتمع يستطيع مواجهة التحديات والتعلم من أخطائه. علينا أن نغير مفاهيمنا المسبقة، ونجهز شباكنا ليوم قادم أكثر إشراقاً، كما فعل الصياد في رواية همنغواي. الفشل البطولي هو ما يصنع النجاح المستدام، والبداية الجديدة هي دائماً خيار متاح، إذا امتلكنا الجرأة لاغتنامه.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts