مئات البشر المجمدون في مختبرات "انتظار العودة للحياة"
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
في مختبر التجميد الحيوي الأكبر في العالم، تحفظ مئات الجثث البشرية في براثن الجليد، من بينهم فتاة بريطانية تبلغ من العمر 14 عامًا، على أمل إعادتهم للحياة يوما ما.
يقود هذه التجربة المثيرة للجدل دينيس كوالسكي، رئيس معهد "التجميد الحيوي"، الذي يدعو باستمرار للانضمام إلى مشروعه ويضم بالفعل مئات الجثث المتجمدة في ثلاجات عملاقة.
من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة وحول العالم، تمتليء هذه المشارح الباردة بأجساد ورؤوس، وحتى حيوانات، مجمدة عبر الزمن على أمل إعادتها للحياة عندما يتيح العلم ذلك في المستقبل.
رغم عدم توفر تلك التقنيات حاليا، يرى بعض المتفائلين هذه العملية بمثابة "تذكرة يانصيب نحو الخلود"، مؤمنين بأنهم على الأقل يمنحون أنفسهم فرصة العيش إلى الأبد. ويثقون بأنه سيتم إيقاظ المصابين بأمراض عضال عندما يجد العلم علاجًا لها.
يبقى السؤال حول إمكانية تحقيق هذه التطورات المطلوبة، وحتى لو أمكن إعادة الناس إلى الحياة، فستظل طبيعة حالتهم عند "الاستيقاظ" مسألة أخرى تمامًا.
حاليا، يوجد أكثر من 500 شخص محفوظين في ما يسمى بـ "ديوَار"، وهي عبارة عن قوارير مملوءة بالنيتروجين السائل وتعمل مثل الترمس. ويتم لف الجثث بطبقات عازلة مع توجيه الرأس للأسفل للحفاظ على أدنى درجة حرارة ممكنة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجثث البشرية
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: المواطنة العالمية
في مقابلة مع طالبات يدرسن في ألمانيا، وهن من بيئات آسيوية، وصفت إحداهن نفسها بأنها مواطنةٌ عالمية، وحيث ما وجدت البحث العلمي ذهبت إليه وانتسبت لمكانه، وهذه الطالبة تدرس الذكاء الاصطناعي وتشارك فرقاً بحثية تعمل على مشروعات في هذا المجال (دي دبليو 15 نوفمبر 2024)،
هنا يحضر مصطلح برتراند راسل عن المواطن العالمي، ويقصد فيه الفيلسوف الذي منحه راسل صفات تجعله متميزاً عن سائر البشر من حيث معاني المثالية المتعالية، ولكن مصطلح راسل سيتصادم مع فكرة الفيلسوف الواقعي الذي من شأنه أن يعمل مع عقول الآخرين من عموم البشر، وهي عقول متعددة تعدداً يبلغ حدود التناقض حتى بين الفلاسفة أنفسهم، ولا يتعامل مع عقل واحد كلي في ذاته وفرداني في جوهره، ومن ثم هو عقل متعدد ومتغير بالضرورة، وله لغات لا تحصى وله انشقاقات ذاتية أهمها أنه إنساني تمسه كل سمات وصفات الإنسانية، لأنه يقوم على المنطق والاجتهاد والاحتمالية على نقيض الذكاء الاصطناعي، الذي هو عقل واحد كلي وقطعي وله إجابة واحدة يشترك فيها البشر مع تنوع وحيد هو تنوع اللغة لكن النتيجة واحدة.
وإن كان تعبير الطالبة ذا قيمة علمية وبحثية من حيث الانتماء للبحث، إلا أن عالميتها هنا هي إلغاء للعالمية لأن الحاصل في حال الطالبة هو تهشيم الفروق، فإن تنوعت ذكاءات البشر فإن الاصطناعي واحدٌ، وإن كان كلياً عالمياً فهذه سمات تعتمد التماثل، وأي عمل في وادي سيليكون مثلاً سيتكرر بكامل عناصره في كل بقعة من العالم بمجرد شراء البرنامج وتطبيقه أو ترجمته لأي لغة حية.
هنا نحن أمام فارق جوهري، فالطالبة الهندية لم تعد هندية إلا بلونها ولهجتها لكن نظامها التفكيري سيسير وفق الذكاء الاصطناعي وليس الذكاء البشري، وستتصنع مع الاصطناعي كما أي طالب ألماني أو غيره، بينما عالمية راسل أخذت منظومة صفات أخلاقية هي صفات مطلوبة إنسانياً وهي مثالية وتنوعها يأتي عبر تنزيلها العملي وهل سيتمثلها البشر أم ستظل حلماً فلسفياً مثالياً يعبر عن أمنية، كانّها قصيدة شعرية تبعث على الدهشة ولكنها تقف عند حد الاندهاش، مقابل واقع بشري مختلف تماماً، وهذا ما جعل راسل يخص ذلك بالفيلسوف أي بنفسه تحديداً لأن غيره سيقول غير ذلك.
ويقابل هذا التنوع ما يطرحه الذكاء الاصطناعي من صيغة بشرية واحدة قد تئد إبداعية العقل البشري وتخضعه لنظام من الثقافة الرقمية التي لا تتسع للاجتهاد ولا للأخطاء، في حين أن الأخطاء هي أعمق سمات التفكير البشري لأنها مفاتيح الكشف والابتكار وكأن الذكاء الاصطناعي يسير ضد فكرة الإبداع التي هي فردانية وليست جمعية.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض