قرأت بوست يقول (كلنا نفسنا فى حياتنا واحد زى عم جميل). المقصود هنا هو الموسيقار نبيل على ماهر، الذى قام بدور «جميل»، الحكيم الرقيق، فى مسلسل «حالة خاصة»، الذى أذاعته مؤخرًا حصريًّا منصة watch it. وهو أول رهان لبطولة حصرية مطلقة للفنان الصاعد طه دسوقى فى دور «نديم»، الذى جسد بإبداع شخصية الإنسان المصاب بالتوحد.
«حالة خاصة» يمثل شكلًا من الكتابة الجميلة، التى تتناول مشكلة مهمة من خلال دراما اجتماعية وإنسانية بسيطة على طريقة السهل الممتنع، والتى تجعل المشاهد لديه شغف مع نهاية كل حلقة فى مشاهدة الحلقة التالية بإعجاب وانبهار رغم عدم وجود الفنان السوبر ستار بالشكل التقليدى فى المسلسلات.
المسلسل يُظهر حجم الإبداع فى تجسيد شخصية «نديم»، ويوضح نسبة الذكاء الذى يمتلكه الإنسان المتوحد، ومدى قدرته وبراعته على العمل بمهنة المحاماة، التى تحتاج إلى نظرة ثاقبة للمعلومات من أجل الوصول إلى نتائج منطقية. وتأكيد مدى التميز الذى يمكن تحقيقه فى حالة اهتمام المجتمع به ومساندته ليكون فعالًا وليس عبئًا على أسرته وعلى المجتمع.
أشيد بجرأة إذاعة مثل هذا المسلسل، وبأسلوب تناول مثل تلك الحالات الإنسانية التى لم تهتم بها الدراما كثيرًا رغم وجودهم فى المجتمع بشكل أساسى. وأرى أنه يحقق مفهوم المواطنة بشكل إنسانى محترف فى تأكيد فكرة قبول الاختلاف واحترامه بدون تنمر أو إقصاء من الحياة كما هو معتاد سابقًا.
من الآخر..
لو الجزمة اللى انت لابسها ضيقة عليك ومضايقاك.. اقلعها!.
كل منّا هو حالة خاصة، وبعضنا حالة خاصة جدًّا.
رسالة المسلسل: حب نفسك، حتى لو لم يرضَ عنك مَن حولك، وحتى لو اختفى الجميع من حولك، وحتى لو لم يفهمك مَن حولك.
كن نفسك كما أنت، ولا تتبع خطوات أحد، لك خطواتك المميزة.
هو أنا ينفع.. أحكيلك عنك.
حكاية «نديم» هى رحلة كل إنسان منّا.
د. هند جاد – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: حالة خاصة فى دور
إقرأ أيضاً:
أيها «العتيق» غادرهم
عندما ينقضي أكثر من ٣٠ عامًا وأنت لا تزال تعمل في مؤسسة واحدة ثِق كل الثقة أن أي فكرة تأتي بها معتقدًا أنها عظيمة وخلاّقة ستكون «غير مُرحب بها» من قِبل الجيل الجديد الذي تعمل معه، لا تُفاجأ أبدًا إذا لم يتم الاحتفاء بالفكرة أو التصفيق لها أو تم سحقها فهي بحسب تصورهم «عتيقة» تمثل جيلا انتهى ومرحلة ولّت واندرست.
إنهم ينظرون إليك كمُعوِق للعمل بل مُثبِط تتخلف عن العالم بملايين السنوات الضوئية.. يا عزيزي، أنت -وهذا مؤسف- لا تتقن الإنجليزية ولا تجيد التعامل مع الحاسوب والأجهزة الإلكترونية المستخدمة في نظام العمل، وإن كنت مسؤولًا فإنك بلا شك تجهل أساليب الإدارة الحديثة.
ومما يزيد الأمر سوءًا أنك مُغيَّب عن عالم التواصل لا تفقهُ سوى التعامل مع الـ«واتس أب» لكن ماذا عن «تيك توك» و«سناب شات» و«إنستجرام»؟.. لنسأل سؤالًا آخر أكثر واقعية: هل بإمكانك صياغة أهدافك وإدخالها إلى منظومة «إجادة» لقياس الأداء الفردي أم سيتعين عليك ككل مرة الاستعانة بزميلك الشاب الذي بطلبك المكرر هذا تُكرسُ في رأسه فكرة أنك تعيش خارج الزمن ويجب أن تتنازل عن كُرسيك من أجل شاب طموح مُقبل على الحياة؟
فوق هذا كله يتم القبض عليك متلبسًا مرات عديدة وأنت تُنكس رأسك وتغُض البصر عندما يُجبرك اجتماع مهم تحضره شابة منفتحة تتمترس خلف «جايد نس» الذي لا يعرف الرحمة، وقد كنت قبل ذلك تسعى بكل ما أُوتيت من قوة إلى التهرب من حضور مثل هذه الاجتماعات فتختلق الأعذار تحاشيًا للفتنة.
في العديد من المناسبات تتعرض للأسئلة المُلغّمة نفسها التي لا ترغب في سماعها: في أي سنة تعينت بالوزارة الوالد؟ ما درجتك المالية العم أبو أحمد؟ متى كانت آخر ترقية حصلت عليها؟ لماذا لم تخرج للتقاعد حتى اليوم رغم أن زملاءك كلهم خرجوا؟
وأنت وهذا ما يمكن ملاحظته تجيب على الأسئلة متظاهرًا بأنك لا تعبأُ كثيرًا بما يرمون إليه مع أنك مدرك أنهم يطلبون منك الرحيل طوعًا طالما لم تُصبك سهام موجة التقاعد التي أصابت من سبقوك.. وتعي أيضًا أن المكان بات ضيقًا على استيعاب رجل قديم مثلك ترافقه أدوية السكري والضغط والكوليسترول أينما ذهب.
إنهم باختصار يتمنون رحيلك يا عزيزي؛ لأنهم يريدون أن يتنفسوا هواءً نقيًا -كما يرددون- ورغم ذلك لا تزال «الله يهديك» صامدًا عتيًا لا تُحركك الرياح تمامًا كـ«جبل شمس» متمسكًا بمقولتك الشهيرة «جالس جالس على رأسهم لين يدفروني وحدهم».
النقطة الأخيرة..
يقول الكاتب الروسي «تشيخوف»: «حين لا تحب المكان استبدله، حين يؤذيك الأشخاص غادرهم».
عُمر العبري كاتب عُماني