قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن الاحتلال الإسرائيلي يبحث من خلال عملياته في شمال قطاع غزة عن أهداف دسمة وذات قيمة، بناء على معلومات استخباراتية من الوارد عدم صحتها، لافتا إلى أن مقاطع المقاومة الأخيرة تعكس أداء يفوق الخيال.

وكانت صحيفة هآرتس نقلت عن مصادر عسكرية وإعلامية وسياسية إسرائيلية، أن التقارير تزايدت في الأيام الأخيرة بشأن تجدد القتال في مدينة غزة والمناطق الشمالية للقطاع، في إشارة إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبقية الفصائل الفلسطينية قد جددت قدرتها على التحرك في تلك المناطق.

وفي تحليل عسكري للجزيرة، أوضح الدويري أن المعارك التي اشتدت في شمال القطاع ومدينة غزة خاصة في مناطق تل الهوى وشارع النصر، جاءت بعد دخول قوة مختلطة للاحتلال، وذلك للبحث عن أهداف دسمة، كقادة كبار لكتائب المقاومة، أو فتحات تفضي لشبكة أنفاق عملياتية وقتالية.

وأوضح أنه من الممكن أن تكون هذه العملية جاءت بعد توفر معلومات تفيد بوجود هذه الأهداف في تلك المناطق، وتوقع أن تستمر أسبوعا أو أكثر، وفي حال العثور على أي من تلك الأهداف فمن الممكن استمرارها، أما إذا لم يعثروا عليها ستنسحب تلك القوة مرة أخرى.

وأشار إلى أن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تعتمد في مواجهة تلك القوة على مجموعات صغيرة، واختلف أداؤها الدفاعي عما كان وقت وجود كثافة لقوات الاحتلال في المنطقة.

وحول الواقع الميداني في مدينة خان يونس، جنوبي القطاع، يقول الدويري إن المعارك تأخذ قطاعا كبيرا من المنطقة وما زال القتال محتدما بعد مرور أسابيع منذ بدئه، مؤكدا أن قوات الاحتلال لم تستطع حتى الآن تحقيق هدفها بالدخول إلى عمق المدينة.

ولفت إلى أن هناك توجها لدى قوات الاحتلال لتحويل المواجهة إلى حرب استنزاف وتجاوز المعارك الحاسمة، وتحاول فرض تصور مناسب لها في إدارة هذه المعارك بهدف استنزاف جهد الفصائل ببقائها مستنفرة لفترات طويلة تفقد خلالها قدراتها القتالية.

وفي هذا السياق، أشار الخبير العسكري إلى أن الاحتلال يبحث كذلك عن آلية لإدارة مساعيه لنقل المعركة إلى مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع، لكنه يحاول قبل ذلك إنهاء معركة خان يونس بإحكام السيطرة عليها، وهو ما لا يتوقع حدوثه.

وحول المقطع الأخير الذي بثته كتائب القسام لمعارك خاضها مقاتلوها ضد قوات الاحتلال في خان يونس جنوبي قطاع غزة، يرى الدويري أنها تعكس أداء يفوق التصور والخيال، ويعجز عنه خريجو أرقى المعاهد العسكرية.

وكانت القسام نشرت مقطعا أظهر قيام مقاتليها بتفجير دبابات في كمين ناري، وكذلك استهداف آليات أخرى بقذائف "الياسين-105″، كما تضمن مشاهد لآثار تلك الآليات المستهدفة.

ويضيف الدويري أن تلك العمليات تكشف نجاح المقاتلين في تقدير الموقف بشكل سليم، والبناء على توقعات دقيقة، وامتلاك قدرة على استقراء الحدث، والمهارة العالية في ذلك، مشددا على أن مواجهات خان يونس هي معارك كسر عظم وأداء المقاومة فيها يعتمد التفكير خارج الصندوق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: خان یونس إلى أن

إقرأ أيضاً:

وقع الإسرائيلي في الفخ ونجح كمين يافا!

لقد اقترف العدو الإسرائيلي حماقة بالاعتداء على ميناء الحديدة في اليمن كردٍّ على مُسيَّرة "يافا" اليمنية، التي ضربت في قلب "غوش دان" فجر أمس، ولعله بفعلته الإجرامية هذه قد سقط مجدّدا بفخٍ استراتيجي آخرٍ رسمه له محور المقاومة بحنكةٍ ودهاءٍ، فأبرع الكمائن تلك التي لا تدع لعدوك بُدّا إلا من الوقوع فيها بعينين مفتوحتين!

لقد وصلت المقاومة الفلسطينية ومعها باقي أركان محور المقاومة، خلال الأسبوعين الماضيين، لقناعةٍ تفيد أن حكومة العدو لا تنوي التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار، وبأن الاحتلال ماضٍ في ارتكاب الفظائع والمجازر بحق المدنيين والنازحين في قطاع غزة.

إذ تُظهِر تصرفات نتنياهو، وطريقة تعاطيه مع الليونة التي أبدتها حركة حماس خلال الأيام القليلة الماضية، اتجاه صيغة الإطار، تلك الصيغة التي اقترحتها إدارة بايدن لوقف الحرب تُظهِر أن العدو يقارب المشهد بناء على الآتي:

- يأمل العدو بأن تنقلب الحاضنة الشعبية في قطاع غزة على المقاومة بسبب زيادة الضغط عليها، أو أن تنهار كنتيجةٍ للأوضاع الإنسانية الكارثية، وعليه فهو مستمرٌ بارتكاب المذابح بحقِّ النازحين تحديدا عن سابق إصرارٍ وتصورٍ، وبخنق عموم سكان القطاع الذي بات على شفا مجاعةٍ حقيقيةٍ، هذا إن لم يكن قد دخلها بالفعل.

يراهن نتنياهو على تحقيق أي إنجازٍ عسكريٍ ما، من قبيل النيل من أحد قيادات القسام البارزين كيحيى السنوار أو محمد الضيف، أو التمكّن من استعادة بعض أسراه أحياء، ليقدّم هذا الأمر لجبهته الداخلية على أنّه إنجازٌ لحربه التي تعد كارثية على الكيان حتى اللحظة
- يراهن نتنياهو على تحقيق أي إنجازٍ عسكريٍ ما، من قبيل النيل من أحد قيادات القسام البارزين كيحيى السنوار أو محمد الضيف، أو التمكّن من استعادة بعض أسراه أحياء، ليقدّم هذا الأمر لجبهته الداخلية على أنّه إنجازٌ لحربه التي تعد كارثية على الكيان حتى اللحظة، ويأمل من هذا الأمر -إن حصل - أن يشفع له في إخفاقات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وأن يظهره بمظهر المنتصر.

- يحاول نتنياهو إطالة أمد الحرب قدر المستطاع لحين ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية، التي بات مرجحا أن يفوز فيها ترامب، إذ يأمل نتنياهو بأن يتمكّن من توريط الجيش الأمريكي في حربٍ إقليميةٍ جديدةٍ، معتمدا على قلّة خبرة ترامب وضحالة رؤاه الاستراتيجية، في محاولةٍ يائسةٍ من نتنياهو ليتجاوز المأزق الوجودي الذي بات يعيشه الكيان الغاصب.

- يرى نتنياهو وحكومته بأن الأثمان التي يدفعها جيش الاحتلال في العتاد والعديد على جبهتيّ غزة وشمال فلسطين المحتلة لايزال بالإمكان تحمُّلها، لا سيما أن جبهة العدو الداخلية في عمق الكيان تعد هادئة نسبيا.

أيَّا يكن الحال، فإنه على ضوء القناعة التي توّلدت عند قيادات محور المقاومة  بعدم جدية حكومة نتنياهو بوقف الحرب، يبدو أنه تمّ اتخاذ قرارٍ بتصعيد الضغط على العدو، لا سيما على عمق جبهته الداخلية، إذ أن هكذا تصعيدٍ سيكون من شأنه الضغط بشكلٍ أقوى على الكيان، وعلى قرار نتنياهو مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة.

بالنظر إلى جبهات الإسناد، فإن تصعيدا من هذا النوع من قبل حزب الله يمكن أن يشعل حربا إقليمية شاملة، نظرا للقرب الجغرافي مع العدو، وهذا ما يتعارض مع استراتيجية محور المقاومة في هذه الحرب، التي ترتكز على الفوز بالنّقاط، وعلى تقليل حجم التضحيات في البشر والعمران بأكبر قدرٍ ممكنٍ، لذا وجدنا تصعيدا لافتا من قبل الحزب خلال اليومين الأخيرين، من خلال إدخال مستوطناتٍ جديدةٍ في شمال فلسطين المحتلة ضمن دائرة استهداف الحزب، بما يخدم استراتيجية المحور الأشمل في هذه المعركة، من ناحية زيادة الضغط على العدو لإجباره على القبول بوقف إطلاق النار حسب شروط المقاومة الفلسطينية، لكن دون دفع المنطقة إلى الحرب الشاملة.

وجاء تصعيد جماعة أنصار الله في اليمن من خلال استهداف عمق الكيان مباشرة، وإعلان المنطقة الأكثر تحصينا وأمانا في الكيان منطقة غير آمنة حتى وقف العدوان على غزة وفكّ الحصار، وبذلك استطاعت الجماعة تحويل البعد الجغرافي عن فلسطين المحتلة من عائقٍ إلى ميّزةٍ تخدم الاستراتيجية الأشمل التي تدار بها الحرب على مستوى الإقليم.

يعد التصعيد اليمني أمرا ضاغطا بصورةٍ يصعب على الكيان تحمّلها، لذا وضع اليمنيون والمحور من ورائهم الكيان المؤقت أمام خيارين:

- إما النزول عن الشجرة، ووقف المجازر، والعودة إلى التفاوض الجاد الذي يصل لوقف العدوان وفكّ الحصار حسب شروط المقاومة الفلسطينية.

- وإما أن يقوم جيش الاحتلال بتوسيع مساحة اشتباكه كي تصير مع اليمن أيضا، في محاولة منه لردّ شيءٍ من هيبته المبعثرة، ولثني جماعة أنصار الله والشعب اليمني الأصيل عن قرارهم الشجاع بجعل وسط فلسطين المحتلة منطقة غير آمنةٍ للمستوطنين الغزاة  طالما استمر العدوان والحصار على غزة.

بهذا وضع المحور كيان الاحتلال في وضعية "كش ملك"، إذ أنه من نافلة القول بأن الاعتداء الصهيوني على ميناء الحديدة لن يؤثّر على قرار اليمن، ولا على قدرته العسكرية على استهداف منطقة يافا المحتلة بفعاليةٍ، فما عجزت عنه الحرب الضروس التي شنتها السعودية بدعمٍ ومشاركةٍ أمريكيين على اليمن طوال ثماني سنواتٍ، يظهر أن محور المقاومة قد نصب فخّا استراتيجيا للعدو الصهيوني، ولعله راهن في هذا الكمين على حماقة نتنياهو، وعلى عجرفة وعلو العقلية الصهيونية الإجرامية، إذ إن توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته ليشمل اليمن لن يؤدي سوى إلى مزيدٍ من استنزاف هذا الجيش المستنزَف أصلا في جبهتيّ غزة وجنوبيّ لبنانوما فشل تحالف "حامي الازدهار" الأمريكي البريطاني في البحر الأحمر بتحقيقه خلال الأشهر الماضية، حتما لن يكون بمقدور الجيش المهزوم في غزة تحقيقه!

لذلك يظهر أن محور المقاومة قد نصب فخّا استراتيجيا للعدو الصهيوني، ولعله راهن في هذا الكمين على حماقة نتنياهو، وعلى عجرفة وعلو العقلية الصهيونية الإجرامية، إذ إن توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته ليشمل اليمن لن يؤدي سوى إلى مزيدٍ من استنزاف هذا الجيش المستنزَف أصلا في جبهتيّ غزة وجنوبيّ لبنان، وتبديد موارده العسكرية دون أي طائلٍ ميدانيٍ على الإطلاق.

لكن مما يميّز هذا الكمين اضطرار العدو للوقوع فيه بعينين مفتوحتين، إذ أن عدم الرد على الضربة اليمنية يعمّق من إخفاقات جيش الاحتلال، ويزيد في تهشيم صورة قدرته الردعية، ويرفع من مستوى انعدام الشعور بالأمن لدى المستوطنين.

لقد أَدخلت كتائب القسام الاحتلال في معادلة خاسر- خاسر منذ العبور صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ولا زالت جبهات الإسناد تعزّز هذه المعادلة مع كل تصعيدٍ عسكريٍ جديدٍ مدروسٍ ومحسوبٍ بدقّةٍ، وليس أمام العدو اليوم إلا الاختيار بين أي خسارةٍ يرغب؛ فإما قبولٌ بوقف إطلاق نارٍ يعلم أن آثاره كارثيةٌ عليه من الناحية الاستراتيجية، أو مواصلةٌ لحرب استنزافٍ ستؤدي إما إلى انهيار جيشه في لحظةٍ ما، وإما أن تتطور إلى حربٍ إقليميةٍ شاملةٍ تغيّر خرائط المنطقة وتقتلع الكيان من جذوره.

مقالات مشابهة

  • الدويري: مشاهد رفح تتعارض مع حديث نتنياهو عن تدمير نصف قوة حماس
  • المقاومة تطلق صاروخين من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف
  • لماذا لا توافق المقاومة الفلسطينية على وقف الحرب في غزة؟
  • نجل حاخام.. الاحتلال يعلن مقتل أحد ضباطه خلال المعارك في غزة (صورة)
  • جيش الاحتلال يقر بإصابة 8 عسكريين.. 6 منهم في معارك غزة
  • مأزق “إسرائيل” يتوسع بعد هجومها المباشر على اليمن
  • البث الإسرائيلية: اندلاع حرائق في مناطق مفتوحة بالشمال نتيجة صواريخ لبنانية
  • وقع الإسرائيلي في الفخ ونجح كمين يافا!
  • إصابة 8 عسكريين خلال يوم 6 منهم فى المعارك الدائرة بغزة
  • خبراء: إسرائيل تسعى لترميم إستراتيجية الردع عبر الهجوم على الحديدة