جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-21@21:38:13 GMT

أحلام وآمال!

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

أحلام وآمال!

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

 

قرأت في حياة الخلفاء الراشدين، الذين حكموا البلاد الإسلامية بالعدل والإنصاف، وكيف كانوا يديرون البلاد والعباد بإخلاص وجد واجتهاد، وكانت من أبرز صفاتهم: اللقاءات المباشرة مع النَّاس، ومن باب المثال فقد كان خليفة المسلمين الراشد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يلتقي مع الناس في الأسواق والمساجد، ويتحدث معهم ويستمع لمشاكلهم ويلبي احتياجاتهم ويقضي بينهم، وهو القائل: (لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الدِّمَاءِ وَالْمَغَانِمِ وَالْأَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيل، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ اَلْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ اَلْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ).

هكذا كان خليفة المسلمين العادل علي بن أبي طالب في حكومته بين الناس، وكذلك كان الخلفاء الراشدين في حكوماتهم وتعاملهم مع الرعية، وهم من كانوا يحكمون بخريطة اليوم أكثر من خمسين دولة، ولكن لم يمنعهم ذلك من النزول إلى الناس، والسؤال عن أحوالهم، بل ولم يكتفوا بإرسال الوكلاء أو ما يطلق عليهم اليوم بالوزراء أو المسؤولين الكبار إلى الناس فحسب، بل كانوا يقومون بمسؤولياتهم على أحسن وجه ممكن في خدمة الرعية، فما أجمل الحاكم والمسؤول الذي يكون مع الناس في أفراحهم وأحزانهم.

لماذا يا ترى تغيرت الأحوال؟ وأصبح أغلب حكام البلاد الإسلامية والمسؤولون الكبار فيها لا يراهم  الناس إلا من خلال الشاشات المتلفزة، وإذا وفقوا لرؤيتهم بشكل مباشر رأوهم على نحو الصدفة ومن مكان بعيد؟

سؤال كان يراودني منذ زمن الطفولة، وبينما أنا متفكر في ذلك جاءت الصدفة اللطيفة والعظيمة التي جعلتني أرى من الدنيا أنها لا زالت بخير، وهي عندما التقيت في إحدى أسفاري بالمسؤول الكبير وهو قادم نحوي، مسلمًا عليَّ، وسألني عن حال الفقراء والمساكين، فأخبرته بأسمائهم ومواقعهم، فما كان منه إلّا أن أمر أحد المسؤولين بقضاء حوائجهم ورفع معاناتهم في أسرع ما يمكن، ثم التفت نحوي مبتسما وهو يقول لي: "نحن في خدمتكم وخدمة الناس، فقد خلقنا الله لنكون منكم وإليكم"، ما أجمله من كلام أثلج قلبي، وشرح صدري، ورفع قدري، وأنا في ضيافة المسؤول، أستنشق هواء الجنان، ونعيم الرب الديان، ببركة لقائي بالمسؤول، وبينما أنا متواجدًا معه، سمعت صوت طفلتي تناديني: أبتاه قم من نومك فقد حان وقت ذهابك إلى السوق لشراء أدوات المدرسة.

كان مجرد حلم عابر، تمنيت لو كان واقعًا، ملموسًا بحيث لا نرى في بلادنا العربية والإسلامية اليوم من يعاني من الفقر والحرمان والجوع، وذلك حتمًا لا يكون إلا بتكاتف المسؤولين الذين لابد أن يراعون مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه الناس خصوصا الطبقات الضعيفة في المجتمع.

هناك بعض الإحصائيات العالمية تقول: إن ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 1 إلى 4 سنوات يعانون من الحرمان من التغذية والصحة، كما يعاني خمس الأطفال البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين  5 إلى 17 من الحرمان من التعليم، فضلًا عن الكبار الذين يعانون الكثير من مآسي وآلام الفقر التي جعلت منهم يعيشون الكثير من الأمراض النفسية والجسدية، فيا ترى من المسؤول عن كل ذلك؟

اليوم هناك مسؤولية دينية وأخلاقية واجتماعية يجب أن يتحملها المسؤولون في حكومات البلاد الإسلامية، وهي: ترك قصورهم العاجية، والنزول إلى الشارع، لمعرفة أحوال الناس، وتلبية احتياجاتهم، والعمل الجاد على رفع معاناتهم وخلق الكثير من فرص العمل، وذلك لحماية الناس من الفقر والبطالة والفراغ الذي بات يشكل معولا من معاول الهدم للمجتمع وأبنائه.

وعلى المسؤول أن يعلم أن الرعية مخلوقات من مخلوقات الله تعالى، والمسؤول ليس أفضل من مخلوقات الله، لذا عليه ألا يجعل من نفسه مخلوقا مميزا بينهم، وأن مسؤوليته تكليفية وليست تشريفية، وليس من أخلاقيات وتعاليم ديننا الإسلامي أن يكون المسؤول أفضل من الرعية؛ فالرعية هي من جعلته مسؤولًا عليها، وليس من الصحيح استغلال المنصب والمسؤولية والكرسي لمآرب المسؤول الشخصية، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24]، وقال: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92-93]، وقال: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]، صدق الله العلي العظيم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بعد انتهاء مهلة الانسحاب واستمرار الخروقات.. لبنان يلجأ لمجلس الأمن لإنهاء احتلال أراضيه

البلاد – بيروت
أكد لبنان أنه سيعتبر أي استمرار للوجود الإسرائيلي على أراضيه احتلالًا، وأنه سيخاطب مجلس الأمن الدولي احتجاجًا على خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، وسيلجأ إلى كل الوسائل لضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل. يأتي ذلك مع انتهاء مهلة انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، أمس (الثلاثاء) وبقاء قواته في 5 نقاط استراتيجية جنوب البلاد.

وقال بيان صادر عقب اجتماع بين رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، إن “استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية يعد احتلالًا”، وأن لبنان سيتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بمعالجة الخروقات الإسرائيلية”.
وأشار البيان إلى أن لبنان سيواصل العمل والمطالبة عبر “اللجنة التقنية العسكرية للبنان” والآلية الثلاثية، اللتين نص عليهما إعلان وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، من أجل تطبيق بنوده كاملة.
وأكدت الرئاسات الثلاث في البيان: “جهوزية الجيش اللبناني الكاملة لاستلام مهامه على طول الحدود مع إسرائيل، وتمسك الدولة اللبنانية بحقوقها الوطنية كاملة وسيادتها على كامل أراضيها، وحق لبنان باعتماد كل الوسائل للانسحاب الإسرائيلي”.
وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، من القرى والبلدات التي كانت تحتلها في الجنوب، وهي يارون ومارون الراس وبليدا وميس الجبل وحولا ومركبا والعديسة وكفركلا والوزاني”، وأبقت على وجودها “في 5 نقاط رئيسية على طول الحدود هي “تلة العويضة جنوبي مرجعيون غربي الخيام، والتي تشرف على القطاع الشرقي والجليل الأعلى، وتلة الحمامص في القطاع الأوسط المطلة على كامل هذا القطاع، بالإضافة إلى تلة العزيزية، وجبل البلاط، والبياضة التي تشرف على الجليل الغربي والساحل الفلسطيني”.
وفي السياق، أصدرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، بيانا مشتركا حذرا خلاله من أن “أي تأخير في الانسحاب الإسرائيلي يناقض ما كنا نأمل حدوثه، لا سيما أنه يشكل انتهاكًا مستمرًا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 (2006). ومع ذلك، لا ينبغي لهذا الأمر أن يحجب التقدّم الملموس الذي تم إحرازه منذ دخول التفاهم حيّز التنفيذ في أواخر نوفمبر”.
وميدانيًا، يواصل الجيش اللبناني عملية انتشاره في عدد من القرى والبلدات الحدودية جنوبي البلاد، حيث دخلت عناصر وآليات الجيش إلى البلدات التي انسحبت منها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن الجيش سيبقى متمركزًا في شريط أمني داخل لبنان لفرض الردع بقوة ضد أي انتهاك من قِبل حزب الله”، مضيفًا: “نحن مصممون على ضمان الأمن الكامل لجميع بلدات الشمال”، ومشددًا على أن حزب الله ملزم بالانسحاب الكامل إلى ما بعد نهر الليطاني، وفقًا للقرارات الدولية، وأن الجيش اللبناني يتحمل مسؤولية فرض هذا الانسحاب ونزع سلاح حزب الله تحت إشراف آلية رقابة دولية بقيادة الولايات المتحدة.
ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024. ونص الاتفاق على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان خلال 60 يومًا، جرى تمديدها حتى 18 فبراير 2025. وينص الاتفاق أيضًا على أن يقتصر حمل السلاح على “القوات العسكرية والأمنية الرسمية” في لبنان، مع منع الحكومة اللبنانية أي نقل للأسلحة أو المواد ذات الصلة إلى الجماعات المسلحة غير الحكومية، في إشارة إلى حزب الله.

مقالات مشابهة

  • كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ اغتنم هذه العبادة سماها النبي «الغنيمة الباردة»
  • وما ذنب المساجد تحرقونها وتمنعوا الناس الصلاة فيها ؟!!
  • «أحلامهم بتتحقق».. ماذا يحدث لـ جيهان الشماشرجي ونيللي كريم في «اخواتي»؟
  • آخر مكالمة بين زينب ووالدها السيد نصر الله: كيف نُعيد الناس إلى الله؟
  • بالفيديو.. أحمد نبوي: تزيين الشوارع والمنازل في رمضان من تعظيم شعائر الله ونشر البهجة
  • هل يأثم من يسب ويشتم الناس فى سره ؟.. أمين الفتوى يجيب
  • العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏
  • حذر وترقب لما قد يحدث.. سكان الشمال في إسرائيل خائفون من العودة إلى بيوتهم
  • الدولار يستقر وسط تصاعد التوترات التجارية وآمال السلام
  • بعد انتهاء مهلة الانسحاب واستمرار الخروقات.. لبنان يلجأ لمجلس الأمن لإنهاء احتلال أراضيه