عندما كانت القرية منتجة انتشر نظام المقايضة الذى كان يحل مكان النقود، أهالى القرى يذهبون إلى المدينة التابعين لها، ومعهم السمن واللبن والقشدة، والثوم والبصل والملوخية، ويعودون بالفاكهة والقماش واللحوم، والعيش المصرى وهو رغيف الخبز الحالى؛ حتى الطعمية كانت تنتج فى المدينة! كانت سيدات القرية تعطى البيض للبياض وهو تاجر يركب حمارًا ويلف على منازل القرية ويسجل عدد البيض الذى حصل عليه من كل سيدة فى دفتر، ويعطيها مقابلة ملابس لها ولأولادها وشباشب وزجاجات ريحة وإكسسوارات وخلافه.
عملية اقتصادية سهلة لا نقود ولا دياولو وكانت الدنيا سهلة، والأسماك تباع بالفصال من القفة، ولا ميزان ولا دياولو واللحوم بالوقة والفرخة البيضة البياضة بتلعب رياضة كما كان ينادى عليها البائع فى شوارع القرية فى سوق القرية كل شيء بالمقايضة بيع الماعز والخراف والجاموس وشراء ما يحتاج إليه البيت فى التو والحال، أحياناً من خلال النقود أو من خلال المقايضة.
المقايضة كما كانت معروفة هى نظام الصرف الذى يتم عبره تبادل البضائع أو الخدمات مباشرة بسلع أو خدمات أخرى دون استخدام وسيلة تبادل مثل المال - وهى عادة ما تكون ثنائية وقد تكون متعددة الأطراف، وعادة موجودة بالتوازن مع النظم النقدية، فى معظم البلدان المتقدمة على نطاق محدود.
عادة استبدال المال كوسيلة للتبادل فى أوقات الأزمات النقدية هو نظام مقايضة، ويتم عندما تكون العملة إما غير مستقرة على سبيل المثال التضخم أو الانكماش أو غير متوفرة لإجراء التجارة.
وقبل ظهور النقود مر نظام المقايضة بمراحل عدة، حيث اختارت بعض المجتمعات أنواعًا من الماشية لتنسب إليها قيم باقى السلع الأخرى واختارت مجتمعات أخرى سلعاً أخرى متعددة ، وكانت هذه السلع تمثل شيئًا واسع الانتشار ومقبولًا من قبل المجتمع قبولًا عامًا.
ظلت المقايضة فى هذا الوقت عملية واحدة ولكن قام المتعاملون بالتعبير عن قيمة ما يتبادلونه باستخدام ما أصبح يطلق عليه وحدة الحساب وتخلصت المقايضة من مشكلة صعوبة إيجاد مقياس واحد للتبادل، ولجوءًا بعد ذلك إلى مبادلة سلعة بسلعة ثم مقايضة هذه السلعة التى يحتاجونها.
بالرغم من قدم نظام المقايضة، إلا أنه ظهر فى ثلاثينيات القرن العشرين مع انهيار الاقتصاد العالمى، حيث لجأ الناس للمقايضة للحصول على احتياجاتهم اليومية وأساسيات الحياة.
هناك اتجاه فى الدولة لعودة نظام المقايضة لتقليل الضغط على العملة الأجنبية، وإن كانت المقايضة بدأت تعود بين التجار فى الوقت الحالى دون تدخل الحكومات، نظراً لأن العمل بهذا النظام على مستوى الحكومات يحتاج إلى آلية وإطار قانونى عن طريق عدة جهات مع جهات أخرى فى البلد المناظر.
هناك توقعات بأن تطبق مصر نظام المقايضة مع روسيا وتركيا وبعض دول أفريقيا، حيث تمثل تلك الدول أكبر شركاء تجاريين لمصر.
تستطيع مصر الاستعادة من نظام المقايضة لسد الفجوة بين العرض والطلب، تقليل الاعتماد على العملة الصعبة، وتقرير التعاون مع الدول العربية والأفريقية.
وهناك صعوبات تواجه المقايضة منها صعوبة إيجاد شخص لديه ما تريده ويريد ما لديك، وصعوبة تحديد مقدار ما يجب أن تدفعه مقابل شيء ما، وقد يكون من الصعب تبادل السلع أو الخدمات التى لا يمكن تقسيمها إلى أجزاء أصغر أو قد تكون السلع أو الخدمات عرضة للتلف أو التقادم.
ولكن كل عقدة ولها حلال كما يقول المثل، المهم التغلب على أزمة العملة، ومهم أيضاً أن تعود القرية المصرية منتجة كما كانت لها فى وصفها الحالى مستهلكة وتحولت إلى مدينة لكن فى التطلع إلى الاستهلاك وليس فى الإنتاج.
فلم يعد البيض واللبن والبصل والثوم قيد اهتماماتها إلا قليلاً!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن نظام المقایضة
إقرأ أيضاً:
«الأعلى للآثار»: المقبرة المكتشفة في سوهاج تعود إلى فترة «عصر الاضمحلال الثاني»
أكد محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار في المجلس الأعلى للآثار، أن الاكتشاف الأثري الجديد في جبانة جبل أنوبيس بمحافظة سوهاج، والذي يتمثل في المقبرة الملكية، يعد اكتشافًا ذا أهمية كبيرة.
وأضاف عبد البديع، في مداخلة هاتفية مع قناة «إكسترا نيوز»، أن هذه الفترة كانت تتسم بتقسيم مصر إلى عدة أقاليم، حيث كانت كل أسرة ملكية تدير منطقة معينة، مما جعل مصر غير موحدة آنذاك.
وأشار إلى أن المقبرة تعود إلى فترة «عصر الاضمحلال الثاني»، التي سبقت فترة حكم الهكسوس.
وأوضح أن مصر الوسطى كانت تُدار من منطقة معينة، بينما كانت مصر العليا تُدار من مكان آخر، وهي فترة كانت تشوبها الكثير من الغموض بالنسبة للتاريخ المصري القديم.
وتابع عبد البديع أن المقبرة التي تم اكتشافها تتميز بتراث فريد يعود إلى عصر الانتقال الثاني، حيث تقع المقبرة أسفل الجبل وتم تبطينها بالحجر الجيري مع نقوش على جدرانها. وأكد أن المقبرة رغم بساطتها، فإنها تشبه إلى حد بعيد المقابر الخاصة بملوك الأسرة التي حكمت أبيدوس، مشيرًا إلى أنها تتميز بتراث مختلف عن العصور السابقة، مما يجعلها جزءًا مهمًا في حلقة تاريخية هامة في تاريخ مصر القديم.
اقرأ أيضاًالأعلى للآثار لـ «واشنطن بوست»: اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني إضافة غير عادية لآثار مصر التاريخية
وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار
خلفًا لـ وزيري.. تعيين محمد إسماعيل خالد أمينًا للمجلس الأعلى للآثار