عندما تكون سياسة «المصالح»، إطارًا حاكمًا للعلاقات بين الدول، فإنها ببساطة ترتكز على النتائج الإيجابية و«المنفعة»، بعيدًا عن الثوابت المستقرة، خصوصًا أن «البراجماتية» لا تلتفت إلى القيم والمعايير الأخلاقية أو المثالية، وصولًا لتطبيق «ميكافيلية» الغاية تبرر الوسيلة.
خلال الأعوام الفائتة، قامت تركيا، بخطوات «ترضية»، تمهيدًا لعودة العلاقات مع مصر، بإجراءات «ملموسة»، بدءًا بـ«ترحيل» أو «فرض إقامة جبرية» على «الإخوان»، ومرورًا بتقييد تحويلاتهم المالية، وليس انتهاء بوقف أنشطتهم السياسية.
«غَزَل» أنقرة «غير المفاجئ»، أسفر عن تحول ملحوظ تجاه القاهرة، بإعلان متكرر عن رغبتها في «التعاون» بملفات إقليمية، ووقف استهداف مصر إعلاميًا، ومنع بث برامج سياسية على قنوات «الإخوان».
إجراءات بدأت قبل سنوات، بعد فشل تركيا فى إحراج مصر دوليًا وإقليميا، ما جعلها تسعى لتقديم «القرابين» وتخفيف حِدَّة الخطاب تجاه القاهرة، لإحداث خرق في جدار العلاقات «غير الطبيعية»، وهو ما أسفر عن مصافحة «مونديال قطر 2022»، ثم إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء في يوليو الماضي.
قبل أيام، أعلن مسئولون أتراك، عن زيارة مرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان، إلى القاهرة، منتصف فبراير الجارى، ما يفتح الباب على مصراعيه، لاستعادة العلاقات الممزقة منذ 11 عامًا.
زيارة مهمة، فى ظل ظروف بالغة الدقة والحساسية تمر بها المنطقة، تتقدمها الملفات الإقليمية العاجلة، على ملف العلاقات الثنائية، فانخراط الدولتين الحالى فى حل مشكلات المنطقة، لا يكافئ إمكاناتهما الجيواستراتيجية الكبيرة.. بل يمكن القول إن أحد أهم أسباب الفوضى التي تشهدها المنطقة هو غياب التنسيق بين القاهرة وأنقرة.
نتصور أن ملفات المساعدات إلى غزة، وإيقاف العدوان «الصهيوني»، ثم «غاز المتوسط» ستكون محركًا أساسيًّا لـ«الغَزَل» التركي، بعد أن باتت ورقة مهمة تحدد سياسات أنقرة وتوجهاتها، إضافة إلى إعادة «أردوغان» تقييم سياسته الخارجية، وصولًا إلى «صفر مشكلات».
«سنوات عجاف»، شهدت علاقات شائكة، وخلافات حادَّة، منذ «إسقاط الإخوان» في مصر عام 2013، وصلت إلى الذروة، واقتربت من الصدام المباشر فى ليبيا، وغير المباشر في سورية واليمن والسودان والعراق.. ودول الخليج.
باعتقادنا كانت إشارة التحول التدريجي التي تلقفتها تركيا، هي احترام مصر للجرف القاري في مناقصة أنقرة للتنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط. فالقاهرة منذ البداية تتجنَّب أي تصادم أو انخراط في معارك ليست ذات أولوية، كما لا ترغب أن تكون جزءًا من صراعات الآخرين.
أخيرًا.. نتوقع أن تكون زيارة «أردوغان» لمصر، إيذانًا بإنهاء الأزمة، و«تطبيعًا كاملًا» للعلاقات بين الجانبين، لـ«تصحيح المسار»، خصوصًا أن الجانبين لا يستطيعان تجاهل ثِقل كلٍّ منهما، أو تجاوز المصالح التجارية والاقتصادية الكبيرة، التي تفوق 7 مليارات دولار سنويًّا، قابلة للزيادة.
فصل الخطاب:
«السياسة ليست فن الممكن فقط، بل هى فن التحويل، والترويض، والتغيير، وتحويل المستحيل إلى ممكن».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التقارب المصري التركي أردوغان في القاهرة غاز المتوسط محمود زاهر وقف العدوان على غزة العدوان الصهيوني الاخوان المسلمين
إقرأ أيضاً:
صحيفة كويتية تبرز تأكيد الرئيس السيسي أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار ومنع انزلاق المنطقة لحرب إقليمية
أبرزت صحيفة "الأنباء" الكويتية، الصادرة صباح اليوم الخميس، تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ومنع انزلاق المنطقة لحرب إقليمية واسعة النطاق، وكذلك أهمية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 باعتبارها حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة، تحت عنوان "السيسي: أهمية تضافر الجهود لمنع انزلاق المنطقة لحرب إقليمية"، أن ذلك جاء خلال كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع رئيس جمهورية إستونيا ألار كاريس أمس بقصر الاتحادية.
وتابعت الصحيفة أن الرئيس السيسي شدد على أن القضايا الإقليمية والملفات الدولية كانت حاضرة بقوة خلال المباحثات، حيث جاءت القضية الفلسطينية في مقدمة الملفات الإقليمية، وذلك حيث تعتبرها مصر صلب قضايا المنطقة، مبينا أنه تم استعراض الجهود المصرية الحثيثة لوقف التصعيد الإسرائيلي غير المبرر والمتواصل في قطاع غزة ولبنان، واتساع نطاق الهجمات الإسرائيلية، لتشمل اليمن وسورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن مباحثات الرئيس السيسي مع نظيره الإستوني أكدت أهمية تكثيف العمل المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وكذلك تبادل الخبرات في ملفات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، بما في ذلك تهريب المهاجرين غير الشرعيين بالإضافة إلى توافق الرؤى حول أهمية تكثيف العمل المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلا عن رغبة البلدين في تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وتطرقت المباحثات إلى العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها ليبيا وسورية والسودان واليمن وأمن البحر الأحمر، والأزمة الروسية الأوكرانية، وملفا الأمن الغذائي وأمن الطاقة، حيث تم التوافق على أهمية تكثيف الجهود الدولية للتعامل مع تلك الأزمات، وضرورة التوصل لحلول سلمية بشأن الصراعات القائمة وترسيخ السلام والاستقرار.