لماذا يتصاعد الخطاب المصري ضد اللاجئين؟!
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
تصاعدت بشكل مفاجئ لهجة الحكومة المصرية ضد اللاجئين، بعد أن تذكرت مؤخرا الأعباء التي تتحملها بسبب وجودهم المتزايد!! وانتقلت التصريحات تباعا من رئيس الجمهورية إلى قرارات واجتماعات حكومية عقدت خصيصا لمناقشة تقنيين وضعهم.
ويلاحظ التغير السلبي في اللهجة السياسية والإعلامية باتجاه اللاجئين، على عكس ما كانت تتباهي به دائما التصريحات الرسمية كبلد يساوي بينهم وبين المصريين.
وتخلط هذه الإحصائيات بين الأوضاع القانونية للمقيمين في مصر، فأغلب الأجانب هم مهاجرون أو مقيمون بشكل قانوني، وليسوا لاجئين. وهذا الخلط يرجع إلى عدم التفرقة بين اللاجئ والمهاجر أو الأجنبي، واعتبار أن كل من يعيش في البلاد ولا يحمل الجنسية المصرية يعتبر لاجئا.
تخلط هذه الإحصائيات بين الأوضاع القانونية للمقيمين في مصر، فأغلب الأجانب هم مهاجرون أو مقيمون بشكل قانوني، وليسوا لاجئين. وهذا الخلط يرجع إلى عدم التفرقة بين اللاجئ والمهاجر أو الأجنبي، واعتبار أن كل من يعيش في البلاد ولا يحمل الجنسية المصرية يعتبر لاجئا. ويترتب على اختلاف التوصيف، تعامل مختلف من الدول مع كل من المهاجرين واللاجئين بموجب قوانين وإجراءات مختلفة
ويترتب على اختلاف التوصيف، تعامل مختلف من الدول مع كل من المهاجرين واللاجئين بموجب قوانين وإجراءات مختلفة.
وعلى عكس الرقم السابق، تستضيف مصر نحو 289.5 ألف لاجئ وطالب لجوء من 65 دولة، غالبيتهم من سوريا ثم السودان وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا واليمن والصومال، منهم 194 ألف طالب للجوء و51 ألف نازح حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في حزيران/ يونيو 2022. وبداية من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تصدرت القائمة الجنسية السودانية تليها السورية.
وجانب كبير من السودانيين يقيم بموجب اتفاقية الحريات الأربع التي وقعتها مصر والسودان عام 2004، وتنص على حرية التنقل والإقامة والعمل وتملك العقارات لمواطني البلدين في البلد الآخر.
وانعكس هذا التوجه المتشدد في الفترة الأخيرة باتخاذ الحكومة المصرية إجراءات مشددة ضد اللاجئين وبشكل خاص مع السوريين والسودانيين، من خلال تقييد تعليمات الدخول، والتضييق على المقيمين منهم من خلال فرض تأشيرة مسبقة على السودانيين الهاربين من النزاع المسلح القائم في السودان والوافدين إلى مصر، والتوقف عن قبول جوازات السفر الممددة، ومنع إضافة الأطفال على جوازات سفر أسرهم، بالمخالفة لاتفاق سابق بين البلدين كان يضمن حرية دخول الأطفال والنساء وكبار السن من الرجال دون الحصول على تأشيرة.
من جهة أخرى، عملت مصر على تقنين أوضاع إقامات السوريين داخل البلاد خلال 3 أشهر، وإصدار إجراءات جديدة تضع شروطا إضافية على الراغبين في الحصول على الإقامة الدائمة،بالرغم من أن الكثيرين منهم لا يملكون جوازات سفر سارية.
ومؤخرا وافق مجلس الوزراء على قانون "لجوء الأجانب"، والذي يُلزم اللاجئين وطالبي اللجوء بتقنين أوضاعهم خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية المنتظر صدورها، ومنح الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية مهلة لتوفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم مقابل ما يعادل ألف دولار أمريكي.
وانتقلت هذه النغمة بشكل مفاجئ من الفخر إلى خانة الابتزاز، بالمبالغة في أعداد اللاجئين سعيا لطلب مساعدات دولية إضافية مقابل هذه الاستضافة على غرار التجربة التركية مع أوروبا.
كما ظل ملف الهجرة أحد الموضوعات الموضوعة على جدول الأعمال بين المسئولين المصريين ونظرائهم الأوروبيين، بالتأكيد على دور مصر في منع الهجرة غير الشرعية للاتحاد الأوروبي عبر البحر، وطلب مساعدات مالية مقابل ذلك تحت مسمى المساعدات الفنية.
وأخيرا انتقل الوضع إلى ما يمكن أن يطلق عليه اعتبار اللاجئين عبئا اقتصاديا، تمهيدا لفرض أعباء مالية على المقيمين في مصر أيا كان وضعهم.
ويبدو أن البحث عن موارد مالية بالدولار يمثل دافعا رئيسيا لأجهزة الدولة في ممارسة الضغوط على القادمين إلى مصر؛ هروبا من الأزمات الإنسانية في بلدانهم وبشكل خاص السوريون والسودانيون.
يتحمل المهاجرون واللاجئون عبء أوضاعهم المالية؛ بدءا من توفير مسكن والحصول على احتياجاتهم اليومية والعلاج والتعليم سواء من خلال العمل بشكل غير رسمي بأجور زهيدة، أو إنشاء مشروعات اقتصادية على نفقتهم الشخصية، ومقابل ذلك يدفعون الضرائب والرسوم اللازمة للدولة، وأغلب هؤلاء من السوريين
والإشكالية أن الحكومة المصرية لا تعاني من أعباء مادية مقابل استضافة اللاجئين، حيث تتولى مفوضية شئون اللاجئين المسئولية الأساسية في تقديم بعض المساعدات، بالإضافة إلى تقديم بعض الكنائس والهيئات مثل كاريتاس مساعدات إضافية.
وحتى تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بلغ إجمالي ما حصلت عليه مصر من المفوضية الأوروبية 151 مليون دولار لدعم مؤسسات الدولة التي تستجيب لاحتياجات الحماية والتعليم والصحة للاجئين.
من جانب آخر، يتحمل المهاجرون واللاجئون عبء أوضاعهم المالية؛ بدءا من توفير مسكن والحصول على احتياجاتهم اليومية والعلاج والتعليم سواء من خلال العمل بشكل غير رسمي بأجور زهيدة، أو إنشاء مشروعات اقتصادية على نفقتهم الشخصية، ومقابل ذلك يدفعون الضرائب والرسوم اللازمة للدولة، وأغلب هؤلاء من السوريين.
إلى جانب ذلك، لا تتمتع الحكومة المصرية بتاريخ إيجابي في التعامل مع اللاجئين خاصة من السودان والدول الأفريقية، ولا ينسى الكثيرون واقعة فض اعتصام اللاجئين السودانيين ضد المفوضية في حي المهندسين عام 2005، والتي أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 35 لاجئا وإصابة العشرات، بالإضافة إلى ترحيل عدد كبير من طالبي اللجوء من إريتريا وتشاد إلى دولهم رغم مخالفة ذلك لاتفاقية اللاجئين 1951 والتي وقعت عليها الحكومة المصرية.
بالتوازي مع ذلك، بدأت حملات اللجان الالكترونية المصرية في الفترة الأخيرة بالتحريض على اللاجئين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والادعاء بأنهم لا يتحملون نفقاتهم، وأنهم يكلفون الدولة مصروفات زائدة وأخيرا تحميلهم أسباب تردي الوضع الاقتصادي باقتناص فرص العمل من المصريين!! وهو ما لا نظنه بعيدا عن توجهات الدولة في هذا الموضوع.
تأتي إثارة ملف اللاجئين مع تزايد احتياجات مصر من النقد الأجنبي كاشفا للهدف الأساسي، بالسعي للوصول لاتفاقات مع المؤسسات الدولية على تلقى قروض أخرى، وممارسة الضغوط على مفوضية شئون اللاجئين وبلدان أوروبا لتلقي أموال إضافية. ويتشابه هذا التوجه مع نهج النظام مع المصريين في الخارج، بمحاولة تلقي أموالهم بطرح مشروعات معينة لجذب العملة الصعبة
في النهاية، تأتي إثارة ملف اللاجئين مع تزايد احتياجات مصر من النقد الأجنبي كاشفا للهدف الأساسي، بالسعي للوصول لاتفاقات مع المؤسسات الدولية على تلقى قروض أخرى، وممارسة الضغوط على مفوضية شئون اللاجئين وبلدان أوروبا لتلقي أموال إضافية. ويتشابه هذا التوجه مع نهج النظام مع المصريين في الخارج، بمحاولة تلقي أموالهم بطرح مشروعات معينة لجذب العملة الصعبة.
وإثارة هذا الموضوع في هذه اللحظة يشير إلى عدد من الأسئلة؛ أهمها:
هل يمكن أن يؤدي استخدام هذا الملف لإخراج النظام من أزمته وحل المشاكل الاقتصادية التي تسبب فيها بسياساته الفاشلة والتي رفعت حجم الديون إلى ما يزيد على 160 مليار دولار؟ هذا ما نشك فيه طالما لم يتم تغيير هذه السياسات أولا.
وما مدى تأثيرها على التزاماته الدولية بحق اللاجئين، وما تفرضه اتفاقية 1951 في شأن رفض العودة القسرية لهؤلاء اللاجئين لبلدانهم، أو فرض إجراءات تعسفية على إقامتهم؟ والمفارقة أنها تأتي في ظل سعي رسمي لتسفير المصريين كعمالة مهاجرة في البلدان الأوروبية لجلب مزيد من العملة الصعبة!!
وما مدى تأثيرها على علاقات النظام بالجوار الإقليمي الذي يعاني من نزاعات عسكرية؛ يبدو أنها ستستمر لوقت طويل في ظل تراجع الدور المصري في الوساطة لحل وإنهاء هذه المشكلات؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية اللاجئين سوريا السودان الهجرة سوريا مصر السودان لاجئين الهجرة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة المصریة من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
"التفكر والتدبر فريضة إسلامية".. ندوات دعوية بأوقاف الفيوم
عقدت مديرية أوقاف الفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة (17) أسبوعا ثقافيا بإدارات الأوقاف الفرعية تحت عنوان "التفكر والتدبر فريضة إسلامية".
يأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف العلمي لتحقيق مقاصد الشريعة وتقديم خطاب ديني وسطي رشيد، لنشر الفكر الوسطي المستنير والتصدي للفكر المنحرف.
جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور أسامه السيد الأزهري وزير الأوقاف وتحت إشراف الدكتور محمود الشيمي مدير أوقاف الفيوم، وبحضور نخبة من الأئمة والعلماء المميزين، وكبار القراء والمبتهلين.
وخلال هذه اللقاءات أكد العلماء أن الله سبحانه أمرنا بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز، وأثنى على المتفكرين فقال تعالى: "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" آل عمران/191، وقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الجاثية/13، وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله).
العلماء: المتأمل في لغة الخطاب الإلهي يكتشف للوهلة الأولى أنه خطاب الحكمة والعقل والتدبروأشار العلماء إلى أن المتأمل في لغة الخطاب الإلهي يكتشف للوهلة الأولى أنه خطاب الحكمة والعقل والتدبر وإعمال الفكر ؛ لمعرفة مقاصد الخطاب الإلهي وما يدعوهم إليه، مضيفين أن من أهم ثمار التفكير والتدبر في ملكوت الله، تحقيق الاستقرار في المجتمع حيث ينصرف الناس جميعاً إلي تعمير الأرض والعمل للارتقاء بمستوى المعيشة للإنسان والحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع.
كما أوضح العلماء أن التفكر عبادة الخواص الذين قال الله فيهم:"الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض..."، ولا يقتصر التفكر على تدبر كتاب الله (عز وجل) فقط، بل يشمل التدبر لآياته الكونية -وهو الكون بكل ما فيه من سماوات وكواكب ونجوم وجبال وأنهار ونبات وحيوان- وقد أمرنا الله بالتفكر في آياته وكلما تدبرنا في الآيات الكونية، اكتشفنا بديع صنع الله (عز وجل)، وتتمثل أهمية التفكر والتدبر في تحقيق الاستقرار للفرد والأسرة والمجتمع وتحقيق الحياة الكريمة للجميع، والتي تعد من أهم ثمار التفكر والتدبر.