جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-27@03:44:24 GMT

الكويت في الوجدان العُماني والعربي

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

الكويت في الوجدان العُماني والعربي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

حين أتذكر الكويت فإني أستحضر في ذهني كيف تتحول الفكرة إلى دولة، وكيف يتفوق الضجيج إلى هدوء عاصف مثمر، وكيف تكون معاني الإنسانية العميقة، وكيف كان العربي متصالحًا مع عروبته وباحثًا عن صيت يُخلده ويكتب له عُمرا آخر بعد رحيله عن الحياة، وهو عُمر السيرة الحسنة.

ليست لي ذكريات شخصية بالكويت، سوى مرور عابر عام 1972م، برفقة عائلتي قادمين من عدن في طريقنا للالتحاق بأبي المغترب بدولة قطر، حيث نزلنا بفندق فينيقيا بشارع الجهراء لمدة يومين في انتظار رحلة إلى الدوحة. حيث شكلت تلك المحطة العابرة التقاطات بعيون طفل قادم من بيئة جبلية ظفارية، إلى عوالم مدنية جديدة تمثلت في عدن والكويت، وانطبعت في ذاكرتي بصورة "فوتوغرافية" لا تزول. ولكن الكويت شكلت جزءًا مهمًا من ذاكرتي لاحقًا، وتقاسمت قسرًا مساحات من تكويني الثقافي والفكري، كدولة عربية رائدة في المنطقة والوطن العربي الكبير.

فالكويت في قناعاتي هي فكرة جميلة شكلتها عقول الفئات التي سكنتها من نجد والعراق والساحل الفارسي، حيث تزاحمت تلك العقول فأنتجت دولة عصرية كان لها السبق والريادة في العديد من الأفكار التنموية والإنسانية، بدءًا من الفكر والثقافة والمسرح والفنون، وانتهاء بالرياضة.

فقد كانت الكويت سباقة في ترجمة ثقافة الدولة العصرية على أرض الواقع، حيث وجدنا الدستور ومجلس الأمة والصحافة الحُرة، هذا الثالوث الهام الذي أوجد بالنتيجة قواعد دولة عصرية متصالحة مع نفسها ومع مكوناتها ومع مقدراتها وقدراتها إلى حد كبير ولا فت.

ولم تنسى الكويت المعاصرة رسالتها الإنسانية تجاه الأشقاء والأصدقاء، حين شكلت الصندوق الكويتي للتنمية والذي كان صندوقًا ذا بُعد رسالي من الكويت إلى العالم. وهذا الصندوق الرسالي لم يكن ليتشكل ويقوم بدور الدبلوماسية الشعبية/الاقتصادية بنجاح لولا وجود مرجعية ثقافية قيمية في العقل الجمعي الكويتي الساعي للخير والنفع بفطرته. فقد كانت الكويت بمثابة "كعبة مضيوم" لكل من ضاقت به سُبل العيش، وسُبل الفكر، وسُبل الثقافة، وسُبل الفن، حيث توفرت بها كل أسباب الجذب لتلك الفئات من أقطار الخليج والوطن العربي.

لهذا حين عاشت الكويت محنة الغزو والاحتلال، لم يشعر من عرف الكويت من العالم بأن جغرافية احتلت ولا شعبا تهجر، بل شعروا بأن الإنسانية والثقافة والفكر والتعايش والفن في خطر، وأن الوقوف مع الكويت وتحريرها هو بمثابة تحرير لتلك القيم وانتصار لها.

فقد كانت الكويت تقود ضجيج الفكر والفن والثقافة وحرية الرأي في المنطقة والوطن العربي بصمت وفاعلية معًا، وكانت نموذجًا لنظرية سياسية فريدة وغير مرئية للكثير من منظري السياسة وعلماء الاجتماع السياسي، وهي نظرية "كيف تتحول الفكرة إلى دولة على أرض الواقع".

كانت الكويت بحق نموذجًا للدولة المتصالحة مع نفسها، حيث نبعت سياساتها وترسخت من نسيج  قيم وموروث أبنائها، وبهذا تصالح العقل الجمعي مع العقل الفردي وأثمر عن دولة نموذجية تخطت المفردات والقواعد التقليدية لقوة الدولة ونفوذها في تعريفات السياسة والمتمثلة في المساحة وعدد السكان والجغرافيا.

قبل اللقاء.. ستبقى الكويت في ذاكرتي، وذاكرة جيلي، سردية لا تفنى ولا تتقادم ولا تشيخ؛ فالكويت قيمة إنسانية، واستثمار بشري خلاق أنتج دولة نموذجية.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحراصي: تدشين "واجهة الطفل" تجسيد للحرص السامي على رعاية الطفل العُماني

 

مسقط- العُمانية

أكّد معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام أن إطلاق وزارة الإعلام واجهةَ الطفل في منصة "عَيْن"، يأتي تجسيدًا للرؤية الحكيمة لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وحرصه السّامي على رعاية الطفل العُماني وتنمية قدراته، من خلال التوظيف الإيجابي للتقنيات الحديثة لصياغة وعي الأجيال، وتعد خطوة استراتيجية نحو تطوير محتوى إعلامي هادف للأطفال، الذين يمثِّلون الشريحة الأهم في بناء المستقبل.

وأضاف معاليه- في تصريح صحفي "إن هذه الواجهة ليست مجرد جانب ترفيهي؛ بل بيئة معرفية شاملة، تلبِّي احتياجات الطفل العُماني النفسية والتعليمية والقيمية، وتواكب في الوقت نفسه التطورات الرقمية العالمية".

وتابع معاليه: "الطفل اليوم شريك فاعل في صنع المعرفة وتشكيل المستقبل، لذلك؛ صُمّمت واجهة الطفل لتقدّم محتوى يتحدث بلغته، ويثير فضوله، ويرسّخ الهوية العُمانية والقيم الأصيلة، مع فتح آفاق الإبداع أمامه. وتشمل الواجهة قصصًا مصوّرة، وبرامج تعليمية مبسّطة، ومواد سمعية وبصرية، تعزز مهارات التفكير واللغة والتواصل، بأساليب جذابة ومناسبة للأطفال".

ومضى معاليه قائلًا: "نؤمن أن بناء الإنسان يبدأ من الطفولة، ومن هذا المنطلق تأتي واجهة الطفل لتكون فضاءً آمنًا وممتعًا، يعزز صلة النشء بهويته وقيم مجتمعه، ويثري خياله ومعرفته بأساليب معاصرة. وسنواصل العمل على تطوير هذه الواجهة؛ بما يتلاءم مع احتياجات الأطفال وتطلعاتهم، وبما يواكب التحولات التقنية والمعرفية المتسارعة".

مقالات مشابهة

  • جلسة نقدية تبحث تجليات السرد الشعبي في الأدب العُماني
  • فلسطين.. سؤال الوجدان المعاصر
  • الحراصي: تدشين "واجهة الطفل" تجسيد للحرص السامي على رعاية الطفل العُماني
  • اشتباكات عنيفة في حبان شبوة على خلفية ثأر قبلي
  • انعقاد الجولة الخامسة من المشاورات السياسية بين الكويت والصين
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: حين ينفصل العقل عن الإيمان ينهار العمران وتنحرف القاطرة عن القضبان.. والإفلاس الحقيقي إتيان المرء يوم القيامة متلبسًا بظلم الناس
  • مصدر بوزارة الدفاع لـ سانا: أطلقت ميليشيات حزب الله اللبناني عدة قذائف مدفعية من أراضي دولة لبنان، تجاه نقاط الجيش العربي السوري في منطقة القصير غرب حمص
  • الكويت تقترب من استثمار ودائع بـ 4 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري
  • الليلة.. أوبريت شارع البخت للشاعر جمال فتحي بقصر الأمير طاز
  • «خِلال وظِلال».. ديوان جديد يُضيء سماء الشعر العُماني