جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-16@15:59:22 GMT

مبادرة "مُتحدث واعد"

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

مبادرة 'مُتحدث واعد'

 

د. خالد بن علي الخوالدي

مبادرات عديدة وأفكار كثيرة ورؤى ومقترحات متنوعة، تُقدَّم على مستويات مختلفة في كل ربوع عماننا الحبيبة، وخلال متابعتي  للمبادرات الشبابية المشاركة في مجتمع الشباب ضمن معرض "جدكس 2024" الذي تختتم فعالياته يوم الثلاثاء بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض، لفتت انتباهي مبادرة "متحدث واعد"، وطاف بي الخيال إلى عدد من المسؤولين والأفراد الذي يتجنبون الحديث أمام وسائل الإعلام خاصة التلفزيونية والمرئية والمسموعة، وذهب واقعي لضرورة إعداد وتنشئة جيل مُتحدث يقدم نفسه بصورة تليق به مع مجتمعه وأمام الجمهور.

نعم هناك تفاوت في القدرات البشرية في كل جوانب الحياة، ولكن من وجهة نظري بأن قدرات الحديث سواء الفردية أو أمام الجمهور هي قدرات يمكن تنميتها وتطويرها خاصة إذا ما بدأ هذا الأمر منذ الصغر، ووجود مبادرات من هذا النوع تسعى إلى تحقيق أهداف نبيلة أمر مبشر بخير، والأجمل أنها مبادرة تطوعية وتقدم خدماتها في مختلف المواقع، فخلال تتبعي لعملهم في مواقع التواصل الاجتماعي رأيت لهم نشاطات مختلفة في ولاية صحم والتي انطلقت منها المبادرة وغطت محافظة شمال الباطنة وطافت محافظات أخرى واليوم تتواجد في محافظة مسقط وفي معرض مهم كمعرض جدكس، والذي شدني أكثر هو الاحتضان الرائع لوزارة الثقافة والرياضة والشباب لهذه المبادرة والأخذ بيدها لتحقيق الغايات والأهداف الوطنية والمجتمعية التي يمكن إن تحققها.

إن التركيز على الأعمار من سن سبع سنوات إلى سن الثامنة عشرة والتي تستهدفهم مبادرة "متحدث واعد" هو تركيز موفق ويعمل على ترسيخ الكثير من الثقة والجرأة والمبادرة ولباقة الحديث لدى الناشئة ويسهم مساهمة فعالة في توصيل الأفكار والتوجهات والرؤى بطريقة مناسبة وسهلة وبسيطة، كما يساهم في رفع المستوى التحصيلي والدراسي والثقافي والأدبي والعلمي لهؤلاء الناشئة الذين هم أمل عمان ومستقبلها.

وتنمية وتطوير مهارات الخطابة العامة والإلقاء والتحدث أمام الجمهور وإتقان مهارات التفاعل والتواصل اللفظي والجسدي والتعبير عمّا يجول في دواخل الناشئة بطريقة إيجابية، لعمري أنها أهداف لو تحققت لرأينا نتائجها واضحة وجلية على كثير من مناشط الحياة خاصة الأسرية والمجتمعية منها، فكم من أسر تفككت بسبب عدم القدرة عن التعبير عما بداخل القلب من مشاعر وعواطف حتى ليعتقد أحد الأطراف بأن الطرف الآخر متبلد الحس وجامد المشاعر لعدم مقدرته على الحديث اللبق والمقنع والمنسجم مع يتطلبه الوضع الأسري، وهذا ينسحب على الحديث المنظم والمرتب والمقنع على المستوى المجتمعي وعلى المستوى المؤسسي وعلى مستويات عديدة.

والأسرة والبيئة هنا لهما دور كبير ومهم وفاعل في إعداد الناشئة وقد تتميز بيئة عن أخرى في هذا الجانب فالبيئة البدوية مثلا فأبناؤها أكثر جرأة ولباقة في الحديث ولغتهم سليمة فالإنسان كما قيل ابن بيئته، وهذا نستنبطه من حادثة إرسال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى البادية في أول سنوات عمره ومرضعته السيدة حليمة السعدية حيث تأسس في البادية وأتقن فيها العديد من الصفات والقيم والمزايا التي يتميز بها أهل البادية ولعل أبرزها سلامة اللغة والإتقان والجرأة، بينما يختلف الوضع في البيئات الأخرى فقد يتطلب الأمر إلى وجود مثل هذه المبادرات المحفزة والمشجعة والهادفة.

إن التأهيل والتدريب والتعليم ليكون أطفالنا متحدثين في الأسرة وفي المسجد وفي المدرسة والمجتمع أمر في غاية الأهمية، ولعل بعضنا قصر في هذا الجانب ولم ينتبه له ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله أو كما قيل أن تصل متأخرا خير من لا تصل، وقد قدمت لنا مبادرة متحدث واعد الكثير من الفرص لاستدراك هذا الأمر حتى ونحن في العمر الحالي فالإنسان متعلم طوال حياته، شكرا للقائمين على هذه المبادرة القيمة والتي ستحقق أهدافها بحول الله بجهود المخلصين.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التكنولوجيا الناشئة.. هل نحن مستعدون للمستقبل؟

د. ذياب بن سالم العبري

في كل يوم نسمع عن تقنية جديدة تغير شكل العالم، تفتح آفاقًا لم نكن نتخيلها، وتقودنا نحو مستقبل يبدو وكأنه مستوحى من أفلام الخيال العلمي. لم يعد التطور التقني مجرد رفاهية، بل أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا، يشكل اقتصادات الدول، يغير أساليب العمل، ويعيد تعريف مفهوم التواصل والتفاعل بين البشر. لكن السؤال الحقيقي هنا: هل نحن مستعدون لمواكبة هذا التطور؟

التكنولوجيا الناشئة هي ببساطة كل ابتكار جديد لم يصل بعد إلى انتشاره الكامل، لكنه يحمل إمكانات هائلة قد تعيد تشكيل مختلف المجالات. وعندما ظهر الذكاء الاصطناعي لأول مرة، كان مجرد فكرة مثيرة في الأبحاث الأكاديمية، لكنه اليوم أصبح جزءًا لا يتجزأ من أنظمتنا المالية، الطبية، والتعليمية. البلوك تشين لم يعد مجرد تقنية تستخدم في العملات الرقمية، بل أصبح أداة قوية لحماية البيانات وتعزيز الشفافية. وإنترنت الأشياء بات يحوّل مدنًا بأكملها إلى مساحات ذكية تستجيب لحاجات سكانها دون تدخل مباشر.

وفي مجال الصحة، فتحت الهندسة الوراثية والطباعة ثلاثية الأبعاد أبوابًا لم يكن أحد يتخيلها قبل سنوات. أصبحنا قادرين على طباعة أعضاء بشرية، وتصميم علاجات جينية لأمراض مستعصية، وهي تطورات قد تطيل متوسط العمر المتوقع وتحسن جودة الحياة لملايين البشر. أما في قطاع التعليم، فقد أحدث الواقع الافتراضي والواقع المعزز نقلة نوعية في طريقة التعلم والتدريب، مما يجعل المعرفة أكثر تفاعلية وأسهل وصولًا للجميع.

ومع كل هذه القفزات التقنية، يبرز تحدٍّ جديد: هل سنكون مستهلكين لهذه التكنولوجيا فقط، أم سنكون مساهمين في صناعتها؟ الدول التي تدرك أهمية الاستثمار في البحث والتطوير، وتوفر البيئة المناسبة للابتكار، هي التي ستحقق السبق في المستقبل. التكنولوجيا لم تعد خيارًا يمكن تجاهله، بل هي ضرورة يجب أن نستعد لها من الآن.

عُمان تمتلك من الإمكانيات والكفاءات ما يؤهلها لأن تكون جزءًا من هذا التحول الرقمي العالمي. ومع التوجه نحو الحكومة الإلكترونية، وتعزيز ريادة الأعمال التقنية، واحتضان المشاريع الابتكارية، يمكننا أن ننتقل من مجرد مستخدمين للتكنولوجيا إلى رواد فيها. التحدي الحقيقي ليس في مواكبة التطور فقط، بل في توجيهه نحو خدمة مجتمعاتنا، وتعزيز اقتصادنا، وبناء مستقبل أكثر استدامة لأجيالنا القادمة.

العالم يتغير بسرعة، والتكنولوجيا لا تنتظر أحدًا. فهل نحن مستعدون لنكون جزءًا من هذا المستقبل، أم سنكتفي بدور المشاهدين؟ هذا هو السؤال الذي علينا جميعًا التفكير فيه بجدية.

مقالات مشابهة

  • خالد سلك.. شخص مزعج، شحيح النفس، وصاحب طريقة كريهة ومنفّرة في الحديث
  • موقع إيطالي: المقاتلة الروسية سو-75.. من نموذج واعد إلى مشروع وهمي
  • التكنولوجيا الناشئة.. هل نحن مستعدون للمستقبل؟
  • الثقافة تصدر «دراسات في الأدب الفارسي الحديث والمعاصر» بهيئة الكتاب
  • ماذا وراء الحديث عن نزع سلاح المقاومة كشرط لوقف الحرب في غزة؟
  • زراعة الشمندر في المغرب: موسم واعد بفضل التساقطات المطرية
  • ‏”تجارب ملهمة نحو مستقبل سوري واعد” في ملتقى الذكاء الاصطناعي ‏بدمشق
  • العلماء يحذّرون من عاصفة شمسية «لم تحدث منذ ألف عام»
  • رئيس الوزراء يستقبل وفدًا من رجال الأعمال السعوديين: مصر بلد واعد للاستثمار
  • الثقافة تصدر «دراسات في الأدب الفارسي الحديث والمعاصر» بهيئة الكتاب