صفقة محتملة لتبادل الأسرى تكشف حجم التصدع داخل حكومة نتنياهو
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
القدس المحتلة- تعكس الخلافات الداخلية بالحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، بشأن صفقة تبادل الأسرى المحتملة مع حركة حماس، ملامح الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي وتباين المواقف بشأن استمرار الحرب على قطاع غزة، التي فشلت في تحقيق أهدافها.
وتشمل معارضة صفقة التبادل المحتملة رئيس تحالف "الصهيونية الدينية"، الوزير بتسلئيل سموتريتش، ورئيس حزب "عظمة يهودية" الوزير إيتمار بن غفير، فضلا عن وزراء وأعضاء آخرين في الحكومة، إذ يواجه نتنياهو في هذه المرحلة أضعف موقف سياسي له في معسكر اليمين منذ مسيرته السياسية.
وعلى الرغم من خبرة نتنياهو في مجال التسويق السياسي والإنجازات المزعومة خلال فترة توليه رئاسة الوزراء، فإن هذه المهمة ليست بسيطة إطلاقا في هذه المرحلة مع تعزيز القناعات لدى الإسرائيليين بأن الحرب على غزة فشلت في تحقيق أهدافها، ولعل هذا هو مصدر القلق لدى المعارضة الإسرائيلية على مصير صفقة التبادل.
وبحسب قراءات محللين إسرائيليين، فإن نتنياهو لم يعد قادرا على تقديم ضمانات للمستوطنين بضم الضفة الغربية أو أجزاء من قطاع غزة، وكذلك التوقيع على مزيد من "الاتفاقية الإبراهيمية" دون دفع أي ثمن، والبقاء على حصان كرسي رئاسة الوزراء.
وتجمع تقديرات المحللين على أنه إذا توصل نتنياهو بالفعل إلى صفقة تبادل، فإنه سيخوض مخاطرة لم يخضها منذ ولايته الأولى، والتي تتضمن خروجا واضحا في قضية حادة ضد اليمين المتطرف، ويبدو -وفقا للتقديرات الإسرائيلية- أنه ليس لدى نتنياهو خيار أو بديل آخر.
خيارات محدودة
وحول الخلافات والانقسام الإسرائيلي بشأن صفقة التبادل تقول محررة الشؤون السياسية في صحيفة هآرتس رفيت هيخت إنه "من الصعب جدا التنبؤ بالمشهد السياسي الإسرائيلي، عندما يكون اللاعبون الأساسيون رئيس وزراء يبدع في فن المراوغة والمماطلة، في سبيل الحفاظ على مسيرته السياسية والبقاء على كرسي رئاسة الوزراء".
وتضيف "كل الدلائل تشير إلى أن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح أغلب المختطفين في مقابل وقف إطلاق النار أصبح أقرب، حيث سيتعين على نتنياهو أن يخوض مخاطرة قبالة اليمين المتطرف الشركاء بالائتلاف والتي تجنبها لسنوات، لكن لا يبدو أن لديه خيارا آخر".
وأوضحت أن إسرائيل في نهاية المطاف هي نقطة بالشرق الأوسط، وإن كانت بهذه المرحلة "نقطة ضعف"، مشيرة إلى أن ديناميات المناقشات الإقليمية والدولية بشأن وقف إطلاق النار ارتفعت إلى مستويات عالية، إذ بات واضحا أن أميركا، ومصر، والسعودية لديهم مصالح واضحة وفورية بإنهاء الحرب وإنجاز صفقة تبادل بمعزل عن موقف اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وتعتقد هيخت أن التحدي الحقيقي لنتنياهو سيكون التوصل إلى صفقة مع اليمين، والترويج لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار على أنها "نصر كامل" أو بالأحرى خطوة حاسمة على هذا الطريق، وذلك على النقيض من الوضع المعقد الذي يحاول أن يفرضه نتنياهو، عبر استمرار الحرب حتى القضاء على حماس، ورفض تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين.
أما محللة الشؤون السياسية في الموقع الإلكتروني "والا"، تال شيلو، فترى أن نتنياهو يوظف مفاوضات صفقة التبادل في حملته الانتخابية المقبلة، ويسعى لتكون الصفقة -إذا تمت- رافعة لشعبيته التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها بسبب الحرب على غزة.
ورجحت أن الخلافات داخل الحكومة بشأن صفقة التبادل أو وقف إطلاق النار، تعكس بوادر التصدع في ائتلاف اليمين المتطرف، والأمر من شأنه أن يسهم إلى تفكيك الحكومة، والتوجه إلى انتخابات مبكرة، وذلك بالتوافق بين مختلف الأحزاب السياسية في الكنيست.
واعتبرت شيلو أن وعود نتنياهو بـ"النصر الكامل" تهدف إلى تبديد وعي الإسرائيليين بالكارثة والفشل الذي تعرضت له إسرائيل بقيادته، وأيضا تأخير وترحيل سيناريوهات اليوم التالي للحرب على مسيرته السياسية.
ولكن، تقول شيلو إن "الالتزام بالنصر الكامل يضمن أن الحرب لن تنتهي قريبا، ويؤخر السيناريوهات السياسية التي تهدد مسيرة نتنياهو، وقد يرحل إسقاط حكومة الطوارئ، ويؤجل التحقيق بالفشل في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهذا ما سيدفع الجمهور الإسرائيلي للخروج للاحتجاجات والمظاهرات الواسعة حتى إسقاط حكومة نتنياهو".
من جانبه، قال المتحدث باسم كتلة "السلام الآن" آدم كلير إن "نتنياهو يسعى من خلال المراوغة والمماطلة بشأن صفقة التبادل للهروب إلى الأمام وكسب مزيد من الوقت، وقد يعمل المستحيل من أجل الإبقاء على حالة القتال وترحيل الصفقة".
ولفت في تصريحات للجزيرة نت إلى أن نتنياهو الذي يبحث عن أي مظاهر لإنجازات من الحرب على غزة، ولتفادي تداعيات الاحتجاجات الداعية إلى إجراء انتخابات مبكرة للكنيست، سيواصل المراوغة سعيا منه بالنجاح في اختراق الموقف الرافض لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار، من قبل شركائه بالائتلاف الحكومي من أحزاب اليمين المتطرف، وسيعمل على إقناعهم بعدم تفكيك وإسقاط حكومته الأصلية.
ورغم الخلافات والانقسامات داخل ائتلاف حكومة نتنياهو التي تعتمد على 64 من أعضاء الكنيست، بشأن صفقة التبادل وإنهاء الحرب، يتوقع كلير أنه إذا أبرمت صفقة، ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قد لا ينفذ بن غفير تهديداته، وقد تمتنع أحزاب المستوطنين واليمين المتطرف عن إسقاط الحكومة بسبب لقاء المصالح.
سيناريوهات
ولا يستبعد المتحدث الإسرائيلي تفكيك مجلس الحرب وإسقاط حكومة الطوارئ بانسحاب رئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس، إذا ما واصل نتنياهو توظيف الحرب لأهدافه ومصالحة السياسية الشخصية، وكذلك الارتهان لسياسات وأجندة الشركاء في الائتلاف من أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب الدينية الحريدية.
ويعتقد أن الحرب على غزة التي "تحظى بإجماع إسرائيلي بسبب الصدمة من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفي حال استمرارها دون تحقيق أي من أهدافها بإسقاط حكم حماس وتحرير المختطفين الإسرائيليين، ومراوغة نتنياهو بصفقة التبادل، قد تفضي إلى تبدد هذا الإجماع".
ورجح كلير أن "ممارسات ونهج حكومة اليمين المتطرف مع ملف المختطفين الإسرائيليين ومعارضة شركاء بالائتلاف لصفقة محتملة، سيسهم بإعادة الانقسام والشرخ بالمجتمع الإسرائيلي إلى الواجهة، إذ ستشهد إسرائيل احتجاجات غير مسبوقة في مؤشر لتصدع حكومة المين المتطرف، وستتصاعد الاحتجاجات حتى إسقاطها وإجراء انتخابات مبكرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بشأن صفقة التبادل وقف إطلاق النار الیمین المتطرف الحرب على غزة صفقة تبادل
إقرأ أيضاً:
حركة حماس تطالب بالبدء بمباحثات المرحلة الثانية من صفقة التبادل
أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، على ضرورة البدء الفوري لمفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وحمّلت دولة الاحتلال مسؤولية أي تأخير.
وشدد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس طاهر النونو في مقابلة تلفزيونية، على رفض الحركة أي مماطلة من الاحتلال الإسرائيلي.
وقال النونو إن مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق لم تبدأ حتى الآن، مشددا على ضرورة الشروع فيها فورا، وحمّل الاحتلال مسؤولية أي تأخير فيها.
كما أكد التزام حماس بتعهداتها في اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وفق الجداول الزمنية، مشيرا إلى أن الحركة تحدثت بوضوح مع الوسطاء بضرورة التزام الاحتلال بما عليه.
وأشار النونو إلى أن دور الوسطاء يتمثل بتذليل العقبات أمام الاتفاق، كاشفا في الوقت نفسه عن وجود لجان في العاصمة المصرية القاهرة لمتابعة تنفيذ الاتفاق من كل جوانبه.
وأكد أن الجزء الإنساني مرتبط بقضية الأسرى ووقف إطلاق النار، وأضاف "معنيون باتفاق وقف إطلاق النار، ونريد أن يؤدي الاحتلال التزاماته من دون انتقاص".
وفي وقت سابق اليوم، قالت حماس إنها أجرت مباحثات مع الوسطاء لبحث مجريات تطبيق الاتفاق وتبادل الأسرى خاصة بعد خروق الاحتلال، مشيرة إلى أن وفدها عقد اجتماعا بالقاهرة مع رئيس جهاز المخابرات المصرية حسن رشاد، وأجرى مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وركزت الاجتماعات والاتصالات، بين وفد حماس ومسؤولي ملف المفاوضات في مصر وقطر وفرق العمل الفنية للوسطاء، على تطبيق بنود الاتفاق خاصة ما يتعلق بتأمين إيواء السكان وإدخال البيوت الجاهزة والخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود واستمرار تدفق الإغاثة بشكل عاجل.
وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية، والتفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وتعتزم سلطات الاحتلال إطلاق سراح قرابة ألفي أسير فلسطيني، بينهم 290 من المحكومين بالسجن المؤبد و1687 بأحكام متفاوتة، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مقابل الإفراج عن 33 أسيرا إسرائيليا محتجزا بقطاع غزة.
وجرت منذ ذلك الحين مراسم تسليم خمسة دفعات من الأسرى الإسرائيليين في مختلف مناطق القطاع مقابل أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال.