قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه تلقى شهادات جديدة عن تعرض معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة -بمن فيهم نساء وأطفال- لعمليات تعذيب قاسية ومعاملة تحط بالكرامة الإنسانية، بما في ذلك التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد به، مطالبا بتحرك دولي عاجل لوقف تلك الانتهاكات.

وأوضح المرصد أن فرقه تلقت شهادات من مجموعة من المعتقلين المفرج عنهم خلال الأيام الماضية، بعد أن أمضوا مددا مختلفة من الاعتقال تحدثوا فيها عن تعرضهم لممارسات قاسية، شملت ضربهم بشكل "وحشي وانتقامي"، وإطلاق الكلاب تجاههم، وشبحهم لساعات طويلة، وتعريتهم من ملابسهم بشكل كامل، وحرمانهم من الطعام والذهاب لدورات المياه.

وأشار المرصد إلى أن أخطر ما تلقاه من شهادات هو تعرض معتقلات لتحرش جنسي مباشر، موضحا أن عددا من المعتقلات أبلغن أن "جنودا إسرائيليين تحرشوا بهن، بما في ذلك وضع أيديهم على أعضاء خاصة، وإجبارهن على التعري وخلع الحجاب".

وأضاف المرصد أن الجنود وجهوا كذلك تهديدات بالاغتصاب وهتك العرض لمعتقلات ومعتقلين وذويهم، في إطار عملية التعذيب والابتزاز لإجبارهم على الإدلاء بمعلومات عن آخرين.

وقال المرصد إن ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية من تقرير عن المعتقل الذي يحتجز به فلسطينيون من قطاع غزة، "يؤشر على اعترافها بالتعذيب الممنهج واستهتارها بمواثيق حقوق الإنسان التي تجرم التعذيب".

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنه ظهر في هذا التقرير معتقلون وهم مقيدون ومجبرون على الجلوس على الأرض في وضع مهين وسط قفص حديدي يشبه الأقفاص التي تحتجز بها الحيوانات، في تماهٍ مع ما سبق أن أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنه يجري التعامل مع الفلسطينيين في غزة كـ"حيوانات".

شهادات مروعة

وأفاد "م ن" (70 عاما- طلب عدم ذكر اسمه) "اعتقلوني من منزلي في حي الأمل غرب خان يونس، أبلغتهم أنني مريض ولا أستطيع التحرك، لكن لم يهتموا، أجبروني على خلع ملابسي، نقلوني إلى بيت مهدوم، شعرت أنني أستخدم درعا بشريا. لاحقا اعتقلوا المزيد ونقلونا برحلة عذاب قاسية إلى معتقل عبارة عن قفص من الحديد".

وأضاف "كل يوم كنا نتعرض للضرب والسب، لم نشرب الماء داخل السجن لمدة 4 أيام، كانوا يصبون المياه على الأرض أمامنا، حتى يعذبونا ونحن عطشى. طوال الوقت جلوس على ركبنا، أكل قليل، والذهاب للحمام مرة واحدة، والشبح متكرر بالوقوع على السياج وربط الأيدي للأعلى".

أما "خ ن"، فقال "اعتقلوني عند الحاجز وأجبروني على خلع ملابسي، وتعرضت للضرب الشديد.. كنا نتغطى ببطانيات ممتلئة بالمياه، عشنا بردا غير طبيعي ولم نشرب الماء". وتابع "الجيش نقلنا إلى مكان آخر، تعرضنا لتعذيب مختلف، كل مكان فيه عملية تعذيب مختلفة عن الأخرى، كان الضابط يضربني على رأسي، وعندما أشكو، يضربني أكثر، ولم أستطع النوم من البرد".

وقال "م و": "اعتقلوني من بيت لاهيا، وأجبروني على خلع ملابسي تماما، احتجزوني في العراء مع ضرب شديد، عبثوا بأيديهم في جسمي، وعلقوني من رجلي بالسقف، كنت أتعرض للشبح على مدار 4 إلى 6 ساعات يوميا". وأضاف: "هددوا باغتصاب عائلتي، وطلبوا معلومات لا أعلمها. كانوا يجبروننا على شتم فصائل وشخصيات معينة وأن نهتف لإسرائيل، ونقول عن الكلب الذي يُسمح له بنهشنا أنه تاج رأسنا".

وأفادت "غ": "اعتقلوني على الحاجز على طريق صلاح الدين خلال نزوحي. طلبوا مني التوجه نحو ساتر رملي، هناك وضعوا عصبة على عيني، وفتشوني بأيديهم، وسألوني عن حماس والأنفاق، ثم نقلوني إلى مكان مفتوح، ثم أخذوني إلى معتقل. أجبروني على خلع ملابسي، كان هناك جنود ينظرون ويعلقون تعليقات خادشة، أعطوني "ترنج" (ملابس منزلية) فقط دون ملابس داخلية لألبسها".

وأضافت: "في المعتقل خضعت لعدة مرات للتحقيق. في كل مرة كان قبلها يتم تعريتي من مجندات يضعن أيديهن ويتحشرن، والجنود كانوا ينظرون أحيانا ويعلقون، وكانت هناك شتائم قاسية لا أستطيع قولها، وتهديد بهتك العرض".

إخفاء قسري

وقال المرصد إن القوات الإسرائيلية تواصل إخفاء المعتقلين قسرا وتعريضهم للتعذيب والعنف الوحشي من لحظة الاعتقال حتى لحظة الإفراج التي تتم لبعضهم.

وأعاد التذكير بأن منظمات حقوقية -بما فيها إسرائيلية- حاولت الحصول على معلومات عن المعتقلين من غزة، إلا أن طلباتها جوبهت بالرفض من السلطات الإسرائيلية، وتبين أنه يجري احتجاز المعتقلين من غزة في مراكز احتجاز جديدة أقامها الجيش الإسرائيلي في أماكن مختلفة في النقب والقدس، يتعرض فيها المعتقلون -بالإضافة إلى جريمة الإخفاء القسري- لأشكال قاسية من التعذيب والتنكيل والحرمان من الطعام والماء.

وأشار المرصد إلى أن الجيش الإسرائيلي يحتجز المعتقلين لأيام طويلة دون سبب واضح، ويعرضهم للمعاملة القاسية التي تحط من كرامتهم، ويمارس عليهم الإذلال المتعمد، إضافة إلى إجبارهم على الهتاف لإسرائيل، وسب وشتم فصائل وشخصيات فلسطينية.

وأكد أن بعض المعتقلين تعرضوا لمساومات وعمليات ابتزاز من أجل التعاون مع الجيش والشاباك الإسرائيلي مقابل التخفيف من تعذيبهم أو الحصول على بعض ما أسميت الامتيازات والإفراج عنهم.

ولفت إلى أنه لا يوجد عدد دقيق لأعداد المعتقلين من غزة، في حين أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا أن عدد المعتقلين يبلغ 2300 معتقل، بينما تشير تقديرات إلى أن عدد المعتقلين -من واقع شهادات المفرج عنهم- أكبر من ذلك بكثير، ويصل إلى عدة آلاف.

وأشار المرصد إلى أن معسكر "سديه تيمان"، الذي يديره الجيش الإسرائيلي، ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة، ويُحتجز فيه غالبية المعتقلين من قطاع غزة، "تحول إلى سجن غوانتنامو جديد تمتهن فيه كرامة المعتقلين وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من الطعام والعلاج".

جرائم حرب

وذكّر المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى شهادات سابقة عن وفاة اثنين من المعتقلين داخل معسكر "سديه تيمان"، أحدهما مبتور القدم، ولم تعلن إسرائيل رسميا عن وفاتهما.

وطالب المرصد إسرائيل بالكشف الفوري عن مصير المعتقلين المخفيين قسريا، بما في ذلك الإفصاح عن أسمائهم وأماكن وجودهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه سلامتهم والوقف الفوري لعمليات التعذيب وسوء المعاملة.

وشدد المرصد على أن قيام إسرائيل بممارسة هذه الاعتداءات الوحشية ضد المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيين يصل إلى حد "ارتكابها لجريمة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وهي جرائم تقع ضمن نطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية"، بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وأشار المرصد إلى أن "تلك الانتهاكات تأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل" في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمل مسؤولياتها والتحقق من أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وظروف احتجازهم.

كما حث المقرر الأممي المعنِي بمسألة التعذيب والفريق العامل في حالات الاحتجاز التعسفي، بإجراء تحقيق فوري ومحايد في ظروف وفاة جميع المعتقلين الذين قضوا في السجون الإسرائيلية منذ بدء إسرائيل حربها على قطاع غزة، واتخاذ الخطوات المناسبة لمحاسبة المسؤولين وإنصاف الضحايا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المرصد الأورومتوسطی المعتقلین من قطاع غزة بما فی

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست تحذر من نشوب حرب مرعبة بين حزب الله وإسرائيل

حذرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية من أن حربا تلوح في الأفق بين إسرائيل وحزب الله في لبنان تكون الهجمات فيها بالمسيّرات الانتحارية، وأبرز ملامحها انقطاع التيار الكهربائي وإطلاق وابل من الصواريخ.

وأشارت في تقرير من القدس المحتلة وتل أبيب، إلى أن القذائف التي أطلقها حزب الله على شمال إسرائيل أدت إلى إخلاء القرى والبلدات من سكانها بعد أن نزح منها 70 ألف شخص. كما دفعت المزيد من أهالي جنوب لبنان إلى المغادرة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ناشونال إنترست: هل تشعل واشنطن حربا ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟list 2 of 2لماذا تصنع روسيا طائرة جديدة مع بيلاروسيا؟end of list

وقالت إن قادة إسرائيل يتحدثون عن الحرب وكأنها أمر لا مفر منه، مشيرة إلى أن هذا الصراع سيكون الأكثر حدة في المنطقة منذ عقود، ووبالا على إسرائيل ولبنان على حد سواء.

تفاؤل أقل

ومع ذلك، فإن المجلة ترى أن هناك مخرجا من الأزمة، حيث يواصل الدبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون رحلاتهم المكوكية بين لبنان وإسرائيل، على أمل -بتفاؤل أقل- في إقناع حزب الله بالانسحاب إلى مسافة 7 إلى 10 كيلومترات من الحدود.

وأعلن حزب الله أمس، 2 يوليو/تموز، أنه سيتوقف عن إطلاق النار إذا تم التوصل إلى هدنة في غزة. وحتى في هذه الحالة فإن النتيجة سوف تكون سلاما هشا في أحسن الأحوال، مع تلويح الحزب بشن غارات عبر الحدود على إسرائيل مما قد يثني العديد من الإسرائيليين عن العودة إلى منازلهم.

وإذا قررت إسرائيل، بحسب تقرير المجلة، شن حرب لإضعاف حزب الله ودفعه نحو الشمال، فقد ينطوي ذلك على غزو بري محدود لجنوب لبنان، وهي المنطقة التي كانت تحتلها حتى عام 2000. وهذا وحده يشكل مهمة عسكرية كبرى.

ويحذر قادة في الجيش الإسرائيلي من التهاون، إذ نقلت المجلة البريطانية عن أحدهم القول إن حزب الله مستعد لغزو بري إسرائيلي للبنان أفضل بكثير مما كانت عليه أوكرانيا عندما غزتها روسيا في فبراير/شباط 2022.

تكلفة أعلى بكثير

وتوقعت إيكونوميست أن يتقدم الجيش الإسرائيلي، ولكن بوتيرة أبطأ وبتكلفة أعلى بكثير مما تكبده في الحرب الأخيرة، ومن المحتمل أن "يمتص حزب الله الصدمة"، كما يقول خليل الحلو، وهو جنرال لبناني متقاعد، قبل أن يضرب أجنحة إسرائيل ومؤخرتها باستخدام "تكتيكات حرب العصابات"، بما في ذلك من خلال شبكة أنفاق واسعة النطاق، تم بناؤها بمساعدة كوريا الشمالية.

ووفقا لتقرير المجلة، فقد حدثت 4 تغييرات رئيسية منذ عام 2006. أحدها هو أن حزب الله حصل على مجموعة واسعة من الطائرات الانتحارية المسيّرة الإيرانية، فيما يمتلك الجيش الإسرائيلي العديد من الدبابات والمركبات المدرعة المزودة بأنظمة حماية نشطة يمكنها اعتراض الصواريخ المضادة للدبابات. لكن الطائرات المسيّرة تستهدف النقاط الأضعف في الجزء العلوي من المركبات.

والتغيير الثاني هو التطور الذي طرأ على قوات حزب الله البرية. والثالث أن تجربة الحزب في القتال في سوريا بجانب القوات الجوية الروسية علمته قيمة الرؤوس الحربية المتفجرة الأثقل وزنا.

وأخيرا، أصبحت هذه القوة النارية أكثر دقة، حيث يستخدم حزب الله الآن بشكل روتيني طائرات صغيرة رباعية المروحيات لتحديد الأهداف المباشرة للصواريخ. كما أنه يرسل طائرات استطلاع مسيّرة لتحديد الأهداف قبل ضربها بعد ذلك بيوم أو يومين.

وتعتقد المجلة أن الحرب البرية ليست سوى نصف المشكلة، والنصف الآخر يتمثل في حتمية سقوط ضحايا مدنيين؛ إذ إن العديد من منصات الإطلاق موجودة في القرى على جانبي الحدود.

مقاتلون من حزب الله خلال تدريبات سابقة (شترستوك) عواقب مدمرة

وذكر التقرير أن شاؤول غولدشتاين، رئيس شركة نوجا للطاقة المملوكة للحكومة الإسرائيلية، حذر، في 20 يونيو/حزيران، من أن ضربات حزب الله على شبكة الكهرباء يمكن أن تكون لها عواقب مدمرة، "مما يجعل من المستحيل العيش في إسرائيل بعد 72 ساعة". وأضاف غولدشتاين "نحن لسنا مستعدين لحرب حقيقية. نحن نعيش في عالم خيالي".

واعتبرت إيكونوميست أن الهدف من أي حرب إسرائيلية سيكون في نهاية المطاف إزالة الشعور بالخوف الذي يخيّم على شمال إسرائيل والذي يمنع المواطنين من العودة.

وأضافت أن الجيش الإسرائيلي سئم من الحرب في قطاع غزة، ويحتاج إلى 6 أشهر على الأقل للتحضير لحرب أخرى وللسماح لقادته السياسيين بإصلاح العلاقات مع أميركا وحلفاء آخرين، كما يقول أحد كبار الشخصيات في جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، وهو أحد الأسباب التي تجعله، مثل العديد من الجنرالات الآخرين، يريد التوصل إلى اتفاق.

وخلص التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يقيم منطقة عازلة بطول 10 كيلومترات في لبنان، كما يقترح رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان، لكن النتيجة ستكون حرب استنزاف مرهقة، تشبه إلى حد كبير تلك التي شنها خلال تسعينيات القرن الماضي.

مقالات مشابهة

  • رئيس الموساد إلى قطر ضمن محاولات التوصل إلى هدنة في غزة
  • شهادات مروعة لمعتقلين فلسطينيين أفرج عنهم من سجون إسرائيل
  • كهرباء وكلاب.. شهادات مروعة لفلسطينيين في سجون إسرائيل
  • العفو الدولية: سجل الحوثي حافل باستخدام التعذيب لانتزاع اعترافات المعتقلين
  • "مرصد الحريات" يطالب "غروندبرغ" بتضمين أسماء الصحفيين المعتقلين في مفاوضات مسقط
  • مطالبة بإغلاق معتقل سديه تيمان فورا - بن غفير يرفض
  • حزب الله يهدد باستهداف مزيد من المواقع في إسرائيل
  • إسرائيل تكشف تفاصيل الهجوم على مقر الجيش في لبنان عام 82
  • إسرائيل تستعد لرد حزب الله على اغتيال محمد نعمة 
  • إيكونوميست تحذر من نشوب حرب مرعبة بين حزب الله وإسرائيل