بقلم: لاله خليل زاده ..

باحثة في مركز تحليل العلاقات الدولية بإذربيجان

أذربيجان هي الدولة الإسلامية الوحيدة في منطقة القوقاز والمكان الفريد االذي يلتقي فيه الإسلام مع الديانات الأخرى في المنطقة. تقع هذه الدولة في المنطقة التي تلتقي فيها طرق التجارة الهامة والحضارات والثقافات والأديان المختلفة والتي لعبت دوراً تاريخياً هاماً في السياسة العالمية.

ترتبط الأهمية الجيوسياسية والجيواقتصادية لأذربيجان بموقعها الجغرافي الاستراتيجي. أذربيجان التي تحدها إيران وروسيا في جنوب القوقاز، هي الدولة الوحيدة التي يمكنها الوصول إلى آسيا الوسطى عبر بحر قزوين. في الوقت الحاضرأذربيجان دولة معترف بها ومقبولة كشريك موثوق به على الساحة الإقليمية والدولية. ويأتي ذلك من استراتيجيتها السياسة الخارجية الفعالة والمتوازنة.
تم إنشاء استراتيجية السياسة الخارجية المتعددة الاتجاهات والمتوازنة لأذربيجان من قبل مؤسس أذربيجان حيدر علييف في التسعينيات. وقد اتبع الرئيس إلهام علييف هذه السياسة بنجاح على مدى السنوات 20 الماضية. وتمكن إلهام علييف الذي انتخب رئيسا للبلاد لأول مرة عام 2003 من تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي وضعها كرئيس للدولة. ونتيجة لذلك أدى العقدان الأولان من القرن الحادي والعشرين إلى تحويل أذربيجان إلى الدولة الرائدة في جنوب القوقاز.
خلال رئاسة إلهام علييف، كانت أهم مهمة تواجه الدبلوماسية الأذربيجانية هي تحرير منطقة قاراباغ لأذربيجان من الاحتلال الأرمني، وضمان السلامة الإقليمية للبلد وسيادته وحرمة حدوده. إن المسار السياسي الداخلي والخارجي المتعمد لرئيس البلاد، المبني على إرادة الشعب، منحه الفرصة لاتباع سياسة وطنية مستقلة. ونتيجة للحرب الوطنية التي استمرت 44 يومًا في عام 2020 وعملية مكافحة الإرهاب في عام 2023، حررت أذربيجان أراضيها من الاحتلال وضمنت سلامة أراضيها بالكامل. وقد كان هذا الانتصار إلى جانب مثابرة القائد الأعلى للقوات المسلحة مؤشرا ساطعا على وحدة الشعب الأذربيجاني وثقته.
وعلى الرغم من الصراع الإقليمي الذي دام ثلاثين عاماً مع أرمينيا، كانت أذربيجان منفتحة على التعاون مع المنظمات الأوروبية – الأطلسية والإسلامية وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية ودون الإقليمية. أصبحت أذربيجان أول عضو غير دائم في الأمم المتحدة في منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى وثاني عضو غير دائم في منطقة رابطة الدول المستقلة. إن موقف أذربيجان يحظى بقبول المنظمات الدولية ذات النفوذ والمجتمع الدولي نتيجة للسياسة الخارجية المتعددة الاتجاهات. انها كانت نتيجة ما اعتمدت الدورة الثانية والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 أيار/مايو 2008 قرارا هاما بعنوان “الوضع في الأراضي المحتلة في أذربيجان”. وقد أيد الإعلان الختامي لمؤتمر قمة منظمة حلف شمال الأطلسي المعقود في لشبونة يومي 19 و 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، السلامة الإقليمية لبلدان المنطقة، بما فيها أذربيجان، واستقلالها وسيادتها، وشدد على أهمية حل النزاع في ضوء هذه المبادئ. في 24 أكتوبر 2011، وبدعم من 155 دولة، فازت أذربيجان بانتخاب عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2012-2013، وهو مؤشر على الثقة العالية إلى هذا البلد.
لقد تحققت نجاحات الدبلوماسية الأذربيجانية ليس فقط مع الأمم المتحدة، ولكن أيضًا مع المنظمات المؤثرة الأخرى، بما في ذلك منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة حلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون الإسلامي.
وهكذا منذ الأيام الأولى لاستقلالها، تقيم أذربيجان علاقات واسعة مع البلدان الإسلامية، بما في ذلك كونها عضوًا نشطًا في منظمة التعاون الإسلامي. كانت منظمة التعاون الإسلامي واحدة من المنظمات التي دعمت قضية العدالة والسلامة الإقليمية لأذربيجان خلال حرب قاراباغ الثانية وفي فترة ما بعد الحرب.
مع إعلان عام 2017 «عام التضامن الإسلامي» في أذربيجان تم إنشاء منصة جديدة للدول الإسلامية، وكذلك للبشرية المسالمة. وفي العام نفسه، أظهرت «ألعاب التضامن الإسلامي الرابعة باكو 2017» وغيرها من الأحداث الهامة في العاصمة باكو ثقته العالم الإسلامي إلي أذربيجان وعززت تضامن أذربيجان مع البلدان الإسلامية.
وفي الوقت نفسه، شهدت حركة عدم الانحياز، وهي منهاج سياسي هام لإقامة وتطوير علاقات تعاون فعالة بين 120 بلدا في العالم، أنجح فتراتها خلال فترة رئاسة أذربيجان.
في الوقت الحاضر، تعد أذربيجان شريكًا موثوقًا به في العالم الإسلامي، وهي دولة تدافع باستمرار عن مصالحها. ليس من قبيل المصادفة أن يكون أول رئيس دولة يزور أذربيجان هذا العام هو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. في إطار الزيارة، وقعت أذربيجان والإمارات العربية المتحدة اتفاقيات مهمة تغطي مختلف مجالات الاقتصاد. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين أذربيجان والإمارات العربية المتحدة، كانت هناك دينامية إيجابية في العلاقات الثنائية بين البلدين. الإمارات هي الشريك الرئيسي لأذربيجان في مجال الطاقة والتجارة في مجلس التعاون الخليجي.
بشكل عام على مدى السنوات 20 الماضية، تمكنت أذربيجان من تحسين سمعتها كدولة تتبع سياسة مستقلة ليس فقط في المنطقة، ولكن أيضًا في مساحة ما بعد الاتحاد السوفيتي بأكملها، وكذلك في أوروبا وآسيا. وبفضل الإنجازات التي حققتها أذربيجان في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها، أصبحت مركز القوة الرئيسي في منطقة جنوب القوقاز. يمكننا أن نقول بثقة إنه لا يمكن اليوم تنفيذ أي مشروع استراتيجي في المنطقة دون مراعاة رأي أذربيجان. هذا الموقف للبلد في العالم الدولي هو نتيجة السياسة الخارجية الناجحة للرئيس إلهام علييف.
وكل هذا يدل على أن السياسة الخارجية لأذربيجان القائمة على المصالح الوطنية، ستعمل على ضمان السلام والأمن في المنطقة والعالم، فضلا عن توسيع نطاق التعاون الدولي القائم على دعم الشعب الاذربيجاني.

لاله خليل زاده

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات السیاسة الخارجیة جنوب القوقاز إلهام علییف أذربیجان من فی المنطقة فی منطقة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تكشف عن حجم قنابل الاحتلال التي لم تنفجر في غزة

كشفت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة، عن حجم القنابل الإسرائيلية التي لم تنفجر في قطاع غزة، مشيرة إلى نحو قنبلة واحدة من كل عشر قنابل ألقتها قوات الاحتلال على القطاع منذ بدء الحرب لم تنفجر، ما يشكل خطرا دائما على حياة المدنيين، لا سيما مع عودة بعض العائلات إلى المناطق المدمرة.

ووفقاً لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS)، فقد تسببت هذه الذخائر غير المنفجرة في مآسٍ إنسانية، حيث وثقت تقارير استشهاد ما لا يقل عن 23 شخصاً وإصابة 162 آخرين، معظمهم من المدنيين، جراء انفجار هذه المواد أثناء وجودهم في منازلهم أو خلال محاولاتهم إزالة الأنقاض.

وأفاد مسؤولو الإغاثة الإنسانية بأن الجهود الدولية لإزالة هذه الذخائر خلال فترات الهدوء تُواجه عراقيل كبيرة من قبل السلطات الإسرائيلية، التي تمنع دخول الفرق الفنية والمعدات اللازمة إلى داخل القطاع.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن عمليات إزالة الذخائر لم تنطلق فعلياً حتى الآن، بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على إدخال المعدات والكوادر الفنية المتخصصة.

وحذّر خبراء من أن استمرار وجود هذه الذخائر دون إزالة سيؤدي إلى ارتفاع أعداد الضحايا مستقبلاً، ويزيد من تعقيد جهود إعادة الإعمار، ويعمّق الأزمة الإنسانية في غزة.


وفي مؤتمر صحفي عبر الفيديو من وسط قطاع غزة، أعلن لوك إيرفينغ، رئيس برنامج مكافحة الألغام في الأراضي الفلسطينية المحتلة التابع لدائرة الأمم المتحدة، أن الفريق العامل في غزة لتطهير المناطق من المواد غير المنفجرة لا يتجاوز خمسة أشخاص حالياً، مشيراً إلى أن العدد سيُضاعف خمس مرات قريباً، نظراً لكمية المواد المتفجرة التي خلّفتها الحرب، وما تشكله من تهديد كبير على السكان.

وذكر إيرفينغ أن الدائرة واجهت خلال الـ14 شهراً الماضية مجموعة متنوعة من المواد المتفجرة، تشمل القنابل الجوية، قذائف الهاون، الصواريخ، المقذوفات، القنابل اليدوية، والأجهزة المتفجرة.

وكشف أن الفريق تلقى، منذ بدء وقف إطلاق النار، تقارير غير رسمية عن عثور مدنيين على ذخائر متفجرة داخل منازلهم، كما صادفت القوافل الإنسانية المزيد من هذه المواد أثناء وصولها إلى مناطق لم يكن من الممكن بلوغها سابقاً.

وبخصوص برامج التوعية، أكد إيرفينغ أن دائرة الأمم المتحدة تُشرف على تنفيذ برنامج شامل للتثقيف حول مخاطر الذخائر غير المنفجرة، يتم تفصيله بحسب الفئات المستهدفة، مثل الأطفال أو سكان المناطق الزراعية، وذلك في إطار جهودها لحماية السكان.

وأشار إلى أن جميع الذخائر المتفجرة التي يتم التعامل معها حالياً منتشرة فوق سطح الأرض، ولا تشمل ألغاماً مزروعة تحت الأرض.


وحول التعاون الدولي، وخاصة مع جانب الاحتلال الإسرائيلي، رفض إيرفينغ الإفصاح عن تفاصيل محددة، مكتفياً بالقول إن الدائرة تعمل مع "جميع أصحاب المصلحة" من أجل تنفيذ مهامها بأفضل صورة ممكنة.

وعن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، أعرب إيرفينغ عن قلقه الشديد إزاء تصاعد مستويات العنف مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية. 

وأشار إلى تعاون وثيق مع مركز مكافحة الألغام التابع للسلطة الفلسطينية، الذي أفاد بزيادة كبيرة في عدد المواد المتفجرة المكتشفة خلال الأشهر الماضية، حتى في المناطق المأهولة بالسكان.

وأضاف أن الدائرة تعمل على تعزيز برامج التوعية في الضفة الغربية، لاسيما بين النازحين داخلياً المعرضين لخطر متزايد، إلى جانب دعم جهود بناء القدرات لدى الجهات الفلسطينية المختصة لمواجهة هذا التهديد المتنامي.

وفي بيان صدر بتاريخ 24 آذار/مارس الماضي٬ أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم ما يقارب 100 ألف طن من المتفجرات خلال عدوانه المتواصل على القطاع، ما أدى إلى دمار واسع النطاق وخسائر بشرية ومادية جسيمة.

مقالات مشابهة

  • رئيس النواب الأردني: يجب دعم الخطة المصرية التي تبنتها القمة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لإعمار غزة
  • أردوغان: يجب أن تنتهي حالة الجنون هذه التي تهدد دول المنطقة
  • التعاون الإسلامي تدين الاعتداء على مخيمات النازحين في الفاشر بالسودان
  • وزير الخارجية: نشكر ليبيا ومنظمة التعاون الإسلامي على تضامنهما مع الأردن
  • الأمم المتحدة تكشف عن حجم قنابل الاحتلال التي لم تنفجر في غزة
  • الصين تحتفظ بورقة استراتيجية في صراعها التجاري مع ترامب
  • “أمين عام مجلس التعاون” يدين المخططات التي استهدفت أمن واستقرار الأردن
  • بمشاركة سلطنة عُمان ..دول التعاون تبحثان بناء شراكة استراتيجية مع آسيا الوسطى
  • وزارة الخارجية تعرب عن إشادة المملكة بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في الأردن لإحباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بأمنه وإثارة الفوضى
  • «التعاون الإسلامي» تدين اقتحام مستعمرين متطرفين وأعضاء الكنيست للمسجد الأقصى المبارك