معركة وادي لكة.. باكورة انتصارات المسلمين في أوروبا ومفتاح الأندلس
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
معركة وادي لكة وعُرفت أيضا باسم "شذونة" و"وادي برباط"، وقعت عام 92 هجري الموافق 711 ميلادي، استمرت 8 أيام وانتهت بانتصار جيش المسلمين الأموي بقيادة طارق بن زياد كان قوامه لا يتعدى 12 ألفا مقابل جيش الملك القوطي لذريق (رودرك) المكون من 100 ألف فارس.
سميت المعركة باسم الوادي الذي وقعت فيه، وأخذ الوادي اسمه من نهر "لكة" الذي يسمى بالإسبانية "غواداليتي"، وبذلك سميت المعركة "معركة غواداليتي" (Battle of Guadalete) ومعركة "لاخندا" أيضا نسبة إلى البحيرة القريبة من موقع القتال.
وسميت المعركة بأسماء أخرى كثيرة، منها "وادي بكة"، و"شري"، و"السواني"، و"السواقي"، ومعركة "كورة شذونة".
الأسبابكان الأمويون على دراية بالأوضاع المتوترة في الداخل القوطي قبل دخولهم الأندلس، فقد تقلد لذريق (يعرف بالملك الأخير من القوط) الحكم بمساعدة كبار وأعيان طليطلة عقب الإطاحة بالملك السابق.
وحاول أخيلا ابن الملك السابق استعادة حكم أبيه، لكن كبار القوط لم يرغبوا في جعل صبي يرأسهم، وكانوا على عداء مع والده.
ورغم ذلك بقي أخيلا يطالب بالحكم، مما وضع المملكة في حالة من الانقسام والتوترات بين ملكين حكم كل منهما جزءا من البلاد، وانتشرت الفوضى في المنطقة واندلعت الثورات، فتدهورت قوة القوط وضعف جيشهم الذي كانت أغلبيته من العبيد المجندين.
أما القائد الأموي موسى بن نصير فرأى أنها فرصة مناسبة لدخول الأراضي الأوروبية، فعيّن طارق بن زياد والي طنجة ونظّم له جيشا من الأمازيغ الذين دعموا الجيش الأموي في الأندلس دعما كبيرا، فقد كانوا على دراية بأرض إسبانيا وأهلها وحالها.
وساهم في دعم المسلمين في رحلتهم إلى الحدود الأندلسية جوليان حاكم سبتة الذي تعاون معهم وسهل دخولهم الأراضي ناحية طليطلة، وتختلف الروايات بالأسباب التي دعت جوليان لدعم المسلمين.
ورغم الوضع المتردي في المملكة فإن طارق بن زياد لم يشأ أن يغامر بجنوده، فأرسل غارة استكشافية من 400 جندي و100 فارس إلى جنوب إسبانيا لمعرفة مدى مقاومة أهلها، وعهد بهذه الغارة إلى أبي زرعة طريف المعافري.
أبحرت الغارة على متن 4 مراكب وفرها جوليان وقامت بحملات عسكرية ناجحة في الجزء الجنوبي من الجزيرة الأيبيرية دون وجود أي مقاومة، فغنم المسلمون منها مغانم كثيرة، قبل أن يعودوا إلى أفريقيا.
على إثر هذه النجاحات خرج طارق بن زياد بنفسه في الحملة الثانية مع جيشه ذي الأغلبية الأمازيغية، وأبحر من سبتة بسرية تامة عبر سفن تجارية، ولما حاول النزول منعه جماعة من القوط، فأتم عمليته ليلا مرة أخرى وأمّن جيشه وسلامته، وواجه القوط بعدها وانتصر عليهم.
وصلت أنباء تقدم القائد طارق بن زياد إلى الملك القوطي لذريق (كان في الشمال حينها) عبر بعض جند فارين من هزيمة ألحقها بهم قائد المسلمين، لكنه ظن أنها مجرد غارة سريعة وليست بالمسألة الكبيرة، وما لبث أن وصلته أنباء أخرى عن تقدم جيش المسلمين إلى قرطبة فسارع لذريق إلى حشد جيشه، ثم أرسل قوة عسكرية بقيادة بنشيو أكبر رجاله للتصدي للمسلمين.
كان جيش المسلمين حينها قد عبر مضيق جبل طارق في شعبان عام 92 هجري، ثم نزل في جبل طارق ومنه انتقل إلى الجزيرة الخضراء التي واجه فيها الجيش القوطي.
عرض طارق بن زياد على الحامية في المنطقة إما أن يدخلوا الإسلام ويترك لهم كل أملاكهم، أو يدفعوا الجزية ويترك لهم أملاكهم أيضا، أو يدخلوا في قتال فاختاروا الأخير.
تواجه الفريقان قرب الجزيرة الخضراء في الأندلس، لكن القوطيين هزموا شر هزيمة وقتل قائدهم بنشيو، ومن بقي منهم فر إلى الشمال باتجاه لذريق الذي كان في طليطلة (عاصمة الأندلس حينها) كي يخبروه بما جرى وبالقوة التي ستلاقيه من الجنوب.
سير المعركةحينما وصلت أنباء الهزيمة إلى لذريق جن جنونه وبدأ فورا بإعداد جيش قيل إن قوامه قارب 100 ألف، وانطلق من الشمال قاصدا المسلمين في الجنوب.
ووقتها كان مع القائد طارق بن زياد 7 آلاف من الجنود معظمهم من الرجّالة مع عدد محدود من الخيل، فاستنجد بموسى بن نصير وطلب منه المدد، فأرسل إليه طريف بن مالك مع 5 آلاف من الرجّالة تحملهم السفن.
وهكذا صار عدد جيش المسلمين 12 ألفا، وبدأ طارق بن زياد يعد العدة ويجهز للجهاد، فكان أول ما صنع أن اختار أرضا تصلح للقتال كان اسمها "وادي برباط" التي تسمى أيضا "وادي لكة" أو "لبتة".
كانت هناك أبعاد إستراتيجية وعسكرية مهمة لاختيار القائد المسلم هذا الوادي، فقد أحاط بظهر جيشه وميمنته جبل شاهق وأمامه وضع فرقة قوية بقيادة طريف بن مالك لتمنع أن يلتف حوله جيش لذريق، أما عن يساره فحمته بحيرة كبيرة، وترك الشمال ليواجه منه لذريق وجيشه.
ثم جاء بعدها لذريق بحلته الملكية موشحا بتاج ذهبي وثياب موشاة بالذهب على عرش محلى أيضا بالذهب يجره بغلان ومعه 100 ألف من الفرسان وبغال محملة بحبال أراد أن يأسر بها المسلمين ويتخذهم عبيدا.
وتلاقى الطرفان في 28 رمضان 92 هجري الموافق 19 يوليو/تموز 711 ميلادي، وعدّت هذه المعركة من أشرس المعارك في تاريخ المسلمين، خاصة مع الفارق الكبير بين طرفيها الذي جعل لذريق يرى نصره محققا.
صُدم لذريق بعدما تقدم هو وجيشه فقط وتوقف الجناحان، وتنبه حينها إلى خيانة ألمت به وسط المعركة، فقد قرر بعض نبلاء القوط وأبناء غيطشة (الملك الذي حكم قبل لذريق) التخلي عن لذريق للتخلص منه، ولظنهم أيضا أن الأمويين جاؤوا للمغانم لا للاستقرار في المنطقة وأن العرش سيعود لهم.
استمرت المعركة 8 أيام متواصلة والسيوف تتلاطم والقتلى يزيدون، ومن شراسة المعركة قيل إن بلاد المغرب والأندلس لم تشهد مثلها من قبل، ويصف ابن عذاري جيش المسلمين وهم في المعركة فيقول "فخرج إليهم طارق بجميع أصحابه رجّالة، ليس فيهم راكب إلا القليل، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى ظنوا أنه الفناء".
قتل من جيش لذريق عدد كبير حتى قيل إن عظامهم بقيت تملأ الأرض وقتا طويلا، وقيل إن لذريق قتل، وقيل فر من ساحة القتال، وقيل غرق في البحيرة الموجودة هناك، لكن ما يعرف أنه لم يُذكر بعدها أبدا، وبذلك انتهت المعركة لصالح المسلمين الذين قتل منهم 3 آلاف.
النتائج السياسيةغنم المسلمون من هذه المعركة غنائم كثيرة، أهمها الخيول، وزاد عدد الخيّالة مقابل الرجّالة.
أكمل القائد طارق بن زياد مسيره لإنهاء الوجود القوطي في الأندلس ولاحق الفارين من المعركة نحو الشمال، ففتح مورور، ثم أرسل حملة إلى قرطبة بقيادة مغيث الرومي، وبدأ حينها عهد جديد في الأندلس ارتقت فيه حضاريا.
مهدت معركة وادي لكة لفتح باقي الأندلس، ففتحت طليطلة في السنة التي تلتها، ثم قرطبة وأراغون وسرقسطة وبرشلونة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
حصري- الحوثيون يخططون لشن “حرب استباقية” على مأرب.. أوهام المعركة الأخيرة مجدداً
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تخطط جماعة الحوثي لشن “حرب استباقية” على محافظة مأرب الغنية بالنفط، لمواجهة الضغوط الاقتصادية التي سيفرضها تصنيف الولايات المتحدة للحركة اليمنية كمنظمة إرهابية-حسب ما أفادت مصادر مطلعة على تفكير الحوثيين في صنعاء.
وشن الحوثيون الليلة الماضية هجوماً جنوبي مأرب أوقع اثنين من جنود الجيش اليمني قتلى، وجرت اشتباكات عنيفة استخدمت فيها المدفعية الثقيلة استمرت حتى شروق يوم الخميس-حسب ما أفاد مصدر عسكري “يمن مونيتور”.
وقالت المصادر لـ”يمن مونيتور” إن القادة العسكريين الحوثيين يتلقون تحديثات حول معظم الخطوط الأمامية لجبهات القتال، ويحشدون الموارد للمعركة الكبيرة في محافظة مأرب.
وقال أحد المصادر: في اجتماع مع مشرفين للجماعة على المناطق القبلية قال قادة في الجماعة إنها المعركة الأخيرة التي ستحقق الانتصار الناجز بعد أكثر من عقد على الحرب.
قُتل آلاف الحوثيين في آخر معاركهم للسيطرة على محافظة مأرب (2021-2022)، كما فقدت مئات الآليات العسكرية، والموارد المالية. سبب ذلك بمشكلات كبيرة للجماعة التي وافقت في ابريل/نيسان 2022 على الهدنة لتهدئة الاحتجاجات الداخلية.
وحشد الحوثيون الآلاف من مقاتليهم إلى جبهات القتال الداخلية، معظمهم إلى الخطوط الأمامية في محافظة مأرب.
تحشيد الآلاف وأبعاد إقليميةوقال مشرف في الجماعة لـ”يمن مونيتور” إن التوجيهات منذ أسابيع لمنطقته -في محافظة ذمار- بالتواصل مع المقاتلين “وحضور دورات ثقافية قبل الانطلاق”. والدورات الثقافية التي تستمر أياماً في محافظة مغايرة -عادة ما تكون صنعاء أو صعدة (معقل الحوثيين) هي الوسيلة التي تستخدمها الجماعة للتعبئة العامة داخل أعضائها ومقاتليها.
وقال مصدر ثان في صنعاء إن “الحوثيين يرون حزب التجمع اليمني للإصلاح -الذي يدير السلطة المحلية في مأرب- خطراً بعد ما حدث في سوريا من تحرك للإسلاميين واسقاط نظام بشار الأسد”.
يخشى الحوثيون أن تُلهم التجربة الإسلاميين في اليمن إلى اتخاذ إجراءات جديدة مع قوة تنظيمهم للتحرك نحو صنعاء حتى دون موافقة السعودية والإمارات القوتين الإقليميتين اللتان تدعمان مجلس القيادة الرئاسي-حسب ما أفادت المصادر في صنعاء.
وقالت المصادر إن قادة الحوثيين يرجحون عدم تدخل المقاتلات السعودية لدعم القوات الحكومية في محافظة مأرب خلال تنفيذ العملية العسكرية، حيث يعتقدون أن المملكة تفضل الهدوء على الحدود الشمالية على الدخول في القتال.
وأشارت المصادر المطلعة على تفكير الحوثيين إلى أن “الفرصة مواتية باستثمار هدنة منفصلة مع السعودية لتحقيق آخر المعارك والسيطرة على النفط”.
تحدثت المصادر لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويتها لحساسية الموضوع وخشية انتقام الحوثيين.
رد على أمريكا في مأربتأتي تحركات الحوثيين وتحشيدها في محافظة مأرب بعد الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية؛ الذي من المتوقع أن يمثل ضغطاً اقتصادياً على الحركة ويجفف إيراداتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وفيما يقللون من هذه الخطوة إلا أنهم يهددون برد على الولايات المتحدة.
وقال محمد مفتاح، القيادي الحوثي والنائب الأول لرئيس وزراء حكومة الجماعة في صنعاء “نحذر الأميركيين من أن أي إجراءات تؤثر على سبل عيش شعبنا واستقراره الاقتصادي تعادل إعلان حرب، وسنواجههم بكل قوة وضراوة. يجب على الأميركيين أن يفهموا هذه الرسالة بوضوح”. ويتخذ رد الحوثيين في العادة شن هجوم في الداخل للضغط على الحكومة المعترف بها دولياً.
وتقول أبريل لونجلي آلي الخبيرة الأولى في شؤون الخليج واليمن في معهد السلام الأمريكي: في حين يهددون الولايات المتحدة، فإن نقطة التصعيد الفوري الأكثر ترجيحًا هي محلية. الاحتشاد حول مأرب الغنية توضح ما هم مقدمون عليه، إذا حصلوا على مأرب سيحصلون على موارد لمساعدتهم على مواجهة التصنيف كجماعة إرهابية.
وأضاف: كما أن هذا من شأنه أن يخلف آثاراً عميقة على جبهات القتال الأخرى، وربما يفتح الباب أمامهم للاجتياح محافظات أخرى، بما في ذلك المحافظات الغنية بالموارد في شرق البلاد، ويضع تجدد الضغط على مأرب المملكة العربية السعودية حليفة الولايات المتحدة في موقف صعب بشكل خاص.
ولفتت “آلي” إن أن مأرب “ظلت صامدة بفضل الدعم الجوي السعودي. بدون هذا الدعم تصبح المدينة ومواردها النفطية والغازية مكشوفة. إذا قدمت السعودية هذا الدعم، فسوف يوجه الحوثيون بنادقهم مرة أخرى نحو الشمال في وقت تريد فيه المملكة الهدوء.
تحدد قناة فارسية قريبة من الحرس الثوري على تليجرام سلوك الحوثيين لمواجهة الإجراءات الأمريكية ضد الجماعة المسلحة من بينها بينها: الاستعداد لمواجهة تحالف غربي محتمل سياسي وعسكري واقتصادي مع وجود ترامب. الاستعداد بخصوص انفجار “الجبهة الداخلية” مشيرة إلى أن ما قالت إنها تحركات لحزب الإصلاح وأن هزيمتهم في الخيار العسكري في معركة”الفتح الموعود والجهاد المقدس” بسبب احتمالات استغلال العدو للوضع الداخلي وتفجيره.
وتقول القناة: “وبطبيعة الحال، يمكن لصنعاء أن تفكر في إعادة فتح الجبهات الداخلية مسبقاً، وخاصة استكمال تحرير مأرب كخيار”.
يمن مونيتور21 فبراير، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام الحكومة اليمنية تعلن جاهزيتها لتقديم موازنة الدولة لعام 2025 للبرلمان مقالات ذات صلة
الحكومة اليمنية تعلن جاهزيتها لتقديم موازنة الدولة لعام 2025 للبرلمان 21 فبراير، 2025
انطلاق مشروع تحلية مياه البحر في عدن بقدرة 10 آلاف متر مكعب يومياً 20 فبراير، 2025
الصحفيين اليمنيين: الحوثيون يمارسون التعسف الممنهج ضد الصحفيين وشركات الإعلام 20 فبراير، 2025
المجتمع المدني اليمني في ظل الصراع.. تحديات وتحولات 20 فبراير، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...
ذهب غالي جدا...
نعم يؤثر...
ان لله وان اليه راجعون...
اخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...