في عام 2023.. هل يشهد الاقتصاد الأميركي ركودا حادا أم تباطؤا سلسا؟
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
كان النصف الأول من عام 2023 بمثابة زوبعة، مع اتجاهات السوق غير المتوقعة والمؤشرات الاقتصادية التي تخالف التوقعات. ففي نهاية عام 2022 تنبأت معظم التوقعات بحدوث ركود وتراجع في سوق الأسهم، بسبب استمرار رفع الاحتياطي الفدرالي نسب الفائدة والشركات التي تواجه صعوبات بسبب ضغوط الائتمان، ومع ذلك كان الواقع مختلفا.
وفي التقرير الذي نشرته مجلة "فوربس"(Forbes) الأميركية، قال الكاتب دان إيرفين إنه وبينما كانت سوق الأسهم الأميركية تشهد ارتفاعا في النصف الأول من العام، تدهورت المؤشرات الاقتصادية بوتيرة متسارعة. ولمواجهة أسرع دورة لرفع الأسعار في التاريخ ظل الإنفاق الاستهلاكي -خاصة التوظيف- مرنا بشكل ملحوظ.
وحسب الكاتب؛ فإن السوق والاقتصاد يعملان بشكل منفصل، وغالبا يتباعدان على نطاق واسع؛ ففي أقصى الحالات يضطر سوق الأسهم في نهاية المطاف إلى الاستجابة للوقائع الاقتصادية، مما يجعل أداء السوق على المدى القصير مقياسا ضعيفا لصحة الاقتصاد أو سوق الأسهم في المستقبل.
ولفت الكاتب إلى أنه سيكون من الحكمة أن يتوخى المستثمرون الحذر، لأن الأسواق الهابطة التي يطول أمدها هي عملية مليئة بالانهيارات تليها ارتفاعات قوية قد تستغرق سنوات وليس شهورًا فقط، للوصول إلى نهايتها.
فعلى سبيل المثال؛ وخلال الانهيار التكنولوجي بين أوائل عام 2000 وأواخر عام 2002، شهد مؤشر "ناسداك" 8 سلاسل مستمرة بنسبة 20% على الأقل، وسلسلتين بنسبة 52 و56% على التوالي.
كل هذا يعني أن التركيز على الفترات القصيرة لأداء سوق الأسهم لا يخبرنا كثيرا عن الاتجاه الذي يسير نحوه الاقتصاد أو سوق الأسهم في النصف الثاني من العام.
ركود ومؤشرات
وبيّن الكاتب أنه تاريخيًا تعد دورات رفع أسعار الفائدة تمهيدًا للركود، ففي 9 من فترات الركود العشر الأخيرة منذ عام 1954 سبقت دورات رفع المعدل مباشرة بداية الركود.
ومع السرعة القياسية لدورة رفع أسعار الفائدة الحالية والتأخر الذي يبلغ 12 إلى 18 شهرا الذي تستغرقه زيادة الأسعار لتصفية الاقتصاد، فليس من المستغرب إحصائيا أننا لم ندخل في حالة ركود حتى الآن.
وفي هذا الشأن؛ صرح رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفدرالي جيروم باول مرارا بأن بنك الاحتياطي الفدرالي يعتقد أنه بحاجة إلى إبطاء الاستهلاك لتحقيق معدل التضخم المستهدف بنسبة 2%.
لكن لا يزال سوق العمل تنافسيا للغاية رغم التشديد النقدي، مما يؤدي إلى نمو كبير في الأجور يساعد على دعم مستويات الاستهلاك المرتفعة، وهو ما يجعل التضخم من الصعب تعديله وفق هدف الاحتياطي الفدرالي.
ووفق الكاتب؛ فهذا يعني أن سياسة بنك الاحتياطي الفدرالي تبدو كأنها تحفيز للبطالة، إلا أن العديد من المستثمرين يجادلون بأن البطالة المنخفضة المستمرة التي يعاني منها الاقتصاد هي مؤشر آخر على احتمال حدوث هبوط ناعم.
ومع ذلك، يُظهر لنا التاريخ مرة أخرى أن البطالة لا تبدأ الارتفاع بشكل ملموس حتى يبدأ الركود بالفعل؛ ففي 10 من آخر 12 حالة ركود منذ عام 1948 لم تبدأ البطالة في الارتفاع حتى بدأ الركود بالفعل.
وأشار الكاتب إلى أنه لتجنب انفجار متجدد للتضخم مشابه لما حدث في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أعلن بنك الاحتياطي الفدرالي أنه يعتزم إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة.
ونظرا للتأخر الذي استمر 12 إلى 18 شهرا في زيادة معدل التدفق إلى الاقتصاد، فإن الاحتفاظ بالمعدلات عند مستويات مرتفعة يجعل الركود أكثر احتمالية، ويمكن أن يعمق ويوسع عملية الوصول إلى القاع في السوق.
وهناك اعتبار آخر، وهو أن الإنفاق الحكومي يوازن تأثير ارتفاع أسعار الفائدة. ونظرا للزيادة الهائلة في الإنفاق الحكومي المباشر من خلال تشريعات التعافي من تداعيات "وباء كوفيد-19" وقانون خفض التضخم وقانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف؛ فقد نشهد تأثير برامج الإنفاق هذه في إبطاء بداية الركود وزيادة فترات التأخر في استجابة السياسة النقدية.
احتمالات وترجيحاتويرى الكاتب أنه باستخدام التاريخ كدليل، يبدو من المحتمل حدوث ركود في أواخر هذا العام أو أوائل العام المقبل. وبالتأكيد الهبوط الناعم ممكن، لكن يجب على المستثمرين الأخذ في الحسبان النتيجة الأكثر ترجيحا وتجاهل الاحتمالات الاقتصادية المتفائلة.
فمن الناحية التاريخية، يبلغ سوق الأسهم ذروته قبل فترة وجيزة من الركود، ثم ينخفض قبل نهاية فترة الركود. إذا اتبعت الأسواق المعايير التاريخية، فقد نتوقع انخفاضا في المستقبل القريب.
وختم الكاتب تقريره بالقول إن البيئة الاقتصادية الحالية تجعل عوائد بنسبة 5% على "سندات الخزانة قصيرة الأجل شبه الخالية من المخاطر" جذابة للغاية أثناء انتظار مزيد من الوضوح حول اتجاه الاقتصاد؛ وبالتالي سوق الأسهم على المدى المتوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أسعار الفائدة سوق الأسهم
إقرأ أيضاً:
الصبيحي ..عندما تكون استثمارات الضمان عكسية مقارنة بصناديق مرجعية.!
#سواليف
كتب .. #موسى_الصبيحي
بحسب “ملخص سياسات” أصدره #منتدى_الاستراتيجيات_الأردني في حزيران 2024 تحت عنوان (بعض الخيارات الاستراتيجية أمام #صندوق_استثمار #أموال_الضمان_الاجتماعي) فإن #السندات_الحكومية و #أذونات_الخزينة تُشكّل حوالي (65%) من موجودات صندوق استثمار أموال الضمان كما في نهاية الربع الأول من العام 2024، وعند مقارنة هذا النوع من الاستثمار مع سبعة صناديق تقاعدية لكل من (استراليا، الولايات المتحدة، كندا، سويسرا، هولندا، المملكة المتحدة، اليابان) نجد أن نسبة استثمارات هذه الصناديق في السندات والأذونات الحكومية شكّلت في المتوسط ( 36 % ) من إجمالي موجوداتها.
هذا من جهة، من جهة أخرى، فإن نسبة استثمار هذه الصناديق في الأسهم تشكّل في المتوسط حوالي (42%) من موجوداتها الكلية وتتوزع هذه الأسهم ما بين أسهم محلية بنسبة 36% من محفطة الأسهم الكلية، و 64% أسهم دول أجنبية، في حين أن محفظة الأسهم لدى صندوق استثمار أموال الضمان لا تشكّل سوى (15.6%) من موجودات الصندوق وكلها أسهم محلية.
مقالات ذات صلةوقد أثبت التوزيع النسبي لصناديق الدول المشار إليها وفقاً للنسب أعلاه نجاعته بشكل كبير مما انعكس على معدّل العائد على الاستثمار بصورة شكّلت فارقاً كبيراً ما بينها وبين صندوق استثمار أموال الضمان. وهذا ما أشرتُ إليه في منشورات عديدة سابقة.
حقيقةً، أنا لا أعلم لماذا لم يدرس صندوق استثمار أموال الضمان ما ورد في ملخص السياسات الذي أعدّه مشكوراً منتدى الاستراتيجيات الأردني بجهد مُقدَّر ولأكثر من مرة وقدّمه للصندوق إسهاماً وطنياً لمساعدته على رفع العائد على استثمارات أموال الضمان.؟!
وللحديث بقية إن شاء الله.