العلاج بصناعة الدمى.. فنان فلسطيني يسعى لإخراج أطفال غزة من أجواء الحرب
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
يسعى الفنان التشكيلي والمختص النفسي والاجتماعي يوسف الهندي إلى رسم البسمة على شفاه أطفال مخيم الشاطئ بمدينة غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، وذلك عبر صناعة دمى من صفيح الخيام وعجين الورق، ومن ثم تقديم عروض الأطفال لإخراجهم من أجواء الحرب والقصف والدمار.
ودمى الماريونيت، هي مجسمات اصطناعية يتحكم في حركاتها شخص، إما بيده أو بخيوط أو أسلاك أو عصي.
وصنع الهندي دمية تجسد شخصية الطفل "يوسف"، والذي قتلته إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليوصل رسالة معاناة أطفال غزة للعالم.
"يوسف شخصية الطفل البريء الذي لم يرتكب أي ذنب، لكن الجيش الإسرائيلي قتله دون أي رحمة"، بهذه الكلمات يتحدث الفنان التشكيلي الفلسطيني عن شخصية دمية الماريونيت التي يصنعها.
ويتابع الهندي "أنا في مرحلة التصنيع حاليا، وبعد أيام سيكون للدمية شكل واضح، وسيكون يوسف صاحب الشعر الكيرلي الجميل والشعر الأبيض واضح المعالم".
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لأم فلسطينية كانت تبحث عن ابنها في أحد مستشفيات مدينة غزة، وهي تقول للمسعفين إن ابني "شعره كيرلي (مجعد) وأبيضاني (بشرته بيضاء) وحلو".
وبعد رحلة بحث بين مستشفيين وغرفتي إنعاش، يخبر الطبيب والدة الطفل باستشهاد يوسف، وكانت أول عبارة قالها بعد رؤية جثمان ابنه "الحمد الله".
ويحاول الهندي إيصال رسائل عدة للعالم من أبرزها أن آلاف الأطفال الأبرياء قتلوا في هذه الحرب، وأن حقوقهم تنتهك بشكل وحشي بالقصف والنزوح والحصار.
إسعاد الأطفال رغم التحدياتويمسك الهندي النازح من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة، مجسم دمية الماريونيت بكلتا يديه، ويشكل جسدها المصنوع من مواد خام يصعب إيجادها أو توفيرها من الأسواق مع استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.
ويقول الهندي، "أحاول حاليا صناعة هذه الدمية لتكون قادرة على إرسال رسائل إلى العالم بحقوق أطفال شعبنا الفلسطيني، ولا سيما حقهم في الحياة بكرامة".
ويضيف الفنان الذي يوجَد في مخيمات النزوح في مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، "موهبتي وإرادتي وفكرتي ورغبتي في إسعاد الأطفال جعلتني أستمر في طريق صناعة الدمى متحديا كل الصعوبات".
وبينما ينحت الهندي جسد الدمية، يؤكد إصراره على صناعة دمية الماريوت بأبسط الإمكانيات والمواد المتوفرة في ظل شح المواد الخام والمواد الأولية، مؤكدا عزمه الاستمرار في تصنيعها حتى إنجازها، لتنفيذ عروض للدمى في مخيمات النزوح تستهدف الأطفال، لإخراجهم من أجواء الحرب والقصف والدمار.
ويسعى الفنان التشكيلي والمختص النفسي والاجتماعي إلى "رسم البسمة على شفاه الأطفال الذين هم منبع الأمل"، مشيرا إلى أنه خسر أدواته ومنزله وكل ما يملك في القصف الإسرائيلي، مما اضطره إلى توفير وصناعة معدات وأدوات جديدة حتى يتمكن من صناعة الدمى.
وحول المواد الخام التي يستخدمها حاليا، يقول الهندي "بدأت الفكرة بأن تكون من صفيح الخيام ليكون الأساس في عملي، فدمجته مع عجينة ورق أشبه بعجين الخبز في صناعة الجسد".
ويؤكد أن الأمر لم يكن سهلا في البداية، فالحصول على المواد الخام كانت مهمة صعبة للغاية، "حاولت قدر الإمكان كذلك أن استخدم المواد الموجودة في البيئة، فاستخدمت الفلين والحديد والنايلون وكل ما توفر لديّ".
وعلى الصعيد الشخصي، يروي الفنان الفلسطيني رحلة المعاناة والصعوبات الكبيرة التي مر بها عند نزوحه من مخيم الشاطئ غرب غزة إلى مدينة خان يونس جنوب القطاع قبل النزوح مرة أخرى باتجاه مدينة رفح.
ويؤكد الهندي أن هذه الرحلة ومعاناتها عاشها معظم سكان قطاع غزة، هربا من المجازر والإبادة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة والشمال وخان يونس والمحافظة الوسطى، وبحثا عن الأمان المفقود.
ويدعو العالم أجمع إلى التدخل بشكل فوري لوقف الحرب على غزة وإنقاذ الأطفال وإغاثة ما بقي من الحياة.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى الأحد 27 ألفا و365 شهيدا، و66 ألفا و630 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الفنان التشکیلی
إقرأ أيضاً:
كربلاء المقدسة .. مدينة النور التي أخرست ألسنة التشاؤم وأضاءت دروب الأمل
بقلم : تيمور الشرهاني ..
إلى كل من يقرأ هذه الكلمات، أهلاً وسهلاً بمن يتفق معنا في الرؤية، ومن لا يعجبه حديثنا فلا مكان لتشاؤمه بيننا. نحن هنا لنسلط الضوء على إنجازات أبناء كربلاء الأصلاء الذين أثبتوا أن الإخلاص والعمل الجاد هما السبيل لصناعة التقدم.
يوم أمس، وخلال رحلتي من كربلاء مروراً بمحافظة بابل وصولاً إلى النجف الأشرف، رأيت مشاهد كفيلة بأن تجعلنا نقف وقفة تأمل. الطرق في بابل والنجف، بكل أسف، تفتقر إلى أدنى مقومات البنية التحتية، مليئة بالحفر والمطبات، وكأننا نسلك طرقاً مهجورة، بينما الحدائق تكاد تكون معدومة. هذه المدن التي تحمل إرثاً تاريخياً عظيماً تعاني اليوم من إهمال واضح، خصوصاً النجف الأشرف، التي تحتضن مرقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، رمز العدالة والحكمة. كيف لمحافظة بهذا الإرث أن تبدو بهذا الشكل المحزن؟ سؤال يطرح نفسه على المعنيين.
ولكن، عند عودتي إلى كربلاء، كان المشهد مختلفاً تماماً. بمجرد دخولنا حدود هذه المدينة المقدسة، بدأت الحياة تنبض من جديد. الطرق معبدة، الإضاءة تزين الشوارع، الدلائل المرورية واضحة، والأمان يحيط بالسائقين. وكأنك تسير في إحدى الدول المتقدمة، حيث النظام والجمال يتحدثان عن مجهودات أبناء هذه المدينة.
من هنا، نوجه رسالة شكر وتقدير إلى كل يد عملت بإخلاص لتطوير كربلاء. إلى العمال، المهندسين، الفنيين، والمسؤولين الذين اجتهدوا لتقديم أفضل الخدمات. لقد أثبتم أن كربلاء ليست مجرد مدينة، بل نموذج يحتذى به، ومرآة حقيقية لرؤية مستقبلية مشرقة.
هنا نقول لكل من يحاول التقليل من شأن هذه الإنجازات أو نشر التشاؤم بين الناس: كربلاء ستبقى شامخة بفضل أبنائها المخلصين، وستظل مصدر فخر وإلهام لكل العراقيين. شكراً من القلب لكل من ساهم في هذا التطور، ونشد على أيديكم لمواصلة العمل والارتقاء دائماً.
تيمور الشرهاني