لا ألومهم على كُرهنا.. جنود إسرائيليون يفصحون عن موقفهم من حرب غزة
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
كشف تقرير لشبكة "سي أن أن"، أن العديد من الجنود الإسرائيليين "يكافحون" للتوفيق بين وجهات نظرهم السياسية وواقع الحرب الدائرة ضد حماس في قطاع غزة.
وأجرت الشبكة مقابلات مع ثلاثة جنود إسرائيليين من خلفيات سياسية وفكرية مختلفة، تحدثوا فيها عن مشاعر المشاركة الحرب، ورؤيتهم لمستقبل الحرب التي تقترب من دخول شهرها الخامس.
عاموس شاني أتزمون، جندي احتياط في الجيش الإسرائيلي، يصرح بأنه لا يلوم الفلسطينيين في غزة على كرههم لإسرائيل في الوقت الحالي، مضيفا أن "لديهم أسباب وجيهة حقا".
وتابع: "عندما ترى النيران تشتعل في المدن وتتعرض للقصف... كان لدي صديق مقرب قُتل في غزة، وأنا أفكر في الأشخاص الذين ماتت عائلاتهم بأكملها في القصف".
واستدعي أتزمون، البالغ من العمر 26 سنة، بعد ساعات قليلة من اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وأسفر عن مقتل نحو 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية.
كما اختطف في الهجوم نحو 250 رهينة، تقول إسرائيل إن 132 بينهم ما زالوا في غزة، و27 منهم على الأقل يُعتقد أنهم قُتلوا.
وتعهدت إسرائيل القضاء على حماس، وأطلقت هجوما عسكريا واسعا أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27365 شخصا في غزة، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة في القطاع.
ويعيش سكان غزة في ظروف إنسانية قاسية، وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عبر إكس، إن "هناك محدودية شديدة في الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي وسط القصف المستمر".
ويشعر المجتمع الدولي، بما في ذلك بعض أقرب حلفاء إسرائيل، بقلق متصاعد المتزايد إزاء الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وأيضا العدد الكبير من المدنيين الذين سقطوا بالحرب، بالإضافة إلى غضبهم من رفض المسؤولين الإسرائيليين مقترحات حل الدولتين وتصورات بشأن إدارة غزة بعد الحرب.
ويقول أتزمون الذي يصف نفسه بـ"الرجل اليساري" في الجيش، إنه فيما ترفض حكومة نتانياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، فكرة الدولة الفلسطينية وتدعم إقامة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، إنه يريد أن تعمل بلاده للتوصل إلى حل للدولتين.
وأضاف: "الشعب الفلسطيني لن يتوقف أبدا عن قتالنا حتى يحصل على حكم ذاتي خاص به. وأعتقد أن الهدف النهائي يجب أن يكون كذلك".
ويعترف أتزمون بالصعوبة التي يواجهها في التوفيق بين آرائه السياسية وواقع كونه جنديا يقاتل نيابة عن حكومة لا يدعمها.
يوضح أتزمون: أنا محطم بسبب موت الناس في غزة، الأطفال والمسنين. مجرد رجال عاديين (بعمر) 26 عاما، مثلي، لا نريد أن نموت. ولكن لدي الحق في الدفاع عن نفسي والدفاع عن عائلتي وأصدقائي وأحبائي"، غير أنه يرفض اعتبار أن "هجوم حماس الإرهابي كان عملا من أعمال المقاومة ضد الحصار الإسرائيلي".
يقول أتزمون ليصبح الذي يعمل أخصائيا اجتماعيا، إنه يحارب جنبا إلى جنب مع أشخاص يتقاطعون معه في نفس الآراء.
بين التنوع والانقساموالخدمة العسكرية إلزامية على جميع الإسرائليين اليهود والدروز والشركس الذكور، فيما يُعفى العرب واليهود المتدينون من الخدمة، ويمكن أن يستدعوا أيضا في حالات خاصة.
وتعني قوانين التجنيد الصارمة أن الجيش متنوع سياسيا كما الحال في المجتمع الإسرائيلي، وفقا لشبكة "سي أن أن"، التي تورد أن الأشخاص الذين لا يتشاركون في نفس الأفكار والتوجهات يندمجون معا ويُجبرون على التغلب على خلافاتهم.
إيمانويل، جندي احتياط يبلغ من العمر 35 عاما ويخدم حاليا في وحدة قتالية في قطاع غزة، يميني متحمس لأفكاره خلافا لأتزمون اليساري.
ويعتقد إيمانويل، الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل، حيث أنه لا يزال في الخدمة وممنوع من التحدث للصحفيين، أن على إسرائيل السيطرة على غزة في السنوات القادمة، متفقا مع طرح نتانياهو الذي قال إنه يريد أن تتولى بلاده "المسؤولية الأمنية الشاملة" في القطاع "لفترة غير محددة"، بعد انتهاء الحرب.
وقال إيمانويل لشبكة "سي أن أن" في مقابلة هاتفية، إن الوضع الضفة الغربية، التي يشير إليها باسمها التوراتي "يهودا والسامرة"، يمكن أن تكون بمثابة نموذج لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل غزة.
ويضيف إيمانويل "يجب على الفلسطينيين أن يسيطروا على منطقتهم كما يفعلون في (بعض الأجزاء) من يهودا والسامرة، ولكن بحيث يمكن لإسرائيل الوصول إلى كل قرية وكل مدينة لتحييد الخطر".
ويذهب بعض أعضاء نتانياهو في الائتلاف الحكومي إلى أبعد من هذا، مقترحين بناء مستوطنات يهودية في غزة.
وتشكل قضية المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بالفعل "صدعا كبيرا" داخل المجتمع الإسرائيلي وفي العلاقات الدبلوماسية للبلاد، مع الحلفاء الأجانب.
ويرفض نتانياهو حتى الآن فكرة بناء مستوطنات جديدة في غزة، باعتبارها "غير واقعية"، وأكد في بيان سابق، أن "لا نية لإسرائيل لاحتلال غزة بشكل دائم أو تهجير سكانها المدنيين".
في المقابل، تشير شبكة "سي أن أن"، أن الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن مستقبل غزة والضفة الغربية، أصبحت "أعمق" منذ هجوم السابع من أكتوبر.
غير أنه بالنسبة لمندل، الجندي البالغ من العمر 19 عاما، فإن كل هذه الخلافات السياسية تبقى "بلا معنى" في هذه المرحلة.
وأضاف أن "السياسة لا تهم حقا.. أنت في الجيش لحماية الناس.. ولا يهم ما هو رأيك، أو ما تبدو عليه أو من أين أنت".
محادثات صعبةووفقا للجيش الإسرائيلي، قُتل 224 جنديا إسرائيليا في غزة منذ بدء العملية البرية، في أواخر أكتوبر.
يقول أتزمون، إن من بين الجنود المقتولين، صديقه المقرب، الذي لقي حتفه في معركة في جنوب غزة في أواخر ديسمبر.
ويكشف الجندي الذي عاد حديثا إلى منزله في القدس، أنه أجرى مع صديقه الراحل، العديد من المحادثات بشأن الحرب والمدنيين المحاصرين وسطها، مضيفا: "من واجبنا أن نفكر في الأمر ونناقشه لأن المسافة بين القتال من أجل أحبائك وقتل الناس من أجل الانتقام قصيرة جدا".
وقال إنه يعتقد أن الجنود الأفراد والجيش بشكل عام يجب أن يجروا محادثات مستمرة بشأن مبدأ القوة المتناسبة، موردا "إذا لم نفعل ذلك، ودخلنا غزة وفعلنا ما نريد بدافع الانتقام المطلق، فسنكون بنفس سوء حماس. ونحن لسنا كذلك. لن أسمح لهم بتحويلي إلى قاتل".
وينتقد الكثيرون من خارج إسرائيل عمليات الجيش الإسرائيلي، معتبرين أنها تتجاوز اعتماد مبدأ التناسب في استخدام القوة.
ووجه أكثر من 800 مسؤول من الولايات المتحدة وأوروبا انتقادات لاذعة للسياسة الغربية تجاه إسرائيل وغزة، متهمين حكوماتهم بـ"التواطؤ المحتمل في جرائم حرب".
واتهم المسؤولون في رسالة مشتركة، حكوماتهم بـ"الفشل في إلزام إسرائيل بنفس المعايير التي تطبقها على الدول الأخرى وإضعاف مكانتهم الأخلاقية في العالم".
من جانبه، يعرب إيمانويل أيضا، عن تعاطفه مع المدنيين الأبرياء، غير أنه يرى أن خوض الحرب بالطريقة التي تُدار بها حاليا هو "الخيار الوحيد".
وتابع أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت مخطئة في الاعتقاد بأن إبقاء غزة مغلقة وتحت الحصار من شأنه أن "يدير" الوضع.
وقال مندل، وهو الأصغر بين الثلاثة: "لا ينبغي للحروب أن تحدث، ما كان ينبغي لحماس أن تبدأ كل هذا، غير أنه يقول إنه لا يعتقد أن البدء فيها يبرر موت أي مدنيين، قبل أن يستدرك "هذه حرب والحرب شيء فظيع ووحشي، لكنها إما ذلك أو كانوا سيذبحون بقيتنا والابتسامة على وجوههم".
ويشير مندل، إلى أنه يريد فقط أن تنتهي هذه الحرب، كاشفا أنه إنه يفتقد عائلته، وأمه بشكل خاص.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: سی أن أن غیر أنه فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل توقف دخول المساعدات الإنسانية لغزة وتهدد بعودة الحرب
قررت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، عقب ساعات من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وتل أبيب، وعرقلة الأخيرة الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.
وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان على "إكس": "مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة المختطفين، وفي ضوء رفض حماس قبول مخطط (مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيف) ويتكوف لمواصلة المحادثات ـ الذي وافقت عليه إسرائيل ـ قرر رئيس الوزراء أنه ابتداء من صباح اليوم (الأحد) سيتوقف دخول كل البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".
وأضاف المكتب: "لن تسمح إسرائيل بوقف إطلاق النار دون إطلاق سراح مختطفينا، وإذا استمرت حماس في رفضها فسيكون هناك عواقب أخرى"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وفي تعليقها على البيان الإسرائيلي، قالت حماس إن قرار نتنياهو وقف المساعدات الإنسانية يعد "ابتزازا رخيصا وجريمة حرب وانقلاب سافر على الاتفاق".
ودعت الوسطاء والمجتمع الدولي إلى "التحرك للضغط على الاحتلال ووقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة".
وفي السياق، قالت القناة 14 الخاصة: "في نقاش عقد الليلة الماضية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تم اتخاذ قرار بوقف دخول الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة، حتى إشعار آخر".
وأضافت أن القرار اتُخذ بالتنسيق مع الوسيط الأمريكيين، دون ذكر تفاصيل أكثر.
ولم يصدر على الفور من الوسطاء المصري والقطري والأمريكي تعليقات بشأن تلك الأنباء.
وتعليقا على قرار وقف المساعدات إلى غزة، رحب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، بالقرار، داعيا إلى ما سماه "فتح أبواب الجحيم" على القطاع الفلسطيني.
وقال بن غفير على "إكس": "أرحب بقرار وقف المساعدات الإنسانية إذا تم تنفيذه. لقد تم اتخاذ القرار أخيرا – أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا".
وتابع: "ينبغي أن تظل هذه السياسة سارية حتى عودة آخر مختطف. الآن هو الوقت المناسب لفتح أبواب الجحيم، وقطع الكهرباء والمياه، والعودة إلى الحرب".
ومضى بن غفير الذي استقال من منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي احتجاجا على التوقيع على صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس: " الأهم من ذلك - عدم الاكتفاء بنصف المختطفين، بل العودة إلى مهلة الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب - (بإطلاق سراح) جميع المختطفين على الفور وإلا فإن الجحيم سيُفتح على غزة".
وعند منتصف ليل السبت/الأحد، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
وعرقل نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
فيما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
وليلة الأحد، قال مكتب نتنياهو إن "إسرائيل وافقت على الخطوط العريضة لخطة اقترحها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لوقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي (12-20 أبريل/ نيسان)"، فيما لم يصدر بعد عن ويتكوف أي إعلان رسمي عن هكذا خطة.
وبحسب البيان الإسرائيلي، سيتم بموجب الخطة، إطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين في غزة، الأحياء والأموات، في اليوم الأول من الهدنة المقترحة.
وأضاف البيان: "وفي حال التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار يجري الإفراج عن النصف الثاني من المحتجزين في غزة".
وتقدر تل أبيب وجود 62 أسيرا إسرائيليا بغزة (أحياء وأموات)، بحسب إعلام عبري، فيما لم تعلن الفصائل الفلسطينية عدد ما لديها من أسرى.
وادعى المكتب أن "إسرائيل وافقت على المقترح الأمريكي بهدف استعادة رهائنها، لكن حماس لم تقبل به حتى الآن"، وفق تعبيره.
وأضاف أنه في حال عدّلت الحركة موقفها، ووافقت على خطة ويتكوف، فإن إسرائيل ستدخل فورًا في مفاوضات بشأن تفاصيل الخطة.
وصباح الأحد، قالت حماس إن بيان مكتب نتنياهو بشأن اعتماده لمقترحات أمريكية لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق يعد "محاولة مفضوحة للتنصل من الاتفاق والتهرب من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية منه".
وأوضحت أن "مزاعم الاحتلال الإرهابي بشأن انتهاك الحركة لاتفاق وقف إطلاق النار هي ادعاءات مضللة لا أساس لها، ومحاولة فاشلة للتغطية على انتهاكاته اليومية والمنهجية للاتفاق".
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.