موقع النيلين:
2025-02-01@07:51:46 GMT

إثارة الأزمات في محيط الجزائر.. خلفيات وأبعاد؟

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT


أصبحت الجزائر في قلب محيط عربي وإفريقي ومتوسطي مليء بالأزمات، في مظهر يؤكد أن التحولات الدولية كبيرة وأن مرحلة أخرى دخلها العالم بعد فترات الحرب الباردة والحرب على الإرهاب وغيرها من العناوين الكبرى للمراحل التي تمر بها العلاقات الدولية. فعالم اليوم يدار بالأزمات من خلال تبني نهج جديد للسيطرة والهيمنة والاحتكار والقهر في إطار الصراع بين الشرق والغرب وكذا محاولة لإضعاف الدول المحورية التي تسعى للتأثير في الاتجاه الصحيح للعلاقات الدولية على غرار الجزائر.

اكتشف الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أساليب جديدة لتعويض الحروب التقليدية للسيطرة على الدول والمحاور أو للانتقام من الخصوم الذين يحاولون الوقوف بندية مع الولايات المتحدة الأمريكية أو الدول التي تريد التأثير على اتجاهات الأزمات، مثلما يحدث اليوم مع القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية.

فاليوم روسيا منشغلة بأوكرانيا والصين منشغل بأزمة بحر الصين الجنوبي ومشكلة حدودية مع الهند ومشاكل مع نيبال، والعالم اليوم يتفرج على فلسطين وقطاع غزة وكأنه غير معني بالمواثيق والاتفاقيات، حيث سوقت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها رئيس العالم من خلال سفرها إلى قلب الأزمات لإيجاد الحلول وتحقيق التوافقات وتسطير الترتيبات لما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها، وإلا فالنار والسلاح والدمار والخراب مصير كل من يقف في طريقها ويرفض توجيه الأزمات ولو على حساب مصالح وسيادة الدول.

والمتتبع لواقع حدود الجزائر يلاحظ الحزام الناري الذي يدور بها من خلال عدد الأزمات الكبير مما يحدث في المغرب ومالي والنيجر وليبيا، وجر موريتانيا وتونس إلى مستنقع الضغوطات الاقتصادية والسياسية في سياق مسار عالمي عامر بالاستقطاب.

إن عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على اختراق الدول المحورية والطامحة للتموقع في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب دفعها لاختلاق أزمات داخلية وإقليمية لها، حيث قامت بإثارة انقلابات في الدول المجاورة لمحاور الممانعة والتحدي، على غرار ما يحدث في منطقة الساحل في إفريقيا، مع التماطل في حل مختلف الأزمات الأخرى المتواجدة في الأمم المتحدة على غرار الصحراء الغربية وليبيا التي تعيش حالات الانقسام والفتنة. ومع بروز أدنى إشعاعات أمل لحل تلك الأزمات يتحرك الغرب بدعم من طابور خامس دولي لإفشال كل الحلول الدبلوماسية لهذه الأزمات على الأقل، مالي (2012)، ليبيا (2011)، السودان (2019)، النيجر (2023).

لقد تبين أن تلك الأزمات مفتعلة وهناك مخابر دراسات وبحوث عالمية تزود صناع القرار بهذه المخططات بطرح كيفية خلق الأزمات وإدارتها وتوجيهها والتصدي لمحاولات حلها، ويشترك في هذه المخططات النخب والدوائر العسكرية والاستخباراتية وكبرى الشركات متعددة الجنسيات، من خلال التمويل، على أن تسترجع أموالها مضاعفة بالسيطرة الاقتصادية فيما بعد على الدول الهشة محل تجريب الأزمات.

ولتجسيد هذه المخططات يتم اختراق الدول المستهدفة، خاصة في الوطن العربي وإفريقيا وحتى أمريكا الجنوبية، بقوى ناعمة حزبية ونخبوية وإعلامية، يتم إدارتها وفقا لعقيدة وأيديولوجية الغرب وتُستغل مستقبلا لخلق الصدامات السياسية والاجتماعية والثقافية والإثنية عندما تحتاج القوى الغربية وواشنطن أوراقا أو مبررات للتدخل العسكري أو لتحريك الانقلابات العسكرية، ويظهر أن قوى من الشرق قد أخذت هذا النهج في إفريقيا والوطن العربي للتمدد في المياه الدافئة ومناطق المواد الخام والمعادن النادرة.

واستقطب الغرب وبعده الشرق نخبا عسكرية وسياسية قام بتكوينها وأدلجتها وغرسها في مختلف الدول والأنظمة ليتم اللجوء إليها في وقت تضارب المصالح وتهديد مصلحة دول ما أو تكتل ما ضد دول أخرى. أمام هذه التطورات والواقع الجديد نلاحظ أن دولا مجاورة للجزائر تنساق وراء مخططات خارجية متعددة المحاور تدعمها بالسلاح والمال والترويج الدعائي لاستعداء الجزائر والتشويش على طموحات ومشاريع الجزائر التي صرفت عليها الملايير من أجل الصالح العام في إفريقيا، على غرار الطريق العابر للصحراء الذي يربط الجزائر بنيجيريا (6200كلم) متفرعا على مالي والنيجر. كما أنها تسعى لاستكمال مشروع “نيغال” خط الغاز بين نيجيريا والاتحاد الأوروبي ومشاريع كبرى أخرى تمس الاستثمار في قطاع الخدمات (المصارف والنقل البحري والجوي)، وهو ما حرك قوى الشر من خارج إفريقيا لتجنيد أنظمة ونخب عسكرية تحكم دون شرعية شعبية لاستهداف الجزائر.

إن توغل الكيان الصهيوني في مختلف المجالات الجغرافية عالميا سقط مع عملية طوفان الأقصى وسقطت معه مخططات الكثير من عواصم الشيطان والشر التي هرولت إلى الكيان الصهيوني وعقدت معه اتفاقيات وتحالفات تتجاوز مصالحها الثنائية، بل كانت غطاء لمؤامرات إقليمية هدفها تدمير كل القوى الرافضة للكيان الصهيوني والمنتقدة لمحاور الشر العربية التي انخرطت في مخطط عالمي خبيث هدفه عولمة القيم الغربية والصهيونية على حساب المرجعيات العربية والإسلامية.

إن مواقف الجزائر وصراحتها في مختلف الأزمات ساهمت في إظهار العديد من الجوانب الخفية في مختلف الملفات بالنظر لعدم طمعها لا في خيرات الشعوب ولا في انخراطها لإضعاف الدول. إن ردود فعل بعض المجالس العسكرية في إفريقيا، التي تسير مراحل انتقالية دون شرعية شعبية عبر الانتخابات، باتت محل استغلال من قوى متعددة تبتزها بإبقائها في الحكم مقابل شن الحروب النفسية واستهداف دول الممانعة والمقاومة. والغريب أن مثل هذه الأمور تحدث عند قرب انتخابات دولة معينة أو انتهاء تسيير المراحل الانتقالية والسودان ومالي أكبر دليل.

في إفريقيا مثلا لا تنمية ولا استثمارات ولا نقل للتكنولوجيا ولكن الأمر الوحيد المتوفر في كل زمان ومكان وبكميات لا تنتهي هو السلاح الذي يعتبر أهم أداة في إفريقيا، وانتقل هذا الملف إلى الأسواق الموازية والجماعات الإرهابية المصنوعة والموجهة استخباراتيا ومختلف المليشيات المؤدلجة دينيا بفتاوى ودعم شيطاني كبير جدا وزرعها في الحدود الجنوبية للجزائر لاستنزاف قدرات الجزائر ماليا وعسكريا واقتصاديا.

لقد تبين أن الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر ظواهر مصطنعة رافقت تلك المخططات. وعليه فالتهديدات والمؤامرات اتضح أنها مبنية على أسس ودراسات لزمن طويل جدا يستهدف إضعاف الدول بالوقت وعبر الزمن لإرهاقها وتحضير مسببات الخراب والدمار.

حكيم بوغرارة – الخبر الجزائرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة فی إفریقیا على غرار فی مختلف من خلال

إقرأ أيضاً:

الكونغو.. تطورات متسارعة تزيد من أزمات إفريقيا

تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية تطورات ميدانية خطيرة ومتسارعة في الأيام الأخيرة، بعد تمكنتمكن متمردو حركة "إم 23" من السيطرة على مدينة جوما، العاصمة الإقليمية لمقاطعة شمال كيفو في شرق البلاد.

وأدت التطورات في الكونغو إلى إخلاء المطار الدولي في جوما وتعليق الرحلات الجوية، مع إعلان المتمردين عن إغلاق المجال الجوي للمدينة، والذي تزامن مع دخل المتمردون والقوات الرواندية المتحالفة معهم أطراف مدينة جوما، مما أدى إلى حالة من الذعر بين السكان وفرار الآلاف من منازلهم، ومقتل ما لا يقل عن 13 من قوات حفظ السلام الدولية.

وشهد الأسابيع الماضية زيادة في التوتر بين الكونغو الديقراطية و واندا بعد انهيار جهود الوساطة التي قادتها أنغولا ببين الجارتين منتصف ديسمبر 2024 والذي مثل مؤشرا خطرا على مدى التأزم الذي بلغته علاقات البلدين على خلفية الصراع المستمر في شرق الكونغو، والذي تتهم كينشاسا جارتها في منطقة البحيرات كيغالي بتعقيده من خلال دعم حركة إم 23 المتمردة الناشطة في مقاطعة شمال كيفو الإستراتيجية.

اتهمات لرواندا 

وأعقب انهيار جهود الوساطة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا تصاعد حدة المعارك بين الجيش الكونغولي ومسلحي حركة "أم 23" الذين تمكنوا من توسيع مناطق سيطرتهم في شمال كيفو، ومن ثم إعلانهم السيطرة على مدينة غوما عاصمة المقاطعة.

ونتيجة لهذه التطورات المتسارعة غادرت البعثات الأجنبية والصحفيون والموظفون الأمميون من غوما إلى داخل رواندا في أعقاب سيطرة المتمردين على المدينة -التي يسكنها أكثر من مليوني شخص- بعد أيام عدة من المواجهات مع القوات الحكومية.

من جانبها، نفت رواندا الاتهامات الموجهة إليها بدعم حركة "إم 23"، رغم اعترافها بوجود قواتها في شرق الكونغو لأسباب أمنية.

الولايات المتحدة تتدخل

وحثت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة على بحث اتخاذ تدابير لوقف الهجوم الذي تشنه القوات الرواندية وقوات حركة "إم 23" المتمردة، وقالت القائمة بأعمال المبعوث الأميركي لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا "إنه يجب على رواندا سحب قواتها من جمهورية الكونغو الديمقراطية والعودة إلى طاولة المفاوضات والعمل نحو حل سلمي دائم".

ومتابعة لتلك التطورات عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لمناقشة تصاعد القتال في شرق الكونغو، وخلال الاجتماع أعربت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في الكونغو بنتو كيتا، عن قلقها البالغ إزاء تقدم المتمردين واستخدامهم للمدنيين كدروع بشرية.

تحذيرات أممية ودولية 

في حين حذرت الأمم المتحدة من أن هجوم حركة "إم 23" يثير مخاطر حرب إقليمية أوسع نطاقا، خاصة أن الكونغو تتميز بإمداداتها المعدنية الوفيرة، والتي كانت منذ فترة طويلة محط أنظار الشركات الصينية والغربية وكذلك الجماعات المسلحة.

وأعلن برنامج الغذاء العالمي اليوم "توقف" المساعدات الغذائية في محيط مدينة غوما، معربا عن القلق إزاء نقص الغذاء.

من جانبها دعت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الثلاثاء، إلى تدخل دولي مع تصاعد العنف في البلاد، حيث أصبح جزء كبير من مدينة جوما شرقي البلاد تحت سيطرة المتمردين، واستقبلت البعثة عددا كبيرا من الأشخاص الذين يبحثون عن الحماية في جوما حيث يوجد مئات الآلاف من النازحين، وفق تصريح لـ فيفيان فان دي بيري، نائبة الممثل الخاص لحماية العمليات في بعثة الأمم المتحدة


المناطق المتأثرة والأضرار:

بالإضافة إلى سيطرة المتمردين على مدينة جوما، أفادت التقارير بأنهم تقدموا في مناطق أخرى في شرق البلاد، مما يهدد باندلاع نزاع إقليمي أوسع، وقد أدى هذا التصعيد إلى نزوح آلاف المدنيين، وتفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.

تستمر الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية في التدهور، مع تصاعد القتال بين المتمردين والقوات الحكومية، وسط دعوات دولية لوقف العنف والبحث عن حلول سلمية للأزمة.

تعد هذه التطورات امتدادا للصراعات المستمرة التي تعيشها منطقة شرق الكونغو الديمقراطية منذ عقود نتيجة تحولها إلى ساحة حرب تنخرط فيها مجموعة كبيرة من الفصائل المسلحة، حيث يوصف هذا الصراع بأنه واحد من أكثر النزاعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يقدر عدد ضحاياها قرابة 6 ملايين.

مقالات مشابهة

  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • حدث ليلا.. اغتيال قائد «كتائب القسام» وتقارير تشير إلى تعمد حدوث كارثة «الخطوط الجوية الأمريكية» وترامب يواصل إثارة الجدل
  • رغم عدم الاستقرار.. ليبيا تحتفظ بأكبر احتياطي نفطي في إفريقيا لعام 2025
  • تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام “بريكس”
  • وزير الخارجية يؤكد التعاون مع بنين لمكافحة القرصنة البحرية بغرب إفريقيا
  • هذه هي الرسائل التي بعثت بها الولايات المتحدة لنتنياهو بشأن مراحل اتفاق غزة
  • ماذا يعني انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ قانونيا وبيئيا؟
  • الكونغو.. تطورات متسارعة تزيد من أزمات إفريقيا
  • الأفارقة يخططون لطرد مرتزقة غالي…دعمٌ وحشد كبيرين للمغرب في قمة الإتحاد الأفريقي بإثيوبيا
  • النائب أيمن محسب: مصر داعم رئيسي لاستقلال القضاء في قارة إفريقيا