شمسان بوست:
2024-07-06@13:06:07 GMT

الحوثيون من الداخل.. ما لا تعرفه عنهم!

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

شمسان بوست / متابعات_محمد القاضي:

ليست جماعة الحوثي وليدة العقدَين الأخيرين من تاريخ اليمن، كما يعتقد البعض. كما أنها ليست حركة سياسية ظهرت بفعل الهامش الديمقراطي الذي أفرزته ظروف ما بعد تحقيق الوَحدة بين شطرَي اليمن الجنوبي والشمالي في العام 1990م، بقدر ما هي امتداد لمشروع إماميّ وضع بذرته في محافظة صعدة ومناطق الشمال ما سُمّي الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين الرسي في العام 893م، وعرف فيما بعد بالمذهب الهادوي.



وهي بذلك وليدة هذا المذهب والمنظومة الممتدة لأكثر من 1100 عام، والذي يرتكز على فكرة البطنين القائمة على الاصطفاء الإلهي وحصر الإمامة وقيادة الأمة في ذرية السبطَين: الحسن والحسين حتى قيام الساعة.

انخراط تكتيكي

وهذا الفكر وإن كان يتفق ويتماهى مع المذهب الزيدي إلا أنه خالفه في جوانب كثيرة ولم يتقيد على سبيل المثال بالشروط الـ 14 التي يشترطها المذهب الزيدي لتولي الإمامة في كثير من مراحله التاريخية، كما حدث في عهد الدولة القاسمية التي حكمت معظم اليمن، وتحول الحكم في عهدها إلى وراثي ملكي، وكذلك كما كان الحال في آخر حكم إمامي لليمن قبل اندلاع ثورة 26 سبتمبر/ أيلول التي ساندها ودعمها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي.

جنى الحوثيون ثمار هذا الفكر وجهود رموزه التي انخرطت تكتيكيًا في النظام الجمهوري الذي أعقب ثورة سبتمبر/ أيلول آنفة الذكر، وما تلاها من حرب أهلية انتهت بمصالحة وطنية، وعملت على تعزيز وجود عناصرها في مؤسسات الدولة ومرافقها الحسّاسة؛ كونها هي الدولة العميقة في اليمن إن صحّ لنا وصفها بذلك، وعملت بدأب على تهيئة الأجواء والظروف للعودة مرّة أخرى إلى حكم اليمن.

وعقب الوحدة اليمنية ظهر أول كيان شبابي تحت مسمّى: “الشباب المؤمن”؛ مستغلًا حالة التوجّس لدى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح من تعاظم قوة حزب الإصلاح أو إخوان اليمن كما يحلو للبعض تسميتهم، وكذلك الخلاف الذي أخذ بالتوسع بين شريكَي الوحدة: حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة علي صالح، والحزب الاشتراكي اليمني بزعامة علي البيض، وحظي هذا الكيان الوليد بدعم ضمني من قبل صالح في محاولة منه للعب على التناقضات، والرقص على رؤوس الثعابين كما كان يردد.

وفي مطلع القرن الحالي انقلب حسين بدر الدين الحوثي على شركائه المؤسسين لحركة “الشباب المؤمن” وَفقًا لرواية أبرز مؤسسيها واستحوذ على الحركة، وعرفت بعد ذلك ومنذ ظهورها المسلح بـ”جماعة الحوثي”، قبل أن تسمي نفسها فيما بعد بـ”جماعة الحوثي.

مكاسب ميدانية
خاض مؤسس “جماعة الحوثي”- والذي كان عضوًا في أول برلمان عقب تحقيق الوحدة اليمنية ممثلاً لدائرته الانتخابية – أولى حروبه ضد السلطات الحكومية في عام 2004 بعد توترات سابقة استحوذ أنصاره خلالها على الإيرادات المالية، وتحكموا ببعض المناطق التي تقع ضمن نفوذهم في معقلهم الرئيس بمحافظة صعدة شمالي اليمن من منطلق عقائدي، وقُتل في الجولة الأولى من الحرب بنفس العام.

تولى شقيقه الأصغر عبدالملك الحوثي قيادة الجماعة من بعده، وخاض خمس حروب لاحقة امتدت حتى العام 2010، وفي كل جولة من جولاتها كانت جماعته تحقق مكاسب ميدانية توسعية وأخرى سياسية مستغلة الخلافات المعلنة وغير المعلنة بين علي عبدالله صالح وشركائه العسكريين والقَبليين والسياسيين في الحكم، ومهارة أذرعها السياسية التي لعبت دورًا بارعًا في تفتيت المنظومة الحاكمة.

هيأت أحداث الربيع العربي واحتجاجات شباب اليمن ضد نظام علي عبدالله صالح فرصة ثمينة للحوثيين فلعبوا بمكر على تناقضات القوى اليمنية المتحالفة والمتصارعة على حد سواء..

أبدوا تعاطفهم مع الحراك الجنوبي ونصبوا خيامهم في ساحات التغيير مع شباب الثورة، وفي الوقت نفسه تواصلهم لم ينقطع مع الرئيس المأزوم جراء الاحتجاجات المتصاعدة ضده، ومكنتهم تلك الاحتجاجات- وما أفرزتها من توافقات على شخصيات هزيلة لإدارة المرحلة الانتقالية – من الانقلاب على المسار السياسي والسيطرة المسلحة على صنعاء وهم الذين كانت قواتهم تقرع أبوابَها منذ العام 2009.

ومكنتهم التجارب المتراكمة للمشروع الذي يمثلونه وخبرة ودهاء ساسته المخضرمين من فهم حساسية الجيران والقوى الخارجية وتخوفاتهم من الأحزاب والجماعات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي خصوصًا الإسلامية منها واللعب على وترها.

موقف مرتبك
وكما عززت الحرب في اليمن قوة الحوثيين على المستوى الداخلي، فإن القصف الأميركي- البريطانيّ اليوم يشرعن حضورهم الشعبي على المستويين: العربي والإسلامي، ويمنحهم تعاطفًا خارجيًا هم في أمسّ الحاجة إليه، ويضع خصومهم المحليين في موقف مرتبك، خصوصًا أن القضية الفلسطينية تحظى بإجماع لدى كل فئات الشعب اليمني ومكوناته.

لا يكاد يختلف اثنان على أن تضامن الحوثي مع غزة واستهدافه السفن التجارية التي لها علاقة بإسرائيل أو تتجه نحو موانئها – والذي تطور إلى استهداف السفن الأميركية والبريطانية في خليج عدن والبحر الأحمر – يعد عملًا جريئًا ومهمًا في مجريات الصراع، إلا أن الحوثي استفاد كثيرًا من أحداث غزة واستطاع بتضامنه غير المسبوق أن يقدم نفسه للعالم كلاعب مهم في المنطقة.

بل لا نبالغ إن قلنا إن الحوثي وبفعل هذه الأحداث اكتشف نفسه ومدى قدرته على خلط الأوراق فيما يتعلق بالتجارة الدولية وممراتها البحرية.

وفي الوقت نفسه هرب من استحقاقات محلية كادت أن تحشره في زاوية ضيقة جراء الغضب الشعبي المتصاعد؛ بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع رواتب الموظفين منذ اندلاع الحرب، خصوصًا مع تباشير السلام التي لاحت قبل نهاية العام الماضي.

مرجعية خاصة
وفرت أحداث غزّة فرصة ثمينة للحوثيين لإثبات صدق شعاراتهم المرفوعة منذ ظهورهم المسلح في مطلع القرن الحالي، وما تضمنته “ملازم”، مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي الذي يصفونه بالقرآن الناطق، وتعد بمثابة المرجعية الفكرية للجماعة، وكذلك الوثيقة الفكرية والثقافية التي وقعها زعيم الجماعة مع عدد من علماء الزيدية في السنوات الأخيرة، والتي تؤكد على جملة من المبادئ من ضمنها فكرة الاصطفاء سابقة الذكر، والعداء لأميركا وإسرائيل.

ويمكننا هنا القول؛ إن جماعة الحوثي، وإن كانت تبدو جزءًا من المذهب الزيدي، إلا أنها تختلف معه في قضايا كثيرة، ولها مرجعيتها الخاصة، وهناك من يقول؛ إنها مثلت انقلابًا على إرث المذهب الزيدي في اليمن.

وأما بالنسبة لعلاقتها بالثورة الإسلامية في إيران، فهي لا تنكر تلك العلاقة بل تفاخر بها، وترفع صور رموزها وقيادتها في مناسباتها، وتتناغم مع أفكارهم، واستفادت كثيرًا من الدعم الإيراني لها، إلا أن جذورها تمتد إلى ما قبل الثورة الخمينية في إيران، كما أشرنا سلفًا، ولذلك لا يستبعد أن تتكون لديها رؤية خاصة لا سيما بعد الحضور الإقليمي والعالمي الذي حققته مؤخرًا.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: جماعة الحوثی ما بعد إلا أن

إقرأ أيضاً:

رئيس حزب الإصلاح: كنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في مشاورات مسقط

هاجم رئيس حزب الإصلاح محمد عبدالله اليدومي، الوفد الحكومي المفاوض والذي يشارك في مشاورات تجري في العاصمة العمانية مسقط مع جماعة الحوثي برعاية أممية.

 

وقال اليدومي في تغريدة على منصة إكس: "في 25/6/2024 صدر عن الأخ يحيى الشعيبي مدير مكتب رئاسة الجمهورية بالتوجيه لفريق التفاوض حول الأسرى والمخفيين قسرياً بالتأكيد عليهم بعدم إبرام أي صفقة تبادل لا تشمل إطلاق سراح الأخ محمد قحطان أو على الأقل تقدير الكشف عن مصيره..".

 

 

وأضاف: "بعد هذا التوجيه إنعقد في مسقط لقاء للمليشيا الحوثية تحدثت بلغه واحدة وكنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في هذا اللقاء..!!".

 

وفي وقت سابق، أعلن الناطق الرسمي باسم الإصلاح، أن للحزب معلوماته المؤكدة التي تفيد بأن القيادي والسياسي محمد قحطان، لا يزال على قيد الحياة، بالتزامن مع تصريحات مثيرة عن حياته من قبل جماعة الحوثي التي تختطفه منذ ابريل 2015م.

 

وقال المتحدث باسم الإصلاح ونائب إعلامية الحزب عدنان العديني، في تغريدة على منصة إكس: "لدينا في الإصلاح معلوماتنا المؤكدة بأن الأستاذ محمد محمد قحطان عضو الهيئة العليا للحزب، على قيد الحياة".

 

وحمّل الإصلاح، جماعة الحوثي التي تختطفه وتخفيه قسريا منذ عشر سنوات كامل المسؤولية عن حياة "قحطان" خاصة بعد "التصريحات اللا أخلاقية التي ترددها بعض قيادات المليشيا" في إشارة منه لتصريح رئيس لجنة الأسرى الحوثية يوم أمس والتي ألمح فيها إلى إحتمالية وفاة قحطان.

 

وأكد الإصلاح، أن الإفراج العاجل عن السياسي "محمد قحطان" أولوية قصوى.

 

ويوم أمس، قال مكتب المبعوث الأممي في بيان على حسابه بمنصة إكس: "جولة المفاوضات الجارية والتي انطلقت في سلطنة عمان بشأن ملف المحتجزين على خلفية النزاع تجري في أجواء إيجابية وبناءة حتى الآن، وقد توصلت الأطراف لتفاهم حول إجراءات لإطلاق سراح محتجزين على ذمة النزاع بينهم محمد القحطان".

 

وشدد البيان، على أهمية استكمال التفاوض حول هذا التفاهم بروح من المسؤولية لتحقيق نتائج ملموسة على طريق الإفراج عن جميع المحتجزين على خلفية النزاع بموجب مبدأ "الكل مقابل الكل".

 

وقال المتحدث الرسمي لوفد الحكومة المفاوض ماجد فضائل في تغريدة على منصة إكس: "توصلنا إلى اتفاق مع وفد الحوثيين بشهادة الأمم المتحدة على تبادل 50 أسيرا حوثيا مقابل السياسي محمد قحطان المختطف والمخفي لأكثر من تسع سنوات مضت".

 

ويوم أمس الأول، أكد رئيس لجنة الأسرى الحوثية عبد القادر المرتضى، بأنه تم الاتفاق في مفاوضات "مسقط"، لضم السياسي والقيادي الإصلاحي محمد قحطان في صفقة التبادل المتفق عليها، خلال المفاوضات الجارية في سلطنة عمان بشأن ملف الأسرى.

 

ونقلت وكالة سبأ الحوثية عن المرتضى قوله بأن الاتفاق تضمن الإفراج عن محمد قحطان مقابل الإفراج عن 50 من أسرى الجماعة، وإن كان متوفيا فيتم تسليم جثته مقابل تسليم الطرف الآخر 50 جثة.

 

ويعد السياسي محمد قحطان أحد الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن لإطلاق سراحهم وأخفته جماعة الحوثي منذ إختطافه في ابريل 2015م، ورفضت الإفصاح عن مصيره أو السماح لأسرته بالتواصل معه، وسط مطالبات واسعة محلية ودولية للكشف عنه وإطلاق سراحه.

 


مقالات مشابهة

  • في اليسار المتطرف.. رؤية من الداخل
  • بعد إنتهاء أزمة الطائرات المختطفة.. الحوثيون يعلنون عودة الحجاج العالقين إلى مطار صنعاء
  • رئيس حزب الإصلاح: كنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في مشاورات مسقط
  • تقرير حقوقي: مقتل وإصابة 28 مدنياً في تعز خلال شهرين 21 منها ارتكبها الحوثيون
  • زعيم الحوثيين يقول إن واشنطن تسعى لإقناع دول عربية بفتح مجالها لتنفيذ غارات ضد جماعته
  • ذراع إيران في اليمن تختطف النونو من منزله في صنعاء
  • لليوم الخامس.. مقتل وإصابة ثلاثة مُسلّحين في اشتباكات قبلية يدفع بها الحوثيون بحزم الجوف
  • دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية
  • عائلة محمد قحطان غاضبة من “تصريحات عبثية” عن حياته في مفاوضات مسقط
  • رويترز: غرق ناقلة نفط قبالة سواحل اليمن لم يستهدفها الحوثيون