نشر موقع "ميديا سكوب" التركي، مقالا للصحفي والكاتب روشان شاكر شدد فيه على أن الرئيس رجب طيب أردوغان تمكن على مدى سنين عمره السياسي من الإطاحة بكافة منافسيه، متسائلا حول قدرة فاتح أربكان زعيم حزب "الرفاه من جديد" على تحدي الرئيس التركي.

وجاء تساؤل الكاتب عقب إعلان فاتح أربكان، نجل رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان، الجمعة، انشقاقه عن "تحالف الجمهور" بقيادة أردوغان، في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 31 آذار / مارس المقبل، لأسباب عديدة من بينها "فشل الحكومة التركية في اتخاذ الخطوات اللازمة في ما يتعلق بنصرة غزة".



ومن المقرر إجراء الانتخابات المحلية في 31 آذار/ مارس القادم، حيث ستفتح صناديق الاقتراع في 81 ولاية وقضاء تركيًا أمام الناخبين من أجل انتخاب رؤساء البلدية الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس المحلية.

وتحظى الانتخابات المحلية في تركيا باهتمام عال من الأحزاب السياسية، لكونها أولى درجات سلم الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما يرى مراقبون.

وقال شاكر في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه "عندما ننظر إلى الحياة السياسية لرجب طيب أردوغان، فإن غالبية الناس يعتقدون أن العتبة الأكثر أهمية بالنسبة له كانت انتخابه محافظا لبلدية إسطنبول في عام 1994، مشددا على أن "قطيعة أردوغان مع معلمه  نجم الدين أربكان، هي التي كونت شخصية أردوغان الذي جعله أردوغان".


ولفت الكاتب إلى "قرار أردوغان الانشقاق عن معلمه أربكان ليؤسس مع أصدقائه حزب العدالة والتنمية في الرابع عشر من آب /أغسطس عام 2001".

وأضاف الكاتب أنه منذ ذلك الوقت وأردوغان يحكم البلاد سابقا كرئيس للوزراء ولاحقا بمفرده كرئيس للبلاد في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن الرئيس التركي "دخل خلال هذه  الفترة في صراعات سياسية مع العديد من الأشخاص والمؤسسات؛ لقد أقام صداقات مع أصدقائه وأعدائه، ولم يواجه أبدا منافسا جديا (ندا لأردوغان)".

وأشار الكاتب إلى كمال كليتشدار أوغلو، الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري المعارض، موضحا أن السياسي التركي اعتقد بعد فوزه في الانتخابات المحلية لعام 2019، بقدرته على منافسة أردوغان، إلا أنه تعرض للهزيمة بعد أربع سنوات في الانتخابات العامة، ما أظهر أنه غير قادر على منافسة أردوغان أيضا.

ووفقا للكاتب، فإنه "بسبب القصور الذي تعاني منه المعارضة، اتجهت كل الأنظار نحو حزب العدالة والتنمية ونظرت أولا إلى عبد الله غول. ولم يتمكن غول حتى من أن يصبح منافسا لأردوغان في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، على الرغم من رغبته في القيام بذلك. ثم تحولت الأنظار إلى حزبي المستقبل (بقيادة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو)، وحزب الديمقراطية والتقدم  (بقيادة وزير الاقتصاد الأسبق علي بابا جان) عن حزب العدالة والتنمية، ووقعت هناك هزيمة أخرى أيضا".

حظوظ نجل أربكان!
قال الكاتب: "خلال مشاهدتي للبيان الذي أدلى به أربكان في مقر حزب الرفاه من جديد الجمعة، تذكرت سنوات حزبي الرفاه والفضيلة (حزبان أسسهما نجم الدين أربكان سابقا) وتساءلت عما إذا كان سيفعل بأردوغان اليوم ما فعله أردوغان بوالده بالأمس؛ بتعبير أدق، فكرت أولاً فيما إذا كان لديه مثل هذا الطموح ثم ما إذا كان يمكنه تحقيق ذلك".

وأضاف أنه "سيكون هناك من يعترض على هذه الفكرة بالقول إن أردوغان كان عضوا في حزبي الرفاه والفضيلة، لكن فاتح أربكان لديه حزبه الخاص الآن"،

وتابع ردا على الاعتراض المطروح: "صحيح، لكن هذا الحزب لم يتخذ قط موقفا معارضا، بل على العكس من ذلك، انتقد المعارضة ووقف إلى جانب أردوغان وحزب العدالة والتنمية في أصعب الأوقات".

ولفت الكاتب إلى انسحاب فاتح أربكان  من ترشحه للرئاسة منتصف العام الماضي قبل الجولة الأولى، على الرغم من جمعه عددا كافياً من التوقيعات؛ لكنه انضم إلى "تحالف الجمهور" ودعم أردوغان متراجعا عن ترشحه.

وفي بداية حديثه أمام مقر حزبه الجمعة، انتقد فاتح أربكان بشدة سياسات الحكومة الاقتصادية وسياسات غزة، ثم أكد أنهم لن يدخلوا الانتخابات مع تحالف الجمهور وسرد الأسباب وراء قراره، لكن موقف أربكان في الانتخابات العامة  تسبب في انتشار الرأي القائل بوجود "خدعة" ومحاولة لرفع يده مثل المرة السابقة، حسب الكاتب.


ومع عدم تقدم المحادثات بين الطرفين، انتشرت شائعات مفادها أن أردوغان سيجتمع مع فاتح أربكان ويحل المشكلة، إلا أن هذا اللقاء لم يتم. وبعد غضب زعيم الرفاه من جديد، من المحتمل أن يتم هذا اللقاء وقد يعلن فاتح أربكان دعمه لمرشحي حزب العدالة والتنمية مقابل بعض "التنازلات"، بحجة "التخلص من عقلية حزب الشعب الجمهوري"، وفقا للكاتب.

وقال الكاتب التركي، إن "مهمة فاتح أربكان أصعب بكثير من مهمة أردوغان قبل 23 عاما. لأن أردوغان تحدى زعيم حركة لا يستطيع الوصول إلى السلطة، ولا يستطيع البقاء في السلطة حتى لو وصل إليها"، مشيرا إلى أنه " عندما تتحدى حكومة تحكم البلاد منذ 23 عاما فسيكون لديك الكثير لتخسره".

ماذا لو خسر مرشحو أردوغان بسبب أربكان؟
أشار الكاتب إلى أنه في حال دخل  حزب الرفاه من جديد الانتخابات المحلية بمرشحين أقوياء في إسطنبول وأنقرة وتسبب في منع مرشحي حزب العدالة والتنمية من الفوز عبر الأصوات التي سيحصل عليها، لا شك في أن هذا سيكون انتصارا لأربكان، لكن في حال فاز مرشحا "الشعب الجمهوري" في إسطنبول وأنقرة بسبب حزب "الرفاه من جديد"، فإن ذلك "سيثير بلا شك غضب أردوغان للغاية".

واختتم الكاتب مقاله بالقول، إنه شعر خلال مشاهدته خطاب أربكان أن الأخير غير مستعد لمثل هذا السيناريو، على الأقل في الوقت الحالي. ومع ذلك، إذا خدع مرة أخرى، فلن يتمكن من تكرار الجملة التي كان يتباهى بها: "حزب الرفاه من جديد هو النجم الساطع في السياسة التركية" لفترة من الوقت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية أردوغان تركيا تركيا أردوغان اسطنبول اربكان الانتخابات التركية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة الانتخابات المحلیة فی الانتخابات

إقرأ أيضاً:

الشاعرة المغربية فدوى الزياني: الكاتب مشروع تمرد على السائد والثابت.. والأدب رحلة بحث عن الحقيقة والحرية

في حضرة الشعر تتوارى الحدود، ويصبح للكلمة جناح يحلق فوق الجغرافيا والتاريخ، هناك، حيث يلتقي الحرف بروح الشاعر، تولد القصيدة كنبض حي لا يشيخ ولا يخبو وهجه، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تتعانق الثقافات وتصدح الأصوات، تحضر الشاعرة المغربية فدوى الزياني محملة بفيض من الإبداع، تحمل معها رائحة الأطلس، ونسائم الأطلسي، وإيقاع الروح الذي يسكن نصوصها.

في هذا اللقاء، نقترب من عوالمها الإبداعية، نحاورها عن تجربتها الشعرية، ورؤيتها للمشهد الأدبي العربي، ومكانة الشعر في زمن المتغيرات، وموقع الأدب المغربي على خريطة الثقافة العربية، حيث تبوح لنا ببعض أسرار الحرف، وتجعلنا نطل على مرآة الشعر كما تراها روحها الحائرة بين السؤال والقصيدة.

- بديوانك «خريف أزرق» يتساقط الزمن كأوراق شجر في خريف طويل.. كيف يمكن تفسير هذا التصوير الزمني من خلال التفاعل بين الذاكرة والمكان في نصوصك؟

أغلب نصوص «خريف أزرق» والتي كانت أول مجموعة لي، كتبت في خريف طويل وبارد أمام البحر، الحزن والوحدة، وكل المشاعر التي ترتبط بقلقنا الوجوديّ، هي مشاعر يتضاعف الإحساس الزمني بها، وهذا ما كان واضحا في نصوص المجموعة، الزمن كخريف والبحر كلون، هما من عكسا كيفية مرور الوقت وصورا تأثيره كحالة ذهنية متماهية مع الذاكرة والمكان.في الشعر لا ثبات للزمن ولا تشابه في الأمكنة، اختلاف الأشياء وانعكاس الصور على غير هيئتها هو ما يجعل الكتابة متاهة كبيرة، يحاول الكاتب رسمها ودخولها ثم محاولة الخروج منها وهذه هي قوة الشعر.

- تتسم مجموعة «إيماءات شعرية» بتكثيف الصور والتلميحات.. كيف تؤثر هذه «الإيماءات» على القارئ في إحداث انطباع شعري أو فكري يظل عالقا بالذهن؟

لجمل الشعرية المكثفة والتفاصيل المتحركة في الصورة هي ما تمنح النص عمقه وثباته وأصالته، والجواب عن هذا السؤال غالبا من حق القارئ، لأن تأثير النص من عدمه يبدأ من عنده، كشاعرة لا أظنني أستطيع فهم الجدلية التي تجمع بين القارئ والنص، وقلت في حوار سابق: «وظيفة الشاعر أن يبحث عن الحب لدرجة استيعاب الشرّ كله»، أما الكتابة فهي أرض الله الواسعة، والشعر أقدامك التي تقفز بك باتجاه الصحاري والحقول والغابات.

- في «أسبق النهر بخطوة» تلاعبتِ بالمفاهيم الفلسفية للزمن والموت.. كيف ترين تأثير هذه المفاهيم على الوعي الجمعي في المجتمع العربي والمغربي بشكل خاص؟

هنا سأجيب عن وعيي الشخصي بهذه المفاهيم، نصوص «أسبق النهر بخطوة» نتيجة تجربة قاسية مريرة عشتها، بسبب مرض أمي رحمها الله، هذا المرض اللعين الذي أكل من روحها وجسدها لثلاث سنوات، ما جعلني قريبة جدا منها ومن الموت أيضا، هذا الإحساس المريع الذي يجعلك ترى هذا العالم الكبير والذي أنت جزء صغير جدا منه، يتداعى ويتلاشى أمام عينيك.. لذا فأغلب نصوص المجموعة تتحدث عن الحب والموت، اللذان أعتبرهما الحقيقة الوحيدة والثابتة في هذه الحياة.

- «خدعة النور في آخر الممر» تطرح تساؤلات عن الحقيقة والخداع.. أقصدت تقديم تجربة شعورية عن صراع الإنسان مع ذاته أم أن هناك انتقادا اجتماعيا في جوهر هذه القصائد؟

الكتابة عموما انتقاد اجتماعي وتساؤلات عميقة ومتعددة عن حقيقة الإنسان وتفاعله مع الحياة بكل تحدياتها، بريشة أو بمشرط، كلها محاولات مستميتة لجعل العالم يبدو أجمل.

- من خلال ديوان «ماتريوشكا» تلعبين على فكرة التقاطعات الثقافية.. كيف ترين هذا التداخل بين الهويات المتعددة؟ وهل هو انعكاس لتجربة شخصية أم محاولة للحديث عن واقع مشترك؟

هناك علاقة جدلية دائمة بين المفردة وبيئتها، وبين النص وتجارب صاحبه، وهذا لا يبعده نهائيا عن كونه فردا من مجتمع كبير وواقع مشترك ومتشابه في أغلب الأحيان، «ماتريوشكا» كانت شكلا من الكتابة يحاكي فكرة الدمية الروسَّية في تشابه وجوهها واختلاف حجمها واستيعاب الدمى الأكبر للأصغر منها، وهذا متماثل من حيث الأفكار وصياغتها وابتلاع الفكرة الأعمق للفكرة الأصغر، وأيضا في تكوين النص من مجموعة من التفاصيل والأفكار الصغيرة التي تكبر وتمد يديها لتسحبك خارجه.

- تُترجم نصوصك إلى عدة لغات ما يعكس انتشار قصائدك على المستوى العالمي.. ماذا عن تأثير هذه الترجمات في الحفاظ على الهوية الثقافية للنصوص؟.. وهل تختلف التجربة الشعرية بحسب اللغات المترجمة إليها؟

يقول عباس بيضون «المطلوب من الترجمة ذلك الشيء الغامض والشعري والذي لا يمكن للمترجم إعادة إنتاجه إلا إذا كان شاعرا»، ونجاح الترجمة في توصيل صوتك إلى العالم رهين بالمترجم في التعامل مع نصك بحرص وحساسية عاليتين، قادرا على ابتداع حيوات أخرى فيه، مع إعادة تكوينه في لغته الجديدة دون التخلص من هويته وأصالته.

- هناك سمتين بارزتين في أعمالك هما الشفافية والعمق الفلسفي.. كيف تحققين التوازن بين الإثارة الشعرية والتفكير الفلسفي؟

أصل الشّعر هو الإحساس، وما يأتي بعد ذلك من تجارب وفكر ووعي بالمجتمع وتحولاته، هو الذي يمنحه بعد ذلك عمقه الفكري ودلالاته الأدبية والفلسفية، ويمكنني القول إنني حاولت خلق هذا التوازن ولو بشكل مبسط.

- ما الذي يميز قصائدك عن الشعراء المغاربة المعاصرين؟.. وهل يمكن اعتبارك جزءا من تجديد الشعر العربي المعاصر؟

نحن الآن في عصر العولمة والكونية، والعالم تجاوز فكرة القومية، في اعتقادي الشعر يوحد البشرية والإنسانية، وهو أيضا لغة مشتركة ومتشابهة بين الشعوب، مثل الموسيقى والفنون والإبداع التي رغم اختلافها وتنوعها فهي تصل، والشاعر ليس من المفروض أن يكون منغلقا على ذاته، أن تكون شاعرا هذا يعني تماهيك مع العالم وجدانيا فيما تطرحه في لغتك وأفكارك ومفرداتك الشعرية.

- كيف تعكس أعمالك في مجموعاتك المختلفة تأثيرات شعرية من ثقافات أخرى؟.. وهل تظل هذه التأثيرات جزئية أم تؤثر بشكل جوهري على أسلوبك؟

في نصوصي وخلال كل مجموعاتي الشعرية الخمسة، «خريف أزرق»، «إيماءات شعرية»، «أسبق النًّهر بخطوة»، «خدعة النور في آخر الممر»، «ماتريوشكا»، و«ضد الوحدة»، كنت أراهن فيها على الشعر، وأن يكون لسان حالي ولسان حال الإنسان في حياته وما يدور حوله، وحال الشعوب في القضايا التي تمس حياته اليومية، تاريخه، مستقبله وأحلامه، لكن فظاعة الحروب حولنا في غزة والسودان واليمن وهنا وهناك، جعلت كل قصيدة لا تكاد تغطي ولو جزءا صغيرا من معاناة الشعوب حول العالم، بل لا تكاد تغطي هشاشتها أمام قبحه.

الموت صار أشكالا وألوانا مختلفة، الألم تجاوز كل الحدود، قتل، أمراض، جوع، تهجير، تعذيب أطفال وأرامل ومعاقين، مفقودين، أمام هول الألم وهذه الكوارث الإنسانية، لنقل إنَّ الشِّعر هو سلاحنا الأخير، ونضالنا لتوصيل صوتنا إلى العالم محاولين بكل قوَّتنا أن نساهم ولو قليلا في مقاومة كل أشكال التهميش والظلم وقهر الإنسان.

- أيمكن القول إنك شاعرة متمردة على السرد التقليدي للأدب العربي.. وكيف تتعاملين مع المفاهيم الثابتة في شعرك مثل المكان والزمان والهوية؟

الحصار هو ما يولد الرغبة في تكسيره، والضَّيق هو الذي يدعونا الى البحث عن سبل الانعتاق، لذا كل ما كانت المجتمعات تبالغ في تحفظها وتعاملها مع الثابت كمعتقد يحاول الكاتب أن يتمرد عليها، الكاتب بكل تنوعه مشروع تمرد على السائد والثابت، والكتابة رحلة بحث عن الحقيقة والتحول والاختلاف والحرية، ولا حرية أبدا بين جدران أو بين أفكار جاهزة ومفاهيم لا تتغير مع تحولات المجتمع والتطور السريع والمجنون للعالم.

- في «أسبق النهر بخطوة» تلامسين موضوعات الفقد والزمان الممزق.. أهو تعبير عن الألم الفردي والجمعي في سياق الشعر المغربي المعاصر؟

موضوعات الفقد والألم الفردي حالات نعيشها جميعا، وهذا ما جاء في أغلب نصوص «أسبق النهر بخطوة»، يعتقد الكثيرون أن الحزن هو الرافد الأساسي لكتاباتي، وهذه حقيقة لا هروب منها، لكن طبعا هناك فرح لكنه لا يقاس أبدا بالحزن، المقطع الأول الذي كان مدخلا «خريف أزرق» وأيضا في مجموعتي الشعرية الأخيرة «ضدَّ الوحدة»، هو مقطع صغير للشاعر الفرنسي «روني شار»، يقول فيه: «إن الشِّعر لا ينمو إلا بين النوائب ولا ينبت إلا على أرض محروقة».

بالطبع نحن نتفق جميعا أن الكتابة تستحيل نوعا ما في حالة الفرح، لانشغالنا حينها بانتصاراتنا الوهمية الصغيرة، لكننا نبدع ونكون أكثر عمقا وتأملا في حالات الحزن والخيبة.

- كيف تتعاملين مع قضية اللغة في شعرك؟.. هل تعكس هذه اللغة بنية ثقافية مغربية عميقة أم أنها عالمية ذات بعد شعري؟

اللغة هي هويتنا أينما ولدنا، واللغة التي تصل إلى القارئ عبر العالم هي لغتك التي تعكس جذورك وهويتك وعمقك الثقافي والإنساني.

- تستخدمين صورا مدهشة للطبيعة والحياة اليومية.. ما دلالة هذه الصور في تكوين معاني قصائدك؟ وكيف تستخدميها لتوحيد الأفكار الكبيرة مع التفاصيل الصغيرة

التفاصيل الصغيرة هي التي تلتقط الشعر من حقول الحياة ومن الطبيعة والوجود المتكامل حولنا برقته وجماله وقسوته وشذوذه أحيانا، لتنساب في النص بتلقائية وهدوء، لتتوحد في النهاية في نص له عمقه الأدبي والفلسفي، كما قالها الفيلسوف الصينيLao-Tseu : «تراكم التفاصيل الصغيرة، يبني الحدث الكبير».

- بما نصنف العلاقة بين الشخصي والسياسي في أعمالك؟.. وهل يمكن اعتبار قصائدك جزءا من شعر المقاومة؟

الشعر، الكتابة، الموسيقى، الفنون كلها أشكال متعددة للمقاومة، إبداع الجديد ومحاولة خلق التحول هو دائما مقاومة لكل ما هو سائد وطاغ.

- ماذا عن تأثير الأدب المغربي على الثقافة العربية بشكل عام؟.. وهل يعاني أي نوع من العزلة؟

لا شكَّ أنَّ الأدب المغربي له تأثيره العميق على الأدب العربي، وهو ركيزة ثقافية ثابتة بما يشمله من تميز وتفاعل نقدي دائم، وهذا ما يؤكد عدم وجود عزلة ثقافية في المغرب، والمغرب لديه مجموعة مهمة من الكتابات والترجمات في لغات عديدة، وخاصة في اللغتين الفرنسية والإسبانية، ولديه نخبة رائدة من المترجمين في هذا المجال، وهناك مجموعة مهمة من المفكرين والأدباء والمؤرخين، منهم المهدي المنجرة، عبد الله العروي، محمد زفزاف، محمد شكري، محمد برادة، محمد خير الدين وعبد الفتاح كيلوطو، وكلهم كتاب رواد في مجالاتهم الفكرية والإبداعية، ويعدون من نخبة الكتاب والنقاد والباحثين والحداثيين في الدراسات الفكرية والأدبية العربية، والمؤثرين مغاربيا وعربيا في تبني الحداثة كقيمة حضارية وإنسانية.

مقالات مشابهة

  • عُمان دولة الرفاه
  • وزير الرياضة ينعى الكاتب الصحفي محمد منير بجريدة المساء
  • سانا: المستشار الألماني يتصل بأحمد الشرع.. وهذا ما دار بينهما
  • الرئيس أردوغان: 104 مليارات دولار تكلفة زلزال مرعش
  • أطول حكم في تاريخ المحاكم التركية!
  • أطول حكم في التاريخ.. محكمة تركية تحكم على متهم بالسجن لأكثر من 45 ألف عام (تفاصيل)
  • الكشف عن الوضع الصحي لحليف الرئيس أردوغان
  • الكاتب مايكل يوسف يحقق نجاحا بمعرض الكتاب 2025 برواية إيمونت
  • الرئيس التركي: نواصل التعاون مع ألمانيا بشأن غزة وسوريا وأوكرانيا
  • الشاعرة المغربية فدوى الزياني: الكاتب مشروع تمرد على السائد والثابت.. والأدب رحلة بحث عن الحقيقة والحرية