مؤسس أكاديميات الحفاة جان-مارك غيو: هذه ذكرياتي في الجزائر وبلدان شمال أفريقيا...
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
إعداد: علاوة مزياني إعلان اقرأ المزيد
تخونه الذاكرة في بعض الأحيان، فيلتفت إلى ابنته التي تشرف على الجانب الإداري لأكاديميات "جان-مارك غيو" (جي. أم. جي)، مستنجدا. ثم يستأنف الحديث من حيث توقف ليروي مسلسل حياته المليئة بالذكريات، وينتقل بالنكت والقصص من ساحل العاج إلى مالي، من فرنسا إلى غانا، من الجزائر إلى مصر، من المغرب إلى فيتنام.
يتكلم ببطء وتريث، لكن الأفكار والحكايات، والشكاوى أحيانا، تتصارع داخل رأسه وتتسارع في فمه، فتتشابك البداية مع النهاية، إلا أنه دائما يستعيد موضع الحديث لتفهم بأنه يسعى لتذوق كل لحظة في تجربة التكوين التي بدأها في عام 1993 بأبيدجان، وخبرته الثرية في اكتشاف وصناعة المواهب.
ففي منزله الجميل بإحدى الضواحي الراقية في العاصمة الاقتصادية للبلد المضيف لكأس الأمم الأفريقية 2024 لكرة القدم، استقبلَنا الشيخ جان-مارك غيو (79 عاما) وسط حرارة صباحية مرتفعة ورطوبة عالية، وكأنه ينتظر بشغف لحظة الغوص في رحلة الذكريات.
وما إن سألته عن حاله حتى سارع للحديث عن كرة القدم، وهي المهنة التي مارسها طوال حياته منذ أن بدأ مسيرته في نادي أنجيه الفرنسي في مطلع سبعينيات القرن الماضي، والهوية التي ظل يعشقها منذ أن طالته عدوى الإثارة واللعب موروثة عن شقيقه الأكبر.
تجربة فريدة وأقدام حافيةلماذا الكلام عن جان-مارك غيو؟ لأنه كان مهاجما ترك بصمته بالدوري الفرنسي إذ فاز بلقب أفضل لاعب عامي 1973 و1974 وشارك في كأس العالم 1978 مع منتخب بلاده إلى جانب الشاب ميشال بلاتيني آنذاك، ولأنه كان مدربا ثم إداريا بعدة نوادٍ، إلى أن خاض هذه التجربة الفريدة من نوعها بأفريقيا، مدشنا أول أكاديمية له في أبيدجان عام 1993 قبل أن تنتشر (الأكاديميات) في القارة وخارجها.
ولعل إقامة كأس الأمم الأفريقية 2024 في بلده الثاني، ساحل العاج، فرصة مواتية للوقوف عند أبرز المحطات في المسار الرياضي لجان-مارك غيو. فقد فتح أبواب التمرين أمام آلاف الشباب، وهو ما عجزت عنه كبرى الأندية، وأتاح لبعضهم مجال الاحتراف أو الشهرة، وساهم في نشأتهم الدراسية موازاة مع مداعبة الكرة بأقدام حافية.
وكان السؤال مطروحا في مستهل الحديث: لماذا تبنت أكاديمية "جي. أم. جي" الأولى تقنية اللعب بأقدام حافية؟ والجواب بالنسبة لصاحبها بديهي: "لأنها ممارسة عفوية وطبيعية يتعلم الأطفال من خلالها التحكم في الكرة بسهولة ومن دون أي عائق. ولأنهم عندما يعتادون اللعب بأقدام حافية فهم يركزون على المتعة والإثارة، وليس على المادة [الحذاء]، وذلك يساعدهم على اكتساب القدرات التقنية بسرعة كبيرة".
أكوابا: مرحبا في ساحل العاج! © علاوة مزياني يركضون والكرة على رؤوسهم أو على أكتافهماختبر اللاعب السابق هذه التقنية أول مرة مع أكاديمية أسيك ميموزا في أبيدجان، ليجني ثمارها عام 1999 عندما تمكنت زمرة من شباب غالبيتهم في عمر 17 أو 18 عاما من الفوز بكأس السوبر الأفريقية أمام الترجي التونسي (3-1، بعد التمديد).
وقال إنه كان "واثقا من أن الأساليب والمناهج" التي بُنيت عليها الأكاديميات التي أسسها "من شأنها تيسير الممارسة الرياضية وتفجير المواهب التي تقود لإحراز الألقاب". ولا تزال هذه الأساليب حتى اليوم في قلب أأسلوب التمرين، وهذا ما لاحظناه خلال زيارتنا أكاديمية أبيدجان التي يشرف عليها أحد أحفاد جان-مارك غيو.
رأينا أطفالا يركضون والكرة على رؤوسهم أو على أكتافهم، يتقدمون أو يتراجعون بها أطول وقت ممكن، ويعاودون التمرين كلما أفلتت منهم الكرة، ويصرون حتى ينجح الجميع في إتمامه. والهدف حسب غيو أنهم "يتعلمون منها معنى التضحية والمثابرة والروح الجماعية، ويدركون بأن العمل الجاد مفتاح النجاح".
وأوضح أدريان، مسؤول أكاديمية ساحل العاج وحفيد جان-مارك غيو، أن الفنيين العاملين بها يختبرون مئات الأطفال بين 12 و13 عاما يخضعون لشتى التمارين وفي النهاية لا يبقى مهم إلى قلة قليلة لإتمام التكوين" لغاية سن 18 ثم يغادروا لأندية محلية أو أوروبية. وأضاف: "من بين 300 طفل، نختار فقط خمسة ونخضعهم لمختلف التمارين، فيخوضون مثلا مواجهات على مساحات صغيرة لنتأكد أنهم يجيدون ممارسة الكرة".
يتعلم الأطفال قواعد كرة القدم القائمة على اللعب الجماعي، ويدركون سريعا بأن الحارس هو أول المهاجمين وأن قلب الهجوم هو أول المدافعين.
اقرأ أيضاجدول مباريات نصف النهائي
علاقات ضبابيةظل جان-مارك غيو يشيد بنجاعة أكاديمياته على مر التجارب والأعوام، في مختلف المناطق والبلدان بينها الجزائر والمغرب ومصر، وهي فترات اختلفت طبيعتها وتنوع طعمها حسب كفاءة الجهات المسؤولة عنها أو نوع العلاقات الشخصية التي ربطتها بجان-مارك غيو. فبشأن أكاديمية بارادو بالعاصمة الجزائرية، والتي تأسست في عام 2007 وأغلقت أبوابها في 2015، ينتابك الشعور بأن العلاقات بين غيو ورئيس النادي آنذاك خير الدين زطشي (وهو رئيس الاتحاد الجزائري بين 2017 و2021) كانت متشنجة.
وأقر جان-مارك غيو برداءة هذه العلاقة، قائلا: "كان (زطشي) يتدخل في الأمور الإدارية والتقنية ودائما يسعى لفرض عدد من اللاعبين"، مضيفا بأن الروابط كانت "أفضل بين زطشي وأوليفيه" غيو، وهو أحد أحفاده الذي توفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
لم تمنعه هذه العلاقة "الضبابية" من أن يبتسم عندما يستذكر يومياته الجزائرية، مستغربا في بادئ الأمر من اعتياد الأطفال هناك على اللعب الفردي والمراوغات، وحبهم لكرة الشارع قبل أن يتحولوا على مر الأيام والتدريبات للاعبين موهوبين، حتى أصبح بعضهم لاعبين دوليين ومن بينهم رامي بن سبعيني ويوسف عطال وهشام بوداوي وآدم زرغان.
فعل فريق بارادو ببرشلونة ما يفعل الأخير بخصومهيستذكر تلك الأيام التي شهدت إقبالا غير مسبوق على الملعب البلدي في بارادو، بلغ في بعض الأحيان عشرة آلاف شخص، للاستماع بفنيات هؤلاء الشباب وهم يتلاعبون بفرق أخرى (في نفس السن) أقوى منهم على الورق، ليلقنونهم درسا في كرة القدم وهم حفاة وسط التصفيقات والتشجيعات. وأثارت طريقة لعبهم فرحة الجمهور ودهشته وإعجابه، ليتساءل كثيرون لماذا لا تقدم الأندية المحترفة مثل هذه العروض الشيقة؟ ويستذكر ذلك اليوم الذي فعل فريق أكاديمية بارادو بفريق برشلونة ما يفعل الأخير عادة بالفرق الأخرى، فيبتسم ويضحك وكأنه يشاهد المباراة على المباشر.
وتحدث جان-مارك غيو أيضا عن تجاربه القصيرة في المغرب ومصر، معبرا عن استيائه لعجزه عن إنشاء أكاديميات مستقرة على الرغم من بعض المحاولات التي سرعان ما تحولت للفشل. وقال إن مخزون المواهب في هذه البلدان هائل ومتنوع.
في النهاية، تطرقنا لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المقامة في ساحل العاج. وكان اللاعب الفرنسي السابق صائبا في رؤيته لأفضل المنتخبات المشاركة، فتحدث عن السنغال والمغرب [أجرينا المقابلة قبل خروجهما من المسابقة]، لكنه ركز انتباهه وإعجابه على بلد لم ولا يرشحه أحد للفوز باللقب: جنوب أفريقيا. وقال إن فريق "البافانا بافانا" يجيد اللعب لأنه يضم في صفوفه سبعة لاعبين من نفس النادي (ماميلودي صنداونز)، مضيفا أن أي فريق أو منتخب يضم ثمانية لاعبين موهوبين لديه حظوظ الفوز بالألقاب أكثر من غيره.
علاوة مزياني
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل أزمة المزارعين ريبورتاج ساحل العاج لكأس الأمم الأفريقية 2024 السنغال والمغرب كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد كرة القدم منتخب ساحل العاج رياضة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا ساحل العاج
إقرأ أيضاً:
مارك فيش: منتخب مصر لديه أفضلية للفوز بكأس أمم إفريقيا
تحدث مارك فيش نجم منتخب جنوب إفريقيا السابق، عن تواجد منتخب بلاده رفقة مصر في دور المجموعات لبطولة كأس أمم إفريقيا المقامة في المغرب.
مارك فيش: محمد صلاح ضمن أفضل 5 لاعبين في تاريخ قارة أفريقياوقال مارك فيش في حواره مع ستاد المحور مع الإعلامي خالد الغندور:"لقد كنا محظوظين بامتلاكنا العديد من التجارب الجيدة في كأس الأمم الأفريقية، والآن بعد الإعلان عن قرعة كأس الأمم الأفريقية 2025، التي ستقام في المغرب في ديسمبر من هذا العام، تم وضعنا في مجموعة رائعة مرة أخرى، حيث سنلعب ضد كل من مصر، زيمبابوي، وأنجولا".
وأضاف:"منتخبا أنجولا ومصر لم يقدما الأداء المتوقع منهما في النسخة الماضية، لكن هناك توقعات بأنهما سيؤديان بشكل أفضل هذه المرة، خاصة مع إقامة البطولة في شمال إفريقيا، مما يزيد من فرص مصر في التألق".
وأكمل:"وجود زيمبابوي في البطولة أمر جيد أيضًا، حيث عادوا للمشاركة في البطولة وتأهلوا إلى كأس الأمم الأفريقية، وهو ما يعد خبرًا رائعًا لمنطقة جنوب القارة، حيث نحب أن نرى المزيد من فرق منطقتنا ممثلة في البطولة النهائية للكاف التي ستقام في المغرب".
وأردف:"المجموعة ستكون صعبة، فقد قدمت أنجولا أداءً جيدًا في النسخة الأخيرة من كأس الأمم الأفريقية، كما أنها تؤدي بشكل قوي في تصفيات كأس العالم، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر وجنوب إفريقيا، هذه هي طبيعة كأس الأمم الأفريقية، حيث تتأهل المنتخبات القوية، وعلينا أن نكون مستعدين لمواجهة الأفضل من أجل تحقيق اللقب".
وأستكمل:"للفوز بالبطولة، يجب أن تلعب ضد أقوى الفرق وتتغلب عليها، وهذا ما نسعى إليه في المغرب، سيكون من الصعب تحقيق اللقب، خاصة مع وجود العديد من الفرق القوية التي تطمح إلى الفوز، ولكنني أعتقد أن مصر ستكون واحدة من المنتخبات التي ستظهر بشكل أفضل هذه المرة مقارنة بالبطولة السابقة".
واختتم حديثه قائلًا:"مصر لديها مدرب يعرف تمامًا ما يعنيه تمثيل المنتخب المصري، فقد سبق له الفوز بكأس الأمم الأفريقية كلاعب في عام 1998، والآن يتولى تدريب المنتخب، وهو ما يعزز آمال الجماهير المصرية في حصد اللقب، نظرًا لخبرته في الفوز بالبطولات".