واخيرا …انتصرت إيران في العراق
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
آخر تحديث: 5 فبراير 2024 - 10:07 ص
بقلم: انس محمود الشيخ مظهر
اطلاق المرجع السيستاني فتوى الجهاد الكفائي عام 2014 كان ضرورة ملحة في حينها لمواجهة داعش التي احتلت ثلث العراق , ورغم وضوح الفتوى في توجيه المتطوعين بالانخراط في صفوف الجيش الا ان ارادة امراء الحرب فرضت تشكيل مليشيات مستقلةلها هيكلية خاصة تحولت بعدها الى ذراع لتنفيذ اجندات غير عراقية داخل العراق والمنطقة .وبعد تحرير المناطق التي احتلتها داعش وانتهاء الحرب ظهرت بوادر توحي بتبني هذه المليشيات توجهات لا تتفق مع التوجهات العراقية الخالصة , فطالب الكثيرون السيد السيستاني باطلاق فتوى تنهي دور هذه المليشيات.. الا ان التحرك السياسي الايراني كان سريعا , وادت ضغوطاته على القوى السياسية الى تمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان , ليتم بذلك شرعنة تلك المليشيات ثم تسيسها , فاصبح اصدار اي فتوى جديدة لحلها امرا غير ذي جدوى … شهد العراقيون كيفية انحراف مسار الهدف من تشكيل هذه المليشيات والتنصل من موجبات فتوى السيد السيستاني ,فتحولت هذه المليشيات الى ذراع امني للاحزاب الشيعية العراقية , ضربت بيد من حديد تظاهرات الشباب العراقي المنتفض على الفساد والتبعية , وحدثت عمليات اغتيال كثيرة للشباب المنتفض سجلت اغلبها ضد مجهول لغاية اليوم , اعقب ذلك دخولها في صراعات اقليمية , لينتهي بها الامر مؤخرا للدخول في صراعات دولية لا ناقة للعراق فيها ولا جمل. منذ الايام الاولى لتشكيل الفصائل المسلحة تحاول القوى السياسية الشيعية تسويق فكرة تفيد بالتمييز بين الفصائل المسلحة التي تقاتل خارج العراق وبين الفصائل المسلحة الموجودة في العراق , وكثيرا ما كان العبادي “الذي كان رئيسا للوزراء حينها” يظهر في الاعلام ليؤكد ان الفصائل التي تقاتل خارج العراق لا علاقة لها بالحكومة العراقية , وليست ضمن المؤسسة العسكرية العراقية . كذلك في بداية استهداف البعثات الدبلوماسية الاجنبية وقواعد التحالف الدولي , حاولت الفصائل تسويق فكرة ان لا علاقة لها بتلك العمليات واضعة اسماء وهمية لفصائل لا وجود لها اساسا لتبعد عن نفسها وعن الحكومة العراقية اي احراج , غير ان مسار الاحداث بعد ذلك اثبتت : – * ان الفصائل التي كانت تقاتل في سوريا هي نفسها الموجودة في العراق . * وان الفصائل التي تقاتل في سوريا والتي “هي نفسها الموجودة في العراق” هي ايضا نفس الفصائل التي تستهدف قواعد التحالف الدولي الموجودة في العراق ضمن اتفاقية ستراتيجية مع الحكومة. * وان الفصائل التي تقاتل في سوريا “والتي هي نفسها الموجودة في العراق” لها حصص في الحكومة العراقية ولها كتل في البرلمان العراقي. * ثم اثبتت الاحداث مؤخرا ان الفصائل المسلحة التي تقاتل في سوريا “والتي هي نفسها الموجودة في العراق ولها تمثيل في الحكومة العراقية وفي البرلمان العراقي” هي نفسها التي كانت تستهدف البعثات الدبلوماسية وقواعد التحالف الدولي في العراق ولا زالت تستهدف. ازاء هذا التداخل السياسي والعسكري وهذه الفوضى الامنية السياسية , تقف الحكومة العراقية ” كشخصية معنوية” عاجزه عن فرض ارادتها على هذه الفصائل , ليس هذا فحسب بل اصبحت هذه الفصائل هي من تدير العملية السياسية في العراق , وهي من توجه الحكومة العراقية حسب مصالحها . لا نريد الركون هنا الى نظرية المؤامرة بالقول ان الاسلام السياسي هو مؤامرة دولية تهدف ابقاء المنطقة في صراعات مستمرة , لكن نستطيع القول بان تجارب قرن من الزمن اثبتت ان الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي غير قادر على ادارة دول حديثة . فيمكن ان يكون الاسلامي ثائرا جيدا ومعارضا شرسا لكنه لا يستطيع ان يكون رجل دولة ناجح يدير حكومة ومؤسسات , وتجربة الاسلاميين في مصر والسودان وافغانستان وتونس وباكستان خير ادلة على ذلك , وبالطبع لا تشذ تركيا وايران عن هذه القاعدة , ولنا ان نتصور كيف كانت ايران ستكون لو لم يستلم الاسلام السياسيالحكم فيها . ان تجربة الاسلام السياسي في العراق هي من اكثر التجارب التي تؤكد فشل هذا الفكر في ادارة الدول . فعلى مدار اكثر من واحد وعشرين سنة بعد سقوط نظام صدام حسين , اثبتت الاحزاب الاسلامية ” الشيعية” انها غير قادرة على ادارة مدينة صغيرة عوضا عن بلد بحجم العراق وتعقيداته . فرغم دعم كل المجتمع الدولي للحكومة العراقية سياسيا واقتصاديا وامنيا , الا ان هذه الاحزاب “الاسلامية” فشلت في توفير ابسط مقومات الحياة الكريمة للمواطن العراقي … ورغم سيطرتها على جميع مؤسسات الدولة الا انها فشلت في توفير الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني للشعب , وفشلت في اذابة الحساسيات القومية والمذهبية والدينية بين مكوناته , ولم تستطع استقطاب المكونين السني والكوردي وجعلهما ينظران لبغداد بانها عاصمة اتحادية توحدهم , حتى انها فشلت في تقديم ابسط الخدمات للمحافظات ذات الاغلبية الشيعية التي تمثل جمهورهم … وان دل ذلك على شيء فانما يدل على عدم قدرتهم وعجزهم عن ذلك . ان كانت هذه الاحزاب قد نجحت في شيء فانها قد نجحت في ثلاث امور فقط وهي : – الاول .. نجاحها في وضع العراق على صدارة الدول الاكثر فسادا في العالم . الثاني ..نجاحها في وضع العراق تحت سيطرة مليشيات متصارعة , ادخلت العراق في مشاكل هو في غنى عنها , وجعلته رهين دولة اخرى ليست باحسن منه وهي ايران… ولك ان تتخيل وضع دولة تعاني من طوقين اسلاميين ” الطوق الاسلامي العراقي والطوق الاسلامي الايراني”. الثالث… نجاحها في مسك العصا من الوسط بين امريكا وايران .. وهو اقصى ما وصل اليه سقف الممارسة السياسية لتلك الاحزاب , ساعدته في ذلك الارادتين الامريكية والايرانية وحاجتهما لان تكونالحكومة العراقية قناة اتصال بينهما في الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك … هذه الرغبة دفعت بامريكا كي تغض نظرها عن الكثير من الممارسات التي كانت المليشيات تمارسها حسب المصلحة الايرانية , سواء من الناحية السياسية او الامنية وحتى الاقتصادية. ان ارتباط هذه المليشيات “سياسيا وعقائديا” بايران دفع بها للانخراط في اجندات لا تصب في صالح الشعب العراقي , مثل اصرارها على مغادرة قوات التحالف العراق , وهذا الاصرار ليس وليد حرب غزة “كما تحاول هذه الفصائل اظهارها الان” وانما سبقها بسنوات , وقد حاولت صبغ مطلبها هذا بصبغة وطنية عراقية , الا ان استهدافها لقواعد التحالف في سوريا يثبت ان موقفها هذا ينطلق من مصلحة ايرانية خالصة لا علاقة لها بالمصلحة العراقية. وان كانت الارادتين الامريكية والايرانية قد هيئت الظروف للاحزاب العراقية الشيعية المشكلة للحكومة لمسك العصا من الوسط بين الطرفين كما اسلفنا , فان الظروف التي تمر بها المنطقة حاليا توحي بانه لم يعد بالامكان ممارسة هذه السياسة بل يجب ان تتوضحالخنادق على المبدا الامريكي الذي يقول ” من ليس معي فهو ضدي” , خاصة بعد اغتيال ثلاث جنود امريكان في قصف قاعدة امريكية على الحدود السورية الاردنية مؤخرا. ان تبرؤ ايران عن اي علاقة لها بتصرف اذرعها في المنطقة يتفرض ان يكون مفترقا فاصلا كي تراجع الحكومة العراقية سياستها في التعامل مع ملف الفصائل داخليا وخارجيا وكذلك موقفها من الحكومة الايرانية , فان كانت ايران قد تبرات من اذرعها التي هي شكلتها ودعمتها وابقتها وحيدة في مواجهة الرد الامريكي , فكيف سيكون موقفها من اي مشكلة تواجه الحكومة العراقية ؟ هذا الموقف الايراني كشف عن النظرة الايرانية لاذرعها , والتي لا تعدو ان تكون نظرة سيد لعبده , يبيعه بابخس الاثمان عند الاضطرار , وكشف ايضا عما تعانيه هذه الفصائل من ضعف امام “الشقيق” الايراني و”العدو” الامريكي , بان يبيعه الشقيق ويضربه العدو , وما تعليق احدى تلك المليشيات هجماتها ضد القواعد الامريكية في العراق وسوريا , الا دليل على هذا الضعف المركب .. والمفارقة هنا ان فصيلا يدعي المقاومة لسنوات تتوقف مقاومته بمجرد اعلان ” العدو” نيته على الرد , وهو ما يكشف عن سطحية العمل القتالي لتلك المليشيات وسرعة تاثرها بالتطورات السياسية بحيث يمكن اطلاق صفة ” مقاومة مؤقتة” على عملها القتالي . المؤسف ان الموقف الرسمي العراقي تجاه القصف الامريكي لمواقع الفصائل لا يتناسب مع حكومة تعرف وضعها وحجمها في خضم التعقيدات الاقليمية الحالية , فقد انجرت مع الموقف الذي اتخذته الفصائل ” خوفا او طمعا” منخلال ادانة القصف الامريكي والتنديد به , دون مراعاة المصالح الوطنية العراقية في ذلك… فالحكومة العراقية في موقفها الحالي كان يفترض ان تراعي النقاط التالية :- * ان القوات الامريكية “سواء كانوا مستشارين او مقاتلين” موجودة في العراق باتفاق معها … فان كانت الحكومة العراقية قد وافقت على هذه الاتفاقية “مضطرة” , فعليها انذاك ان تراعي ضعفها تجاه قوة عظمى تحكم العالم. اما ان كانت قد وافقت على الاتفاقية من منطلق المصلحة العراقية , فعليها ان تلتزم ببنودها وتعاقب من يحاول تقويضها , لان من اهم بنود تلك الاتفاقية هي ان يواجه الطرفان التهديدات الامنية عليهما , وعليه فان الحكومة العراقية ملزمة بحماية تلك القوات وهي من اخلت ببنود تلك الاتفاقية. * ان من ينتهك سيادة الدولة ليست القوات الامريكية الموجودة في العراق , وانما الجهة التي استهدفت تلك القوات, وعليه فان الحكومة العراقية مطالبة اما بوقف استهداف هذه القوات او محاربة من يقوم بذلك كما قلنا انفا , اما اذا فشلت الحكومة العراقية في حماية هذه القوات “وهو ما حاصل” فان لامريكا الحق في حماية قواتها وعلى الحكومة العراقية ان تؤيد دفاع هذه القوات عن نفسها لا ان تدينه. * ان تنديد الحكومة العراقية بالقصف الامريكي على مواقع الفصائل واعتباره انتهاكا للسيادة العراقية يضع الحكومة العراقية في سلة واحدة مع هذه الفصائل , ويعكس موقفا عراقيا جديدا بانهيتضامن مع محور المقاومة وفصائله , مما يجعلها في المعسكر المعادي لامريكا . * ان اصطفاف العراق مع هذا المعسكر المعادي لامريكا سينتج عنهتداعيات سلبية كثيرة على الوضع العراقي , سياسيا واقتصاديا وامنيا , ويخلق مشاكل كثيرة العراق في غنى عنها خاصة في هذه الظروف. * ان الظروف الحالية في المنطقة خطيرة لدرجة بحيث تستوجب من كل حكوماتها ” العاقلة” التعامل بحكمة مع اي تطور فيه , لا ان تتخذ مواقف متشنجة من هذا الطرف او ذاك , فحتى الحكومة الايران ” المعنية مباشرة بكل ما يحصل في المنطقة , تتعامل مع هذه الظروف بالكثير من الحكمة والروية واحيانا التنازل من اجل ان لا تنجر لهذا الصراع …. ان موقف الحكومة العراقية هذه لا يمكن ان يمثل موقف جميع المكونات العراقية خاصة الكوردية والسنية ” المشاركة في تلك الحكومة” … خاصة وان هذين المكونين لا يتعرضان للضغوطاتالداخلية التي تتعرض اليها الاطراف الشيعية الموجودة في الحكومة من قبل الفصائل المسلحة. لذلك ولتجنب الغضب الايراني او المليشياوي عليها كان بامكانها اللجوء الى شركائها في الحكومة ومؤسساتها الرسمية لاتخاذ موقف حيادي من الصراع الامريكي الايراني الحالي , فهذا اللجوء كفيل بانقاذ الطرف الشيعي نفسه من اي عواقب ايرانية عليه فيما اذا كانت للمصلحة العراقية اولوية عنده , اما اذا كانت المصلحة الايرانية هي الاولوية عند المكون الشيعي فبامكانه اللجوء الى اغلبيته في الحكومة والبرلمان واتخاذ القرار الذي يراه مناسبا للشقيقة ايران , وحينها يجب عليه وحده تحمل مسؤولية التبعات التي ستنتج عن هذا الموقف .
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الحکومة العراقیة الفصائل المسلحة الاسلام السیاسی هذه الملیشیات العراقیة فی هذه الفصائل التی تقاتل فی الحکومة علاقة لها ان کانت الا ان
إقرأ أيضاً:
بعد انهيار أسعار النفط.. خيارات محدودة أمام الحكومة العراقية
شهدت أسعار النفط العالمية انخفاضا قياسيا -أمس الاثنين- بنسبة 7%، يعد الأكبر منذ ذروة جائحة كورونا عام 2020، إذ تأثرت أسعار النفط سلبا بعد قرار تحالف أوبك بلس -الخميس الماضي- زيادة إنتاج النفط بأكثر من 400 ألف برميل يوميا، ليأتي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، مما أسهم في رد فعل صيني أدى لانخفاض أسعار النفط نتيجة المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وتأتي هذه العوامل مجتمعة لتصب سلبا في مصلحة الدول المصدرة للنفط، لا سيما العراق الذي يعتمد بنسبة تقارب 90% في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام، إذ يدق انخفاض أسعار النفط ناقوس الخطر لدى الحكومة العراقية التي وجدت نفسها في معادلة وخيارات محدودة أحلاها مر، بحسب مراقبين.
معادلة صعبةويعتمد العراق في موازنته المالية على تصدير النفط، إذ أقر البرلمان قبل عامين الموازنة الثلاثية للأعوام 2023 و2024 و2025، معتمدا على تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل، في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار البترول بأكثر من 7% في التعاملات الآنية والآجلة خلال الأيام الماضية.
وربما لا يظهر تأثير انخفاض أسعار النفط في العراق الأيام والأسابيع القادمة، وهو ما يؤكده مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي الذي أكد أن هذه الأزمة ستتحول إلى خطر محدق إذا استمرت لأكثر من 3 أشهر، وفق قوله.
وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد صالح أنه إذا استمرت الأزمة لأكثر من 3 أشهر، فإن تأثيراتها ستكون مشابهة للأزمة المالية التي مر بها العراق في ذروة جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط عام 2020، حين اضطرت الحكومة لإجراءات تقشفية قاسية.
إعلانأما عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، فيرى من جانبه أنه من السابق لأوانه الحكم على الوضع المالي للبلاد من خلال بيانات أسعار النفط للأيام الماضية فقط، لافتا إلى أن موازنة العام الحالي البالغة 163 مليار دولار لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وبالتالي، لا تزال الحكومة في وضع يسمح لها بالتصرف بحرية من خلال تقنين المصاريف التشغيلية مع الأخذ بنظر الاعتبار أن العام المالي الحالي لم يتبق له سوى 7 أشهر فعلية فقط.
على الجانب الآخر، يرى الخبير الاقتصادي أنمار العبيدي أن جميع الخيارات المطروحة أمام الحكومة العراقية تعد صعبة التحقيق وأن أحلاها مر، حسب وصفه، لا سيما أن نسبة رواتب الموظفين من قيمة الموازنة تزيد على 65%، وبالتالي، فإنه حتى إذا عمدت الحكومة لاعتماد مبدأ صرف (واحد إلى 12) من قيمة موازنة العام الماضي استنادا للمادة 13 من قانون الإدارة المالية رقم (6) لسنة 2019، فإنه لا يمكن لهذه المعادلة أن توفر للحكومة السيولة الكافية لتسديد رواتب الموظفين، خاصة إذا ما وصل سعر برميل النفط لحدود 60 دولارا فما دون، بما يعني أن العجز الكلي في الموازنة سيكون بنحو 25% لرواتب الموظفين فقط من دون احتساب بقية النفقات.
خيارات حرجةوفي حديثه للجزيرة نت، بيّن العبيدي أن أمام الحكومة عديدا من الخيارات التي قد تتعامل معها بصورة تدريجية اعتمادا على المدى الزمني للأزمة، واعتمادا على الوضع السياسي الداخلي للبلاد، مبينا أنه في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، فإن الحكومة ستلجأ للاعتماد على الاحتياطي النقدي للبلاد البالغ نحو 115 مليار دولار، وفق قوله.
أما عن تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، فلا يستبعد العبيدي أن تلجأ الحكومة لمثل هذا الإجراء، خاصة أن حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لجأت له في ذروة أزمة كورونا، مبينا أن هذه الخطوة ستكون مصحوبة بمخاطر جمة على سمعة البلاد الاقتصادية، فضلا عن تخوف الحكومة من أي اضطراب شعبي في حال اتخاذ قرار كهذا، حسب قوله.
في مقابل ذلك، يستبعد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء التوجه لتغيير سعر صرف الدينار، وأن تأثيره سيكون كبيرا وممتدا لما بعد انتهاء الأزمة، لافتا إلى أن مثل هذه الإجراءات تأتي في نهاية سلسلة الإجراءات الحكومية التي قد لا تستمر إذا ما ارتفع سعر برميل النفط للحد المسعر به في الموازنة العامة للبلاد، وفق قوله.
إعلانويذهب في هذا المنحى أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني الذي يعتقد أن تغيير سعر صرف الدينار لا يمكن حاليا، لا سيما أن تأثير ذلك سيكون على الموظفين بصورة رئيسية من خلال انخفاض قيمة رواتبهم، فضلا عن أنه حتى في حال الإقدام على هذه الخطوة، فإنه لا يمكن للحكومة السيطرة على الفجوة بين السعر الرسمي لصرف الدينار وبين سعره في السوق السوداء، لا سيما أن التجارة مع إيران لا تزال قائمة على قدم وساق، بما يعني ارتفاعا إضافيا لسعر صرف الدولار في الأسواق الموازية.
وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد خفضت قيمة الدينار العراقي في ديسمبر/كانون الأول 2020 من 1200 دينار للدولار إلى 1470 دينارا، في حين عمدت حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني إلى رفع قيمة الدينار العراقي من 1470 إلى 1320 دينارا في فبراير/شباط 2023.
وينظر المشهداني بعين الأمل للأزمة الحالية، مبينا أن ما يجري يعد تذبذبا في أسعار النفط، ولا يمكن اعتبار ذلك انهيارا، مبينا أن مستقبل أسعار النفط يعتمد على مجمل الوضع الدولي والإقليمي سواء ما يتعلق بتهديدات واشنطن لطهران، فضلا عن قرارات أوبك بلس ومستقبل الرسوم الجمركية الأميركية.
وبالعودة إلى عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، يؤكد على وجوب ابتعاد الحكومة عن الاقتصاد الريعي المعتمد كليا على النفط، لافتا إلى أنه بخلاف ذلك، فإن الحكومة ستدخل مرحلة حرجة إذا انخفضت أسعار النفط دون 60 دولارا، وهو ما سيجعل الحكومة عاجزة عن تسديد رواتب الموظفين، وفق قوله.
ويترقب العراقيون الوضع الاقتصادي في بلادهم، لا سيما أن السنوات الماضية تذكرهم بالأزمة المالية التي كابدتها البلاد عام 2015 في ذروة الحرب على تنظيم الدولة، إضافة إلى الأزمة المالية التي حدثت تزامنا مع جائحة كورونا وما تسببت فيه من ارتفاع التضخم بصورة كبيرة في البلاد.
إعلان