الاختلافات في وجهات النظر بين اللبنانيين، بل الخلافات على كل شيء تقريبًا، تذكرّني بنادرة تُروى عن لبنانيين أثنين هاجرا إلى استراليا في خمسينيات القرن الماضي، واحد من بشري والثاني من زغرتا، وقد حملا في "بقجتهما" إلى بلاد الغربة الخلافات المتوارثة والقديمة بين البشراويين والزغرتاويين. وصودف أن هذين الرجلين فتحا دكاني سمانة جنبًا إلى جنب في سيدني المترامية الأطراف.

وفي ذات يوم أقدم البشراوي على تعليق لافتة أمام دكانه يعلن فيها أن كيلو اللبنة بدولار واحد، وكان سعر الكيلو يومها بحدود الدولار وربع، فأضطرّ الزغرتاوي بعدما قرأ إعلان جاره لأن يعلن بدوره أنه يبيع كيلو اللبنة بتسعين سنتًا. وهكذا دواليك حتى أصبح الكيلو الواحد يُباع بنصف الدولار، أي بخسارة نصف القيمة. فلمّا بلغت الأمور هذا الحدّ من الخسارة المتمادية قرّر الزغرتاوي أن يصارح جاره البشراوي، فقصده ذات يوم وبدأ يعاتبه عمّا يفعله، وكيف أنه اضطر لبيع اللبنة بخسارة، وقال له: نحن أبناء بلد واحد، وأن المضاربة بالأسعار بهذا الشكل تضرّ بمصالحنا المشتركة، خصوصًا أن الخسارة تتفاقم يومًا بعد يوم، إذ لا يجوز أن نبيع كلغ اللبنة بنصف كلفته، فما كان من البشراوي إلاّ أن قال له، وباللهجة البشراوية: "إيه أشو بدي أعملك إذا كُنت أنا ما بيع لبنة".
هذه السردية مقتبسة عن واقع بين لبنانيين ومارونيين أثنين ينتميان إلى بلدتين مشهورتين بخلافات أهاليهما على كل شيء تقريبًا، وبالأخصّ في الأمور السياسية، وهي خلافات تعود بالتاريخ سنوات بعيدة، وهي ليست حديثة العهد. فكم بالحري بين لبنانيين لا ينتمون إلى عائلة روحية واحدة، ولديهم ثقافات مختلفة، وعادات وتقاليد مغايرة، وموروثات تختلف من منطقة إلى أخرى، وحتى أنهم مختلفون في اللهجات حتى ولو كانوا يعيشون في بلدة أو قرية واحدة، إذ لكل واحد منهم لكنته الخاصة به تعرِّف عن انتمائهم إلى هذه العائلة الروحية أو تلك بمجرد نطقه ببعض الكلمات. فابن جونيه مثلًا تختلف لهجته عن ابن المتن، فيما لهجة ابن المتن الشمالي مختلفة عن لهجة من يعيش في قرى المتن الجنوبي أو في قضائي عاليه والشوف. وهكذا هي الحال مع أبناء الجنوب والبقاع والشمال، مع أن مساحة لبنان جغرافيًا هي أصغر من أي مدينة في استراليا أو كندا مثلًا.
وبدلًا من أن يكون هذا التنوّع الانتمائي الديني والطائفي والثقافي والتربوي مصدر غنىً تحّوّل أو حُوّل إلى مصدر تعاسة. وبدلًا من أن يكون الاختلاف في وجهات النظر حافزًا للجميع للتحديث والتطوير والتنافس الإيجابي أصبح الأمر مرضًا مستحكمًا ومنتشرًا كجائحة "الكوفيد". وبدلًا من أن يحّل أبناء البلد الواحد مشاكلهم بأنفسهم لجأوا إلى الغريب ليستقووا به على الآخر، الذي يختلفون معه على بعض الأمور الداخلية، فأصبحوا بعد تدّخل الغرباء في خصوصياتهم يختلفون على كل شيء، فانقسموا عموديًا وأفقيًا في انتمائهم السياسي والمناطقي وأحيانًا كثيرة في انتمائهم الطائفي والمذهبي إلى محورين يبدو أن المنتمين إليهما لن يلتقيا أبدًا كخطين متوازيين.
المشكلة الأساسية كما يراها بعض الذين حاولوا من الخارج أن يكونوا "شيوخ صلح"، سواء في جنيف أو لوزان أو في الطائف أو الدوحة، أن اللبنانيين يختبئون وراء أصابعهم، وأنهم لم يقرّروا في يوم من الأيام أن يتصارحوا، وأن يطرحوا مشاكلهم وخلافاتهم على طاولة حوار حقيقية لا تشبه الطاولات السابقة، التي عُقدت في قصر بعبدا أو في "عين التينة"، أو تلك كانت تُعقد في "سباق الخيل" تحت وابل قذائف الحرب.
كان اللبنانيون يتحاورون دائمًا على خلفية ما قاله يومًا الصحابي عمر بن الخطاب "لو اطلع الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا الا بالسيوف". ولأنهم تحاوروا وهم يحملون في أيديهم كل أنواع السيوف لم يقدروا أن يتصارحوا ولا أن يتصافحوا أو يتصارحوا. وبقي الجرح المفتوح "ينزّ"، مع أن الطبّ العربي يعتمد على الكّي كآخر دواء.
وعليه، فإن ما يختلف عليه اللبنانيون أكثر بكثير مما يتفقون عليه. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: على کل شیء

إقرأ أيضاً:

ضبط سيارة محملة بـ 2500 كيلو مخلفات جبنه مجهولة المصدر بالفيوم

شنت مديرية التموين والتجارة الداخلية بالتنسيق مع الجهات المعنية، بمحافظة الفيوم، عدة حملات بإشراف سامح شبل،

وكيل الوزارة، تمكنت الحملات من ضبط سيارة ربع نقل محملة 2500 كيلو مخلفات جبنه مجهولة المصدر معبأة داخل أكياس بلاستيك شفافة غير مدون عليها أي بيانات تدل على مصدرها أو صلاحيتها تم التحفظ على المضبوطات بمعرفة الجهة الضابطة والعرض على النيابة العامة لمباشرة التحقيق.

كما تمكنت الحملات من ضبط 2125 عبوة سلع غذائية (سناكس، شيبسى، مشروبات غازيه، جبنة) بالفحص تبين أنها منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، كما تم ضبط 37 شيكارة دقيق بلدي مدعم زنه الشيكارة 50 كيلو كما تم تحرير عدد 150محضر للمخابز ما بين تصرف، نقص وزن، مواصفات، عدم وجود ميزان حساس، عدم وجود قائمه و عدم نظافة أدوات العجين.

وقامت الحملة بالمرور على المخابز السياحية لمتابعة الأسعار والأوزان، والمرور على مطاعم الفول والطعمية، ومحال السوبر ماركت، ومستودعات صرف الدقيق المدعم، ومستودعات البوتاجاز، ومحطات الوقود، لمتابعة مدى التزام التجار بالأسعار، وتم عمل جرد لمحطات البترول والتنبيه على الرخص والسجلات ومتابعة التوزيع وضبط الأسعار، وكذلك المرور على محال الجزارة لمتابعة أسعار اللحوم البلدية الطازجة وكذا المرور على الأسواق والشوادر وضبط الأسعار وخاصة أسواق الخضار والفاكهة.

مقالات مشابهة

  • ضبط 6 طن و 750 كيلو خامات دهانات مجهولة المصدر بالشرقية
  • ضبط 6 أطنان و750 كيلو خامات دهان مجهولة المصدر بالعاشر من رمضان
  • صرخة زوجة أمام محكمة أسرة الساحل.. شيرين تطالب بنفقة لها وصغيرها وبدل فرش وغطا
  • بحوزتهما 100 كيلو حشيش.. القبض على إمبراطوري الكيف في السويس
  • ضبط شخصين بالسويس بحوزتهما 100 كيلو جرام من مخدر الحشيش
  • ضبط شخصين بحوزتهما 100 كيلو جرام لمخدر الحشيش في السويس
  • الداخلية تضبط 100 كيلو حشيش بقيمة 8 ملايين جنيه
  • لجنة بيل البريطانية.. اللبنة الأولى في مشروع تقسيم فلسطين
  • ضبط سيارة محملة بـ 2500 كيلو مخلفات جبنه مجهولة المصدر بالفيوم
  • حبس 3 متهمين بحيازة 8 كيلو مواد مخدرة بالقليوبية