على رأسها صفقة الحبوب.. جملة ملفات على طاولة أردوغان وبوتين في تركيا قريبًا
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبحث عدة ملفات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته المرتقبة إلى تركيا، وعلى رأسها صفقة الحبوب.
وأضاف فيدان في حديث لقناة A Haber أن الرئيسين سيبحثان عددا من الملفات المهمة ومن بينها التعاون الروسي التركي في قطاع الطاقة لا سيما إنشاء مركز للغاز، وبناء محطة أكويو للطاقة النووية، واستئناف العمل بممر الحبوب والتسوية في أوكرانيا إلى جانب عدد من القضايا الإقليمية وعلى رأسها الوضع في غزة وسوريا.
وأشار إلى استمرار التفاوض حول ممر الحبوب بن الأمم المتحدة وتركيا وروسيا وأوكرانيا، مبينا أن المفاوضات تتمحور حول إيجاد صيغة تمكن الأطراف من تطوير طريقة جديدة لنقل الحبوب إلى الأسواق العالمية باستخدام خطوط لوجستيات النقل في البحر الأسود.
وأضاف: "كانت اتفاقية الحبوب السابقة تعمل بموجب آلية معينة، وبات من الواضح الآن أنه يمكننا استخدام آلية أخرى غيرها، وجار العمل على تحديد آلية جديدة باتفاق جميع الأطراف".
وأردف: كما سيبحث الرئيسان عددا من القضايا الأمنية وتحديدا الوضع في سوريا، في إطار عملية استانا حول سوريا والتي نحن شركاء فيها، من ناحية أخرى لدى تركيا قضايا حساسة تتعلق بحزب العمال الكردستاني وفرعها السوري "قوات الدفاع الذاتي الشعبية".
وتابع: "بعبارة أخرى من المهم بالنسبة لنا ألا نغض الطرف عن حزب العمال الكردستاني خاصة في منبج وتل رفعت، في المناطق الواقعة غرب الفرات، حيث تنشط روسيا أيضا"، مشيرا إلى أن الرئيسين بوتين وأردوغان سبق أن ناقشا هذه المسألة عدة مرات.
وفي وقت سابق، صرح مصدر دبلوماسي تركي بأن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتركيا قد تتم مبدئيا في شهر فبراير، مشيرا إلى أن هذا يتوقف على جدول أعمال الرئيسين الروسي والتركي.
وقال بيسكوف في هذا الجانب إن هناك حاجة مستمرة للتواصل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولم يتم تحديد موعد لقائهما بعد.
وفي نهاية الشهر الماضي ديسمبر، قال الرئيس التركي إنه يأمل أن يجتمع مع نظيره الروسي في المستقبل القريب لمناقشة مبادرة حبوب البحر الأسود.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
تركيا: اعتقال إمام أوغلو بين القانوني والسياسي
بعد أخذ إفادته بخصوص التهم الموجهة إليه، قررت محكمة الصلح الجزائية في تركيا سجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، بحيث ستستمر القضية وهو معتقل.
وكانت وجهت لإمام أوغلو تهم تتعلق بالفساد المالي من قبيل الرشى والإخلال بقانونية المناقصات والاحتيال بشكل منظم، وكذلك تهمة "دعم منظمة إرهابية" هي العمال الكردستاني؛ بادعاء تواصله قبيل الانتخابات المحلية الأخيرة مع قيادات كردية لضمان عدم تقديم مرشح منافس له ودعمه في انتخابات بلدية إسطنبول الكبرى. وقد قررت المحكمة سجنه على ذمة قضية الفساد المالي، وإطلاق سراحه المشروط في قضية الإرهاب.
وكما كان متوقعا فقد رفع القرار من منسوب التوتر والاستقطاب في البلاد، وجدد الجدل حول مدى قانونية التهم والقضية من الأساس.
من البديهي أن أنصار إمام أوغلو (وخصوم أردوغان) يرون في الأمر مكيدة سياسية لإبعاد منافس سياسي للرئيس التركي، فإمام أوغلو ليس فقط رئيس بلدية إسطنبول الكبرى -على أهمية ذلك- وإنما كذلك قيادي بارز في الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، والأهم أنه لا يخفي رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما يجعله منافسا قويا للرئيس أردوغان أو لمرشح العدالة والتنمية أيا كان.
القضية قانونية- سياسية، يراها البعض سياسية بنكهة قانونية، ويمكن تسميتها استثمارا سياسيا في مسار قانوني. والمشكلة الرئيسة في قضية من هذا النوع ليست في مدى صحة التهم ونزاهة المحاكمات؛ بقدر ما ترتبط بالشخص المتهم (كسياسي منافس) وغياب شبيهاتها مع سياسيين ورجال أعمال محسوبين على الحكومة
في المقابل، يرى الكثير من أنصار أردوغان أن الأمر لا يتعدى كونه قضية عادية في مكافحة الفساد غير متعلقة بشخص الرجل وخلفيته ومساره السياسي، بل يذهب بعضهم إلى أنه سارع لإعلان نيته الترشح للرئاسة لعلمه بوجوه هذه التهم والتحقيقات ضده؛ حتى يكسي الأمر ثوب المظلومية السياسية في محاولة لحماية نفسه من القضاء.
يركّز الرئيس أردوغان وأنصاره في تصريحاتهم ومواقفهم على أن المسار قانوني- قضائي، وعلى أن التهم لها رصيد في الواقع بدليل عدد القضايا وكثرة المتهمين فيها، والأهم على أن بعض التهم الموجهة للرجل كان مصدرها قيادات وكوادر في حزبه الشعب الجمهوري بسبب الخلافات الداخلية في حزب المعارضة الأكبر، على خلفية المؤتمر الأخير للحزب و/أو التنافس بخصوص شخصية المرشح المحتمل في أي انتخابات مقبلة. ويمكن بسهولة تلمس حرص وسائل الإعلام القريبة من العدالة والتنمية على تسريب ما يفترض أنها أدلة أو وثائق تدين إمام أوغلو، وهي تسريبات يصعب البت في مدى صحتها فضلا عن دقتها.
بيد أن ذلك لا يبدو كافيا لنفي الأبعاد السياسية للقضية، فشخصية الرجل وترشحه المحتمل للانتخابات الرئاسية تجعل للأمر أبعادا سياسية كبيرة بغض النظر عن المسار القانوني ومدى موثوقيته ونزاهته. يضاف إلى ذلك سؤال التوقيت والسياق، حيث أتى التوقيف ثم السجن في ظل الحديث عن احتمال تبكير الانتخابات الرئاسية في البلاد، وترشح أردوغان مجددا لها، يضاف لها تحسن شعبيته بعد التعافي النسبي للمؤشرات الاقتصادية والشروع في مسار لحل المسألة الكردية، فضلا عن المتغيرات الكبيرة في سوريا وعودة ترامب للبيت الأبيض، وهي تطورات تصب في صالح أردوغان بشكل عام.
كما أن المعارضة وحتى بعض أنصار أردوغان يشككون بسردية الاستقلال الكامل للقضاء، بالنظر لبعض المحطات السابقة، وفي مقدمتها قرار إلغاء وإعادة انتخابات بلدية إسطنبول الكبرى عام 2019، والتي فاز فيها إمام أوغلو نفسه على مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدرم في الجولة الأولى ثم في جولة الإعادة بفارق أكبر بكثير.
وعليه، يصح القول إن القضية قانونية- سياسية، يراها البعض سياسية بنكهة قانونية، ويمكن تسميتها استثمارا سياسيا في مسار قانوني. والمشكلة الرئيسة في قضية من هذا النوع ليست في مدى صحة التهم ونزاهة المحاكمات؛ بقدر ما ترتبط بالشخص المتهم (كسياسي منافس) وغياب شبيهاتها مع سياسيين ورجال أعمال محسوبين على الحكومة، ما يجعلها في أفضل الأحزاب "عدالة انتقائية" في نظر الكثيرين، ما يحيلنا مجددا على منطق الاستفادة السياسية من المسارات القانونية والقضائية.
سيقول القضاء كلمته بعد انتهاء المحاكمات، التي يتوقع ألا تنتهي قريبا بالنظر لنوعية التهم وعدد المتهمين وخلفياتهم، ولكن صدور القرار القضائي لن يوصد الباب تماما ونهائيا على التداعيات بالضرورة، ذلك أن الانطباعات تتغلب في كثير من الأحيان على الحقائق والوقائع في عالم السياسة. ولذلك فإن المحكَّ الرئيس هو مدى قدرة الحكومة والقضاء على إقناع الشارع التركي بأن القضية حقيقية والقضاء نزيه وليس أداة لمناكفات سياسية.
والمعضلة الأساسية في هذا الإطار ليست التهم الموجهة لإمام أوغلو ومدى صحتها، وإنما عدم توجيه تهم شبيهة لآخرين، ما يبقي الأمر في إطار الانتقاء أو الاستثمار السياسي كما سلف ذكره. ولعل ذلك من أسباب الانتقادات الكثيرة التي وجهها سياسيون محافظون في البلاد للقضية والقرار الصادر، ومن بينهم رفاق درب سابقون لأردوغان مثل الرئيس الأسبق عبد الله غل ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو والوزير الأسبق علي باباجان، فضلا عن رئيس حزب الرفاه مجددا فاتح أربكان.
حتى بنظرة براغماتية، لا يمكن القول إن القضية تخدم أردوغان أو العدالة والتنمية على المدى البعيد، حتى ولو أطاحت -افتراضا- بمنافس قوي مثل إمام أوغلو. فالانطباعات المتولدة عن القضية داخليا وخارجيا تفتح الباب على انتقادات واسعة بخصوص العدالة واستقلال القضاء، والأهم ربما أن سردية المظلومية مؤثرة جدا في رأي الشارع التركي وتصويته
حتى بنظرة براغماتية، لا يمكن القول إن القضية تخدم أردوغان أو العدالة والتنمية على المدى البعيد، حتى ولو أطاحت -افتراضا- بمنافس قوي مثل إمام أوغلو. فالانطباعات المتولدة عن القضية داخليا وخارجيا تفتح الباب على انتقادات واسعة بخصوص العدالة واستقلال القضاء، والأهم ربما أن سردية المظلومية مؤثرة جدا في رأي الشارع التركي وتصويته، وقد حصل ذلك سابقا مع أردوغان في تسعينات القرن الماضي ثم مع إمام أوغلو في 2019. ولذلك، فإن إزاحة مرشح محتمل قد تأتي بنتائج عكسية، حتى بنظرة براغماتية بحتة.
ولذلك، فقد صدر عن بعض الشخصيات المحسوبة على العدالة والتنمية انتقاد للقضية من زاوية الإضرار بسمعة أردوغان والعدالة والتنمية، وأنها ستؤدي لخسائر سياسية وانتخابية في المستقبل، فضلا عن الخسائر الحالية في الاقتصاد من حيث سعر صرف الليرة وبورصة إسطنبول والمبالغ التي صرفت من احتياطي المصرف المركزي لوقف تراجع الليرة.
هذه المعطيات وغيرها دفعت ببعض المحسوبين على الرئيس أردوغان للادعاء بأن القضية من أصلها لعبة أو مكيدة من بعض الأطراف في الشعب الجمهوري، لإصابة عصفورين بحجر واحد، بحيث يتخلصون من إمام أوغلو ويضرون بسمعة أردوغان في آن معا. ودليل هؤلاء، إضافة للأضرار السياسية والاقتصادية والمعنوية، ورودُ الكثير من الأدلة ضد إمام أوغلو من أوساط حزبه وليس من الحزب الحاكم.
ولذلك، مرة أخرى، فالفيصل هنا هو أي سردية ستلقى قبولا أكبر لدى الشارع التركي في عمومه؛ سردية المظلومية وتسييس القضاء التي ترددها المعارضة، أم سردية مكافحة الفساد التي تقدمها الحكومة؟ خصوصا وأن تقبل السردية لا يعتمد فقط على قوة الإعلام، وإنما كذلك على قرائن عملية على الأرض وفي حيثيات القضية كذلك.
x.com/saidelhaj