أمريكا تشخصن الصراع في أوكرانيا!
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
مقال يلقي باللوم على الولايات المتحدة في الحرب الأوكرانية ويتهمها بشخصنة الصراع وقيادة البلاد إلى كارثة استراتيجية. أليكسي سوبتشينكو – ناشيونال إنترست
تظهر موجة جديدة من الروايات بشأن العملية الروسية في أوكرانيا، بحجة أن أمريكا، وليس روسيا، هي المسؤولة عن الصراع، وأن إدارة بايدن تقوم بشخصنة الصراع من خلال شيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية اتجهت مرة أخرى لقيادة أمريكا إلى كارثة استراتيجية من خلال الترويج لقضية أوكرانيا.
ومن الأمثلة على ذلك مقال نشر في أكتوبر في مجلة المحافظ الأمريكي بعنوان "الأصول الأمريكية للحرب الروسية الأوكرانية". كتبه كريستوفر لين، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة تكساس إيه آند إم، بالاشتراك مع بنجامين شوارتز، المحرر التنفيذي السابق لمجلة السياسة العالمية، وهو يلقي باللوم على أمريكا أولاً في حرب أوكرانيا.
يقدم لين وشوارتز ثلاث حجج أساسية:
أولاً، يمكن أن يُعزى ظهور أوكرانيا المستقلة إلى فشل الولايات المتحدة في دعم الأمين العام للاتحاد السوفييتي ميخائيل جورباتشوف مالياً، وهو ما كان من الممكن أن يساعد في الحفاظ على الاتحاد السوفييتي ككيان جغرافي واحد.
ثانياً، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن حرص دول وسط وشرق أوروبا، التي عانت من الواقع القاسي للاحتلال السوفييتي، على الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) كضمانة ضد تكرار مثل هذه التجارب. وبدلاً من النظر إلى مخاوف روسيا وحل الناتو، سمحت الولايات المتحدة لهذه الدول بالانضمام.
ثالثاً، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن الأزمة الأوكرانية من خلال إعطاء أوكرانيا مؤشراً لعضوية محتملة في الناتو في المستقبل، مما يؤدي في النهاية إلى حرب في أوكرانيا.
ويبدو أن وجهة نظر لين وشوارتز متعاطفة بشكل خاص مع روسيا. وهم يؤكدون أن الاتحاد السوفييتي كانت له مصالح أمنية مشروعة في أوروبا الشرقية، لكنهم يتجاهلون بشكل واضح المخاوف الأمنية المشروعة بنفس القدر لدول أوروبا الشرقية.
كانت دول أوروبا الشرقية حريصة على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد نهاية الحرب الباردة. ويؤكد لين وشوارتزعلى أن الاتحاد السوفييتي صدّق الضمانات الشفهية من إدارة جورج بوش الأب بأن الناتو لن يتوسع شرقًا. ومع ذلك لم يتم توثيق هذه التأكيدات رسميًا. ولم تمتد هذه الضمانات أبدًا إلى بولندا، أو جمهوريات البلطيق، أو تشيكوسلوفاكيا، أو المجر، أو رومانيا، أو بلغاريا، وذلك لأنه في وقت الكشف عنها، لم يكن غورباتشوف أو بوش الأب يتصوران احتمال خروج هذه الدول من حلف وارسو.
لكن دعونا الآن نحول انتباهنا إلى حلف شمال الأطلسي في وضعه الحالي؛ فهو الآن ليس تحالفاً هائلاً، ويتميز بانخفاض التدريب العسكري وعدم تطوير أنظمة أسلحة جديدة. عندما قال وكيل وزارة الدفاع والتر سلوكومب: "إن حلف شمال الأطلسي ليس تحالفاً ضد روسيا"، كان على حق في الأساس، حيث لم يعد حلف شمال الأطلسي يشكل تهديداً كبيراً لأي أحد. وكان أداؤه في أفغانستان بعيداً عن الإعجاب. أما الصراع في أوكرانيا فهو ليس إلا دليلا إضافيا على محدودياته. وفي عام 2022، لم يحقق سوى ستة أعضاء أوروبيين في حلف شمال الأطلسي هدف الحلف الضئيل المتمثل في تخصيص 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي.
وفي هذه الأثناء، تعمل روسيا على تحديث وتوسيع قواتها البرية. ويزعم لين وشوارتز أن الولايات المتحدة وسعت طموحاتها الجيوسياسية والأيديولوجية بهدف تعزيز هيمنتها في أوروبا من خلال توسع الناتو. ولكن تركيا، التي منعت انضمام السويد إلى الحلف لعدة أشهر، أو المجر المتمردة، من الممكن أن تستخدم كدليل على العكس.
إن أكثر ما يزعجني في هذا المقال هو الفكرة الضمنية التي مفادها أن الروس يختلفون بشكل جوهري عن بقية العالم. وأرى أنه من الأجدر أن نرسخ فكرة استمرار الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا، بدلا من تحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن الحرب الروسية الأوكرانية.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جورج بوش حلف الناتو دول البلطيق فلاديمير بوتين وارسو الولایات المتحدة حلف شمال الأطلسی فی أوکرانیا من خلال
إقرأ أيضاً:
أوروبا قلقة من قدرة أمريكا منع إقلاع طائرات إف-35
يُدرك الدنماركيون جيداً أنّ احتمال استخدامهم طائرات إف-35، إذا ما أرادوا الدفاع عن جزيرة غرينلاند، ليست فكرة عملية، بل ولن يذهبوا حتى إلى هذا الحدّ، يقول أحد خبراء الصناعة العسكرية الجوية في فرنسا، فواشنطن ببساطة بإمكانها إبقاء تلك الطائرات على الأرض.
وفي أوروبا، اختار الكثيرون شراء الأسلحة من الولايات المتحدة، باعتبارها الحليف الموثوق، لكنّ الأمريكيين ما زالوا قادرين على فرض سيطرتهم على معظم هذه الأسلحة، والتحكم بها عن بُعد. وهو أمر يُثير قلق جيوش القارة القديمة، وبشكل خاص الجيش الفرنسي، الذي على النقيض من نظيره الأمريكي لا يحتفظ بأيّ سيطرة على أسلحته المُباعة.
وسط مساعي ترامب لضمها.. غرينلاند تجري انتخابات برلمانية - موقع 24يتوجه الناخبون في غرينلاند إلى صناديق الاقتراع، اليوم الثلاثاء، في ظل تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لضم الجزيرة إلى الولايات المتحدة. التقنية الأمريكية والمُخاطرةومن خلال شراء الأسلحة الأمريكية، كانت جيوش أوروبا ودول أخرى تأمل في إقامة علاقات غير قابلة للقطيعة مع الولايات المتحدة. وفي الغرب، ولغاية وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض من جديد، لم يكن أحد يتصوّر حقّاً وجود أدنى مخاطرة.
يقول أحد قادة القوات البحرية الفرنسية ردّاً على سؤاله عن المنصّات الكهرومغناطيسية الأمريكية التي يتم تزويدها لحاملة الطائرات الفرنسية "بانغ"، إنّه في اليوم الذي لن تكون فيه الولايات المتحدة معنا، سنكون في عالم آخر، مُشيراً إلى أنّه بدون هذه التقنية، لن تتمكن الطائرات الفرنسية من الإقلاع.
الخبير في الشؤون الدفاعية، الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي نيكولاس باروت، يعتبر أنّ العالم قد تغيّر اليوم، فالرئيس الأمريكي مُستعد، برأيه، لدوس كل التحالفات، وهو ما جعل الشك والقلق يُسيطران على هيئة الأركان العامة الأوروبية.
والمخاوف كبيرة بالفعل ولا يُستهان بها، لأنّ الغرب، من خلال الإرادة الجيوسياسية، اختار الولايات المتحدة على نطاق واسع لاستكمال ترساناته العسكرية. ففي الفترة ما بين 2020 و2024، قدّمت الولايات المتحدة 64% من واردات الأسلحة إلى الأوروبيين، مُقابل (52%) في الفترة 2015-2019، كما يُشير معهد ستوكهولم في أحدث دراسة له.
منع أو تقليص!من الناحية التكنولوجية واللوجستية وحتى القانونية، تتمتع الولايات المتحدة بالقُدرة على التصرّف تجاه الدول التي تشتري أسلحتها. ففي الواقع فإنّ قانون ITAR الأمريكي، الذي ينطبق خارج الحدود الإقليمية على جميع المواد الحسّاسة التي تحتوي على مُكوّن من أصل أمريكي، يسمح لواشنطن بحظر الصادرات وإعادة التصدير وفرض العقوبات. فتسليم طائرات إف-16 إلى أوكرانيا من قبل دول ثالثة، مثل الدنمارك أو هولندا، يتطلّب موافقة الولايات المتحدة.
وبالإضافة لذلك، يضع الأمريكيون أيديهم على مخزون قطع الغيار للأسلحة التي يبيعونها. فأنظمة الدفاع الجوي الباتريوت لا فائدة منها إذا لم يتم تزويدها بالصواريخ. ولكن الأهم من ذلك هو أنّ الولايات المتحدة قادرة على منع أو تقليص استخدام المُعدّات الأكثر تقدّماً من الناحية التكنولوجية في أيّ وقت تقريباً من خلال روابط البيانات.
ولضرب هدفها بدقة، تستخدم صواريخ هيمارز، على سبيل المثال، إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي العسكري التي قد ترفض واشنطن مُشاركته لدول أخرى باعتها هذه الصواريخ. ويُوضح باروت نقلاً عن ضابط فرنسي كبير، "إنّه ببساطة رمز يُقدّمه الأمريكيون.. وبدونه، لا يزال من الممكن استخدام مركبات المدفعية لإطلاق تلك الصواريخ، ولكن بدقة أقلّ بكثير".
إف-35 الجيل الخامسوتضع مقاتلات الجيل الخامس من طراز إف-35 مستخدميها في اعتماد أكبر على الولايات المتحدة. ويؤكد اللواء السابق في الجيوش الفرنسية إيريك أوتليت، أنّ "هذا الاعتماد حقيقي حتى وإن كان من الصعب معرفة التفاصيل".
ويُشير إلى أنّ الصندوق الأسود في المُعدّات التكنولوجية الأمريكية غير قابل للوصول، لكن ومن الناحية الفنية، تستطيع الولايات المتحدة منع طائرة إف-35 من الإقلاع "إنها مثل سيارة تيسلا التي تحتاج إلى تحديث مُنتظم"، فبدون رابط البيانات الخاص بها، تُصبح الطائرة الأمريكية غير قادرة على الطيران.
ومن بين الجيوش الأوروبية، اختارت بلجيكا وإيطاليا والدنمارك ورومانيا وألمانيا الطائرات الأميركية، حيث طلبت أكثر من 200 طائرة من طراز إف-35. واليوم ترتفع الأصوات للتساؤل حول مدى الاستقلالية.
وحول ذلك يُحذّر رئيس قسم الدفاع والفضاء في شركة إيرباص مايكل شولهورن في مقابلة مع صحيفة ألمانية من أنّه "إذا استخدمنا الزيادة في الإنفاق الدفاعي لمواصلة شراء المنتجات من الولايات المتحدة، فإننا نزيد من اعتمادنا".
رئيس وزراء غرينلاند يتحدى ترامب - موقع 24أعلن رئيس وزراء غرينلاند، اليوم الأربعاء، أن "غرينلاند ملكنا"، ولا يمكن أخذها أو شراؤها، وذلك في تحد لرسالة وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال فيها إن إدارته تدعم حق الجزيرة في تقرير مصيرها، ولكنه أضاف أن الولايات المتحدة ستستحوذ على المنطقة، "بطريقة أو بأخرى".وألمانيا بالذات ليست برأيه في وضع يسمح لها بالتفاخر بالاستقلالية، إذ لم يكن أمام برلين من خيار سوى استخدام مقاتلات إف-35 لاستبدال طائراتها القديمة، خاصة وأنّه من أجل حمل الأسلحة النووية الأميركية المُتمركزة على أراضيها، تحتاج القوات الجوية الألمانية إلى طائرات مُعتمدة من قبل الولايات المتحدة.