علي او عمو نقول”سياسة أردوغان” و ليس “الأردوغانية السياسيّة”….. لقد أشار الأخ عبد الباري عطوان في مقاله بعنوان : (هل أدارَت “الأردوغانيّة” السياسيّة ظهرها لروسيا كُلّيًّا وعادت إلى الحُضن الأمريكي.. وما هو المُقابل؟ وكيف سيردّ الرئيس بوتين على هذه الطّعنة في الظّهر من أقرب حُلفائه؟ وماذا عن انعِكاساتها على الأزمة السوريّة؟).
و أضاف عطوان إلى أنّ “الكاتب التركي الشّهير “مرات يتكين كان” أوّل من نَحت تعبير “الأردوغانيّة” السياسيّة، باعتِبارها ظاهرةً وَضَع أُسُسها الرئيس رجب طيّب
أردوغان على مدى 20 عامًا من حُكمه، ومن أبرزها البراغماتيّة الانتِهازيّة، والشعبويّة الخِطابيّة، واعتِماد تزاوج الإسلام السّياسي مع القوميّة التركيّة كأيديولوجيّة رئيسيّة لها”. كما أشار عطوان الى أنّه “تذكّر الكاتب يتكين، ونظريّته هذه، عندما كشفت وكالات الأنباء عن مُوافقة الرئيس أردوغان على انضِمام السويد إلى حِلف شمال الأطلسي “النّاتو” بعد تحقيقه مُعظم مطالبه وأبرزها عدم توفير الحِماية للمُعارضين الأكراد، ومُوافقة الولايات المتحدة في شخص رئيسها جو بايدن على رفع الحظر عن حُصول تركيا على صفقة طائرات “إف 16” وقيمتها 20 مِليار دولار، وإعادة تحديث سِلاح الجو التركي، ورفع الحِصار الاقتِصاديّ الاستِثماريّ عن تركيا”. و ذكر في نفس السياق أن “استقبال الرئيس التركي للرّئيس الأوكراني زيلينسكي وتعهُّده بدعم انضِمام أوكرانيا لحلف “النّاتو” وتقديم تكنولوجيا المُسيّرات “بيرقدار” كهديّةٍ له، أن الرئيس أردوغان قرّر العودة إلى الحُضن الأمريكي الأكثر دِفئًا مجددًا، ولخيمة حِلف “النّاتو” الذي كانت تركيا دولةً مُؤسّسةً له، وإدارة الظّهر، كُلّيًّا أو جُزئيًّا، للحليف الروسي الجديد، بعد أن استَخدمه بفاعليّة كورقة مُساومة وضغط على الولايات المتحدة لتحقيق جميع مطالبه”. كما قال السيد عطوان”إن ثقة الولايات المتحدة وحُلفائها في أوروبا بالرئيس أردوغان تراجعت كثيرًا، بعد استِخدامه ورقة المُهاجرين بطريقةٍ ابتزازيّة، وذهابه إلى روسيا وتحالفه معها في ذروة الحرب الأوكرانيّة، والحُصول على منظومات صواريخها “إس 400” كبديلٍ لبطاريّات “الباتريوت”، والتّنسيق سياسيًّا معها، أيّ روسيا، في سورية وأذربيجان وغيرهما، وهذا ما يُفسّر رفض الأوروبيين المُقايضة الأردوغانيّة بربط رفع الفيتو عن انضِمام السويد لحلف النّاتو مُقابل فتْح أبواب الاتّحاد الأوروبي أمام عُضويّة تركيا مجددًا”… للسيد عبد الباري عطوان أقول : ليست هناك ما تُسمّى (السياسة الأردوغانيّة) بل هنالك “سياسة أردوغان”، فهي سياسة حكيمة، استطاع من خلالها إيصال بلده إلى مَصافّ
الدول العُظمى التي يُحسَب لها ألفَ حساب في العالم، فسياسة السيد أردوغان براغماتية لا جِدال في ذلك، فجميع السياسات في العالم الديمقراطيّ المُتحضِّر مبنية على السعي وراء مصالح بلدانها و التَّنقيب عنها أينما وُجِدت و العمل على تحقيقها ، هذه المسألة من مُسلَّمات و بديهيّات السياسات الرشيدة التي تضَع دائماً ضمن أولوياتها تنمية البدان و ترفيه الشعوب، التي هي بِمَثابة العمود الفقريّ لجميع الدول الديمُقراطيّة، التي لا تأْلو جُهدا في تنميَّة قدراتها البشريّة و تأهيل عنصرها البشريّ… فالشعب التركي هو الذي اختار رئيسه في انتخابات نزيهة و شفّافة لم يتمّ الطّعن في مِصداقيتها، لهذا فهو يسعى إلى إرضاء شعبِه الذي وَضعَ ثِقتَه فيه و الالتزام بكلّ الوُعود التي قطعَها حزْبه (العدالة و التنمية)على نفسِه، من خلال برنامجه الانتخابيّ، و ذلك في إطار تنميّة البلاد في كلّ المَجالات و الميادين كي يَرقى بِوَطنه إلى مَصافّ الدّول المُتقدِّمة و المُتحضِّرة و الحداثيّة التي تُواكب العصر و تتجدَّد وِفْق ما تقتضيه الظروف التي تتغيّر بوثيرة سريعة، و حتّى تبقى دولتُه ضمن الدول العُظمى في العالم و كي يَضمَن لها حضوراُ وازِناً داخل المُجتمَع الدولي الجديد المُهيْمِن و المُسيطر الذي لا يُعير أيّ اهتمام لِضِعافِ الدول.. أردوغان رجل ديمقراطيّ الطبع و سياسيّ مُحنَّك، يتعامل مع جميع الدول بمنطق المصلحة العليا لبلده، فهو يَلعب في حَلَبَة صراعات سياسيّة و اقتصاديّة و عسكريّة وغيرها، قد غابت عنها جميع بُلدان المنطقة المغلوبة على أمرها الراضخة لسياسة الدول الأجنبيّة الكُبرى و التابعة لها و العاجِزة على اتخاذ أيّة قرارات حُرَّةً و مُستقلّة، و كان من المفروض عليه الخوْض في كلّ السياسات المُختلفة التي تجري في هذه الساحة المفتوحة التي طغَت عليها تجاذُب المصالح، فكل دولة عُظمى تستخدم كلّ إمكانياتها من أجل حُسن تموْقُعها إزاء كلّ الأمور السياسية و العسكرية حتّى لا تخرُج خاوية الوِفاض و دون تحقيق أهدافها التي تعمل مِن أجلها،، و في هذا الصّدد يعمل الرئيس أردوغان على تامين مصالحه، و لهذا فهو يُناوِر في سياسته و لا يَرغب في أن يخسَر أيّ حليف من حُلفائه، و لذلك تجدُ سياستَه غير قارّة وغير مُستقِرّة على نمَطٍ مُعيّن، فهي تتغيَّر و تتجدَّد حسب ما تُمليه الظروف و تفرضُه الأوضاع السياسيّة المُتجدِّدة و المُتغيِّرة، يُحاول دائماً أن يُوازن في علاقاتِه مع أمريكا و روسيا و الدول الاوروبيّة و غيرها، و ذلك راجع إلى حِنكتِه السياسيّة المُتمَيِّزة و فكره النيِّر المُتبصِّر.. و إذا تطرّقنا إلى تدخُّل أردوغان في سوريا، فقد كان سببُه الرّئيسي هو تسليح الولايات المتحدة للمقاتلين العرب في قوات “سوريا الديمقراطية” التي تشمل وحدات حماية الشعب الكردية، علماً أنّ الأكراد يُشكّلون خطراً على استقرار تركيا منذ فترة طويلة، و لمنع هؤلاء المُناوئين لتركيا على السيطرة على الحدود مع سوريا، قام بالضغط و بقوة على أمريكا من أجل سحب قواتها من المناطق السورية الواقعة على الشريط الحدودي مع سوريا و بذلك تخلّت أمريكا عن حليفها الكردي، و أصبحت بذلك تركيا قد حقّقت هدفها و مُبتغاها. أردوغان بحِنكته السياسية واتِّزان فِكرِه استطاع أن يتَعامل سياسيّاً مع الدول الكبرى التي تعترف بتركيا كقوة ضمن القوى العظمى في العالم. بخلاف بعض العقليّات المُهترِئة خاصّة في البُلدان التي تحكُمُها “النُّخبويّة” و “التسلُّطيَّة” التي لم تَستوْعِب بعدُ السياسة و الديمُقراطية و العدالة و الحريّة، لازالت هذه العقليّات العتيقة البالية لا تتماشى مع السياسات العالميّة لأنها لا تعرف حتّى مفهوم السياسة و لا مَفهوم الديمقراطيّة و لا مفهوم التنميّة و غيرها، فهذه العقليّات للأسف، تُحسّ دوْماً بِضعفها و دُنْيَوِيَّتِها أمام الدول الديمقراطيّة و السياسيّة، فَتُوليها الطاعة و الخُضوع و الخُنوع لكونها لا تملك تلك العقليّات النّيِّرة المُتحضِّرة التي يَمْلِكُها السيّاسيّون الديموقراطيّون، فهي لا تُحاوِل فهم ما يجري في منطقتها من سياسات لم تستطِع أنْ تكون من المُنخرطات فيها، و بذلك تركت الساحة مُرغَمَةً للعقليّات السياسيّة الأجنبية الحديثة لِتلْعبَ فيها كما تشاء. فغالباً، ما يَلجأ ذَوو العقليّات المُتحجِّرة في سياستهم الدّاخلية إلى تعزيز مكانة النخب التقليدية في المشهد السياسي وكبْح أي تغيير أو إصلاح حقيقيين منبثقين من عمق المجتمع، كما يلجأون إلى الكَذبِ على شعوبهم و سطوِهمْ على ثروات بلدانهم و خيراتهم و التمتُّع بها و اتخاذ القمع كأسلوب للتَّحكُّم و السيطرة على شعوبهم من خلال الاعتقالات لذوي الأفكار الخصبة المُتنوِّرة و المُناهضة لفكرِهم العقيم والزّجِّ بهم في السجون لِكوْنهم “ذوي العقول النَّيِّة من الشعوب” يُدرِكون كلّ الإدراك أنّ العقول المُتخلّفة لا يُمكنها أن تخلُق دولاً مُتحضِّرةً تُضاهي البلدان العُظمى التي تتنافس فيما بينها على بسط نُفوذِها على كل الجوانب، السياسية و الاقتصادية و العسكرية و غيرها…. فهذه هي السياسة الفارغة الخاوية التي يعرفُها أصحاب العقليّات المُتجاوَزة الرَّثَّة. فالأشخاص من ذوي هذه العقليات المُهترئة، يعتبرون العمل السياسي الخارجيّ أسلوباً للتّحايُل على دول العالم و إيهامها من أجل كسْبِ ثِقتها من خلال تلميع وجوههم أمامها و يتَّضح ذلك جلياً من خلال تصريحاتهم في اللّقاءات و المُؤتمرات و مُداخلاتهم و توقيعهم على معاهدات دولية كالمُحافظة على الماء و مُحاربة التلوُّت البيئي و القضاء على الفساد و تحقيق الحريات في بلدانهم و احترام حقوق الإنسان و غيرها، و هي أمور كلُّها وهمية لا أثَرَ لها على الواقع .. في الختام : ذو العقليّات المُتخلّفة لا يَقبلون أيّ اختلاف في الرّأي و إنمَا يتشبثون برأيهم و يعتبرونه الأصحّ، مُتناسين أنَّ تلاقُح الأفكار و الآراء هو سبب ازدهار المجتمعات و الأمم. أمّا إقصاء الرأي الآخر فهو سبيل إلى التخلُّف و الانحطاط. إنّ ذوي العقليّات المُتحضّرة يسعون دائماً إلى تعميق الديمقراطيّة في بلدانهم لأنّها هي الضامِنةُ للتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية و كرامة الأفراد و المجتمع، و بذلك تتحقق العدالة الاجتماعيّة و يتعزَّز تمَاسُك المُجتمع.. المملكة المغربية.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الولایات المتحدة
الرئیس أردوغان
الدیمقراطی ة
فی العالم
السیاسی ة
من خلال
سیاسی ة
ة التی
التی ت
إقرأ أيضاً:
كاتب صحفي: استضافة قمة الدول الثماني تعكس التقدم السياسي لمصر
أشار محمد عز الدين، الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، إلى أن استضافة مصر لقمة الدول الثماني النامية تعكس التقدم السياسي الذي حققته البلاد في السنوات الأخيرة.
وأوضح أن مصر تتبنى نهجًا يركز على التنمية والسلام وتعزيز الاقتصاد، مشيرًا إلى أن المؤتمر يسلط الضوء على عدة قضايا رئيسية، أبرزها الشباب والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي حديثه خلال ظهوره على قناة «إكسترا نيوز»، ذكر عز الدين أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قدّم للدول المشاركة في المؤتمر تجربة برنامج "حياة كريمة" وبرنامج "تكافل وكرامة"، وهما من أبرز البرامج الاجتماعية التي تم تقنينها بموجب قانون الضمان الاجتماعي.
د كريم رأفت: قمة "الثمانية" فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري
خارجية النواب: قمة مجموعة الثمانية النامية تجسد ريادة مصر في تعزيز التعاون
وأوضح الكاتب الصحفي أن القمة، التي عُقدت في العاصمة الإدارية الجديدة، لاقت إعجاب الوفود ورؤساء الدول، مما يعكس التقدم الملحوظ الذي شهدته مصر في السنوات الأخيرة.
وأكد أن المؤتمر يركز على قضايا حيوية مثل الشباب والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى الاقتصاد كونه يمثل مستقبل البلاد، وذلك في إطار الإصلاحات الاقتصادية والتطورات الكبيرة التي تشهدها مصر.
وأشار إلى أن المؤتمر يسلط الضوء على عدة نقاط مهمة، تشمل الشباب والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد باعتباره مستقبل الغد، وذلك في سياق الإصلاحات الاقتصادية والتقدم الكبير في مجال التكنولوجيا وبرامج الحماية الاجتماعية.